Thursday, July 2, 2015

قواعد جديدة لمشاهدة التليفزيون.. وحنين إلى «لمة العيلة»

 
• البعض يلجأ إلى الإنترنت هروبـًا من كثافة الإعلانات
• صفوت العالم: لم يحدث تغير فارق فى عادات المشاهدة
•  داليا الشيمى: على الإعلام أن يراعى نفسية المشاهدين

فى الوقت الذى يتابع فيه الزوجان المُسنان مسلسلا رمضانيا فى الصالة الرئيسية، كان الابن يجلس فى غرفته أمام شاشة الكمبيوتر متابعا حلقات مسلسل أمريكى شهير، وبينما يبدو هذا المشهد غير متوائم مع أجواء رمضان الذى تجتمع فيه الأسرة حول التليفزيون، لكنه نموذج لبعض التغييرات التى جرت على عادات مشاهدة التليفزيون عند الأسرة المصرية.
«لم يعد رمضان مرادفا للمة العائلة حول التليفزيون، لقد أصبح الشباب أكثر انشغالا بهواتفهم الذكية والانترنت». تتحدث ربة الأسرة آمال عبدالله، المحاسبة بالمعاش (61 سنة) أنها اعتادت قبل أكثر من سنة أن تشاهد المسلسلات بعد تحميلها من الانترنت، أما ابنها إسلام فهو من دلها على تلك الوسيلة لمتابعة ما يفوتها من حلقات أو مسلسلات، بينما يتجه الابن لاستخدام موقع يوتيوب لمشاهدة الدراما على الانترنت.
كان هذا المنزل يعيش أجواء رمضانية مختلفة قبل 25 سنة حين كان إسلام طفلا مع أخوين آخرين يجتمعان حول التليفزيون باهتمام لمتابعة مسلسلات بعينها، وما زالت الأم تتذكر الروتين اليومى فى الجلسات العائلية بعد الإفطار، من متابعة مسلسل الأطفال أثناء الافطار، ثم حلقات الكوميديا مع مشروبات بعد الإفطار، ثم حلقات ألف ليلة وليلة التى تتزامن مع فقرة الحلويات والاستعداد لصلاة التراويح، واختلفت هذه الأجواء بعد مرور ربع قرن، وازدياد عدد الفضائيات وكثافة عروض الدراما والبرامج الرمضانية.
يقول محمد أمين رب الأسرة الذى جاوز الرابعة والستين، إنه اعتاد مع زوجته بعد طلوعهما على المعاش أن يقضيا أغلب أوقاتهما أمام شاشة التليفزيون، مكتفيان بالبرامج السياسية وقنوات الأفلام، حتى تبين لهما إمكانية تحميل الأعمال الدرامية عبر الانترنت ثم مشاهدتها عبر شاشة التليفزيون العملاقة فى المنزل. يستكمل المهندس الستينى: «اشتريت جهاز ريسيفر جديدا يسمح لى بعرض فيديوهات على التليفزيون بعد تحميلها على ذاكرة الكترونية ». وتقل هذه العادة تدريجيا فى شهر رمضان حسب آمال عبدالله ربة الأسرة التى تقول: «قمت فى الأسبوع الأول من رمضان بتحميل ثلاث حلقات من مسلسل لم أكن أتابعه جيدا، لمشاهدتها مرة واحدة دون الإعلانات التى تقطع المشاهدة على الفضائيات». ويسند الزوج الستينى إلى زوجته مهمة البحث على الانترنت عن المسلسلات وتحميل الحلقات سواء فى رمضان أو فى غيره.
يرى صفوت العالم أستاذ العلاقات العامة والاعلان فى كلية الاعلام بجامعة القاهرة أن كثافة المادة الإعلانية وما قد تصنعه من تشتيت عن المحتوى الدرامى فى رمضان، لن تدفع بالضرورة إلى المشاهدة عبر الانترنت هروبا من التليفزيون، ويقول: «متابعة وتحميل المسلسلات الدرامية عبر الانترنت لا يلائم جميع الأعمار ولا كل المستويات الاقتصادية حتى نستطيع أن نصفه بتغير فى عادات المشاهدة». وكان بعض مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى مثل فيسبوك وتويتر قد عبروا عن ضيقهم بكثافة المحتوى الاعلانى على الشاشات، بينما يستدرك أستاذ الإعلام قائلا: «فى الأيام الأولى من شهر رمضان تظهر حالة من الفضول والاهتمام من المشاهدين لمتابعة إعلانات رمضان، وأحيانا ما يعوض غياب بعض النجوم عن الدراما أنهم يحضرون فى الاعلانات». ويضيف صفوت العالم أن كثافة الإعلانات الخيرية فى النصف الثانى من الشهر تفسد حالة المشاهدة لما تعرضه من ألم ومعاناة .
انسحاب شريحة من المشاهدين لمتابعة الدراما الرمضانية عبر الانترنت لم يخضع لدراسة ترصد تأثير ذلك على نسبة المشاهدة عبر شاشات التليفزيون، لكن بعض الأرقام الأولية عن عدد مشاهدات الحلقة الأولى فى عدد من المسلسلات الرمضانية على موقع يوتيوب للفيديو يتجاوز 250 ألف مشاهدة فى بعض الأحيان. أى أن ظاهرة متابعة الأعمال الرمضانية عبر الانترنت قد أصبحت تستقطب آلاف المشاهدين، رغم أن هذه الشريحة نفسها تواجه الفواصل الاعلانية أيضا على موقع يوتيوب. فى الوقت الذى أعلن فيه الموقع الأشهر فى عرض لقطات الفيديو عن نيته بث خدمة خالية من الاعلانات تماما فى مقابل اشتراك.
«فتحت شاشة الكمبيوتر أمامى فوجدت عالما واسعا شاهدت من خلاله أفلاما من روائع السينما الأمريكية أنقلها من أصدقائى أو أحملها عبر الانترنت». الحديث لإسلام الشاب العشرينى الذى كان مشغولا مع بداية شهر رمضان الحالى بمتابعة حلقات مسلسل Game Of Thrones الأمريكى التى فاتته مشاهدتها، وخصص لها وقتا قبيل السحور، بينما لا يبدى اهتماما بزحام المسلسلات العربية.
«انسحاب بعض المشاهدين إلى متابعة الدراما عبر الانترنت هو ابتعاد عن إحساسهم بأنهم مجبرون على المشاهدة وفقا لخطة المعلنين، لذا تعزز المشاهدة عبر الانترنت إحساسهم بأنهم من يتحكم فى قواعد المشاهدة، وعلينا أن نتذكر أن إلحاح المعلنين يصاحبه أيضا برامج للمقالب ودراما تحض على العنف، وهو ما يستنفر العدوانية لدى المشاهدين ويهدد ارتباط المشاهدين بالدراما من الأساس». تتحدث داليا الشيمى الخبيرة النفسية عن أن التليفزيون قد دخل فى تحد مع التكنولوجيا واندماج كثيرين فى مواقع التواصل الاجتماعى، وأن المواد التى تستدعى نفور المشاهدين فى فترة رمضان قد تؤثر على ولائهم لشاشة التليفزيون.
«أمام التليفزيون تحديات مثل انشغال الناس بالتكنولوجيا والانترنت وانشغالهم الدينى فى رمضان بصلاة التراويح وقراءة القرآن، وهى أمور يجب على القائمين على الإعلام مراعاتها فى التعامل مع نفسية المشاهدين». تختم الخبيرة النفسية بهذه العبارة.
أما الأسر المصرية التى يتشابه بعضها مع أسرة محمد أمين المهندس بالمعاش، فمازال فى ذهنها كيف كان التليفزيون يجمع الأسرة فى توقيتات محددة فى رمضان ويتحكم فى روتين يومهم، وكيف تطورت علاقة الأسر المصرية مع هذه الشاشة إلى حالة من الجفاء فى أوقات أخرى.

No comments:

Post a Comment