Tuesday, September 6, 2005

رسالة إلى الشامتين

دائما ما يهلل فريق من ابناء أمتنا ويعلن سروره وفرحه عند سماعه انباء الكوارث المتعلقة بمن يبغضهم خارج بلاده, وقد ظهر هذا جليا في عدد من المواقف, كان اخرها عند حدوث اعصار "كاترينا" بالولايات المتحدة الاميركية, والذي خلَّف وراءه آلافا من القتلى والمشردين, وخسارة تقدر ببلايين الدولارات, فوجدنا روح الشماتة والتشفي تظهر من بين بعض ابناء أمتنا.. ليكرروا ما قاموا به من قبل عقب وقوع حادث جسر الائمة في العراق, الذي حدث اثناء احتفال شيعي هناك, فأسفر عن مقتل نحو الف عراقي.
وكانت تلك العقلية الشامتة هي التي فسرت من قبل ظاهرة تسونامي على انها عقاب الهي لاهالي جنوب شرق اسيا, وهي التي بررت الاحداث التفجيرية التي ضربت مصر في الفترة الاخيرة, وغالبا ما سيستمر هذا المنطق الشامت يمارس هوايته عقب كل كارثة تصيب قريبا او غريبا, خصوصا وان اصحاب هذا المنطق يستخدمون مرجعية قرآنية في توجههم هذا, كاستخدامهم قوله تعالى : ويومئذ يفرح المؤمنون بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (الروم) ... فيتم تأويل المعنى, وكأن الاية دعوة للتشفي والفرح بمصائب الاخرين, على الرغم من ان القياس هنا لا يجوز بين الحالة التي
نزلت فيها الاية, واستخدام البعض لها كمبرر للتشفي والشماتة.
ان رسالتنا الى كل شامت ان يتذكر دعوة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وهو يأمر كل مسلم ان يحب للناس ما يحب لنفسه, وان يكره للناس ما يكره لنفسه, والا يظهر الشماتة لاخيه وقت ابتلائه كي لا يبتلى بابتلائه, حتى الاعداء, كان من اخلاقيات الاسلام ان يترفع المسلم عن الشماتة بهم.
لقد كنا نتمنى من الشامتين ان يقوموا بعمل افضل من شماتتهم.. عمل يحسِّن من صورتهم لدى الاخر, سواء كان هذا الاخر عربيا ام غربيا, كأن يقدموا عزاءهم للشعب الاميركي في هذا التوقيت بالذات, فيقدموا بذلك - على المستوى الشعبي- تصرفا يحسِّن من صورة العربي المسلم التي شوهها البعض لدى الجماهير الغربية, فيكون في هذا التصرف عرضا لصورة العربي النبيل على حقيقتها... وكنا نأمل من قبل ان يعبر هذا الفريق ايضا عن تعازيه لاهل العراق, عقب حادثة جسر الائمة بالكاظمية, كمحاولة لطمأنة شيعة العراق ان في خارج العراق مسلمين مثلهم يتألمون لألمهم.
ولعل الموقف الحكومي العربي من تلك الاحداث كان على المستوى المطلوب, وهو ما ظهر واضحا في قرار بعض الدول العربية مساعدة الولايات المتحدة الاميركية في ازمتها الاخيرة بالدعم المادي, كقرار دولة الكويت التبرع بما قيمته 500 مليون دولار من المنتجات النفطية وغيرها من المساعدات الانسانية للولايات المتحدة بغرض تخفيف اثار الاعصار كاترينا.
لكننا نأمل ايضا ان يكون هنالك تحرك شعبي في مثل تلك الاوقات على نفس مستوى التحرك الحكومي, ولو بصورة بسيطة كارسال برقية عزاء او اظهار روح التعاطف مع صاحب البلاء, او على الاقل الا يكون هنالك تحرك مضاد لهذا النشاط الحكومي النبيل, فروح الشماتة ستزيد الفجوة بين الشعوب, وستضعفنا وتجعلنا دائما في موقف من يتلقى الصدمات.
نأمل لمن يشمت في مصائب الاخرين - ايا كان هؤلاء الاخرين - ان يتحلى بخلق محمد نبي الاسلام, وان يراجع سير فرسان أمتنا العربية والاسلامية, فالفارس العربي كان لا يشمت في اعدائه.. كان لا يسيء لمن اساء اليه, اننا نقدم دعوة كي نحب للناس ما نحب لانفسنا, ونكون فاعلين في تحديد شكل علاقاتنا مع الاخرين, لا ان نكون عاجزين عن الفعل, مكتفين بتغذية نفوسنا بنار الحقد... نتمنى ان تصل الرسالة, وتكون محل تدبر.
http://www.scribd.com/doc/20007058/

ـــــــــــ
إيلاف

No comments:

Post a Comment