Thursday, September 29, 2005

ارفعوا أيديكم عن جمال عبدالناصر

خمسة وثلاثون عاما مرت على رحيله وما زالت ذكراه باقية في نفوس الجماهير العربية حتى اليوم.. إنه جمال عبد الناصر.. الذي أضحى اليوم رمزا للعروبة مثلما كان قبله جيفارا رمز لليسارية الثورية، و مثلما كان غاندي رمز للنضال السلمي ضد القوى الاستعمار.
ثلاثة أجيال اليوم اختلفت رؤيتها حول الراحل جمال عبد الناصر... أكبر تلك الأجيال سنا هو الذي عاش حقبة ما قبل الثورة المصرية، فشهد آنذاك ذل الاحتلال و ضعف الحكم الوطني في بلادنا المحتلة، فكان جمال عبد الناصر له بمثابة الأخ والزميل وطوق النجاة... ومن هؤلاء من تعارضت مصالحه مع الثورة المصرية لأسباب مالية اقتصادية أو لأسباب فكرية أيديولوجية، ورغم ذلك.. فحتى هؤلاء الذين عارضوا النهج الناصري لمضار أصابتهم في عهده، نجدهم اليوم يذكروا فضائل حكمه، ومحاسن عهده.. ويعقدون المقارنات بين أيامنا تلك وأيامهم الخوالي. أما جيل الوسط المسيطر على إداريات البلاد اليوم، فهو ذاك الجيل الذي ولد ونشأ في أحضان الثورة المصرية، هو الجيل الذي تربى بين شعارات العروبة والاشتراكية والوحدة العربية، ألهبته خطب جمال عبد الناصر حماسا وطموحا.. أقنعته إذاعة صوت العرب أنه أفضل حالا من الشعوب الغربية الاستعمارية المستغلة... ارتبط هذا الجيل بعبد الناصر كزعيم متابع لكل صغيرة وكبيرة في منطقته العربية وفي دوائر أخرى إفريقية وآسيوية، حتى انتهى الحلم بواقع مؤلم وصدمة هائلة، لكن الأمور لم تفض إلى كفر شعبي بهذا الزعيم، بل زادتهم إيمانا بزعيمهم... واليوم أصبح هؤلاء الشباب الذين شهدوا نهاية عبد الناصر هم من يديروا مجتمعاتنا فعليا الآن، ومازال عبد الناصر لدى شرائح عديدة منهم بمثابة الزعيم والأب والأخ الأكبر.. ومازال عهده لدى الكثير منهم هو عهد الكرامة والعزة.
يتبقى في النهاية جيل جديد.. لم يتعرف على جمال عبد الناصر إلا عبر حكايات عائلية مبتورة، أو مادة إعلامية موجهة، وصوت عال.. زعق به من كانوا حول جمال عبد الناصر من الجيل القديم، إلى جانب عشاقه من جيل الوسط الذين تربوا في عهده.. و هؤلاء كلهم الآن يمثلون ضغطا قويا على الجيل الجديد الذي يريد أن يصل إلى الحقيقة بنفسه بعيدا عن تأثيرات من قبله.
نرجو منهم... من الآباء و الأجداد، أن يرفعوا أيديهم عن جمال عبد الناصر، ولا يقدموه لنا كما رأوه، فنحن لا نحتاج أعين غيرنا لنرى بها.. ما نحتاجه هو معلومات صادقة عن هذا الرجل وعن ذاك العهد.. كي نصل إلى نتائج نافعة. لا تجملوا لنا جمال عبد الناصر.. ولا تشوهوا صورته، وثقوا في قدراتنا على الحكم على الأمور واتركوا جمال عبد الناصر لنا، كغيره من زعماء أمتنا..
إلى كل من يكتب عن جمال عبد الناصر، لتكتب الحقيقة كما كانت، لا كما تريدها أنت الآن.. فهذا ما يطلبه منك شباب هذه الأمة اليوم.
ــــــــــــــــــــ

No comments:

Post a Comment