ضغطة زر على الكمبيوتر قد تكون بداية حركة تغزو الشوارع
كتب - عبدالرحمن مصطفى
ثورة معهاش بطاقة: أفكار تحت 18سنة
«مفيش ضغوط جامدة حصلت علينا بسبب صفحتنا على الفيسبوك، إحنا أقصى حاجة بتتقال علينا هو اتهامنا بأننا موجهين أو بيتم استغلالنا»، هذا التحليل الأخير يخص آية محسن ــ العضو المؤسس فى صفحة «ثورة معهاش بطاقة» على شبكة فيسبوك الاجتماعية ــ ويأتى تعليقها على خلفية ردود أفعال البعض على الصفحة التى تضم شبابا من مؤيدى الثورة أقل من 18 سنة. هذه الصفحة كانت سببا فى تسليط الضوء على أعضائها، خاصة بعد الحلقة التى أظهرتهم مع الإعلامى يسرى فودة، وفى أسابيع قليلة بدأت بعض التفاصيل المربكة فى الظهور.. بداية من الأنباء التى ترددت عن تقديم بلاغ ضد الإعلامى يسرى فودة بسبب هذه الحلقة واتهامه باستغلال الأطفال فى أغراض سياسية، إلى جانب ما تلقته أية محسن (14 سنة) واثنان من زملائها من رسائل مزعجة وصلت حد التهديد المباشر، ما جعلهم يتركون إدارة الصفحة فترة قصيرة خوفا من اختراقها. تتحدث آية الآن دون قلق قائلة: «كل ما نهتم به حاليا هو استغلال الفرصة بعد أن عرفنا الناس ومستخدمو الانترنت، كى نقدم عملا مفيدا لأبناء جيلنا». تقوم فكرة صفحة «ثورة معهاش بطاقة» على أن يقدم كل من هم تحت 18 سنة مواهبهم عبر الانترنت، وذلك فى خدمة الثورة. وبدأ الأمر خلال إجازة منتصف العام الماضية على موقع تويتر، إذ استخدمت آية محسن وأصدقاؤها رمز TwitterUnderAge مستهدفين مستخدمى موقع التدوين القصير، ومن هنا تطورت الفكرة إلى تأسيس صفحة على الفيسبوك، بعد أن اكتشفوا أن بينهم أصحاب مواهب متعددة.
محمد نور طالب الصف الأول الثانوى، رغم أنه مقيم فى مدينة الإسكندرية إلا أنه شارك من البداية، ويعلق قائلا: «أنا أتعامل مع برنامج الفوتوشوب منذ أكثر من عام، وأقوم بعمل تصميمات من أجل الثورة منذ ستة أشهر، لذا أعجبتنى فكرة أن نجتمع سويا فى صفحة واحدة على الهدف نفسه». ظلت تلك المجموعة لأسابيع تتعامل الكترونيا ولم يروا بعضهم بعضا. وأهم نقاط الاختلاف فى هذه الصفحة أنها ليست صفحة ثورية تقليدية تسعى إلى حشد شريحة من الجماهير، بعض أعضائها من الشباب الصغير يرفعون صورهم أثناء تواجدهم فى مظاهرات، لكنهم لم ينظموا بعد مسيرات أو وقفات احتجاجية. البعض جرب هذا من قبل مثل آية، طالبة الصف الثالث الإعدادى التى تروى باعتزاز كيف شاركت مع أصدقائها فى مسيرة ورسموا جرافيتى على الجدران. أما محمد نور ــ الطالب السكندرى ــ فقد نشر تصميماته على مدونته الشخصية وعلى صفحته الخاصة على الفيسبوك، والتى تحمل شعارات ثورية من نوعية : «إنت طالب.. اتكلم، قول رأيك متخافش»، وتصميم آخر يقول: «بكرة نموت والثورة تعيش». وعلى المنوال نفسه تقوم فكرة الصفحة، بحيث تكون تجميعا لشتات شباب صغير، كما يوضح محمد نور: «البعض ينتقدنا ويقول لنا: أنتم أشخاص عاديون، والتميز فقط هو فى سنكم الصغير، لكن حين تكبرون ستنتهى قصتكم». مثل هذه العبارات لا تؤثر كثيرا فى عزيمتهم، إذ يفكر محمد نور من الآن فى خطته بعد سنتين حين يتم 18 سنة ويصبح مجبرا على ترك إدارة الصفحة لكوادر أصغر منه، أما الآن فيدير مع زميلين مجموعة المصممين، ويدير معهما مسابقة لاختيار فريق المصممين للصفحة، هذا وهناك فرق آخر مثل الكتابة والتدوين وإعداد الفيديوهات وفريق للرسامين.
قد تبدو الصفحة للوهلة الأولى قريبة من مواقع التنمية البشرية، إلا أن ذلك الانطباع يزول تماما بعد الاطلاع على المحتوى الثورى والعبارات الناضجة التى يكتبها المساهمون. لكن يظل كل ما تخشاه آية محسن ومحمد نور وزملاؤهما أن تفتر الهمة، ولا يطمئنهم سوى أن الأدوات نفسها التى جمعتهم على تويتر وفيسبوك هى نفسها التى قد تضمن لهم الاستمرار.
محمد نور طالب الصف الأول الثانوى، رغم أنه مقيم فى مدينة الإسكندرية إلا أنه شارك من البداية، ويعلق قائلا: «أنا أتعامل مع برنامج الفوتوشوب منذ أكثر من عام، وأقوم بعمل تصميمات من أجل الثورة منذ ستة أشهر، لذا أعجبتنى فكرة أن نجتمع سويا فى صفحة واحدة على الهدف نفسه». ظلت تلك المجموعة لأسابيع تتعامل الكترونيا ولم يروا بعضهم بعضا. وأهم نقاط الاختلاف فى هذه الصفحة أنها ليست صفحة ثورية تقليدية تسعى إلى حشد شريحة من الجماهير، بعض أعضائها من الشباب الصغير يرفعون صورهم أثناء تواجدهم فى مظاهرات، لكنهم لم ينظموا بعد مسيرات أو وقفات احتجاجية. البعض جرب هذا من قبل مثل آية، طالبة الصف الثالث الإعدادى التى تروى باعتزاز كيف شاركت مع أصدقائها فى مسيرة ورسموا جرافيتى على الجدران. أما محمد نور ــ الطالب السكندرى ــ فقد نشر تصميماته على مدونته الشخصية وعلى صفحته الخاصة على الفيسبوك، والتى تحمل شعارات ثورية من نوعية : «إنت طالب.. اتكلم، قول رأيك متخافش»، وتصميم آخر يقول: «بكرة نموت والثورة تعيش». وعلى المنوال نفسه تقوم فكرة الصفحة، بحيث تكون تجميعا لشتات شباب صغير، كما يوضح محمد نور: «البعض ينتقدنا ويقول لنا: أنتم أشخاص عاديون، والتميز فقط هو فى سنكم الصغير، لكن حين تكبرون ستنتهى قصتكم». مثل هذه العبارات لا تؤثر كثيرا فى عزيمتهم، إذ يفكر محمد نور من الآن فى خطته بعد سنتين حين يتم 18 سنة ويصبح مجبرا على ترك إدارة الصفحة لكوادر أصغر منه، أما الآن فيدير مع زميلين مجموعة المصممين، ويدير معهما مسابقة لاختيار فريق المصممين للصفحة، هذا وهناك فرق آخر مثل الكتابة والتدوين وإعداد الفيديوهات وفريق للرسامين.
قد تبدو الصفحة للوهلة الأولى قريبة من مواقع التنمية البشرية، إلا أن ذلك الانطباع يزول تماما بعد الاطلاع على المحتوى الثورى والعبارات الناضجة التى يكتبها المساهمون. لكن يظل كل ما تخشاه آية محسن ومحمد نور وزملاؤهما أن تفتر الهمة، ولا يطمئنهم سوى أن الأدوات نفسها التى جمعتهم على تويتر وفيسبوك هى نفسها التى قد تضمن لهم الاستمرار.
مؤسس ثورة الغضب المصرية الثانية: سيخطئون.. وننتصر
يحتفظ هشام الشال ــ مدير صفحة ثورة الغضب المصرية الثانية على الفيسبوك ــ بابتسامة دائمة وروح مرحة لا تفارقانه طوال الوقت، رغم ما تبديه ملامحه من جدية. هذه الصفحة التى تضم آلاف الأعضاء، بينهم مجموعة صغيرة هى التى تواظب فعليا على المشاركة فى المسيرات والأعمال الاحتجاجية، ويصفهم الشال قائلا: «نحن مجموعة من المجانين، المؤمنون بالثورة حتى النهاية». ورغم الهدوء النسبى الذى ساد الأسابيع الماضية إلا أنه يبدو مشغولا ومتواصلا مع أبناء ثورة الغضب الآخرين، رافضا إرجاع هدوء الأحداث إلى الإحباط أو اليأس. كما يواظب مع زميلين يديران معه الصفحة على رشق العبارات الجريئة من نوعية: «من هنا ورايح، التصعيد ليس له سقف.. كل شىء متاح ومباح». يكرر هشام الشال تلك العبارة التى كتبها بفخر قائلا: «هذه العبارات تقلقهم جدا..». فى فترات سابقة كان هذا القلق يترجم إلى إنذارات وتشنيع مثلما حدث فى أكتوبر الماضى حين خرج أدمن الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة عن تقاليده وتوعد هشام الشال بصفته واسمه، وذلك بسبب الإعداد والنزول فى مسيرات إلى وزارة الدفاع، ويروى هشام الشال ذلك الموقف دون اكتراث حقيقى.
فى العام الماضى وأثناء أحداث الثورة المصرية انتقلت حياة كثيرين من السكون إلى الصخب، وهذا ما حدث مع هشام الشال الذى لم يكن له أى نشاط سياسى سابق، وفى الميدان تكونت صداقات مع أفراد من معتصمى التحرير، وما زالت هذه المجموعة فى اجتماعات مستمرة حتى يومنا هذا، خاصة على مقاهى وسط البلد، وحسب تعبيره «نحن صناعة الثورة».
من صفحة على شبكة الفيسبوك كانت البداية حتى تحولت «ثورة الغضب الثانية» إلى حركة ثورية، وهو القرار الذى اتخذه هؤلاء النشطاء فى أعقاب أحداث محمد محمود الأولى فى نوفمبر الماضى، هذه التفاصيل يحفظها هشام الشال جيدا كأنها حدثت بالأمس، ويشرح قائلا: «فى السابع من مايو 2011 وتحديدا فى الساعة الثالثة عصرا دشنت صفحة ثورة الغضب المصرية الثانية، واستعرت الاسم من صفحة تونسية شبيهة كانت تحاول آنذاك إحياء الثورة التونسية من جديد».
فى تلك المرحلة عقب فض اعتصام 9 مارس 2011 وأحداث 8 إبريل 2011 اللتين أسفرتا عن إصابات وقتلى، أدرك البعض أن هناك مواجهة قادمة مع السلطة، لذا اختار «الشال» أن يبدأ مغامرته مع أصدقاء التحرير فى صفحة تدعو إلى مليونية واعتصام فى 27 مايو. وزاد الجدل بعد رفض الإخوان المسلمين لها وتسميتها «جمعة الوقيعة بين الجيش والشعب»، ونجحت المليونية رغم عدم نجاح الاعتصام، ويقول الشال عن البداية: «كنا فى تلك الفترة المبكرة نهتف ضد حكم العسكر، وأتذكر أن بقية الناس من حولنا كان يستهجنون ذلك، على عكس ما يحدث اليوم». قد يبدو مظهر هشام الشال أدمن صفحة «الغضب الثانية» للوهلة الأولى أكبر من سنه، خاصة مع اللحية التى يخطها الشيب إلا أنه لم يتجاوز الرابعة والثلاثين. تلك الصورة تتلاشى وقت الفاعليات حين يتواجد الجميع كتفا بكتف، ويصبح عضو الحركة الأربعينى زميلا مساويا للعشرينى، تلك الأجواء الموحية بعالم اليسار الثورى، لا تنتمى إلى اليمين أو اليسار، بقدر ما تنتمى إلى الحالة الثورية فقط على حد وصف هشام الشال الذى يضيف قائلا: «لا أستطيع أن أميز فى الحركة شابا يساريا أو آخر ليبراليا، ربما يظهر لدى البعض خلفية إسلامية، لكن الجميع يفكرون بالطريقة نفسها، وليس هناك خلافات أو اختلافات كبيرة».انتقال الصفحة من الفيسبوك لتصبح «حركة ثورية» لم يأت فجأة، إنما كان الانترنت وسيلة حشد طوال العام الماضى لفاعليات مختلفة، وكانت العلاقات المباشرة وجها لوجه هى الأساس فى العمل على الأرض، لذا اختارت المجموعة أن تتحول إلى حركة ثورية، خاصة بعد ازدياد عدد مريديها فى المحافظات ودخولها فى عمليات تنسيقية مع قوى وجبهات أخرى. قبل سنوات كان هشام الشال هو ذلك الشاب السلفى الدارس للعلوم الشرعية، وظل هكذا لمدة عشر سنوات، لكن الثورة طرحت أسئلة جديدة فى رأسه، ويصف ذلك معلقا بجدية: «بعد الثورة سألت نفسى: هل أنا إسلامى؟ وما معنى هذا الوصف؟ خاصة بعد أن وجدت فى أخلاقيات الميدان وروح الجماعة ما يقارب المبادئ المثالية التى عكفت عليها لسنوات». فى الفترة السابقة على الثورة لم يتعرض للتعسف الأمنى سوى مرة مع جهاز أمن الدولة المنحل، إذ تعرض لإجراء روتينى له صلة بإطالة اللحية وإزالتها. أما فى الأشهر الماضية فقد تعرض لفقدان عمله كمحاسب بسبب قراره الاعتصام أثناء أحداث محمد محمود، ورغم اعتقال أحد أعضاء الحركة قبل أسابيع ثم الإفراج عنه فى وقت لاحق، إلا أن ذلك لا يثير قلقه، ويعلق قائلا: «ذلك أقصى ما يمكن أن يحدث، لكن ما لا يدركه البعض أن فى أغلب الأحداث السابقة كان أبناء الحركة فى الصفوف الأولى دائما، فنحن مؤمنون بما نفعل، حتى إننا لا نخشى أن يندس بيننا أحد، لأنه سينكشف فى لحظة الحقيقة أثناء العمل». ماذا بعد؟؟ يجيب فورا بثقة: «الجميع يظن أن الثورة انتهت لكن الثوريين الحقيقيين يمهلون السلطة بعض الوقت، حتى يرى الناس حقيقة من يحكمهم، وفى اللحظة المناسبة سنعود، حين يتحرك معنا الناس».
هشام الشال ورفاقه لا يشغلهم حجمهم أو عددهم، إذ يخرجون فى مسيرات وهم بالعشرات لينضم إليهم آخرون، إنما يشغلهم التكتيك الذى سيتحركون به، فهم «ليسوا جماعة سياسية، بل حركة ثورية»، على حد وصفه. وهو ينتظر قليلا قبل أن يختم: «ربما فى المستقبل، يصبح لأمثالنا من الحركات الثورية حزبا يكون ذراعا سياسية لنا فى السلطة، لكن الأهم أن تبقى روح الثورة فى أقاليم مصر، لأن ذلك هو طريق التغيير».
العباسية مش تكية: هدفنا سمعة الحى وخدمة الثورة
فى العام 2010 التقت مجموعة من أبناء صفحة «العباسية كلها على الفيسبوك» لأول مرة فى أحد مقاهى الحى الشهيرة، ولم يدرك آنذاك كريم محمد (25 سنة) أحد مديرى الصفحة أن الثورة وتوابعها التى ستقع على مدار العام 2011 ستغير شكل علاقاته مع حى العباسية ومع الانترنت أيضا، وبدأ الأمر كما يشرحه قائلا: «القصة بدأت قبل عدة أشهر، حين ارتبطت سمعة حى العباسية بمؤيدى مبارك بسبب وقفاتهم عندنا، ولم يكن من السهل علينا أن نسمع عبارات من نوعية: آه إنت من العباسية؟ أيوه بتوع المجلس العسكرى». ما يرويه كريم دفعه مع زملائه قبل عدة أشهر إلى اتخاذ مواقف متتالية، كان آخرها تأسيس حركة تحت عنوان «العباسية مش تكية»، لكن قبلها كانت هناك خطوات متتالية. يقول كريم محمد: «كانت لتحركنا دوافع مرتبطة بالحى، إذ إن لدينا شهداء من أبناء العباسية، وهناك من تطوعوا فى المستشفى الميدانى أثناء الأحداث المتتالية.. هذه هى حقيقتنا»، ومن هنا كانت البداية حين لم يجد هؤلاء الشباب وسيلة فى أيديهم قبل أربعة أشهر سوى الصفحة التى يديرونها تحت اسم «العباسية كلها على الفيسبوك»، فأعلنوا عن مسيرة باسم العباسية مش تكية، وتضامنت معهم جبهات وقوى سياسية وأفراد.
يضيف كريم: «كانت النقطة الفاصلة فى ذلك الوقت حين وجدنا أحمد سبايدر فى ديسمبر الماضى يطوف الحى بمكبرات صوت لحشد الأهالى فى فاعلية معادية للثورة، كل هذا استفزنا، خاصة أن هناك من أهالى الحى من تصدوا له آنذاك». الأمر اليوم يختلف عن تلك الذكريات إذ أصبح لهؤلاء الشباب بعد هذه المبادرة دور فى التواصل مع العديد من الحركات الثورية والسياسية، خاصة أن مسيرتهم الأولى فى ديسمبر الماضى أحدثت نقلة فى أداء الصفحة ورفعت عدد الأعضاء إلى قرابة 18 ألف عضو. ولم تكن مسيرة «العباسية مش تكية» سوى بداية لتحويلها إلى حركة بعد ازدياد عدد المتفاعلين مع الفكرة من أبناء الحى. فى أثناء حديثه يبدى كريم محمد، الذى يعمل فى مجال إدارة الأعمال، حرجا دائما من أن ينفرد بالحديث عن الصفحة وقصة انخراط نشطائها فى العمل الحركى، وكان حريصا على أن يذكر أسماء زملائه «سمر ورامى ومحمود» وغيرهم... كذلك فعل أحمد أيوب (28 سنة) زميله فى الحركة الناشئة «العباسية مش تكية»، ولم تكن مفاجأة أن تكون زوجة أحمد هى سمر إحدى مؤسسات صفحة «العباسية كلها على الفيسبوك»، التى كانت الداعية الأولى لمسيرة «العباسية مش تكية». ويقول أحمد أيوب: «نحن مثل شباب كثيرين كنا نشارك فى الأحداث المختلفة منذ جمعة الغضب مرورا بكافة الفاعليات الاحتجاجية، لكن مع الوقت أصبحنا نتصل بمجموعات ثورية وسياسية، خاصة أثناء تنسيق مسيرات قريبة من العباسية، وهنا كان علينا أن يكون لنا كيان واضح المعالم، وليس مجرد صفحة على الانترنت، وذلك حتى تتضح أيضا معالمنا داخل العباسية وسط أهلنا». أحمد أيوب كان بطل فيديو انتشر على الانترنت من فبراير الماضى، يواجه فيه الشرطة العسكرية ويخاطبهم بنبرة ثورية توضح سبب وجود المتظاهرين فى هذا المكان بين ميدان العباسية ووزارة الدفاع، وذلك بعد أحداث استاد بورسعيد، وهو يعلق قائلا: «فى نهاية الكليب ستسمع صوت أحدهم وهو يتحدث معى، المفارقة العجيبة أن هذا الشخص كان أحد أنصار توفيق عكاشة فى العباسية، ومعارضا شديدا لنا، وبعد عدة مسيرات ثورية ناحية العباسية بدأ موقفه يتغير حين اقترب منا». لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل كان حضور بعض أعضاء الحركات السياسية إلى العباسية فى ضيافة «حركة العباسية مش تكية» سببا فى حوارات مع بعض أهالى الحى المتشددين فى عدائهم للمتظاهرين، وأسفر ذلك عن تغيير وجهة بعضهم بعد نقاشات مفتوحة.
صفحة «العباسية كلها على الفيسبوك» تضم اليوم آلاف الأعضاء بينهم مجموعة صغيرة تلتقى بشكل منتظم، وهناك يطرحون أفكار مبادرات أو تنسيقا مع حركات أخرى أو حتى أفكار عمل خدمى، وهو ما قام به بعض أعضاء الصفحة عقب الثورة، يشرح كريم محمد: «أحد الشباب بادر فى مرة بشراء فواكه وخضراوات من سوق العبور لبيعها بسعر رخيص لخدمة الحى، لكن المشروع توقف لعدم التفرغ». مثل هذا التواجد فى العباسية، جعل البعض من أبناء الحى يتذكر كريم ورفاقه، بسبب ملاحظتهم فى المسيرات التى يديرونها أحيانا بأنفسهم، لكن لهذا الأمر ضريبة أخرى فما زالت هناك فى الحى جماعة تستهدف أى عمل ثورى فى العباسية، وتتبع شخصيات معادية للثورة، كما يقول كريم: «نحن من الحى، وأهل مكة أدرى بشعابها، وقد أصبح الآن اللعب على المكشوف، وفى النهاية نحن أبناء العباسية، ونحن أحرص على مصلحة سكانه»، لم يختلف أحمد أيوب كثيرا عن ذلك الرأى، إذ ينقل عن زملائه فى العباسية رأيهم فى صفحتهم على الفيسبوك، قائلا: «طوال الفترة الماضية، اكتشفنا من الاختلاط بالآخرين على مدار أحداث الثورة بأن لدينا مواهب وأفكارا وإبداعا، وتعلمنا التواضع حين وجدنا من هم أفضل منا فى الميادين، لذا.. اخترنا الثورة ودعمها من خلال العباسية».
يضيف كريم: «كانت النقطة الفاصلة فى ذلك الوقت حين وجدنا أحمد سبايدر فى ديسمبر الماضى يطوف الحى بمكبرات صوت لحشد الأهالى فى فاعلية معادية للثورة، كل هذا استفزنا، خاصة أن هناك من أهالى الحى من تصدوا له آنذاك». الأمر اليوم يختلف عن تلك الذكريات إذ أصبح لهؤلاء الشباب بعد هذه المبادرة دور فى التواصل مع العديد من الحركات الثورية والسياسية، خاصة أن مسيرتهم الأولى فى ديسمبر الماضى أحدثت نقلة فى أداء الصفحة ورفعت عدد الأعضاء إلى قرابة 18 ألف عضو. ولم تكن مسيرة «العباسية مش تكية» سوى بداية لتحويلها إلى حركة بعد ازدياد عدد المتفاعلين مع الفكرة من أبناء الحى. فى أثناء حديثه يبدى كريم محمد، الذى يعمل فى مجال إدارة الأعمال، حرجا دائما من أن ينفرد بالحديث عن الصفحة وقصة انخراط نشطائها فى العمل الحركى، وكان حريصا على أن يذكر أسماء زملائه «سمر ورامى ومحمود» وغيرهم... كذلك فعل أحمد أيوب (28 سنة) زميله فى الحركة الناشئة «العباسية مش تكية»، ولم تكن مفاجأة أن تكون زوجة أحمد هى سمر إحدى مؤسسات صفحة «العباسية كلها على الفيسبوك»، التى كانت الداعية الأولى لمسيرة «العباسية مش تكية». ويقول أحمد أيوب: «نحن مثل شباب كثيرين كنا نشارك فى الأحداث المختلفة منذ جمعة الغضب مرورا بكافة الفاعليات الاحتجاجية، لكن مع الوقت أصبحنا نتصل بمجموعات ثورية وسياسية، خاصة أثناء تنسيق مسيرات قريبة من العباسية، وهنا كان علينا أن يكون لنا كيان واضح المعالم، وليس مجرد صفحة على الانترنت، وذلك حتى تتضح أيضا معالمنا داخل العباسية وسط أهلنا». أحمد أيوب كان بطل فيديو انتشر على الانترنت من فبراير الماضى، يواجه فيه الشرطة العسكرية ويخاطبهم بنبرة ثورية توضح سبب وجود المتظاهرين فى هذا المكان بين ميدان العباسية ووزارة الدفاع، وذلك بعد أحداث استاد بورسعيد، وهو يعلق قائلا: «فى نهاية الكليب ستسمع صوت أحدهم وهو يتحدث معى، المفارقة العجيبة أن هذا الشخص كان أحد أنصار توفيق عكاشة فى العباسية، ومعارضا شديدا لنا، وبعد عدة مسيرات ثورية ناحية العباسية بدأ موقفه يتغير حين اقترب منا». لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل كان حضور بعض أعضاء الحركات السياسية إلى العباسية فى ضيافة «حركة العباسية مش تكية» سببا فى حوارات مع بعض أهالى الحى المتشددين فى عدائهم للمتظاهرين، وأسفر ذلك عن تغيير وجهة بعضهم بعد نقاشات مفتوحة.
صفحة «العباسية كلها على الفيسبوك» تضم اليوم آلاف الأعضاء بينهم مجموعة صغيرة تلتقى بشكل منتظم، وهناك يطرحون أفكار مبادرات أو تنسيقا مع حركات أخرى أو حتى أفكار عمل خدمى، وهو ما قام به بعض أعضاء الصفحة عقب الثورة، يشرح كريم محمد: «أحد الشباب بادر فى مرة بشراء فواكه وخضراوات من سوق العبور لبيعها بسعر رخيص لخدمة الحى، لكن المشروع توقف لعدم التفرغ». مثل هذا التواجد فى العباسية، جعل البعض من أبناء الحى يتذكر كريم ورفاقه، بسبب ملاحظتهم فى المسيرات التى يديرونها أحيانا بأنفسهم، لكن لهذا الأمر ضريبة أخرى فما زالت هناك فى الحى جماعة تستهدف أى عمل ثورى فى العباسية، وتتبع شخصيات معادية للثورة، كما يقول كريم: «نحن من الحى، وأهل مكة أدرى بشعابها، وقد أصبح الآن اللعب على المكشوف، وفى النهاية نحن أبناء العباسية، ونحن أحرص على مصلحة سكانه»، لم يختلف أحمد أيوب كثيرا عن ذلك الرأى، إذ ينقل عن زملائه فى العباسية رأيهم فى صفحتهم على الفيسبوك، قائلا: «طوال الفترة الماضية، اكتشفنا من الاختلاط بالآخرين على مدار أحداث الثورة بأن لدينا مواهب وأفكارا وإبداعا، وتعلمنا التواضع حين وجدنا من هم أفضل منا فى الميادين، لذا.. اخترنا الثورة ودعمها من خلال العباسية».
الاتحاد قوة.. أحيانًا
يبدأ أحمد الجناينى حديثه بحماس عن تجربة «اتحاد الصفحات الثورية»، وما إن ينخرط فى التفاصيل حتى يصاب بالمرارة، ويصف ذلك بقوله: «قامت فكرة الاتحاد مبكرا أثناء فترة التحضير لفاعليات 25 يناير الأخيرة، وذلك على أمل إحياء الثورة، لكنى أرى الاتحاد اليوم قد انتهى إلى صفحة على الانترنت وأحاديث طويلة بين المنسقين». داخل موقع الاتحاد خدمة إخبارية وبيانات أصدرها فى الفترة الماضية، عدا ذلك يبدو الأمر هادئا بعد آخر المسيرات الكبرى فى 11 فبراير (ذكرى التنحى). وعلى شبكة فيسبوك الاجتماعية هناك عدد من التجارب الشبيهة، لكن تظل مساحة التنسيق على أرض الواقع هى الأكثر تأثيرا. هيثم الشواف ــ منسق تحالف القوى الثورية ــ يرى الأمر بصورة أكثر إيجابية، ويشرح: «حين قمنا بتأسيس التحالف كانت هناك العديد من القوى المشاركة، ولا أخفى سرا حين أقول إن هناك بعض الكيانات المريبة التى مرت علينا، لكن القاعدة على أرض الواقع شبيهة بالتعامل على الفيسبوك، فحين نواجه على الصفحة بأعضاء مريبين يستهدفون الاساءة وإفساد عملنا، يتم استبعادهم وكذلك الأمر بالنسبة للتحالف على أرض الواقع».
قبل أى فاعلية ينسق الشواف مع القوى المنضمة للتحالف، وخاصة مع المجموعات خارج العاصمة، ويرى أن استجابة تلك المجموعات تعطى زخما قويا لأى حدث. أما أحمد الجناينى الذى تعرّض للإصابة عدة مرات على مدار أحداث العام الماضى، فيرى أن العمل الحركى مرهون بأرض الواقع، وبعد عام من الثورة انضم مؤخرا إلى حركة 6 إبريل، بعد اعجابه بأدائهم وإخلاصهم ــ على حد قوله. أما حين يعود الحديث إلى هيثم الشواف منسق تحالف القوى الثورية، يقول: «بعد تجربة عام على الثورة، تولّدت لدينا قناعة بضرورة تغيير تكتيكات العمل الثورى على الأرض، وهو ما سنفعله قريبا».
No comments:
Post a Comment