Thursday, December 24, 2009

ناشط بيئي بمواصفات مصرية

العمل في حدود المتاح
اعتراض سفينة ملوثة للبيئة أو الاعتصام احتجاجا على فعاليات مؤتمر عالمي هي بعض ملامح عمل نشطاء البيئة الغربيين، لكن مع ثقافة مصرية مختلفة يختلف النشاط قليلا !
كتب – عبدالرحمن مصطفى
حين دشن محمد السعيد مجموعة على شبكة فيسبوك الاجتماعية لمنظمة جرينبيس العالمية (السلام الأخضر) لم يكن ممثلا لها في مصر أو عضوا ناشطا فيها بقدر ما كان معتنقا "لنمط الحياة الأخضر" الذي تروج له هذه المنظمة التي تضم ما يقارب الثلاثة ملايين داعم حول العالم. بعضهم كان ينشط على الانترنت لحساب قضايا البيئة، محمد الذي اتخذ هذه البادرة الطيبة بإنشاء المجموعة اكتشف مع الوقت الهوة بين عمل نشطاء السلام الأخضر في الخارج والواقع في مصر، يقول : "في مدينتي المنصورة حيث أقيم تقع أحيانا مجازر في حق الأشجار القديمة والنادرة، لم يهتم أحد بالدفاع عنها لأنه ليس لدينا نشطاء من نوعية نشطاء البيئة في الخارج الذين يستطيعون الوقوف في وجه أي تعد بشكل سلمي ومتحضر". لم يخلو حديثه من الاحباط وهو يصف قراره ترك المجموعة التي دشنها على الفيسبوك، واعتزال الموقع إلى الأبد، يضيف : " انا من اشد المتحمسين للقضية و لكن مصر ينقصها أشياء كثيرة، فكيف اقوم بالسلام الاخضر وانا ارى قمامتى امام منزلى دون وجود آليات تحل المشكلة؟".
يرى بعض العاملين في مجال البيئة من الشباب أنها مقارنة ظالمة تلك التي يجريها البعض بينهم وبين نشطاء البيئة في بلدان اخرى من الذين يعترضون السفن الملوثة للبحار والمحيطات أو من يعتصمون احتجاجا على إهدار الطاقة.. المشكلة في رأيهم أن الثقافة مختلفة تماما، هذا ما تراه أيضا سارة السيد العاملة في مركز الوادي للعلوم البيئية، قبل عدة أعوام كانت قد نشطت مع إحدى حملات منظمة السلام الأخضر المناهضة لتجريف الشواطيء المصرية التي زارت مصر فيها إحدى مراكب المنظمة العالمية للترويج لهذا الهدف، أما اليوم فترى سارة العمل في مجال البيئة في مصر يحتاج إلى معالجة أخرى : "نشطاء الخضر والسلام الأخضر أحيانا ما يتعاملون مع القضية بشكل جذري قد يولد صدامات مع المؤسسات العملاقة أو الحكومات، بالطبع هذا قد يصلح في مناخ سياسي مختلف، مشكلتي الحقيقية كناشطة بيئية هي التعامل اليومي مع الناس".
تعمل سارة في تدريب مجموعات من أطفال المدارس على إجراء بحوث بسيطة والتواصل مع الناس حول موضوعات من بيئتهم، ولخبرتها السابقة في مجال التربية والتعليم فهي تعلم أن المدارس لا تؤدي هذا الدور، ولم تنجح في تغيير ثقافتنا عن هذا الموضوع.
"كثير من الحملات والنشاط من أجل البيئة الآن أصبح يعتمد على الانترنت بشكل كبير في القيام بحملات تشجع الناس على الحفاظ على بيئتهم وهو ما يطرح مشكلة أخرى وهو أننا اغلب نشطاء البيئة من شريحة متوسطة أو فوق متوسطة من مستخدمي الانترنت وأصحاب التعليم العالي، لذا فقضيتنا الآن هي إشراك جميع الفئات، وادخال المصطلحات البيئية في أحاديث الناس ". لهذا السبب تتمسك سارة بلقب "ناشطة بيئية" الذي تعتز به على أمل أن يروج لمفهوم البيئة، لكن اختيارها الأساسي للعمل في هذا المجال كانت نتيجة سفرها إلى الخارج وإدراكها ما تحويه مصر من موارد وما تتعرض له من مشاكل بيئية. وهو نفس السبب الذي تشترك فيه مع أحمد نونو أحد من نشطوا في الحفاظ على البيئة بشكل أكثر بساطة على أمل ان لفت الانتباه. فقبل عدة أشهر لفت نظر أحمد صفحة على الفيسبوك أنشأها أحدهم تحت عنوان "Keep Egypt Clean حافظوا على مصر نظيفة"، فلمعت الفكرة في رأسه مع أصدقائه في تحويل الفكرة النظرية إلى عمل على الأرض.. تسلحوا بالمقشات ونجحوا في إقناع ممولين لدعم دعاية الحملة وبدؤوا في النزول إلى الشارع، يقول أحمد : "أزعم أنه كان لدي وعي في مجال البيئة منذ أيام الجامعة، ربما أنا أعمل الآن في مجال الادارة بعيدا عن هذا المجال لكني كنت طوال السنوات الماضية مهتم بفكرة تدوير المخلفات وتشجيع الناس على ذلك من جلال جمعيات مختصة والنشاط الجامعي". حين يقارن أحمد نوعية نشاطه من أجل البيئة مع النشطاء الغربيين يجد أنها مقارنة ظالمة، فغاية أمله هو أن ينجح في تشجيع الناس على الحفاظ على نظافة شارعهم من القمامة أو في أفضل الأحوال أن يوجهوا بعض مخلفاتهم الصلبة إلى من يعيد تصنيعها وتدويرها، ويعتقد أن ما قام به يعتبر محدود في نطاق الشريحة التي ينتمي إليها، فلم يكن يستهدف مناطق عشوائية لأن لديهم مشاكل أعمق من مشكلة القمامة.
يقول : "الهدف الرئيسي من اتجاهي لهذا العمل كان سفري للخارج واحساسي ان البلد جميلة وفي حاجة إلى الاعتناء، لكن عملنا محدود في نطاق ضيق جدا، لأن هذه الثقافة غير موجودة".
يعترف أحمد أن مبادرته مع أصدقائه قد تتحول إلى ومضة ضمن محاولات للفت الانظار إلى ما نقوم به من عدم الاهتمام بالبيئة التي نعيش داخلها.
بعض المحاولات الأخرى تأثرت بأفكار وافدة من الخارج مثل المجموعات التي يديرها نشطاء في مجال البيئة سلكوا طريقا أخر مع شركات داعمة لهم في بعض الآحيان في تطبيق أفكار مثل استخدام الدراجات كبديل عن السيارات ووسائل المواصلات التقليدية، وذلك بهدف الحفاظ على موارد الطاقة وعدم تلويث البيئة بالعادم.
يرى الأستاذ الدكتور عبدالمسيح سمعان أستاذ مناهج التربية البيئية في معهد الدراسات والبحوث البيئية في جامعة عين شمس أن مقارنة أداء نشطاء البيئة في الخارج بنظرائهم في مصر ليست مقارنة جائزة لاختلاف مساحة العمل والحرية المتاحة لكل طرف، ويتحفظ الدكتور عبدالمسيح على استخدام كلمة ناشط بيئي، ويضيف : "كلنا يمكننا أن نكون ناشطين من أجل البيئة لأنها قضيتنا جميعا والتوصيف الأدق هو المواطن الايجابي أو السلوك المسئول". في أحد البحوث الميدانية وجه سؤالا إلى شريحة من المواطنين ذكر 60% منهم عن أن البيئة هي التلوث، هذه النتيجة التي يستدعيها الدكتور عبدالمسيح في حديثه تعبر عن مشكلة أكبر تعيق العاملين والمهتمين بالبيئة : "هناك خطوات لا بد منها كي يتحسن الوضع في مصر أولا المعرفة ثم السلوك الايجابي، بإمكان الدولة المساهمة الفاعلة في نشر المعرفة، واكبر مثال على ذلك التوعية التي حدثت عن انفلوانزا الخنازير وجعلت الناس يشعرون بقلق حقيقي من هذا الفيروس، ودفع به إلى قائمة اولويات الناس، في الخارج كان الوعي هو ما جعل نشطائهم على هذه الدرجة من الحماس لأن القضية من أولويات المجتمع ". ويلخص في النهاية قضية البيئة في معادلة بسيطة : "كلما قلت المخلفات كلما حافظنا على الموارد، قضيتنا ليست في مطاردة المخلفات فقط، بل في الحفاظ على الموارد من منبعها، بتقليل استنزاف الطاقة، وحماية البيئة الطبيعية
".
ــــــــــــــ
حزب الخضر المصري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تأسس حزب الخضر المصري عام 1990 وعلى رأس أولوياته زيادة الوعي بالقضايا البيئية في مصر وينتشر حول العالم مجموعة من الأحزاب تحت نفس التسمية يجمعهم الاهتمام بالبيئة رغم اختلاف أجنداتهم، اللواء عبدالمنعم الأعصر رئيس الحزب يسجل إجاباته حول دور الحزب الغائب عن الساحة.

ـ ما هو موقف نشطاء الخضر في مصر من نشطاء الخضر في العالم؟
كل أعضاء الحزب نعتبرهم نشطاء بيئيون، وأهداف الحزب تتعدى ذلك إلى تحقيق أهداف اجتماعية وسياسية، أما النشطاء الذي يحتجون على المؤتمرات الدولية فأغلبهم من أوروبا ومن جماعة السلام الأخضر، وهي أمور لا نشارك فيها وليس مسموح لنا الاتصال بأي جهة خارجية حسب قانون الأحزاب.
ـ أين حملات الخضر في مصر ؟
نحن لسنا جمعية كي نقيم حملات، لسنا مثل حركات كفاية أو 6إبريل أو غيرها، وأعضاء الحزب مثقفين ولا نسمح للقيام بمثل هذه الأمور، لأن هناك قوانين لا بد الالتزام بها والعمل تحت مظلة القانون ومن خلال مؤسسات الدولة.
ـ ما هي أليات العمل لحماية البيئة؟
أنا عضو في مجلس الشورى وفي لجنة الشؤون الصحية والبيئة وحين تأتيني مشاكل من المواطنين أعرضها بحكم منصبي، ولقد تحدثت كثيرا عن قضايا الأرض والمياه وغيرها.

No comments:

Post a Comment