Thursday, May 23, 2013

فى عالم الشباب.. لايأس مع الغناء.. ولا غناء بدون سياسة

 «احنا الصوت ساعة لما تحبوا الدنيا سكوت».. جملة تحولت إلى جرافيتى وهتاف وأغنية !

  الألتراس الغنائى.. آخر تجليات الثورة

عبد الرحمن مصطفى:
حين دشن الشاب إسلام عثمان صفحة ألتراس فريق كايروكى الغنائى U.C Ultras Cairokee قبل أسابيع، اكتشف هو وزملاؤه أن هناك عدة صفحات بالاسم نفسه، لكنهم اختاروا طريقا آخر يميز صفحتهم، وهو نقل عملهم من الانترنت إلى الأرض، والتعبير عن إيمانهم بفريقهم الغنائى على طريقة الألتراس الرياضى.
«ببساطة اجتمعنا كمؤسسين للصفحة مع بعض الأعضاء، وقررنا طباعة قمصان عليها كلمات أشهر أغنيات فريق كايروكى، على أن يكون هدفنا هو تكوين تجمع يشبه الألتراس، لكن دون إطلاق شماريخ أو صدامات من أى نوع».
 تلك التجربة التى يشرحها إسلام عثمان، أحد مديرى الصفحة، تعكس ذوبان العديد من التجارب والأفكار فى نموذج واحد، فقبل الثورة كان العالم السفلى (الأندرجراوند) فى الغناء أو التشجيع الرياضى أو الحركات السياسية يكافح من أجل موضع قدم حسب قواعد فرضها النظام السابق، لكن تلك المساحات تداخلت معا الآن بين السياسة والموسيقى والتشجيع الرياضى، وأصبح صخب الحفلات يشبه صخب المظاهرات، ومن هنا تبدأ تجربة جديدة هى الألتراس الغنائى، كنموذج لتلك الحالة.
 فى حفلة فريق كايروكى الأخيرة بساقية الصاوى فى الزمالك، ارتدى الشباب تيشيرتات عليها: احنا الصوت ساعة اما تحبوا الدنيا سكوت. هى نفس الكلمات التى كتبها الشاعر عبدالرحمن الأبنودى فى قصيدة «الأحزان العادية» التى منعت من الإذاعة قبل أكثر من 30 سنة، وأعادت فرقة كايروكى إحياءها فى أغنية: «إحنا الشعب»، وفى الحفلة الأخيرة طبعت تلك الكلمات على قمصان هؤلاء الشباب الذين مازالوا يرون أنهم فى أجواء عالم الهامش الذى لم يسود بعد.
 ينشط مع إسلام عثمان فى إدارة الصفحة زميله عبدالرحمن سعيد ــ فى كلية التكنولوجيا بجامعة حلوان ــ الذى تخطى حاجز الإعجاب بالفريق الغنائى إلى محاولة العزف على آلة الكمان حبا فى موسيقى الفريق الذى يطمح أن يكون عازفا فيه فى يوم من الأيام.
 لذا ليس غريبا أن يكون هو نفسه متطوعا فى مشروع «بيت الرصيف بالمعادي» حتى يظل فى دائرة الفرق الغنائية الشابة التى تنتمى للتيار نفسه ، ويعلق قائلا: «أغانى العالم السفلى (الأندرجراوند) تعبر عن قناعات وأسلوب حياة كامل، هى فن التعبير عن الواقع والغضب والطموحات، بعيدا عن زيف ما يقدمه الغناء التقليدى من موضوعات مستهلكة».
 ذلك الصراع من أجل التغيير فى الموسيقى والتشجيع الرياضى والواقع السياسى يمتزج تماما لدى شريحة الشباب الوافدة على هذا النوع من الحفلات، فإسلام عثمان احتك بألتراس الوايت نايتس، وهى رابطة من مشجعى النادى الزمالك، واقترب من أسلوب فرحتهم، وأدرك مع زملائه صخب المظاهرات وهتافات التغيير، لذا كانت المحصلة إظهار التقدير لفريقهم الغنائى بأسلوب جديد.
 هذه الملامح لا تفاجئ آخرين عاشوا وسط هذا العالم لسنوات طويلة من قبل الثورة، وما زالوا على صلة بكثير من الفرق الشبابية التى خرجت من هذه الثقافة، أحد هؤلاء هو عصام نصر مدير إحدى شركات إدارة حفلات كما يدير أعمال بعض الفرق الغنائية المستقلة، و هو يعلق قائلا: «أعرف بعض الفرق التى دخلت إلى مجال الموسيقى وحققوا حضورا ملموسا، بسبب تأثرهم ببعض الفرق الشهيرة مثل وسط البلد، مسار إجبارى، وبلاك تيما، وغيرهم، لقد كانوا جزءا من جمهور حفلات تلك الفرق الكبيرة».
 هذه العبارة المتفائلة تخفى وراءها متاعب وعوائق يواجهها من اختاروا العيش فى العالم السفلى للغناء، أو من اختاروا تكوين فرقة بعيدا عن النمط التجارى ــ التقليدى، يكمل عصام نصر الذى عمل من قبل فى ساقية الصاوى كمسئول عن الورش الموسيقية وفى لجنة الاستماع: «هذا النوع من الغناء مازال مرتبطا بأماكن بعينها، ويجتذب شرائح معينة لديها وعى أكبر بمشاكل المجتمع والواقع من حولهم، لذا لا بد على المغنى أو الفريق أن يكون لديه مشروعا يعمل عليه، وهو ما حدث مع الفرق الكبيرة التى بدأت فى التحرك مؤخرا بعيدا عن الهامش نحو مزيد من الجماهيرية والشعبية».
 ولأن هذا العالم يعمل بشكل مستقل، فلا توجد إدارة فنية تدفع بمشروعات شباب الهواة، أو تمدهم بالخبرة كى ينتقلوا إلى عالم الاحتراف، حسبما يوضح عصام نصر.

«خلى السعادة عادة»
فى هذا العالم تتقارب المسافات بين المغنى القادم من عالم بديل عن الغناء التقليدى، وبين جمهور مازال يبحث عن التغيير، وتتحول الكلمات هنا إلى شعارات، والأشعار إلى هتافات، وهو ما جذب فنانو الجرافيتى المنتمين بطبيعة الحالة إلى نفس هذا الهامش كى يستعيروا أشعارا وكلمات غناها فنانون مستقلون وأخرى غناها فنانون قريبون من هذا المزاج مثل الشيخ إمام وبعض أغانى محمد منير.
 وهى منطقة أخرى بين امتزاج الفنون التى مازالت فى الهامش ، لذا لم يكن من الغريب أن يرسم أحد فنانى الجرافيتى رسما مستخدما فيه جملة: «خلى السعادة عادة»، لفنان الراب المصرى ــ زاب ثروت ــ الذى كون معجبوه أيضا ألتراس» يحضر حفلاته، أو أن يستخدم فنان جرافيتى آخر فى شارع محمد محمود كلمات من أشعار أحمد فؤاد نجم التى غناها الشيخ إمام.
 وحتى فى عالم الحركات السياسية الشابة، التى مازالت هى الأخرى بعيدة عن السلطة والتى لاتزال على هامش العمل السياسى التقليدى، حدث ذلك التزاوج بين فنون مختلفة بهدف خدمة حالة المقاومة الشبابية، كأن تستخدم حركة 6 أبريل فى العام الماضى نفس الجملة التى استخدمها فريق كايروكى من قبل لعبدالرحمن الأبنودى... كما ألف أحد أعضاء الحركة آنذاك أغنية بعنوان: «احنا الصوت ساعة لما تحبوا الدنيا سكوت»، وكانت هى النشيد الرسمى لحركة 6 أبريل.
 «استخدمنا هذه الجملة أيضا من قصيدة عبدالرحمن الأبنودى وطبعناها على قمصاننا فى بعض الفعاليات، وهو ما دفعنى إلى أن أجعلها عنوانا لأغنية الحركة فى ذلك الوقت قبل عام من الآن». الحديث هنا لحسام الهكارى العضو السابق فى حركة 6 أبريل، أما الأغنية نفسها ، فكانت من تلحين مصطفى عزت من أعضاء الحركة، وقريبة من مزاج أغانى الألتراس الرياضى، ورغم أنهما أعدا أغنيات أخرى باسم الحركة، لكن «احنا الصوت ساعة لما تحبوا الدنيا سكوت» كانت الأكثر تعبيرا عن تلك الحالة التى تمتزج فيها روح الألتراس مع الحركة السياسية المقاومة.
 «كل ما فعلته أن استعرت الجملة عنوانا، وأكملت الأغنية من تأليفى أنا، وهى مجرد هواية أمارسها لنفسى، ووجدت الفرصة لاستغلالها فى ذلك الوقت».
 تلك الحالة يتشابه فيها مزاج الألتراس المُعادى للحس التجارى فى الرياضة، مع الغناء الداعم للتغيير الاجتماعى، وتتحول الأشعار إلى هتافات سياسية أو إلى جرافيتى، كل ذلك فى محاولة لنيل مساحة جديدة بعيدا عن التهميش وتوصيل طموحات لم تنجح الثورة فى تحقيقها.

الوطنية والسياسة والواقعية.. خلطة لها سحرها

عبد الرحمن مصطفى

أثناء البروفات الغنائية لأعضاء فريق «حكايات» فى حفلهم الأخير بمركز مكان للثقافة والفنون، ينتقل الغناء بين موال وأغنية للشيخ إمام ، والشيخ سيد درويش.
ويقتطع شادى مؤنس ــ مؤسس الفريق ــ دقائق قبل انتهاء البروفات للحديث قائلا: «منذ سنوات تمت استعادة أغنيات الشيخ إمام وسيد درويش، لأنهما كانا من أشهر النماذج التى عبرت عن المقاومة بالغناء، وطرحا أفكارا خارج الإطار التقليدى والسائد فى زمنهما، وهو ما جعلهما ضيفين دائمين على غناء العديد من الفرق الشبابية، التى تتخذ نفس النهج».
شارك شادى مؤنس فى تأسيس فريق «اسكندريلا» الذى سلك نفس الطريق منذ العام 2005 ، فى أغنيات تتأرجح بين السياسة والوطنية ومعايشة الواقع.
 وفى العام 2009 أسس شادى مؤنس فرقة «حكايات» من نفس المدرسة، ومع ازدياد عدد الفرق والمشروعات الغنائية التى تنتهج نفس النهج، أصبح السؤال: هل تلك الخلطة بين الوطنية والسياسة أكثر جذبا للشباب مثلما يبدو الحال خلال الحفلات الشبابية ؟
 قبل بداية الحفل بقليل انضم إلى الحديث الفنان الشاب محمد محسن، الذى اعتمد فى مشواره الغنائى على موروث سيد درويش والشيخ إمام، وعلق قائلا: «الموضوع ليس عن أغانى سياسية أو وطنية، القصة ذات صلة بحياة الناس، وأن تكون أفكار الأغانى من قضايا المجتمع، هذا ما يجذب شريحة من الشباب لا تجد ذلك فى الغناء التقليدى، وما فعله الشيخ إمام أو سيد درويش أن سارا فى هذا الطريق، حتى إن كان ذلك بلغة المقاومة أحيانا، وأوضح مثال على ذلك أن الشباب لم يجد أكثر صدقا من الشيخ إمام ليعبر عنه فى ميدان التحرير».
 هل يظل الشباب أسيرا للأماكن نفسها التى تقدم هذا النوع من الفن داخل المراكز الثقافية وبعض الفعاليات الحكومية النادرة؟
 هنا يجيب شادى مؤنس قائلا: «دعنا نرى الأمر بشكل أكثر تفاؤلا، فإن فرقة مثل (اسكندريلا) كانت تغنى داخل الاعتصامات وفى المراكز الثقافية وغيرها، وفى الوقت نفسه غنت فى مهرجان جرش وفى دار الأوبرا المصرية.. وعرضت فنها على شريحة جديدة من الجمهور». تلك التفاصيل تدور فى خلفياتها العديد من التغيرات، إذ إن حالة الثورة والتغيير والانخراط السياسى لشريحة من الشباب، دفع الاعلام إلى البحث عن الفنون التى تعبر عن أفكارهم وتسجل غضبهم، كذلك فإن بروز نماذج جاءت من الهامش ودخلت فى عالم النجومية مثل باسم يوسف الذى بدأ من مساحة غير تقليدية فى برنامج على الانترنت، جعلته ذلك الهامش يتحرك، كأن يحمل برنامجه فقرات غنائية ثابتة تعبر عن تلك الثقافة، وهو ما تكرر فى برامج تليفزيونية أخرى، ما جعل هناك خطوة إلى الأمام فى تعويد شريحة أكبر من الجمهور على هذا النوع من الفن، وألا يقتصر الأمر على تلك الصورة النمطية لجمهور الشباب الثائر والغناء المستقل.
 فى أثناء حفل فرقة «حكايات» بمركز «مكان» الثقافى، كان الدكتور أحمد المغربى ــ مدير المركز ــ يجلس جوار مهندس الصوت، ويرى المغربى أن المراكز الثقافية قد أتاحت بدائل قبل سنوات طويلة لجمهور يرغب فى سماع كلمات وألحان تناقش قضايا حياته، أو نوع آخر من الموسيقى، وتقاوم الواقع البائس والمكرر.
 ويقول: «بعد أكثر من عامين على الثورة، وسقوط الهواجس الأمنية القديمة، مازال الطموح الأكبر هو فتح المجال أمام قصور الثقافة لتحتوى كافة أنواع الغناء دون خوف، وأن يجد الشباب من يجسد رؤيته فى الحياة بأقل تكاليف». داخل المراكز الثقافية المستقلة بإمكان الشباب سماع أغنية متهكمة على الواقع السياسى، أو أن يهتف الجمهور هتافات معارضة، فهل تنتهج تلك المراكز سياسة تتعمد إتاحة هذه الأجواء داخل قاعاتها؟
 يجيب الدكتور أحمد المغربى: «المراكز الثقافية هى التى تضع سياساتها حتى إن حصلت على دعم خارجى، فإذا اطلعنا على شروط أى منحة لدعم مشروعات ثقافية، نجدها عامة، ويقدم المركز أفكاره للحصول على الدعم، وأنا هنا على سبيل المثال أهتم بنوع آخر من الفنون: مثل الحضرة والزار والانشاد الدينى، وهو ما جعل تصميم المكان نفسه قائم على الحميمية، والجمهور هنا من نوع خاص، فهو مهتم بالموسيقى والتعرف على الجديد، على عكس أماكن أخرى تركز على أغانى الفرق المستقلة تحديدا».
 فى أثناء حديثه تغنى فرقة «حكايات» أغنية بعنوان «مصرستان»، تبدأ كلماتها: «مصرستان يا مصرستان إحنا خلاص جالنا الإخوان».
 مثل هذه الأغنية التى لاقت صدى لدى الجمهور الحاضر، سواء حين غنتها الفرقة فى مركز مكان الثقافى أو فى أماكن أخرى تظل بعيدة عن السائد والتقليدى، فهل هناك نوعين من الفن، سائد وهامشى؟ .. يجيب الدكتور أحمد المغربى: «فكرة الغناء المستقل والأندرجراوند أو فنون الهامش، تحتاج إلى مراجعة، فالسائد ليس فقط ذلك الفن التقليدى والتجارى الذى تديره شركات ورجال أعمال ويعرض على الفضائيات، فبالنسبة لى أجد شيخا مثل المنشد الدينى ياسين التهامى هو الذى يعبر عن الفن السائد، وله مساحات انتشار لا يرها الإعلام .. لقد أصبحت كلمات الهامش والاستقلال فى حاجة إلى مراجعة مع تلك التغييرات التى نعيشها منذ الثورة».

عالم الحفلات بعيون مهندس صوت


«الحقيقة.. بقيت باشوف حاجات كتير فى الحفلات ماكنتش باشوفها زمان، تقريبا جمهور الكورة بقى ضيف على حفلات المزيكا بنفس طريقة التشجيع، يعنى ممكن تلاقى شماريخ بتولع، و حد قلع قميصه من الاندماج .. يعنى الفرفشة مش للدرجة دى!».
 العبارة لمحمد حسن مهندس الصوت الذى عمل قبل سنوات فى ساقية الصاوى، ويعمل الآن بشكل حر فى عدد من الأماكن، وبحكم انخراطه مع عالم الفرق الشبابية قبل وبعد الثورة، أصبحت لديه انطباعات عن تغييرات حدثت فى علاقة الشباب بالموسيقى.
 «بعض الشباب قد تأثروا بفرق ظلت تعمل على مشروعها الفنى لسنوات طويلة مثل مسار إجبارى أو بلاك تيما أو وسط البلد، ما أجده الآن أن هناك جرأة من الشباب لخوض تجربة إقامة فرقة موسيقية، لكن هل سيكون لديهم الصبر حتى يستمروا لسنوات من أجل تحقيق مشروعهم الغنائى؟. هناك فرق أجدها نسخا من فرق سابقة عليها».
 خلال الحفلة يستقر محمد حسن خلف جهاز الصوت، ويعمل على مرحلتين، إذ يبدأ قبل الحفلة فى ضبط الصوت، ثم يكمل عمله أثناء الحفلة.
 «بعض الفرق لا تهتم بمرحلة ضبط الصوت قبل الحفلة، نتيجة الاستعجال، ونقص الخبرة، أو لأن بعضهم يرى أن فى ذلك إهانة له، رغم أن فنانين عالميين يديرون بروفات لعدة ساعات، ويتجولون فى المسرح قبلها بوقت طويل حتى يعتادوا الأجواء».
 يستكمل محمد حسن حديثه، مبرزا بعض ملاحظاته حول تطور علاقة الشباب بالموسيقى بحكم وظيفته، ويضيف ساخرا: «مهندس الصوت فى الحفلة مش بتاع فراشة أو كهربائى، اللى عايز يغنى لازم يحاول يتعرف على كل مراحل الغنا».
 لم تكن تلك الملاحظة الوحيدة التى يسجلها محبو الفرق الشابة الجديدة، حين يصطدمون بفرق غنائية تكاد تكون استنساخا لتجربة ناجحة من قبل، أو حين يجدوا أجواء الحفلات لا تتعمق فى فهم رسالة الفريق، وهو ما يظهر فى تعليقات زوار على مواقع الانترنت مثل يوتيوب أو ساوند كلاود، يسجلون فيها استنكارهم لصخب الجمهور فى مواضع ليست مواضع صخب، كالتصفيق والصراخ فى لحظات العزف المنفرد من أحد أعضاء الفرقة، أو التشويش على موال يغنيه المطرب.
 لم يكن محمد حسن بعيدا عن تجربة تكوين فرقة غنائية، إذ حدث ذلك مع أصدقائه المقربين، لكن لم تكتمل التجربة، ويصف ذلك قائلا: «فيه فرق بتتكون على القهوة، ويكون وراها فكرة، بس ده ما يخليهاش تكمل». أمور مثل عدم التفرغ، والانشغال بأعمال أخرى تفكك العديد من الطموحات، وقتها يعود أفراد تلك الفرق إلى صفوف الجماهير، أما محمد حسن ففى موقعه محاولا إبراز صوت المغنين والعازفين فى أفضل صورة.

شعراء الجيل

عبدالرحمن مصطفى:

«أنده عليها وأقول سيّد أيا درويش والشيخ إمام يهتف شيّد قصورك.. عيش و أنا نفسى أموتلك شهيد حتى ف طابور العيش لو تفرحى»..
هذه الأبيات للشاعر مايكل عادل تبرز حضور سيد درويش والشيخ إمام فى أشعار جيل جديد ارتبطت أعماله وأفكاره بمحيط التحرير وأحداث الثورة، وحتى من قبلها كانت تلك النبرة الثورية موجودة بقوة فى أعمال الجيل نفسه، غير أنها كانت ممزوجة بالعاطفة.
 لا يخفى شاعر شاب مثل مايكل عادل تأثره بشاعر من نوع خاص هو مجدى نجيب، لكن تلك النبرة الثورية برزت أكثر فى عنوان ديوان مايكل الأخير «س 28» فى إشارة إلى مجمع النيابات العسكرية الذى مر عليه عدد من المتظاهرين فى العامين الماضيين.
 ذلك الوفاء إلى جيل سابق يظهر لدى شاعر آخر هو مصطفى إبراهيم الذى صدر له مؤخرا ديوان «المانيفستو»، ولم يخف فى ديوانه السابق «ويسترن يونيون فرع الهرم»، الذى سجل فيه إهداءات لشخصيات تأثر بها، منهم الشاعر أحمد فؤاد نجم، حين ذكر فى مقدمة كتابه: «إهداء لعم نجم الوحيد اللى مبعش».
 كل من مايكل عادل ومصطفى إبراهيم يقدمان أغانيهما إلى المغنين الشباب والفرق المستقلة، ضمن شريحة من الشعراء ، تعتمد طرح موضوعات ذات صلة بالواقع، ويلعبون حسب قواعد أبناء جيلهم باستخدام التدوين والتسجيلات الصوتية والفيديو والفيسبوك لإتاحة أعمالهم، وهو ما يصنع رواجا من نوع خاص لا يعتمد فقط على الظهور الاعلامى و الأداء التقليدى.

Wednesday, May 15, 2013

لغات تحت رحمة الزمن

·         خريطة الانقراض
تصنع رحلة الكتابة في مصر على مدار تاريخها الطويل العديد من المفارقات ، هذا ما حاول تسجيله كتاب بنفس العنوان "رحلة الكتابة في مصر" ، صدر عن مكتبة الاسكندرية في العام الماضي، يتناول لغات و خطوط مرت بمصر بدء من تاريخها المصري القديم، حتى العصر الحديث. وتكشف خريطة اللغات التي مرت على مصر عن أن اللغة القبطية، التي دونت بها الكنيسة المصرية كافة النصوص الدينية المسيحية لم تكن لغة رسمية في أغلب الأوقات، بينما كانت اليونانية هي الرسمية . و على مدار تلك الحقب التاريخية الطويلة ، اندثرت بعض اللغات لعدم قدرتها على التفاعل مع التطورات الزمنية، وحتى الآن رصد أطلس اللغات المهددة بالاندثار الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) ، ثلاث لغات داخل مصر تعاني خطر الاندثار ، على راسها اللغة القبطية التي يتم تداولها على نطاق محدود لأغراض كنسية، وتأتي بعدها اللغة السيوية، التي يتحدث بها 25000 نسمة ، في نطاق محلي ضيق، أما ثالث تلك اللغات فهي "الدومارية" التي كانت متداولة بين الغجر وتكاد تكون قد انقرضت حسب بيانات اليونسكو .ووجه حقوقيون انتقادات لبعض مواد الدستور الحالي بعد إقراره ، مستندين في ذلك إلى ان الدستور لم يتعرض لمسألة التنوع الثقافي واللغوي ، إذ نصت المادة الثانية على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية، من دون الاشارة لوجود لغات محلية، كما نصت المادة 11 على أن الدولة ترعى الثقافة العربية والتراث التاريخي والحضاري للشعب، وذلك وفقا لما ينظمه القانون، دون إشارة واضحة لثقافات أخرى. وصاحبت تلك الانتقادات دعوات أخرى منها تدريس لغات مثل النوبية والأمازيغية والقبطية في المدارس ، و إعطائها طابعا رسميا، غير أن تلك الدعوات لم تحقق إجماعا حولها حتى الآن .
 اللغة القبطية .. مصرية و ليست دينية
في قاعة صغيرة بمركز المؤتمرات في مكتبة الاسكندرية ، يطالع الحضور كلمات من اللغة القبطية أمامهم، وتكاد أن تكون تلك القاعة إحدى الأماكن النادرة التي تدرس اللغة القبطية، يقتطع الدكتور ماهر أحمد عيسى، المدرس بكلية الآثار، جامعة الفيوم دقائق من وقت المحاضرة ليوضح: "اللغة القبطية دمها متفرق بين القبائل، و لا يوجد تخصص لعلم القبطيات في الجامعات المصرية، سوى في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، لذا لا يتعامل معها الباحثون بشكل عميق سوى في قطاعات ضيقة مثل قسم الدراسات العليا في جامعة الاسكندرية ". بدأ تدريس اللغة القبطية في مركز الخطوط بمكتبة الاسكندرية، ضمن نشاط أكبر لتدريس اللغة الهيروغليفية، و الخط العربي منذ العام 2004، إلا أن تعلم اللغة القبطية جاء متأخرا في العام 2009، و تحتوي الدورة التدريبية على ثلاث مستويات، إلا أن أغلب الدارسين لا يكملون المشوار حسبما يصف أحمد منصور؛ نائب مدير مركز دراسات الكتابات والخطوط بمكتبة الإسكندرية. ويوضح: "طبيعة نظام التدريس هنا ذي صبغة أكاديمية، إذ ندرس اللهجة الصعيدية للغة القبطية، بينما تستخدم النصوص الدينية المسيحية لهجة اخرى هي اللهجة البحيرية، وهو ما اكتشفه عدد من الدارسين حين فتحنا باب الالتحاق لأول مرة، حتى الذين لديهم معرفة سابقة باللغة القبطية بحكم دراساتهم الكنسية".
في داخل قاعة المحاضرة اجتمع الدارسون على أهداف متقاربة دفعتهم إلى دراسة اللغة القبطية، وعلى رأسها أمور تخص الدراسة أو العمل، ويعود المحاضر الدكتور ماهر عيسى ليوجز حديثه في نقطتين هامتين: الأولى هي أن اللغة القبطية ما هي إلا تطور أخير من اللغة المصرية القديمة، استخدمت فيها الحروف اليونانية القديمة مع استعارة حروف من الكتابة الديموطيقية، أما النقطة الثانية التي يذكرها فهي أن اللغة ليست مرتبطة بالديانة المسيحية، بل هي سابقة عليها، كما أن هناك عدة لهجات يبرز منها اللهجة الصعيدية التي دونت بها أغلب وثائق وآثار تلك الفترة، وبعدها اللهجة البحيرية التي اختارتها كنيسة الاسكندرية آنذاك لتدوين النصوص المقدسة. يختم قائلا: "المشكلة التي نواجهها هي أن عدد العلماء المهتمين بالدراسات القبطية حول العالم في ازدياد منذ أن بدأ النشاط البحثي في هذا المجال، و هو ما لم ينتقل إلى الحياة الأكاديمية في مصر، خاصة أننا واجهنا تحفظات أمنية طوال الوقت إذ ما خرجت مبادرة تهدف إلى إتاحة هذا التخصص داخل الجامعات".
في داخل المحاضرة يتابع فنان الأيقونات القبطية ميشيل دميان بقية المحاضرة باهتمام ، وهو أحد الذين توافرت لهم فرصة التعرف على اللغة القبطية عبر أنشطة كنسية سابقة. "أعلم أن الدراسة هنا مختلفة، ولهذا جئت لأعلم المزيد ، والموضوع له صلة باهتمامي الشخصي بالدراسة، وأغلب الحاضرين جاؤوا بنفس الهدف، الموضوع ليس له علاقة بالديانة".
هناك من روادته فكرة إحياء اللغة القبطية ، ويتشابه في ذلك مع أفكار أخرى عن إحياء الكتابة الهيروغليفية والدعوة إلى تعليمها في المدارس، وبعيدا عن مركز دراسات الكتابات والخطوط بمكتبة الإسكندرية، يتم تدريس اللغة القبطية كأداة للتعامل مع الترانيم والصلوات المسيحية القبطية، لذا يتوافر ذلك في مدارس الأحد ذات الطابع التربوي والديني، أما تدريسها بشكل أكثر تعمقا، فيتوافر في مراكز ذات طابع كنسي خالص، و من أهمها "معهد اللغة القبطية" الذي تأسس في العام 1976، وتقتصر الدراسة فيه على اللهجة البحيرية. ويعتمد التدريس حسب كمال فريد إسحق - الباحث في اللغة القبطية- على دراسة النصوص الدينية التي تخدم الطقوس وتوضح الترانيم.. ويضيف قائلا: "عن نفسي أدعو إلى إحياء اللغة القبطية و العمل على نشرها من باب الاتصال مع موروثنا الحضاري، فهذه اللغة ليست إرثا للمسيحيين فقط، بل كانت لجميع المصريين".قضى كمال فريد إسحق أكثر من نصف قرن في التعامل مع اللغة القبطية، خاض فيها تجربة التدريس في معاهد ذات طابع كنسي، لكنه في نفس الوقت كان أحد من يعتنقون فكرة إحياء اللغة القبطية. "كنا نجتمع أنا وبعض المهتمين باللغة في صالون خاص داخل منزلي، لنتحدث سويا اللغة القبطية قدر استطاعتنا، لكن مشاغل الحياة شتتت بعضنا عن ذلك الهدف". كان عدد المبادرين لهذه الخطوة في بدايتها حوالي عشرة أفراد فقط ، قل عددهم تدريجيا .. ويختم كمال فريد إسحق قائلا: "اللغة العربية من الناحية العملية هي لغة غازي تم فرضها ، حتى اضمحلت اللغة الأصلية لسكان البلاد، لا أحد يطمح إلى مناهضة اللغة العربية، لكن ما أحلم به ان تكون اللغة القبطية متداولة بين المصريين".
اللغة السيوية .. تنتظر التوثيق
لا يخفي على زائر مدينة سيوة تلك الأحاديث الجانبية بين سكانها الأصلية بلغة محلية تخصهم، أما الأكثر أهمية هو تلك اللغة ما زالت بعيدة عن كافة محاولات التوثيق، وبعيدة عن عالم المعاجم و القواميس. حاول بعض محبي سيوة توثيقها مثل الفنان الشاب محمد فوزي الذي أقام أنشطة ثقافية في المدينة، وطمح إلى إصدار قاموس عربي/سيوي/انجليزي يعتمد على تعليم الاطفال عبر قصص مكتوبة بالسيوية، لكن تظل مثل تلك المحاولات بعيدة عن التوثيق الشامل للغة. "قضية اللغة السيوية شديدة الحساسية لعاملين مهمين، الأول هو الطبيعة المحافظة للمجتمع السيوي الذي ما زال يرى في لغته شأن خاص، و الأمر الآخر هو التحفز الأمني لأي محاولة لتوثيق اللغة خوفا من إثارة النعرة الأمازيغية". الحديث هنا لمحمد عمران جيري مدير العلاقات العامة والاعلام بمجلس مدينة سيوه. يعمل عمران أيضا في مركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى الذي افتتح العام الماضي ، ويضم المركز شبابا من أبناء المدينة يوثقون التراث المعنوي والمادي السيوي. وهي خطوة تالية لمشروع سابق ممول من الاتحاد الأوروبي تحت اسم " سيوة طنجة : تراث من أجل حياة افضل"، ويدعم المركز من الناحية الفنية مركز التوثيق الحضارى والطبيعى التابع لمكتبة الإسكندرية . "لا نتعامل مع مسألة اللغة بشكل مباشر سوى في جمع الحكايات والألغاز وترجمتها حتى تكون متوافرة للباحثين والمهتمين، لكننا لسنا بصدد توثيق اللغة حاليا". هذا ما يوضحه الشاب محمد عمران ، و ينتقل حديثه إلى أمور أبعد من مجرد تحفظات السيويين أو العوائق الأمنية، إذ كان إبراز الهوية الأمازيغية للواحة هو القلق الذي يسيطر على شريحة من المجتمع السيوي، بعد ظهور دعوات تربط خصوصية سيوة الأمازيغية بالقضية الأمازيغية في دول شمال إفريقيا ونزاعاتها السياسية في تلك الدول.
وسط أرفف المكتبات تتلاشى محاولات توثيق اللغة بشكل كامل، عدا محاولات بسيطة على رأسها تلك التي قام بها الباحث السيوي محمد صالح في كتاب "الجوهرة الذهبية في معرفة اللغة السيوية"، وتعرض أثناء محاولته إنتاج الكتاب إلى استدعاء في مقر أمن الدولة آنذاك، ونشر كتابه في العام 2000 في 34 صفحة فقط بعد الاستغناء عن بعض الأجزاء. "لا أفكر في استكمال المشروع لقناعة شخصية بعد هذه التجربة، وهي أنه قد يتم استغلال المحتوى استغلالا سياسيا، و دعم الفكر الانفصالي، وهو ما يهدد الأمن القومي المصري". الحديث هنا للكاتب محمد صالح الذي انتقل للعيش في مدينة مطروح المجاورة. وعلى مدار تلك السنوات كان حريصا على نقل اللغة إلى ابنه الذي نشأ خارج المجتمع السيوي، حتى يكون جزء من مجتمعه.
يعتبر عدد من المتخصصين في الشأن الأمازيغي أن اللغة السيوية هي مجرد لهجة تطورت عن اللغة الأمازيغية، ويعود تاريخ تلك الواحة إلى فترات بعيدة ترجع إلى العصور المصرية القديمة، حين احتضنت بعض ذوي الأصل الليبي ، وبعدها وفدت هجرات من شمال إفريقيا لقبائل أمازيغية، اندمجت طوال الوقت مع المجتمع السيوي القديم، وحتى فترات قريبة ، كانت تفد هجرات أخرى، وهو ما أثر على المنتج اللغوي هناك"كانت محاولتي توثيق اللغة السيوية تهدف إلى إتاحتها بين أولئك الذين انتقلوا من وادي النيل ، وغيرهم من المتعاملين مع المجتمع السيوي، وتعرضت لانتقادات وسخرية من بعض السيويين الذين رأوا في تلك المحاولة كشفا لخصوصية مجتمعهم". هكذا يذكر الباحث محمد صالح أحد أسباب محاولته توثيق لغة مجتمعه. فهل تندثر اللغة السيوية بمرور الوقت ؟ "اللغة مصونة بأهلها" حسبما يرى كثيرون في داخل المجتمع السيوي، خاصة أن تراث اللغة شفاهي ينتقل عبر الأجيال، وفي جانب آخر يظهر القلق من ظهور "نعرة أمازيغية" تعكر صفو المجتمع الهاديء، وهو ما جعل ملف اللغة السيوية مغلقا حتى حين .
PDF

Monday, May 13, 2013

تدشين أول نقابة للإتيكيت والبروتوكول في مصر



كتب – عبد الرحمن مصطفى
  استضافت قاعة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة، أول أمس الأحد، احتفالية لإشهار " نقابة البروتوكول و الاتيكيت و المراسم والعلاقات العامة والتدريب"، بحضور الأستاذ الدكتور أحمد عيسى وزير الآثار، و عدد من مؤسسي النقابة. وتسعى النقابة الناشئة إلى نشر ثقافة الأخلاق الحميدة التي تنادي بها الشرائع السماوية، حسبما يوضح الدكتور رفعت عارف الضبع- أول نقيب لهذا الكيان الوليد قائلا: "بالتأكيد هناك من يتساءل عن فائدة ودور نقابة للبروتوكول، و أريد أن أوجز أهمية ذلك في أن البعض يظن أن الاتيكيت أمر مقصور على طبقة أو شريحة من المجتمع، لكن الفكرة أوسع بكثير من ذلك، فهو عبادة سماوية وسلوكيات لها جذورها في الأديان، و من حظى بها نال ثوابها، ومن أساء التعامل معها خسر ثوابها".
ساهم الدكتور رفعت الضبع على مدار أكثر من 25 سنة في التدريب على القواعد البروتوكولية والاتيكيت داخل عدة هيئات ومؤسسات مصرية مختلفة.
عقدت الاحتفالية تحت رعاية وزراء التأمينات والشئون الاجتماعية، والبحث العلمي، و وزير التنمية المحلية، و رئيس المجلس القومي للمرأة، و وزير الثقافة، وقد تعذر حضورهم جميعا،  بينما حضر الدكتور أحمد عيسى وزير الآثار الذي علق على فكرة تدشين نقابة للأتيكيت والبروتوكول قائلا: "تحفظ كتابات المعابد والمقابر المصرية القديمة موروثا يهتم بالجانب الأخلاقي، وامتد هذا الوازع الأخلاقي في الفترتين المسيحية والاسلامية فيما بعد، وأرى أن الترجمة العربية السليمة لكلمتي الإتيكيت والبروتوكول هي مكارم الأخلاق التي جاء الرسول الكريم لإتمامها".
يضم مجلس إدارة النقابة الحديثة أكاديميون من مجالات مختلفة، و يسعى أعضاؤها إلى تكوين مرصد مجتمعي للإتيكيت والبروتوكول لرصد الجوانب الإيجابية في المجتمع وإعلاء شأن وتكريم القائمين بها . وتشير دراسات إلى أن 75% من أوقات الانسان يقضيها في ممارسات البروتوكول و الاتيكيت حسبما يشير الدكتور رفعت الضبع في حديثه.  أما اللواء محمد سلمان – عضو النقابة- فيوضح أن قواعد الإتيكيت والبروتوكول هي جزء هام من الحياة العسكرية التي عاشها، إذ يظل الضابط ملتزما بقواعد "كتاب التقاليد العسكرية" الذي ينظم كافة صغيرة وكبيرة في التعاملات الداخلية ، ويختم قائلا: "لذلك تقل الضغائن داخل المجتمع العسكري، لأن هناك قواعد تنظم السلوك والاجراءات، وأرجو أن تنتقل تلك الروح إلى الحياة المدنية التي تخلى فيها البعض عن بعض القيم والتقاليد، وازدادت فيها مساحات الحساسية والتعنت".

Saturday, May 11, 2013

مطلوب ضبط وإحضار عبر الفيس بوك

 استخدام الصورة للكشف عن الجناة 

عبدالرحمن مصطفى:
إلى كل المرضى والمشككين.. تأملوا لتعرفوا من البلطجى ومن أتباعه»، التعليق السابق من صفحة «إمسك إخوان» على شبكة فيس بوك الاجتماعية. كتب مدير الصفحة هذا التعليق أسفل صورة لشاب يحمل أداة حديدية ويحيط رأسه بشعار جماعة الإخوان المسلمين، أثناء اشتباكات جمعة تطهير القضاء فى ابريل الماضى. وعلى الجانب الآخر، داخل صفحة محسوبة على التيار الإسلامى، رفع مدير الصفحة صورة ناشط يسارى وهو يضرب أحد أفراد جماعة الإخوان المسلمين أثناء أحداث المقطم فى مارس الماضى، داعيا لضبطه وإحضاره. وكلا الطرفين يتعامل مع نشره الصور على أنه طلب ضبط وإحضار لأصحاب الصور على أمل تحويلهم للمساءلة الجنائية، وأن على الجهات المسئولة أن تتحرك.
قبل سنوات وتحديدا فى العام 2008 كانت هناك مبادرة هى الأولى من نوعها فى اعتمادها على نشر صور الأفراد من داخل الاشتباكات والفاعليات المختلفة، واقتصرت فى ذلك الوقت على نشر صور أفراد الشرطة وضباط أمن الدولة مع نشر بياناتهم المتاحة، وسميت المبادرة وقتها «موسوعة الجلادين».
«فى تلك الفترة قبل الثورة بسنوات كنا نحاول فقط كسر حاجز الخوف تجاه جهاز الشرطة، فقد نشرت صور ضباط مشتبه فى ارتكابهم جرائم تعذيب، وضباط وأمناء آخرين وجدوا فى المظاهرات والفاعليات، فقمنا بتوثيق وجودهم لتسهيل التعرف عليهم إذا ما تعدوا القانون، ووقتها كان الأمر أشبه بمغامرة فى مواجهة الشرطة.. لكن الأمر الآن فى 2013 أصبح مختلفا تماما عما كنا نفعله فى 2008». هذا ما توضحه نهى عاطف، الباحثة بالإعلام الاجتماعى بجامعة برمنجهام سيتى البريطانية، التى شاركت فى تأسيس فكرة موسوعة الجلادين قبل سنوات.
أما فى العامين الأخيرين فقد حركت لقطات الفيديو والصور عددا من قضايا الرأى العام، وعلى رأسها قضية «قناص العيون» الملازم أول محمود الشناوى بعد تداول فيديو له وهو يصوب فوهة الخرطوش نحو المتظاهرين فى أحداث محمد محمود عام 2011، إذ تناقل مستخدمو الانترنت ذلك الفيديو، كما تداول آخرون رقم هاتفه وبياناته الشخصية. لكن السؤال الآن الذى يدور فى رأس كثيرين من ناشرى صور مخترقى القانون على الانترنت هو لماذا لا يتم القبض على المخالفين رغم تداول صورهم على شبكات التواصل الاجتماعية بكثافة؟
يعلق المحامى الحقوقى جمال عيد، مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، على ذلك قائلا: «هذا التساؤل الذى يطرحه بعض الشباب على الانترنت هو تساؤل مشروع، خاصة أنه يتكرر بعد كل أحداث عنف واشتباكات، والحل يتلخص فى أمرين، إما أن يقدم أحدهم بلاغا مستندا إلى الصور والفيديوهات التى يعتقد أنها تدين أحد الأشخاص، أو أن يكون الأمر بيد النيابة العامة التى يمكنها فتح التحقيق فى قضية ما، ويمكن فى تلك الحالة استخدام الصور والفيديوهات كقرينة ضد المشتبه بهم، لكن الواقع أن النيابة العامة لا تتحرك فى بعض الحالات وتتباطأ فى حالات أخرى».

صهيب مجرد طالب ماجستير
يصعب الاعتماد بشكل كامل على المعلومات المصاحبة لصور المتهمين بالتخريب والاعتداء، إذ تنشر بعض الصفحات الالكترونية معلومات مضللة عن صور من داخل الاشتباكات بهدف الإثارة فقط، بعيدا عن الغرض الأصلى من النشر.. هذا ما حدث مع صهيب محمد إمام ــ العضو الشاب فى جماعة الاخوان المسلمين ــ بعد تداول صورة اعتدائه على ناشطين وصحفيين أمام مقر جماعة الإخوان المسلمين فى مارس الماضى، وقدمته بعض الصفحات على الانترنت على أنه مرة فرد من حركة حماس، وصفحات أخرى قدمته على أنه الحارس الشخصى لنائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، المهندس خيرت الشاطر، تلك المعلومات تم نفيها بواسطة الوسيلة نفسها، بتدشين صفحات على الفيس بوك يديرها نشطاء إسلاميون أكدوا فيها هوية صهيب وأنه مجرد طالب ماجستير فى مجال إدارة الأعمال قد أعماه الغضب فى ذلك اليوم.. انتهت القصة بأن صدر فى حق صهيب قرار ضبط وإحضار، ولم يتم القبض عليه سوى بعد أسابيع من ذلك القرار، لكن تبقى المعلومات الملفقة عنه متاحة على الانترنت إلى اليوم.
تعود نهى عاطف ــ الباحثة فى الاعلام الاجتماعى ــ لتعلق على تلك النقطة تحديدا بقولها: «الحقيقة أنه قد تعددت منصات الاعلام الاجتماعى، ومبادرات المستخدمين، على عكس الوضع قبل سنوات، حين كانت المدونات الالكترونية ذات عدد أقل، وهناك وضوح لنشطائها، لكن مع انتشار استخدام الاعلام الاجتماعى بهدف نشر معلومات عن المخالفين للقانون يجب أن يأخذ المستخدمون حذرهم من المعلومات المصاحبة للصور، وأن يقوموا بدور إيجابى فى نشر المعلومات الحقيقية»، فقد بلغ عدد مستخدمى الانترنت فى مصر نحو 32 مليون مستخدم منهم 13 مليون مشترك فى شبكة فيس بوك الاجتماعية.

«شفت تحرش»
 بعيدا عن هذا النوع من الصور، فلا يقتصر نشر صور المخالفين للقانون على المشاركين فى أحداث عنف أو اشتباكات، إذ تعتمد مبادرة مثل «شفت تحرش» على نشر صور متحرشين على صفحة المبادرة فى شبكة فيس بوك الاجتماعية، ولا يكتفى القائمون على المبادرة بذلك فقط حسبما توضح عزة كامل ــ الكاتبة ومنسقة حملة «شفت تحرش» ــ، إذ تقول: «الأمر لا يتقصر على نشر صور التقطها الضحايا أو المتطوعين، بل فى متابعة مثل تلك التحرشات مع فريق من المحامين لاتخاذ الاجراءات القانونية ضد المتحرشين». كيف يمكن التأكد من حقيقة الصور المنشورة إن كانت فعلا لمتحرشين أم لا؟ تشرح ذلك عزة كامل موضحة أن هناك تحريات تجرى على كل صورة من خلال فريق المبادرة، وأن مصداقية المبادرة تقوم على نشر معلومات حقيقية. وفى كل الحالات تظل القاعدة نفسها هى الفيصل، سواء فى مبادرة «شفت تحرش» أو فى صفحات أخرى تنشر صور مخترقى القانون أثناء الاشتباكات، وتقول القاعدة إنه إما أن يقدم أحد المواطنين بلاغا إلى الجهات المختصة مستخدما الصور والفيديوهات كقرينة اتهام أو أن تتحرك النيابة العامة لمنع الجدل المتجدد عبر الانترنت، والذى تنتقل أصداؤه إلى الشارع فيما بعد.

عزيزى المستخدم..رجاء التأكد قبل النشر

عبدالرحمن مصطفى:

ليست كل محاولات استخدام الصورة لدعم قضية أو للكشف عن جناة تحمل فى مضمونها نوايا بريئة طوال الوقت، فهناك عدد من صفحات شبكة فيس بوك الاجتماعية يستخدم معلومات مضللة لأهداف دعائية أو سعيا وراء الإثارة. أحد الأمثلة التى تكرر وجودها فى الأسابيع الماضية كانت صورة لشاب إيرانى يلوح بيده مبتسما بكل ثقة وحول رقبته حبل المشنقة قبل لحظات من إعدامه، المفارقة أن تلك الصورة استخدمت فى صفحات إسلامية وصاحبها تعليق يقول: «لله درك يا حفيد أبوبكر وعمر بن الخطاب»، مع الادعاء بأن صاحبها هو حسين خضرى الشهيد السنى الكردى الذى تم اعدامه من النظام الشيعى الإيرانى لنشاطه السنى، وذلك على حد وصف الصفحة. وفى ذات الوقت استخدمت الصورة نفسها دون تغيير فى صفحات مسيحية مع تعليق «أنا فخور لأنى مسيحى» مع تعريف آخر بصاحب الصورة على أنه شخص اعتنق المسيحية ورفض العودة للإسلام فقتلة النظام الايرانى، أما التقديم الثالث فكان من نشطاء يساريين قدموه على أنه شهيد الحرية ضد نظام القمع فى إيران.. أما حقيقة الصورة فكانت أبسط من ذلك بكثير، فهى لشاب أدين بقتل قاض واعترف بارتكاب جرائم سابقة، وتم اعدامه علنا بهذه التهمة.
تم نشر حقيقة الصورة التى ذاع صيتها أخيرا فى صفحات عديدة منها صفحة (هجص (hoax على فيس بوك التى تخصصت فى كشف زيف العديد من الصور من نفس النوعية، ويصف القائمون على الصفحة هدفهم قائلين: «صفحتنا تتابع أى كذب منتشر بين الناس، وتحاول أن تكشفه لهم، سواء فى الدين أو العلوم أو التاريخ أو الثقافة أو السياسة».
ورغم تلك المحاولات إلا أن مثل تلك الصور المضللة لا يتوقف انتشارها فى الشبكات الاجتماعية، ومازال هناك من يستخدم صورا خارج سياقها الأصلى لخدمة هدفه السياسى أو الدينى. على سبيل المثال، يتكرر المشهد نفسه فى صفحة «حركة قادمون الاسلامية» على الفيس بوك، حيث ترفع الصفحة صورا لآسيويين مقتولين أو لرهبان بوذيين يحرقون جثثا ميتة، وتزعم أنها صورا من حملة إبادة المسلمين فى بورما، ووسط هذا الركام من الصور يتلقون تعليقات توضيحية من نوعية: يا جماعة هذه الصورة من زلزال التبت وليست من بورما رجاء التأكد قبل النشر. لكن تستمر التعليقات الغاضبة، ويستمر نشر الصور دون الالتفات لأى تصحيح. وتخدم حالة الشحن التى تقوم بها الصفحة لأعضائها الذين جاوزوا 25 ألف عضو فى إعدادهم نفسيا قبل أى فاعلية فى الشارع مثل الفاعلية التى أقامتها الحركة أمام سفارة بورما فى ابريل الماضى.
يمكن للمستخدم العادى للانترنت أن يتأكد بسهولة من أصل الصور التى تمر من أمامه على شبكات التواصل الاجتماعى مثل فيس بوك، ومن أبسط تلك الوسائل ما قدمه محرك بحث الصور فى موقع جوجل، فكل ما على المستخدم أن ينسخ رابط الصورة التى يشك فى محتواها أو فى طريقة استخدامها، ويضغط زر البحث فى محرك بحث الصور حتى تظهر له نسخا أخرى من الصورة نفسها فى عدة مواقع، ومن هنا يمكنه معرفة أصل الصورة التى أمامه.
إلى جانب ذلك فإن هاجس التأكد من المعلومات المتداولة على الانترنت قد أصاب الصحفيين التقليديين، ما دفع موقعا مثل شبكة الصحفيين الدوليين إلى نقل مقال عن كيفية التأكد من المعلومات المتداولة على موقع تويتر للتدوين القصير، فالكثير من الأخبار ينقلها مستخدمو تويتر عن أحداث، وأحيانا ما يتلقاها الآخرون بعفوية خاصة فى أوقات الاشتباكات والأحداث الساخنة، ويقدم الموقع عدة إجراءات للتأكد من صحة الخبر المتداول من أهمها: التأكد من حساب صاحب المعلومة على تويتر، والبحث فى محتوى مساهماته فى الفترة الأخيرة للتأكد من مصداقيته، والبحث عن اسمه فى محركات البحث مثل جوجل وجمع أى معلومات عنه أو عن نشاطه على الانترنت بشكل عام، وتأتى الخطوة الأخيرة فى التواصل معه بشكل مباشر للتأكد من مصداقيته، إلى جانب ذلك فهناك أساليب تقنية تفيد المتخصصين فى الاعلام الاجتماعى يمكن استخدامها للتأكد من مصداقية المعلومات المتداولة على الانترنت.

Thursday, May 9, 2013

كابوس المرور اليومي

آلام السائقين بدون علاج

يتنقل السائق الستينى مصطفى حافظ بين شوارع القاهرة باحثا عن زبائن للتاكسى، ويتحمل فى سبيل ذلك آلاما فى أسفل الظهر والركبتين، بسبب السن وطول فترات القيادة، لكن الأمر يتجاوز ذلك حسبما يذكر: «تركت عملى فى هيئة النقل العام قبل سنوات بسبب إصابتى بالضغط والسكر، ورغم ذلك عملت بعدها سائقا لفترة فى السعودية، وعدت أخيرا للعمل على التاكسى حتى أجد سائقا أمينا يحل مكانى».
 يتوافر لدى مصطفى حافظ ميزة ليست لدى كثير من السائقين، إذ يمكنه متابعة حالته الصحية فى مستشفى هيئة النقل العام بحكم عمله السابق، أما عمله الحالى كسائق للتاكسى فلا يوفر له أى تأمين علاجى. لكن المشاكل الصحية للسائقين المترتبة على القيادة لفترات طويلة لا تقتصر على آلام الظهر والركبتين، فقد كشفت دراسة أمريكية أجريت على عينة من 4200 شخص أن القيادة لمسافات طويلة تزيد من فرص زيادة الوزن وارتفاع ضغط الدم، وهما من أهم عوامل الإصابة بأمراض القلب والسكرى. يعلق الدكتور هشام عبد الباقى ــ استشارى جراحة العظام والمفاصل فى جامعة عين شمس ــ على إصابة قائدى السيارات لفترات طويلة بآلام أسفل الظهر قائلا: «تزيد تلك الحالات بين سائقى النقل واللودرات بسبب الاهتزازات الدائمة أثناء العمل، لكن الأمر ليس بهذه الخطورة، إذ لا يمكننا أن نقول أن قيادة السيارات لفترات ممتدة ستسبب بالضرورة  مشاكل فى فقرات أسفل الظهر».
ويقدم الدكتور هشام عبدالباقى بعض النصائح لمن يقضون ساعات طويلة فى قيادة السيارات وعربات النقل، على رأسها ضرورة تخفيض أوزانهم تجنبا لأى مشاكل صحية، وأن يكون كرسى السائق فى وضعية مستقيمة، وأن تكون هناك وسادة أسفل الظهر للتخفيف على الفقرات القطنية أسفل الظهر.
 تخطف آلام أسفل الظهر اهتمام السائقين عن بقية الأضرار الصحية التى قد تجلبها القيادة لفترات طويلة، ويفسر الدكتور عبدالباقى ذلك قائلا: «حتى فى أوروبا فإن آلام أسفل الظهر تأتى فى المرتبة الثانية من أسباب الإجازات المرضية هناك، وذلك لاتساع انتشارها بعد آلام الصداع».
 ووسط آلام بعض السائقين تأتى فكرة التأمين العلاجى على هامش مطالب السائقين مقارنة بمطالبهم المالية . يوضح ذلك محمود عبدالحميد ــ الناشط فى رابطى سائقى التاكسى الأبيض التى ضغطت فى الفترة الماضية على الحكومة من أجل تنفيذ وعودها بتخفيض الأقساط، ويقول: «لدينا مشكلة فى عدم وفاء الحكومة بتعهداتها بتخفيض الأقساط، ومشكلة أخرى نعمل عليها مع النقابة العامة للنقل البرى بخصوص اللائحة التى يجب تعديلها بشكل جذرى، إذ إن اللائحة القديمة لا توفر أى تأمين علاجى لسائقى التاكسى ، وحين تحدثنا فى ذلك أكدت النقابة أن الاشتراكات لا تكفى سداد هذه الخدمات». كانت هذه اللائحة لا تقدم سوى مبلغ 70 جنيها بعد إجراء العمليات الجراحية، وقد تمت مضاعفة المبلغ فى العام الماضى إلى 140 جنيها، وأحيانا ما يتم تقديم مساعدات استثنائية للحالات المتقدمة فى أضيق الحدود. ويختم الناشط من رابطة سائقى التاكسى الأبيض قائلا: «أتوقع أن يتم تعديل الموقف داخل النقابة، لأن الحوار قد بدأ حول بعض تلك النقاط .. لكن ما زال المشوار طويلا».
 ** 
بيقولك.. بيزنس من وسط الزحمة

عبدالرحمن مصطفى: 

قبل أكثر من عامين ونصف العام، اجتمع ستة شباب على فكرة بسيطة لمواجهة مشكلة الزحام ، وهى إنتاج برنامج يستخدم فى الهاتف المحمول لمعرفة نقاط الاختناق وأفضل الطرق الهادئة، وكان اسم البرنامج هو «بيقولك». أما اليوم فقد أصبحت هذه المجموعة من رواد الأعمال فى هذا المجال، ويديرون مؤسسة وموظفين لإنجاح ما بدأوه. «ماتزال السوق تتسع لنا، فمصر بها 3 ملايين مستخدم للهواتف الذكية، ونجحنا فقط فى استهداف نصف مليون مستخدم لبرنامج (بيقولك)»، العبارة لوليد مصطفى أحد مؤسسى «بيقولك». وتتلخص الفكرة التى تم تنفيذها فى أكتوبر 2010 فى أن يتحول مستخدم الهاتف المحمول إلى مراسل، يسجل نقاط الزحام ونقاط الهدوء المرورى، وتنتقل المعلومات إلى شبكتى فيسبوك وتويتر على الانترنت، أما الأهم فهو إدارة هذه المعلومات عبر البرنامج وفريق العمل بالمؤسسة. «لدينا وسائل للتحقق من المعلومات ، فالمستخدمون يوثقون مشاهداتهم بالصور، ولدينا فريق عمل للتأكد من المعلومات»، هذا ما يوضحه وليد مصطفى عن طريقة إدارة المشروع.
لم تكن رحلة سهلة على مدار الفترة الماضية، بدءًا من محاولات تسويق مشروعهم بين المستخدمين إلى أن اختارت إحدى شركات الاتصالات الكبرى تبنى الفكرة، أما اكتساب مهارات الإدارة وتنظيم العمل فكانت بعد نجاحهم فى مسابقة رواد الأعمال فى مجال تكنولوجيا المعلومات (الجيل الجديد)، التى وفرت لهم السفر إلى الخارج والاطلاع على أعمال شبيهة وكيفية إدارتها، وكذلك حصولهم على منحة «ابدأ» من مؤسسة جوجل وقيمتها مليون و200 ألف جنيه فى العام الماضى.
ورغم هذا التطور السلس فى مشروعهم فإنهم لم يكتفوا بذلك ونجحوا مبكرا فى العام 2011 فى إضافة خاصيات مفيدة للمستخدمين مثل «خطر» التى تشير إلى أماكن قطع الطرق والأماكن غير الآمنة، و«الحقنى» التى تقدم سبل النجدة على الطريق، وغيرها.  ويلاحظ المتابع اقتصار نشاط البرنامج على محافظتى القاهرة والاسكندرية بشكل أساسى، وهو ما يرجعه مؤسسو «بيقولك» إلى أنهما المحافظتان اللتان تعانيان من الزحام أكثر، رغم محاولتهم تغطية بقية المحافظات، والطرق السريعة.
«نحاول طوال الوقت المحافظة على منتجنا الذى بدأناه من الصفر، وخاصة فيما يتعلق بدقة المعلومات، إذ إن هناك من يقلدون نفس البرنامج كما هو تماما، مع إضافة خاصيات أخرى». يوضح وليد مصطفى أن وجود رعاة لمشروعهم من البداية كان علامة فارقة فى عملهم وأعطاهم المصداقية والشرعية.
هل يحاول مؤسسو «بيقولك» التأثير فى حياة المواطنين وحركة المرور إلى جانب البيزنس التقليدى الذى يخوضونه الآن؟ كانت هناك محاولات لدعم مبادرات مثل «Emokhalfa» التى تعتمد على توثيق أرقام السيارات المخالفة على الطريق وتقديمها إلى المسئولون، ومبادرة «إمش فى حارتك»، وغيرها من المبادرات، بالإضافة إلى حملات التوعية التى تعاملت وجها لوجه مع سائقى الميكروباص لتعديل سلوكيات القيادة الخاطئة. ويختم وليد مصطفى قائلا: «للأسف لم تنل تلك المبادرات التغطية الاعلامية الكافية، كما لم نعتمد فيها على رعاة أو ممولين لإنجاحها، لكن هذا لن يمنعنا من الاستمرار فى المستقبل القريب».  

70% من الحوادث تقع بسبب العنصر البشرى

عبدالرحمن مصطفى:

3 أسئلة إلى الدكتورة سميحة نصر رئيسة شعبة البحوث الجنائية بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية حول سلوكيات المصريين أثناء القيادة
 **
• رصد تقرير «حوادث المرور فى المجتمع المصرى» الصادر عن المركز فى عام 2010 اطرادا فى أعداد ضحايا الطرق، فكيف ترين الوضع الآن بعد 3 سنوات على نشر هذا التقرير؟
 يمكننا ملاحظة تأثير الضعف الأمنى على الحالة المرورية، ما دفع بعض الفئات إلى التمادى فى مخالفة قواعد المرور، لأنه لم يعد هناك رادع، لذا لا بد من استعادة الدور الحكومى ، وبأشكال أكثر عمقا من أجل تقويم السلوكيات الخاطئة فى القيادة، مثل قوافل التوعية المرورية فى الشوارع، وتحفيز الاعلام بهدف توعية المواطنين، وتكثيف الحملات الاعلانية، وذلك لتقويم السلوك الفردى والسلوك الجماعى، أما الأهم من كل ذلك هو إعادة الانضباط الأمنى إلى الشارع ، لأن الوضع قد أصبح أكثر سوءا.

 • تشير الأرقام إلى أن أكثر مخالفى قواعد المرور هم سائقو التاكسى والسرفيس ، فلماذا تقع هذه الفئة بالذات فى هذا الخطأ رغم أنه من المفترض أن يكونوا الأكثر احترافا فى قيادة السيارات ؟
 الحقيقة أنه يجب تسجيل ملاحظة أهم ، وهى أن فئة الشباب هى الأكثر خرقا لقواعد المرور ، وهذا بحسب التصنيف العمرى للمخالفين، أما عن فئة السائقين المهنيين، فهم أكثر الفئات المستهدفين من حوادث الطريق، وذلك لعدة أسباب على رأسها استهلاك المنبهات وتعاطى المخدرات ، وتمادى بعضهم فى القيادة لفترات طويلة دون راحة لتحقيق أكبر ربح ممكن ، ما يسبب التعب الشديد وقلة التركيز وهما على رأس أسباب حوادث الطرق.
 
• إلى أى مدى تؤثر رداءة الطرق، والتضخم السكانى فى وقوع حوادث الطرق؟
 بالتأكيد أن البيئة التى يتحرك فيها السائقون تؤثر فى وقوع صدامات أو حوادث وتؤثر فى سلوكياتهم ، وهنا نعود مرة أخرى إلى العنصر البشرى ، وهى النقطة الأهم ، إذ إن 70% من الحوادث تقع بسبب العنصر البشرى ، سواء بشكل فردى فى تعاطى مخدرات أو فى وجود مشاكل نفسية لدى البعض ، أو بشكل جماعى حين نجد حالات جماعية فى كسر قواعد المرور ، وهى أمور نراها فى الشارع بسبب ضعف الرقابة المرورية على بعض الطرق.

Thursday, May 2, 2013

أحلام في عصر النهضة

**
حلم «1» صعيدي جيكس: تحويل الصعيد إلى وادي السليكون
يضطر محمود أحمد (25 سنة) إلى المجىء من قنا إلى القاهرة أو الاسكندرية لمتابعة أحدث معارض التكنولوجيا والبرمجيات، إذ لا تغامر الشركات بإقامة معارضها فى الصعيد، ما كان يزيد من إحساسه هو وزملائه بالتهميش. «ما زلنا أسرى صورة نمطية عن الصعيد تظلم الكثيرين من المهتمين بالتكنولوجيا والبرمجيات». يعلق محمود الذى لم يستسلم لهذا الاحساس، ولم يفكر فى الانتقال إلى العاصمة هربا من الواقع المفروض عليه. كانت بداية الحل بعد بأسابيع من الثورة، حين دشن مع أخيه وصديقه مبادرة تحت اسم (صعيدى جيكس S3Geeks)، هدفها الأساسى إنشاء مجتمع للرياديين والمطورين والمبرمجين والمصممين لتبادل الافكار والخبرات، تمهيدا لإقامة مشروعاتهم الخاصة فيما بعد، وبدأوا أول فاعلية فى صيف 2011. لكن حلم «صعيدى جيكس» كان أكبر من ذلك، إذ يتلخص فى تهيئة الصعيد لحلم المستقبل حسبما يصف محمود: «الحلم الذى نريد تحقيقه هو أن يتحول الصعيد إلى مكان مثيل بوادى السليكون فى الولايات المتحدة الأمريكية». (وادى السليكون هو منطقة فى ولاية كاليفورنيا بها عدد هائل من شركات التقنية ومطورى البرامج، وهى من أهم المناطق الاقتصادية فى هذا المجال).
وأيا كانت وسائل «صعيدى جيكس» فى تحقيق طموحاتهم، يظل هدفهم الأساسى هو تكوين هذا المجتمع المنشود، واستهداف من لديهم شغف المعرفة بمجال التكنولوجيا والبرمجيات، بما فى ذلك الذين لا يملكون سوى المهارات الأساسية من المعرفة بالكمبيوتر، لذا لم يبتعدوا كثيرا عن العنوان الذى اختاروه منذ البداية، فكلمة Geek الانجليزية تشير إلى المهووسين بالمعرفة والتكنولوجيا والكمبيوتر.
فى مايو الحالى يحتفل شباب صعيدى جيكس بمرور عامين على وجودهم، طافوا فيها محافظات الصعيد، وخاصة عبر مبادرتهم: قطار صعيدى جيكس، من أجل كسب أعضاء جدد وإقامة الورش التدريبية والندوات. يصف محمود الوضع الحالى قائلا: «فريقنا مكون من 13 بنتا وولدا، ولدينا 30 سفيرا فى محافظات الصعيد». عمرو عربى (21 سنة) طالب السنة النهائية فى كلية الحقوق بجامعة أسيوط من مركز المنشأة فى سوهاج، هو أحد أولئك السفراء، قرأ إعلانا سنة 2011 فى كليته عن تلك المبادرة، واستمر معهم حتى أصبح الآن سفيرا لصعيدى جيكس فى محافظة سوهاج، وهو يشرح قائلا: «حين أقامت المبادرة فكرة قطار الصعيد، وجدتهم يعتمدون على أنفسهم بالكامل، وهو ما تغير مؤخرا مع وجود داعمين لنا، فاخترت مساندتهم فى محافظتى، ولم أكتف بذلك بل انطلقت معهم فى رحلة عبرنا فيها مئات الكيلومترات بين محافظات الصعيد المختلفة، وحتى حين يقام نشاط منفرد مثل الذى أقيم فى قنا مؤخرا، أتوجه فورا للمشاركة». هذا ما حدث معه حين أقيمت فعالية «قعدة صعيدى» فى محافظة قنا على مدار ثلاثة أيام متتالية، فقد اختار المبيت هناك كى يرحم نفسه من عناء المواصلات أو قطع الطرق.
والعبارة التى تتردد على ألسنتهم جميعا أننا نتحمل عناء هذه المبادرة من الصفر من أجل الصعيد، «الجنوب به خيرات، ولا أمل فى النهوض به إلا بأيدينا نحن»، حسب قولهم.
الحلم الأقرب الآن لمجموعة صعيدى جيكس هو تدشين مؤسسة لها مقر ثابت فى قنا مسقط رأس المؤسسين، لتكون نواة مشروع يغطى الصعيد بأكمله.. وعلى مدار عامين استهدفت صعيدى جيكس طلاب مدارس وشباب لا علاقة لهم بالكمبيوتر سوى الألعاب والدردشة، كما ضمت جلساتهم شباب آخرين على درجة جيدة من المعرفة بالكمبيوتر، ولكل منهم تعامل خاص، كذلك فإن طريقة إدارة الجلسات كثيرا ما تراعى ذلك بأن يسأل المنظمون عن مستوى الحضور، وما يرغبون فى التعرف عليه فى البداية، لكن تلك المبادرة ما زالت تواجه بعض المتاعب. «لم نجد دعما من أحد سوى بعض الشركات المتحمسة ومؤسسات المجتمع المدنى، أما كافة الأماكن الحكومية فاعتذرت عن التعامل معنا حين طلبنا توفير أماكن للورش التدريبية، بسبب أننا لسنا جمعية أهلية، عدا حالات قليلة مثل محافظة المنيا التى وفرت لنا قاعة نقيم فيها نشاطنا».
ورغم ضآلة العدد وضعف الامكانيات، إلا أن محمود أحمد أحد مؤسسى صعيدى جيكس يتحدث بثقة عن خطة 2014 قائلا: «إذا وفقنا فى تأسيس مقر وأخذنا التصريحات اللازمة فى خلال الشهور القادمة، سيكون العام القادم، بداية لتبنى برامج تستهدف حل مشاكل المجتمع الصعيدى، ولن نقتصر على أمور البرمجة والتقنية، وأرى أننا حققنا جزءا بسيطا من ذلك، فالتكنولوجيا نفسها تساهم فى تغيير سلوكيات المجتمع، يكفى مثلا أن مجموعتنا تضم فتيات فاعلات ضمن هذه المبادرة، وهذا أمر غير معتاد فى الصعيد».
فى أثناء حديثه يتلو محمود معلومات لا تسقط من ذهنه أبدا، محاولا إثبات وجهة نظره فى أن الصعيد أحق بالتنمية من العاصمة التى تضخمت بما فيها، من تلك المعلومات أن 40% من سكان مصر متمركزين فى الصعيد، وأن نسبة التعليم الجامعى قد ارتفعت بعد ازدياد عدد الجامعات هناك فى السنوات الأخيرة، ويختم قائلا: «إحنا مش شايفين أى نهضة، الكلمة دى أصبحت سيئة السمعة، كل اللى عايزينه فرصة للشباب يصنعوا نهضتهم بنفسهم».
**
حلم «2» مشروع بناء إنسان: تثقيف 10% من الشعب
هذه ليست ورشة دينية. هذه ورشة عملية تماما.. نبحث فيها عن النجاح فى الحياة من خلال إعادة الصلة بيننا وبين القرآن». هذا التنويه مكتوب على دعوة فى شبكة فيسبوك الاجتماعية، لورشة تدريبية تحت عنوان: مهارات النجاح فى عالم متغير. وهى فعالية فى مشروع أكبر ترعاه اللجنة الثقافية فى نقابة الأطباء اتخذ عنوانا ملفتا: مشروع بناء الإنسان. لكن هذا المشروع نفسه مهدد بالتعطل وهو ما نقله الأستاذ الدكتور خالد عمارة، مقرر اللجنة الثقافية والاجتماعية بنقابة الأطباء، حين كتب إلى أعضاء صفحة المشروع على فيسبوك قائلا: «تحدثت مع أمين عام النقابة، د.جمال عبدالسلام، واتفقنا على أن القاعات التى نفتحها كل يوم جمعة، والموظفين الذين يأخذون بدلات عن حضورهم لهذه النشاطات، هى تكلفة على النقابة يجب إيقافها طالما ليس لها المردود المتوقع ولا الحضور الكافى». وتم الاتفاق على إيقاف الندوات العامة التى تستضيف شخصيات عامة على أن تستمر ورش العمل التى ينظمها المشروع لفتره شهرين.
هذا التطور الأخير بعد أربعة أشهر من البدء فى المشروع، لم يمنع الدكتور خالد عمارة من أن يتحدث بنبرة متفائلة. فى داخل عيادته لجراحة العظام، يتحدث عن التغيير الذى أصابه بعد الثورة مثل كثيرين اختاروا أن يكونوا من المبادرين، وأن يجرب أفكارا جديدة، ولم تمنعه قلة الحضور إلى فعاليات مشروع «إنسان» من طرح حلمه كما هو قائلا: «هدفى تكوين مجتمع صغير لديه ثقافة عالية ومتنوعة، وباستطاعته أن ينقل ما لديه من معرفة إلى آخرين.. حلمى هو أن نصل بعد سنوات بعيدة إلى 10% من الشعب المصرى، وأن تكون دار الحكمة -حيث مقر نقابة الأطباء ــ هى البداية». مشروع «بناء الإنسان» يلخص طموح مجموعة من المتطوعين بعضهم من خارج مجال الطب، لكنهم على قناعة أن صورة الطبيب هى صورة الحكيم القديم الذى لا ينغلق على تخصصه فقط، ومن هنا كان لقاؤهم فى دار الحكمة، واختاروا فى سبيل ذلك إدارة مجموعة من الورش التدريبية والندوات بهدف تكوين شريحة مرتبطة بدار الحكمة فى نقابة الأطباء. ويستعيد الدكتور خالد عمارة ذكرى تأسيس دار الحكمة وموقف على باشا ابراهيم، أول نقيب لأطباء مصر، إذ كان يرى فى هذا المكان أكبر من مجرد نقابة. غير أن مشكلة أخرى كانت تلاحق مثل هذه الأحلام، على رأسها أن سمعة نقابة الأطباء مرتبطة بحضور جماعة الإخوان المسلمين داخل النقابة لسنوات، وهذه السمعة تسببت فى إعاقة استضافة بعض الشخصيات داخل ندوات المشروع. تعلق على ذلك الدكتورة منار عادل من المشرفين على المشروع قائلة: «البعض كان يظن أنه مشروع تابع لنشاط جماعة الإخوان المسلمين داخل النقابة، واحتجنا إلى بعض الوقت حتى تتضح الصورة».
رغم ذلك، إلا أن نظرة على البرامج الشهرية منذ أن بدأت فى يناير الماضى، قد تكشف عن هذا الالتباس، لأن محتوى بعض الورش قريب من فعاليات المجموعات الاسلامية التى تركز على الجوانب التربوية، كما أن بعض الورش قد استعار فيها المحاضرون نماذج من الحضارة الإسلامية والنصوص القرآنية.
«أنا أرفض أن يتم تنميطى وتصنيفى تحت عنوان: إسلامى، نحن نحارب التنميط، وضد هذه الطريقة فى التفكير». أعطت الخلفية الثقافية للقائمين على المشروع وبعض المدربين ذلك الانطباع، فبعضهم دارس للعلوم الشرعية، ومهتم بالحضارة الاسلامية. ويعلق الدكتور خالد عمارة قائلا: «أقيمت محاضرات عن الحضارة الصينية، وجلسات سماع للموسيقى الكلاسيكية». يصمت قليلا ثم يستكمل حديثه: «ربما نكون قد تحركنا فى محيطنا فى بداية المشروع، وبعضنا يحمل اهتمامات بالشأن الاسلامى». أحد أسباب تدشين مشروع بناء إنسان أنه امتداد لمشروع آخر كان يستهدف الأطباء هو «مشروع إعداد طبيب حكيم»، وذلك بعد أن لاحظ الدكتور عمارة أن هناك أخطاء يقع فيها الأطباء لها صلة بالجوانب السلوكية والأخلاقية، كما لاحظ انخراط الأطباء فى مجال تخصصهم دون إدراك لأى من مجالات الثقافة المتعددة، أما مشروع «بناء إنسان» فهو لمن هم خارج النقابة بشكل عام.
مازال المتطوعون فى مشروع «بناء إنسان» يطمحون فى تحقيق حلمهم بأن تتحول دار الحكمة إلى إسم على مسمى، حتى إن اضطروا إلى إقامة بعض الفعاليات خارج قاعات النقابة. يختم الدكتور خالد عمارة معلقا: «النشاط لا يتبع أى تيار بعينه، والتحدى والاختبار الحقيقى فى مشاركة الآخرين والاقتراحات، على أن يكون ذلك فى مجالى الثقافة والعلم».
**
حلم «3» رحاب الدليل: نشر الطاقة الإيجابية بالصورة
أحلم أن أرى صور البسطاء والمهمشين فى لوحات دعائية بارزة، تدعم وجودهم وتحترم دورهم فى المجتمع».تتحدث مدربة التصوير رحاب الدليل (24 سنة) عن حلمها البعيد فى أن تنجح الصورة فى الانتصار لمجموعات مهمشة، وأن تنشر طاقة إيجابية بين المصريين.
فى مركز درب 1718 للفنون المعاصرة بمنطقة مصر القديمة تعمل داخل ورششة تدريبية أقامتها تحت عنوان (ورشة التصوير الفوتوجرافى الهادف)، يبدو العنوان غريبا حتى لمحترفى التصوير، لكن رحاب تشرح ذلك بقولها: «كثير من الحملات التى تدافع عن قضايا بعينها تستخدم الصورة، لكن ما وجدته فى تجارب عديدة أنه أحيانا ما تخفق الصورة فى التعبير عن القضية». داخل الورشة، توجه ملاحظتها للمتدربين وتذكرهم بنقاط أساسية قد يغفلها البعض، مثل الهدف من المشروع، القضية المطلوب دعمها، وكيف سنوصل الرسالة المطلوبة. لكن هذا التدريب ليس إلا وسيلة تستخدمها رحاب لتوصيل فكرة أخرى تحاول العمل عليها، وهى نشر الطاقة الإيجابية من خلال الصورة، وتوضح ذلك بمثال من خلال مشروع تصوير أنجزته بدعم من منظمة UNWOMWN، إذ تقول: «كانت الفكرة حول العنف ضد المرأة، اخترت العنوان: نحن جميعا فراشات، وحاولت العمل على الفكرة دون أن أورط نفسى فى نشر طاقة سلبية أو إصابة المشاهدين بالكآبة والغم.. أعتقد أن مصر الآن فى حاجة إلى بث الأمل فى النفوس، وأرجو أن يكون للصورة دور فى هذا الأمر». عملت رحاب الدليل فى مجالات التصوير التجارى لفترة ،لكنها تعمل الآن على مشروع شخصى بعنوان (أنا موجود).
ينقسم هذا المشروع إلى قسمين، الأول هو (كلمة حلوة) ويعتمد على استخدام صور لمواطنين يحملون لافتة صغيرة مكتوب فيها عبارة متفائلة أو نكتة أو نصيحة تلائم وظيفتهم، أما القسم الثانى من المشروع فهو (أنت مهم) وهدفه الانتصار لأصحاب المهن المتواضعة والمهمشين، وتصويرهم على أمل أن تتبنى إحدى المؤسسات فكرتها. يتم تزيين الشوارع التى يعمل بها هؤلاء بصورهم على لوحات دعائية كبيرة، وتبرز أهميتهم سواء كانت المهنة، صاحب كشك، عسكرى مرور، أو غيرها من المهن. «عشان نحقق الهدف ده، يبقى الموضوع أكبر من مجرد صورة، لازم الصورة تحقق الهدف بشكل فنى، وده اللى باحاول أنقله للمتدربين فى الورشة»، هكذا تشرح هدفها موضحة أن أحد شروط الورشة أن يشاركوا فى مشروعها (أنت مهم) على أمل تحقيق حلمها فى المستقبل.
«أؤمن بالحديث الشريف القائل: أنا عند ظن عبدى بى، لذا سأظل مرابطة على فكرة توصيل الرسائل عبر صور تبث الطاقة الإيجابية والتفاؤل فى عيون المشاهدين، حتى لو اختلف معى كثير من المصورين، فلو اخترت تصوير مجموعة من أطفال الشوارع لا أعتقد أن الرسالة الأهم إبراز قبح ملابسهم، فأنا أركز على الهدف، وعلى الأمل.. يكفينا ما حولنا من سواد».
فى داخل الورشة يعرض المتدربون صورهم واحدا تلو الآخر، وتسجل رحاب ملاحظتها الفنية، وتعمل على إعادتهم طول الوقت إلى الهدف والرسالة. أما الحلم الأكبر فهو نشر هذه الفكرة عبر مدرسة للتصوير تسعى رحاب لإنهاء إجراءاتها فى أقرب وقت.