Wednesday, July 15, 2015

رسالة من محاربة للسرطان: لا نطلب الشفقة وادعمونا بالتفاؤل


كتب - عبدالرحمن مصطفى
فى الطابق الخامس من المعهد القومى للأورام تقف سمر سيد التى أصيبت قبل عام بمرض السرطان وهى تحاول ألا تبرز إرهاقها فى ذلك اليوم، فهى لم تأت من أجل تلقى العلاج، بل جاءت مع أصدقائها لتنظيم حفل ترفيهى للأطفال الخاضعين للعلاج فى المعهد، تتحرك فى أرجاء المكان المخصص للحفل، وتغير الأغانى على أمل مشاركة الأطفال المنهكين من العلاج. وتقول: «لا يعلم كل الناس أن هناك أطفالا يعالجون فى هذا المكان، ولهذا جئنا إليهم». تجلس سمر الفتاة التى أتمت الثلاثين سنة هذا العام، لتلتقط أنفاسها بعد شهورها بالاجهاد من ضغوط اليوم وتأثير جرعات العلاج الكيميائى التى تتلقاها على مدى عدة أشهر، ثم تستكمل: «رسالتى أن أرفع معنويات مرضى السرطان كلما استطعت».
فى بداية شهر رمضان الحالى طرحت صفحة «الجمعية المصرية لدعم مرضى السرطان» على فيسبوك سؤالا يقول: إيه رأيكم فى الاعلانات الخاصة بمستشفيات السرطان فى رمضان ٢٠١٥؟. وجاءت بعض الإجابات من مرضى السرطان، كان إحداها لأم مصابة بالمرض وتسبب إعلان لإحدى مستشفيات السرطان فى إصابة ابنها بالذعر، وكانت سمر محاربة السرطان ضمن المرضى الذين سجلوا إجاباتهم على السؤال وأبدوا استياءهم.
تقول إسراء الشربينى المدير التنفيذى للجمعية المصرية لدعم مرضى السرطان، إن الجمعية قد جمعت عددا من شهادات المرضى، وتوجهت بها إلى إدارة مستشفى السرطان التى تسبب إعلانها فى ضيق عدد من المرضى، وتضيف: «موقفنا محايد من هذه الإعلانات، لكننا سعينا إلى توصيل جميع الأطراف ببعضها.. لكننا لم نتلق رد فعل على مبادرتنا ».
بالعودة إلى حفل المعهد القومى للأورام، فقد كانت سمر سيد محاربة السرطان ـ كما تصف نفسها ــ تتحرك بين الأطفال المرضى، فى محاولة لتحفيزهم على الرقص والمرح، وتستكمل حديثها بعد انتهاء الحفل بدقائق فتقول: «الأطباء لا يشرحون لمريض الأورام حقيقة الأعراض الجانبية للعلاج، كما أن هناك صورة سلبية يروجها التليفزيون عن مرض السرطان، وهى أمور تؤثر على نفسية المريض، لذا أدعو المرضى ألا يتأثروا بكل تلك الضغوط». قبل عام علمت سمر سيد أنها مصابة بورم سرطانى، وتعرضت بعدها للعديد من المواقف التى تستلزم شجاعة وقدرة على إدارة الموقف، منها ما تذكره عن تغير معاملة بعض الناس معها، وتقول: «فى الوقت الذى تخسر فيه معارف لك بعد أزمتك، تكتشف أهمية بعض الشخصيات الأخرى فى حياتك». وعلى صفحات فيسبوك مازال بعض مرضى السرطان يفعلون مثل سمر، ويدونون رغبتهم فى تغيير الصورة السلبية عنهم، وبث القوة فى نفوس بقية المرضى.

Friday, July 10, 2015

سنة أولى رمضان خارج بيت الأهل

كتب - عبدالرحمن مصطفى
انتقل أحمد رفعت إلى مدينة الشروق فى ديسمبر الماضى بعد زواجه مباشرة، مودعا حى العباسية الذى عاش فيه قرابة 30 سنة، ليقضى أول رمضان فى مدينة جديدة وأجواء مختلفة تماما عن الحى الذى نشأ فيه. يصف ذلك قائلا: «كل شارع فى العباسية يضاء فى رمضان بأنوار وزينة تشعرك باختلاف، أما المساجد والمحلات فهى قريبة يمكنك السير إليها، بينما يختلف الأمر هنا فى مدينة الشروق».
وتبعد مدينة الشروق مسافة 37 كيلومترا عن العاصمة، بحيث يقضى أحمد رفعت عشرات الكيلومترات يوميا فى الذهاب إلى مقر عمله فى المركز القومى للبحوث، ولاحظ فى بداية سكنه فى مدينة الشروق أن العلاقات إلى حد كبير محدودة بين السكان، وتكاد تكون مقتصرة على أبناء العمارة الواحدة، ويضيف: «اضطررت إلى العودة إلى بيت العائلة مع زوجتى، وقضيت أغلب أيام رمضان هناك لاستعادة الأجواء المفقودة».
تلك الأزمة أصابت عددا من السكان الذين انتقلوا من أحياء تقليدية فى العاصمة إلى مدن جديدة ذات طابع هادئ، ومع مرور السنوات حاولت مجموعة من السكان المدينة التى لا يزيد عمرها على 20 سنة أن يتجمعوا فى كيان تحت اسم «رابطة ملاك الشروق»، وحاولوا استعادة أجواء رمضان التى افتقدوها فى مناطقهم الأصلية التى جاءوا منها. فقبل عدة أيام أقامت مجموعة من سكان المدينة إفطارا رمضانيا لكسر أجواء العزلة التى تضرب العلاقات بين الجيران.أحمد عبدالرحمن هو أحد سكان الشروق الذى انتقل من حى عين شمس قبل خمس سنوات، وهو منظم الافطار الرمضانى الأخير، يعتقد أن مثل تلك الفعاليات قد تجذب السكان إلى مزيد من التفاعل سويا، وتدفعهم إلى ابتكار طرق جديدة للتواصل معا. يقول: «تلك الفعاليات تتجاوز أحداث شهر رمضان، فقد أقمنا قبل ذلك حفلات شواء بين السكان، وحفلات ترفيهية للأطفال». وبينما يبدو أحمد عبدالرحمن أكثر تفاؤلا. فإن ساكنا جديدا فى مدينة الشروق مثل الباحث الشاب أحمد رفعت لم يحضر تلك الفعاليات حتى الآن.
«أنشطتنا لا تتوقف على شهر رمضان فقط، لكنها تبدو مهمة فى هذا الشهر، لأنها تكسر حالة الجمود التى تصيب بعض من انتقلوا حديثا إلى مدينة الشروق». تتحدث منى نور إحدى عضوات رابطة ملاك الشروق التى انتقلت قبل سنة إلى المدينة، واختارت دعوة السكان إلى المشاركة فى الأعمال الخيرية، وكان شهر رمضان فرصة لتجد من يلبى دعوتها. وتشرح قائلة: «أقمنا فعاليات لدعم الأطفال المصابين بالتوحد، وزيارة دور المسنين فى الشهر الكريم والتخفيف من وحشتهم، إلى جانب إعداد حقائب الخير الرمضانية». وترى مريم فى مثل هذه الأنشطة استعادة لروح رمضان بممارسة الأنشطة الخيرية.

 PDF

Thursday, July 2, 2015

قواعد جديدة لمشاهدة التليفزيون.. وحنين إلى «لمة العيلة»

 
• البعض يلجأ إلى الإنترنت هروبـًا من كثافة الإعلانات
• صفوت العالم: لم يحدث تغير فارق فى عادات المشاهدة
•  داليا الشيمى: على الإعلام أن يراعى نفسية المشاهدين

فى الوقت الذى يتابع فيه الزوجان المُسنان مسلسلا رمضانيا فى الصالة الرئيسية، كان الابن يجلس فى غرفته أمام شاشة الكمبيوتر متابعا حلقات مسلسل أمريكى شهير، وبينما يبدو هذا المشهد غير متوائم مع أجواء رمضان الذى تجتمع فيه الأسرة حول التليفزيون، لكنه نموذج لبعض التغييرات التى جرت على عادات مشاهدة التليفزيون عند الأسرة المصرية.
«لم يعد رمضان مرادفا للمة العائلة حول التليفزيون، لقد أصبح الشباب أكثر انشغالا بهواتفهم الذكية والانترنت». تتحدث ربة الأسرة آمال عبدالله، المحاسبة بالمعاش (61 سنة) أنها اعتادت قبل أكثر من سنة أن تشاهد المسلسلات بعد تحميلها من الانترنت، أما ابنها إسلام فهو من دلها على تلك الوسيلة لمتابعة ما يفوتها من حلقات أو مسلسلات، بينما يتجه الابن لاستخدام موقع يوتيوب لمشاهدة الدراما على الانترنت.
كان هذا المنزل يعيش أجواء رمضانية مختلفة قبل 25 سنة حين كان إسلام طفلا مع أخوين آخرين يجتمعان حول التليفزيون باهتمام لمتابعة مسلسلات بعينها، وما زالت الأم تتذكر الروتين اليومى فى الجلسات العائلية بعد الإفطار، من متابعة مسلسل الأطفال أثناء الافطار، ثم حلقات الكوميديا مع مشروبات بعد الإفطار، ثم حلقات ألف ليلة وليلة التى تتزامن مع فقرة الحلويات والاستعداد لصلاة التراويح، واختلفت هذه الأجواء بعد مرور ربع قرن، وازدياد عدد الفضائيات وكثافة عروض الدراما والبرامج الرمضانية.
يقول محمد أمين رب الأسرة الذى جاوز الرابعة والستين، إنه اعتاد مع زوجته بعد طلوعهما على المعاش أن يقضيا أغلب أوقاتهما أمام شاشة التليفزيون، مكتفيان بالبرامج السياسية وقنوات الأفلام، حتى تبين لهما إمكانية تحميل الأعمال الدرامية عبر الانترنت ثم مشاهدتها عبر شاشة التليفزيون العملاقة فى المنزل. يستكمل المهندس الستينى: «اشتريت جهاز ريسيفر جديدا يسمح لى بعرض فيديوهات على التليفزيون بعد تحميلها على ذاكرة الكترونية ». وتقل هذه العادة تدريجيا فى شهر رمضان حسب آمال عبدالله ربة الأسرة التى تقول: «قمت فى الأسبوع الأول من رمضان بتحميل ثلاث حلقات من مسلسل لم أكن أتابعه جيدا، لمشاهدتها مرة واحدة دون الإعلانات التى تقطع المشاهدة على الفضائيات». ويسند الزوج الستينى إلى زوجته مهمة البحث على الانترنت عن المسلسلات وتحميل الحلقات سواء فى رمضان أو فى غيره.
يرى صفوت العالم أستاذ العلاقات العامة والاعلان فى كلية الاعلام بجامعة القاهرة أن كثافة المادة الإعلانية وما قد تصنعه من تشتيت عن المحتوى الدرامى فى رمضان، لن تدفع بالضرورة إلى المشاهدة عبر الانترنت هروبا من التليفزيون، ويقول: «متابعة وتحميل المسلسلات الدرامية عبر الانترنت لا يلائم جميع الأعمار ولا كل المستويات الاقتصادية حتى نستطيع أن نصفه بتغير فى عادات المشاهدة». وكان بعض مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى مثل فيسبوك وتويتر قد عبروا عن ضيقهم بكثافة المحتوى الاعلانى على الشاشات، بينما يستدرك أستاذ الإعلام قائلا: «فى الأيام الأولى من شهر رمضان تظهر حالة من الفضول والاهتمام من المشاهدين لمتابعة إعلانات رمضان، وأحيانا ما يعوض غياب بعض النجوم عن الدراما أنهم يحضرون فى الاعلانات». ويضيف صفوت العالم أن كثافة الإعلانات الخيرية فى النصف الثانى من الشهر تفسد حالة المشاهدة لما تعرضه من ألم ومعاناة .
انسحاب شريحة من المشاهدين لمتابعة الدراما الرمضانية عبر الانترنت لم يخضع لدراسة ترصد تأثير ذلك على نسبة المشاهدة عبر شاشات التليفزيون، لكن بعض الأرقام الأولية عن عدد مشاهدات الحلقة الأولى فى عدد من المسلسلات الرمضانية على موقع يوتيوب للفيديو يتجاوز 250 ألف مشاهدة فى بعض الأحيان. أى أن ظاهرة متابعة الأعمال الرمضانية عبر الانترنت قد أصبحت تستقطب آلاف المشاهدين، رغم أن هذه الشريحة نفسها تواجه الفواصل الاعلانية أيضا على موقع يوتيوب. فى الوقت الذى أعلن فيه الموقع الأشهر فى عرض لقطات الفيديو عن نيته بث خدمة خالية من الاعلانات تماما فى مقابل اشتراك.
«فتحت شاشة الكمبيوتر أمامى فوجدت عالما واسعا شاهدت من خلاله أفلاما من روائع السينما الأمريكية أنقلها من أصدقائى أو أحملها عبر الانترنت». الحديث لإسلام الشاب العشرينى الذى كان مشغولا مع بداية شهر رمضان الحالى بمتابعة حلقات مسلسل Game Of Thrones الأمريكى التى فاتته مشاهدتها، وخصص لها وقتا قبيل السحور، بينما لا يبدى اهتماما بزحام المسلسلات العربية.
«انسحاب بعض المشاهدين إلى متابعة الدراما عبر الانترنت هو ابتعاد عن إحساسهم بأنهم مجبرون على المشاهدة وفقا لخطة المعلنين، لذا تعزز المشاهدة عبر الانترنت إحساسهم بأنهم من يتحكم فى قواعد المشاهدة، وعلينا أن نتذكر أن إلحاح المعلنين يصاحبه أيضا برامج للمقالب ودراما تحض على العنف، وهو ما يستنفر العدوانية لدى المشاهدين ويهدد ارتباط المشاهدين بالدراما من الأساس». تتحدث داليا الشيمى الخبيرة النفسية عن أن التليفزيون قد دخل فى تحد مع التكنولوجيا واندماج كثيرين فى مواقع التواصل الاجتماعى، وأن المواد التى تستدعى نفور المشاهدين فى فترة رمضان قد تؤثر على ولائهم لشاشة التليفزيون.
«أمام التليفزيون تحديات مثل انشغال الناس بالتكنولوجيا والانترنت وانشغالهم الدينى فى رمضان بصلاة التراويح وقراءة القرآن، وهى أمور يجب على القائمين على الإعلام مراعاتها فى التعامل مع نفسية المشاهدين». تختم الخبيرة النفسية بهذه العبارة.
أما الأسر المصرية التى يتشابه بعضها مع أسرة محمد أمين المهندس بالمعاش، فمازال فى ذهنها كيف كان التليفزيون يجمع الأسرة فى توقيتات محددة فى رمضان ويتحكم فى روتين يومهم، وكيف تطورت علاقة الأسر المصرية مع هذه الشاشة إلى حالة من الجفاء فى أوقات أخرى.