مينا دانيال.. بروفة قبطية على الحزن قبل رحيل البابا
عبد الرحمن مصطفى
تحافظ مارى شقيقة الشهيد مينا دانيال على الابتسامة الهادئة وارتداء الملابس السوداء منذ أن لقى أخوها مصرعه خلال أحداث ماسبيرو فى أكتوبر الماضى، أما أختها الصغرى شيرى (25 سنة) فتصف حالة الحزن القبطى على وفاة البابا شنودة قائلة: «نحن نرتدى السواد منذ وفاة مينا.. الأسرة فى حالة حداد ممتدة». تقول عبارتها بابتسامة دون إبداء مرارة أو ضيق. ويحمل الطريق إلى المنزل فى عزبة النخل عبارات على الأسوار وواجهات المتاجر مثل «مسلم ومسيحى إيد واحدة»، وبمجرد العبور من بوابة المنزل فى طريق لا يرتاده من المواصلات سوى التوك توك يظهر مشهد لا يختلف كثيرا عن بعض المنازل القبطية الأخرى، حيث تبرز صورة القديس كيرلس السادس، وصورة أخرى للمسيح عليه السلام، وفى الواجهة صورة عملاقة للناشط السياسى الراحل مينا دانيال.. لم تكن ذكراه هنا فقط، بل تكرر الحديث عنه مؤخرا مع حالة الحزن على وفاة البابا شنودة الثالث، خاصة بين بعض الشباب على الإنترنت الذين عبروا عن ذلك بعبارات من نوعية: «يمكننى أن أوجه العزاء لإخوانى المسيحيين ولكن الأولى أن أرثى أخى مينا دانيال». وتصريح آخر كالذى ذكره النائب زياد العليمى، عضو مجلس الشعب: «يصعب علينا أن نُعزى فى البابا شنودة وحق دم شهداء ماسبيرو لم يعد»..أما داخل المنزل الذى يضم عائلة صعيدية تمتد أصولها إلى محافظة أسيوط، فقد كانت المفارقات تظهر واحدة بعد الأخرى، إذ نشأ مينا دانيال (جيفارا المصرى حسبما يصفه البعض) فى بيت مسيحى ملتزم، تضحك شيرى أثناء تعليقها: «هناك بعض الملامح السلفية فى منزلنا، لم يكن من السهل مشاهدة قنوات الأغانى على سبيل المثال، وعلى فكرة لم تكن تلك البيئة متعارضة أبدا مع توجه مينا فى الانفتاح على الآخرين، أيا كانوا». المفارقة الأخرى عاشتها شيرى مؤخرا أثناء نضالها من أجل الدخول إلى الكاتدرائية لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على البابا شنودة الثالث، حين انزعج البعض من ثباتها النفسى أمام هذا المشهد: «تعجبت من الناس الذين كانوا يصبروننا بعد وفاة مينا، ويدعوننا إلى الثبات، قائلين إن مينا فى مكان أفضل، كنت أسأل نفسى لماذا لم أجد ثباتهم هذا الآن؟، إذ صدمت بمشاهد الانهيار النفسى فى الكنيسة».
قصة مينا دانيال وكيف تحول إلى أيقونة لدى بعض الشباب، تشبه قصص فتيان آخرين آمنوا بأن حل قضايا الأقباط هو جزء من حل قضية مصر بأكملها. فى صالة المنزل حيث تجلس مارى (41 سنة) محاطة بصور أخيها الذى تربى على يديها، تجد نفسها هى الأخرى أحد هؤلاء الذين كانوا يتأرجحون بين عالمين: عالم ترى فيه أخيها الأصغر الذى توفى العام الماضى فى سن العشرين، حيث يسعى الناس فى مسيرات وفاعليات من أجل التغيير، وعالم آخر يُفوض الكنيسة وكيلا للشعب أمام السلطة. مارى وأختها شيرى أصبحتا الآن أقرب لطريق أخيهما الراحل، حسبما تؤكدان، ففى السابق كانت الأسرة لا تبدى اهتماما بقدر ما تبدى قلقا من توجهات مينا، ولم تشارك مارى فى البداية سوى بدافع مشاركة أخيها فى عالمه، أما مشاركات العائلة فكانت ذات منظور قبطى، لكن ذلك تغير بعد الثورة، إذ توضح مارى شارحة: «أنا على سبيل المثال من جيل التسعينيات الذى شهد فى أسيوط إرهاب الجماعات الاسلامية وجها لوجه، لقد أخذتنا الثورة وشباب مثل مينا إلى مساحات أخرى، ولم نعد نقلق وسطهم من الآخر وعقائده». حتى اليوم ما زالت تأتيها عبارات من نوعية: «مش كفاية بقى مظاهرات وتحرير.. مش كفاية اللى حصل لمينا؟». لكنها وأختها شيرى اختارتا الطريق، أن تكون لهما قدم فى الكنيسة حيث الروح، وقدم فى الشارع حيث الحقوق.
بعد وفاته كانت تأتى الاخت الصغرى أسئلة حول هوية مينا دانيال الدينية، «هو كان شيوعى؟!» بهدف الاطمئنان على نقاء إيمانه، وتبتسم متذكرة كيف كان يتحدث عن تشى جيفارا حين سألته أيضا هى الأخرى: «هو جيفارا ده مش كافر وملحد، بتقرا عنه ليه؟!». لكن العائلة كانت تدرك حقيقة نجلها الذى كان شماسا فى سن المراهقة، ولم يترك الكنيسة المجاورة إلا حين طلب منه القسيس حلق شعره وذقنه، فاتجه إلى كنائس أخرى، وأثناء احتجاجات كنيسة القديسين قبل الثورة مباشرة، هتف مينا داخل الكاتدرائية وصفعه وقتها أحد القيادات الكنسية، دون أن يخرجه ذلك من عباءة المسيح. هذا المنزل الذى شهد زيارات من مرشحين رئاسيين وقنوات إعلامية، أقنع مارى بأن تكمل مسيرة أخيها، وتعمل مع أختها الصغرى شيرى كتفا بكتف فى حركة مينا دانيال ضمن مسيرات وفاعليات وأعمال توعية. وتكمل مارى قائلة: «وجدت الحل فى نموذج مينا دانيال، وشباب مثله لا يعرفون الطائفية، وأشعر فعلا بأنهم أبنائى». فى عيد الأم الماضى تلقت مارى ووالدتها مكالمات عديدة من أشخاص أرادوا فقط دعمها معنويا، وبين المشاركة فى أنشطة الحركة وحتى فى وجودها على الفيسبوك، أصبحت لديها رسالة لتوجهها: «أحيانا ما تحدثنى فتاة عبر الانترنت وتعرف نفسها بأنها فلانة من كنيسة كذا، أبلغها فورا ألا تعرفنى بديانتها، وأطلب منها أن تعرفنى فقط بنفسها». بدأ مينا دانيال هذا الطريق فى سن السابعة عشرة بالمشاركة فى الكثير من الحركات الداعمة للقضية القبطية وأخرى ذات توجه يسارى، توقف مارى بصرها لدقائق على صورة مينا المعلقة على الحائط أمامها، وتكمل: «هناك حالة متواصلة من الإعاقات بين خشية البعض أن نلقى نفس مصير مينا فى النهاية، وبين من يسددون لنا سهام النقد متخذين الدين وسيلة لتثبيط الهمم على طريقة: الزم الكنيسة وودع ما سواها».ورغم النبرة الثورية التى تتحدث بها مارى دانيال، فلا يبتعد الايمان عن قلب الأسرة المتدينة، إذ تقول أختها شيرى: «حتى الآن لم نحصل على حق أخينا، لكنى لن أنسى كلمات أبينا حين تلا علينا من الإنجيل ما يدعو إلى تنقية القلب من الضغائن». ذلك المنزل الذى تقيم فيه الأختان الآن هو جزء من بيت العائلة، لكنه أصبح أشبه بمتحف لمينا دانيال، أما ما ترياه الأختان من إرث حقيقى فهو ما أدركتا من أن نيل الحق بالصدق فى النضال، وأن هناك عالما أكبر من عالم الطائفة وعالم النخبة.
عبد الرحمن مصطفى
تحافظ مارى شقيقة الشهيد مينا دانيال على الابتسامة الهادئة وارتداء الملابس السوداء منذ أن لقى أخوها مصرعه خلال أحداث ماسبيرو فى أكتوبر الماضى، أما أختها الصغرى شيرى (25 سنة) فتصف حالة الحزن القبطى على وفاة البابا شنودة قائلة: «نحن نرتدى السواد منذ وفاة مينا.. الأسرة فى حالة حداد ممتدة». تقول عبارتها بابتسامة دون إبداء مرارة أو ضيق. ويحمل الطريق إلى المنزل فى عزبة النخل عبارات على الأسوار وواجهات المتاجر مثل «مسلم ومسيحى إيد واحدة»، وبمجرد العبور من بوابة المنزل فى طريق لا يرتاده من المواصلات سوى التوك توك يظهر مشهد لا يختلف كثيرا عن بعض المنازل القبطية الأخرى، حيث تبرز صورة القديس كيرلس السادس، وصورة أخرى للمسيح عليه السلام، وفى الواجهة صورة عملاقة للناشط السياسى الراحل مينا دانيال.. لم تكن ذكراه هنا فقط، بل تكرر الحديث عنه مؤخرا مع حالة الحزن على وفاة البابا شنودة الثالث، خاصة بين بعض الشباب على الإنترنت الذين عبروا عن ذلك بعبارات من نوعية: «يمكننى أن أوجه العزاء لإخوانى المسيحيين ولكن الأولى أن أرثى أخى مينا دانيال». وتصريح آخر كالذى ذكره النائب زياد العليمى، عضو مجلس الشعب: «يصعب علينا أن نُعزى فى البابا شنودة وحق دم شهداء ماسبيرو لم يعد»..أما داخل المنزل الذى يضم عائلة صعيدية تمتد أصولها إلى محافظة أسيوط، فقد كانت المفارقات تظهر واحدة بعد الأخرى، إذ نشأ مينا دانيال (جيفارا المصرى حسبما يصفه البعض) فى بيت مسيحى ملتزم، تضحك شيرى أثناء تعليقها: «هناك بعض الملامح السلفية فى منزلنا، لم يكن من السهل مشاهدة قنوات الأغانى على سبيل المثال، وعلى فكرة لم تكن تلك البيئة متعارضة أبدا مع توجه مينا فى الانفتاح على الآخرين، أيا كانوا». المفارقة الأخرى عاشتها شيرى مؤخرا أثناء نضالها من أجل الدخول إلى الكاتدرائية لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على البابا شنودة الثالث، حين انزعج البعض من ثباتها النفسى أمام هذا المشهد: «تعجبت من الناس الذين كانوا يصبروننا بعد وفاة مينا، ويدعوننا إلى الثبات، قائلين إن مينا فى مكان أفضل، كنت أسأل نفسى لماذا لم أجد ثباتهم هذا الآن؟، إذ صدمت بمشاهد الانهيار النفسى فى الكنيسة».
قصة مينا دانيال وكيف تحول إلى أيقونة لدى بعض الشباب، تشبه قصص فتيان آخرين آمنوا بأن حل قضايا الأقباط هو جزء من حل قضية مصر بأكملها. فى صالة المنزل حيث تجلس مارى (41 سنة) محاطة بصور أخيها الذى تربى على يديها، تجد نفسها هى الأخرى أحد هؤلاء الذين كانوا يتأرجحون بين عالمين: عالم ترى فيه أخيها الأصغر الذى توفى العام الماضى فى سن العشرين، حيث يسعى الناس فى مسيرات وفاعليات من أجل التغيير، وعالم آخر يُفوض الكنيسة وكيلا للشعب أمام السلطة. مارى وأختها شيرى أصبحتا الآن أقرب لطريق أخيهما الراحل، حسبما تؤكدان، ففى السابق كانت الأسرة لا تبدى اهتماما بقدر ما تبدى قلقا من توجهات مينا، ولم تشارك مارى فى البداية سوى بدافع مشاركة أخيها فى عالمه، أما مشاركات العائلة فكانت ذات منظور قبطى، لكن ذلك تغير بعد الثورة، إذ توضح مارى شارحة: «أنا على سبيل المثال من جيل التسعينيات الذى شهد فى أسيوط إرهاب الجماعات الاسلامية وجها لوجه، لقد أخذتنا الثورة وشباب مثل مينا إلى مساحات أخرى، ولم نعد نقلق وسطهم من الآخر وعقائده». حتى اليوم ما زالت تأتيها عبارات من نوعية: «مش كفاية بقى مظاهرات وتحرير.. مش كفاية اللى حصل لمينا؟». لكنها وأختها شيرى اختارتا الطريق، أن تكون لهما قدم فى الكنيسة حيث الروح، وقدم فى الشارع حيث الحقوق.
بعد وفاته كانت تأتى الاخت الصغرى أسئلة حول هوية مينا دانيال الدينية، «هو كان شيوعى؟!» بهدف الاطمئنان على نقاء إيمانه، وتبتسم متذكرة كيف كان يتحدث عن تشى جيفارا حين سألته أيضا هى الأخرى: «هو جيفارا ده مش كافر وملحد، بتقرا عنه ليه؟!». لكن العائلة كانت تدرك حقيقة نجلها الذى كان شماسا فى سن المراهقة، ولم يترك الكنيسة المجاورة إلا حين طلب منه القسيس حلق شعره وذقنه، فاتجه إلى كنائس أخرى، وأثناء احتجاجات كنيسة القديسين قبل الثورة مباشرة، هتف مينا داخل الكاتدرائية وصفعه وقتها أحد القيادات الكنسية، دون أن يخرجه ذلك من عباءة المسيح. هذا المنزل الذى شهد زيارات من مرشحين رئاسيين وقنوات إعلامية، أقنع مارى بأن تكمل مسيرة أخيها، وتعمل مع أختها الصغرى شيرى كتفا بكتف فى حركة مينا دانيال ضمن مسيرات وفاعليات وأعمال توعية. وتكمل مارى قائلة: «وجدت الحل فى نموذج مينا دانيال، وشباب مثله لا يعرفون الطائفية، وأشعر فعلا بأنهم أبنائى». فى عيد الأم الماضى تلقت مارى ووالدتها مكالمات عديدة من أشخاص أرادوا فقط دعمها معنويا، وبين المشاركة فى أنشطة الحركة وحتى فى وجودها على الفيسبوك، أصبحت لديها رسالة لتوجهها: «أحيانا ما تحدثنى فتاة عبر الانترنت وتعرف نفسها بأنها فلانة من كنيسة كذا، أبلغها فورا ألا تعرفنى بديانتها، وأطلب منها أن تعرفنى فقط بنفسها». بدأ مينا دانيال هذا الطريق فى سن السابعة عشرة بالمشاركة فى الكثير من الحركات الداعمة للقضية القبطية وأخرى ذات توجه يسارى، توقف مارى بصرها لدقائق على صورة مينا المعلقة على الحائط أمامها، وتكمل: «هناك حالة متواصلة من الإعاقات بين خشية البعض أن نلقى نفس مصير مينا فى النهاية، وبين من يسددون لنا سهام النقد متخذين الدين وسيلة لتثبيط الهمم على طريقة: الزم الكنيسة وودع ما سواها».ورغم النبرة الثورية التى تتحدث بها مارى دانيال، فلا يبتعد الايمان عن قلب الأسرة المتدينة، إذ تقول أختها شيرى: «حتى الآن لم نحصل على حق أخينا، لكنى لن أنسى كلمات أبينا حين تلا علينا من الإنجيل ما يدعو إلى تنقية القلب من الضغائن». ذلك المنزل الذى تقيم فيه الأختان الآن هو جزء من بيت العائلة، لكنه أصبح أشبه بمتحف لمينا دانيال، أما ما ترياه الأختان من إرث حقيقى فهو ما أدركتا من أن نيل الحق بالصدق فى النضال، وأن هناك عالما أكبر من عالم الطائفة وعالم النخبة.
مايكل وطارق.. نسختان من روح واحدة
قبل أكثر من عام لم يتخيل طارق معوض ومايكل يوسف أن يكونا صديقين وشريكين فى حركة ثورية واحدة، وأن تجمعهما حركة مينا دانيال التى تأسست فى أعقاب مصرع صديقهما المشترك فى أحداث ماسبيرو. حتى الآن يتذكر متظاهرو محمد محمود، الشاب ذو الخلفية السلفية حامل راية مينا دانيال فى الصفوف المتقدمة، طارق الشهير بـ(الطيب)، الذى وقف وسط الدخان والخرطوش المتطاير، أما مايكل فقد تلقى رصاصة فى ساقه فى اليوم نفسه الذى قتل فيه مينا على بعد أمتار قليلة منه. يقول مايكل يوسف طالب الهندسة: «فى بداية أحداث الثورة كان بعض أفراد عائلتى فى الأقصر يعتقدون أننى أشارك فى شغب يقوده الاسلاميون، حسب دعاية التليفزيون المصرى آنذاك، كانت علينا ضغوط حقيقية، لكنها خفت اليوم، حتى لو قلل البعض من شأننا». نفس الجدية والثقة التى يتحدث بها مايكل الذى طاف بين الحركات السياسية طوال العام الماضى، هى نفسها الثقة التى يتحدث بها طارق الطيب، لكنه يكسر هذا المزاج الجاد مازحا: «مايكل أيضا سلفى، لكنه مسيحى». تضم حركة مينا دانيال عشرات الشباب من المسلمين والمسيحيين، أغلبهم كانوا على صداقة شخصية بمينا، بينما تضم الصفحة على شبكة فيسبوك الاجتماعية أكثر من 4 آلاف عضو، إلى جانب المسيرات والمظاهرات التى تشارك فيها الحركة، فهناك ملتقى مينا دانيال الثقافى الذى يهدف إلى التوعية، كما تضم الحركة أفرادا خارج العاصمة. أما مايكل وطارق فقد جمعهما خيط واحد، فكلاهما ذو خلفية متدينة، وإن كانا يحرصان على ألا يكون الإيمان هو الواجهة التى يقابلان بها العالم. يروى مايكل يوسف الذى انضم إلى حركة 6 إبريل أثناء العام الماضى بعض مشاهد رآها بعد وفاة البابا شنودة ورآها ضد قناعاته، إذ يقول: «هناك بين النخبة السياسية من يفتعل مشكلة بين الدين والتغيير، كأن تجد أحدهم يهاجم مواقف البابا بعد وفاته مباشرة، مثل تلك الأشياء هى التى تنفر ذوى التوجه المحافظ من السياسة وقضايا التغيير».
طارق الطيب الذى اختار صداقة مينا دانيال منذ الأيام الأولى للثورة بعد إعجابه بشجاعة الراحل، كان أقرب أصدقائه رغم دهشة بعض من حوله، ويوضح: «حتى الآن أجد من يمارس ضغوطا بأسئلة ساذجة، مثل: كيف كنت تصاحب من اختار الكفر؟ وهنا أتذكر الكثير من الأحاديث النبوية التى أراها تترفع عن ضيق الأفق بهذا الشكل». يتحدث طارق الطيب بنصوص إسلامية ونبرة قرآنية تبرز فيها اللغة العربية السليمة. وحين يطل كل من مايكل وطارق على الحياة، يكتشفان أنه ما زال هناك من يعيش فى عالم ضيق ولا يواجه مخاوفه من اختلاف الآخر. يتذكر طارق جيدا تفاصيل زيارته إلى عائلة مايكل فى الأقصر، وكيف كسر الصورة التقليدية للسلفيين، ويكمل شارحا: «دخلت الكنيسة وتحدثت فى كل شىء، وتقاربت المسافات حتى إن والد مايكل قد اتصل ليطمئن علىّ بعدها». يفخر مايكل بأن والده أدرك مبكرا أن ابنه على الطريق السليم مع الثورة، لكن ذلك لم يمنع ضيق الوالد وقلقه من استمرار الاحداث، وتحول موقف بعض أفراد عائلته بعد أحداث ماسبيرو حين وجدوا قضيتهم يناضل من أجلها شباب الثورة. لا يصف أبناء حركة مينا دانيال أنفسهم سوى بأنهم حركة ثورية، ولا يطمحون مستقبلا فى أى منصب، قضيتهم هى مواجهة الفقر والتهميش، مثلما كان صديقهم الراحل مينا دانيال، يكرر دائما : الفقراء أولا.
No comments:
Post a Comment