جيرة باردة بين الأهلاوية والأمن المركزى.. ومواطن: الشباب هنا محترم ومنظم.. وأى مشكلة بتتحل فورًا
عبد الرحمن مصطفى
رغم الغناء والصخب فى اعتصام ألتراس أهلاوى، فإن ذلك لا يبدو مرضيا لمحمد طلعت المنهمك فى تقديم الطعام والعصائر لزبائنه، يعلق قائلا: «تقريبا فقدت زبائنى التقليديين من الموظفين، إذ ليسوا مضطرين إلى عبور بوابات الاعتصام والتعرض للتفتيش، أصبحت أعمل لأوقات إضافية وأركز على زبائن الاعتصام».
هذا المزيج بين البهجة التى تصدر من أغانى الاعتصام والقلق من الخطوة المقبلة هما سمة الحياة هنا فى شارع الفلكى جوار مجلس الشعب. الرقص على أغانى الألتراس يجاور وقار أهالى شهداء استاد بورسعيد وهم يتحدثون مع زوار الاعتصام، ولم تمنع هذه الأجواء بعض الشباب من أن يظهروا ضيقهم من قلة الكثافة العددية عن السابق، بسبب امتحانات الطلبة. وتتضارب الأقاويل منذ أيام حول إنهاء الاعتصام، بعد تحقيق جزء من مطالبهم الخاصة بنقل محاكمة المتهمين فى أحداث بورسعيد إلى القاهرة (وتظل هناك مطالب أخرى عامة، منها القصاص للشهداء وتطهير الداخلية من القيادات الفاسدة وعودة الجيش إلى ثكناته).
أمام عدد من اللافتات والخيام الصغيرة يعمل محمد طلعت ــ مدير مطعم ومحل عصائر (أبوحمدى) ــ مع ستة عمال آخرين متذكرين أحداثا سابقة مروا بها، يقول طلعت: «لم تتغير طريقة عملى ولا نوعية زبائنى حين وقعت أحداث محمد محمود أو مجلس الوزراء، الأمر الآن مختلف، أنا أعمل فى قلب اعتصام مغلق، لكن الحقيقة أن الشباب هنا محترم ومنظم، وإذا ما وقعت استفزازات من أحدهم، يظهر من يحلها فورا». حين تدب مشكلة داخل الاعتصام يظهر بسرعة أحد قادة ألتراس أهلاوى للتعامل سريعا.
يشير أحد الشباب المعتصمين بيده قائلا: «هناك قواعد للاعتصام ملصقة على الجدار!!»، ويضيف تفاصيل أخرى غير مكتوبة منها على سبيل المثال عدم استخدام الشماريخ داخل الاعتصام، وهو ما كاد يفسد إحدى حفلات الفنان رامى عصام بعد إشعال عدة شماريخ نارية أثناء الحفل. أما شروط الاعتصام الملصقة على الجدار، فتضم بنودا أخرى هى: «الحرص على النظافة العامة، عدم تداول الألفاظ الخارجة، وعدم إزعاج الجيران»، أما البند الذى أثار ضيق بعض الناشطات من رواد الاعتصام فكان: «عدم تواجد الفتيات بعد الساعة العاشرة مساء، وعدم تدخينهن نهائيا». هذه الصيغة استفزت بعضهن ليتهمن شباب الاعتصام بالعنصرية ضد المرأة مثلما كتبت الناشطة مها الأسود على مدونتها، وهو ما دفع ناشطات أخريات لدخول الاعتصام فى مجموعة قبل أيام والتحاور حول دور الفتاة فى اعتصامات سابقة.
وفى ناحية أخرى من الاعتصام، ناحية البوابات، نشأ تناقض جديد فى علاقات الجيرة بين شباب ألتراس هناك وعساكر الأمن المركزى، ففى الوقت الذى ينشد فيه الشباب ضد وزارة الداخلية ورجالها، نجد حالة من السلام تجمع الطرفين. أما خارج الاعتصام فأبدى أحد أفراد الأمن ضيقه من الصخب الزائد للألتراس، يحمل جهاز اللاسلكى بيد، ويشير بيده الأخرى إلى عبارة مكتوبة على الحائط أمامه: «خافى منا يا حكومة». ويذكر أنه حذر الشباب من الكتابة على الجدران خارج الاعتصام، ويقول: «رغم عدم وجود اشتباكات حقيقية من جانب الشباب هنا، إلا أن هذه العبارات تمثل استفزازا للمارة». يتوقف عن حديثه ثم يكمل مبتسما: «الحقيقة أن المجندين لا يفقهون أغلب المكتوب». حاول رجل الأمن ذو الزى المدنى أن يبدو محايدا، حين ذكر أن حريقا قد نشب فى مبنى مجاور، وأنه كان باستطاعته اتهام شباب الألتراس بالباطل بأنهم السبب وراء الحريق، لكن ضميره لن يسمح له بهذا التصرف، مستدلا بذلك على أن الأمن لا يعادى الألتراس.. وينهى حديثه وفى خلفيته كلمة A.C.A.B وهى اختصار لجملة بالإنجليزية تعنى «كل رجال الأمن أوغاد»، وهى إحدى شعارات الألتراس الشهيرة.
ورغم الحماس داخل الاعتصام إلا بعض الشباب لا يخفون حالة الإحباط من ضعف الاستجابة لقضيتهم.
على مقربة، أقيمت خيام لقوى أخرى مثل 6 أبريل، وثوار المعادى، حيث جلس المهندس حسن مبديا قلقه من أن يشتعل الموقف لأى سبب، وأن يتم توريط الألتراس من جديد، أما زميله الأصغر سنا جمال ــ عضو ألتراس أهلاوى ــ فأرجع قلة الكثافة العددية لانشغال الطلبة وضيق الزوار من صعوبة الوصول إلى المكان بسبب ما سماها «المتاهة»، ويقصد بها الحواجز الأسمنتية بين الشوارع فى هذه المنطقة، كذلك فقد دعا الجمعة الماضية مجموعة من المعتصمين إلى عدم التواصل مع الإعلام أو الكاميرات. وقرب منتصف الليل، يبدأ الاعتصام فى الهدوء، إذ يتجه الطلبة للمذاكرة، وآخرون يطوفون للتنظيف، وهو التوقيت نفسه الذى يكون فيه محمد طلعت ــ مدير أهم مطعم فى الاعتصام ــ قد أغلق أبوابه، منتظرا يوما جديدا، قد يستمر فيه الاعتصام أو لا يستمر.
PDF
عبد الرحمن مصطفى
رغم الغناء والصخب فى اعتصام ألتراس أهلاوى، فإن ذلك لا يبدو مرضيا لمحمد طلعت المنهمك فى تقديم الطعام والعصائر لزبائنه، يعلق قائلا: «تقريبا فقدت زبائنى التقليديين من الموظفين، إذ ليسوا مضطرين إلى عبور بوابات الاعتصام والتعرض للتفتيش، أصبحت أعمل لأوقات إضافية وأركز على زبائن الاعتصام».
هذا المزيج بين البهجة التى تصدر من أغانى الاعتصام والقلق من الخطوة المقبلة هما سمة الحياة هنا فى شارع الفلكى جوار مجلس الشعب. الرقص على أغانى الألتراس يجاور وقار أهالى شهداء استاد بورسعيد وهم يتحدثون مع زوار الاعتصام، ولم تمنع هذه الأجواء بعض الشباب من أن يظهروا ضيقهم من قلة الكثافة العددية عن السابق، بسبب امتحانات الطلبة. وتتضارب الأقاويل منذ أيام حول إنهاء الاعتصام، بعد تحقيق جزء من مطالبهم الخاصة بنقل محاكمة المتهمين فى أحداث بورسعيد إلى القاهرة (وتظل هناك مطالب أخرى عامة، منها القصاص للشهداء وتطهير الداخلية من القيادات الفاسدة وعودة الجيش إلى ثكناته).
أمام عدد من اللافتات والخيام الصغيرة يعمل محمد طلعت ــ مدير مطعم ومحل عصائر (أبوحمدى) ــ مع ستة عمال آخرين متذكرين أحداثا سابقة مروا بها، يقول طلعت: «لم تتغير طريقة عملى ولا نوعية زبائنى حين وقعت أحداث محمد محمود أو مجلس الوزراء، الأمر الآن مختلف، أنا أعمل فى قلب اعتصام مغلق، لكن الحقيقة أن الشباب هنا محترم ومنظم، وإذا ما وقعت استفزازات من أحدهم، يظهر من يحلها فورا». حين تدب مشكلة داخل الاعتصام يظهر بسرعة أحد قادة ألتراس أهلاوى للتعامل سريعا.
يشير أحد الشباب المعتصمين بيده قائلا: «هناك قواعد للاعتصام ملصقة على الجدار!!»، ويضيف تفاصيل أخرى غير مكتوبة منها على سبيل المثال عدم استخدام الشماريخ داخل الاعتصام، وهو ما كاد يفسد إحدى حفلات الفنان رامى عصام بعد إشعال عدة شماريخ نارية أثناء الحفل. أما شروط الاعتصام الملصقة على الجدار، فتضم بنودا أخرى هى: «الحرص على النظافة العامة، عدم تداول الألفاظ الخارجة، وعدم إزعاج الجيران»، أما البند الذى أثار ضيق بعض الناشطات من رواد الاعتصام فكان: «عدم تواجد الفتيات بعد الساعة العاشرة مساء، وعدم تدخينهن نهائيا». هذه الصيغة استفزت بعضهن ليتهمن شباب الاعتصام بالعنصرية ضد المرأة مثلما كتبت الناشطة مها الأسود على مدونتها، وهو ما دفع ناشطات أخريات لدخول الاعتصام فى مجموعة قبل أيام والتحاور حول دور الفتاة فى اعتصامات سابقة.
وفى ناحية أخرى من الاعتصام، ناحية البوابات، نشأ تناقض جديد فى علاقات الجيرة بين شباب ألتراس هناك وعساكر الأمن المركزى، ففى الوقت الذى ينشد فيه الشباب ضد وزارة الداخلية ورجالها، نجد حالة من السلام تجمع الطرفين. أما خارج الاعتصام فأبدى أحد أفراد الأمن ضيقه من الصخب الزائد للألتراس، يحمل جهاز اللاسلكى بيد، ويشير بيده الأخرى إلى عبارة مكتوبة على الحائط أمامه: «خافى منا يا حكومة». ويذكر أنه حذر الشباب من الكتابة على الجدران خارج الاعتصام، ويقول: «رغم عدم وجود اشتباكات حقيقية من جانب الشباب هنا، إلا أن هذه العبارات تمثل استفزازا للمارة». يتوقف عن حديثه ثم يكمل مبتسما: «الحقيقة أن المجندين لا يفقهون أغلب المكتوب». حاول رجل الأمن ذو الزى المدنى أن يبدو محايدا، حين ذكر أن حريقا قد نشب فى مبنى مجاور، وأنه كان باستطاعته اتهام شباب الألتراس بالباطل بأنهم السبب وراء الحريق، لكن ضميره لن يسمح له بهذا التصرف، مستدلا بذلك على أن الأمن لا يعادى الألتراس.. وينهى حديثه وفى خلفيته كلمة A.C.A.B وهى اختصار لجملة بالإنجليزية تعنى «كل رجال الأمن أوغاد»، وهى إحدى شعارات الألتراس الشهيرة.
ورغم الحماس داخل الاعتصام إلا بعض الشباب لا يخفون حالة الإحباط من ضعف الاستجابة لقضيتهم.
على مقربة، أقيمت خيام لقوى أخرى مثل 6 أبريل، وثوار المعادى، حيث جلس المهندس حسن مبديا قلقه من أن يشتعل الموقف لأى سبب، وأن يتم توريط الألتراس من جديد، أما زميله الأصغر سنا جمال ــ عضو ألتراس أهلاوى ــ فأرجع قلة الكثافة العددية لانشغال الطلبة وضيق الزوار من صعوبة الوصول إلى المكان بسبب ما سماها «المتاهة»، ويقصد بها الحواجز الأسمنتية بين الشوارع فى هذه المنطقة، كذلك فقد دعا الجمعة الماضية مجموعة من المعتصمين إلى عدم التواصل مع الإعلام أو الكاميرات. وقرب منتصف الليل، يبدأ الاعتصام فى الهدوء، إذ يتجه الطلبة للمذاكرة، وآخرون يطوفون للتنظيف، وهو التوقيت نفسه الذى يكون فيه محمد طلعت ــ مدير أهم مطعم فى الاعتصام ــ قد أغلق أبوابه، منتظرا يوما جديدا، قد يستمر فيه الاعتصام أو لا يستمر.
No comments:
Post a Comment