Thursday, October 17, 2013

ذاكرة الثورة تقاوم التآكل

التاريخ "غير الرسمي" يستكمل مشواره في تدوين الأحداث:
صورة وفيديو و موقع على الانترنت ..
.
كتب – عبد الرحمن مصطفى
"بعد فض اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر اضطررنا إلى التأكد بأنفسنا من أرقام القتلى ، زرنا المشرحة و أحصينا الجثث ، بعد أن توقفت وزارة الصحة عن إعلان بياناتها، لكن في الحقيقة مهمتنا القادمة هي توثيق الثورة المصرية"، الحديث هنا لتامر موافي، الباحث في  المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عن تجربة موقع "ويكي ثورة". كانت الأسابيع الماضية قد تكرر فيها اسم الموقع، بعد أن تحول إلى مصدر هام لحصر أعداد القتلى والضحايا مؤخرا، و لم يدرك بعض الزوار أن هذا الموقع ما زال في مرحلته الأولية وأن توثيقه للأحداث الأخيرة بعد عزل الرئيس السابق مرسي ، هو مجرد جزء من مشروع  أكبر لتوثيق أحداث الثورة وبيانات المصابين والقتلى بدءً من 25 يناير 2011.
دار الحديث مع تامر موافي في شارع متفرع من شارع طلعت حرب الشهير بوسط المدينة، حيث يقع  المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي يرعى هذا المشروع، و بدأ قائلا: "الهدف الأبعد للمشروع هو توثيق أحداث الثورة من كل المصادر الممكنة و الموثوق فيها. نستقبل شهادات من المواطنين عن كافة تلك المرحلة من تاريخنا ، إلى جانب توثيق ما تمت كتابته بالفعل في الفترة الماضية". ما الذي يدفع إلى العودة إلى ثورة 25 يناير مرة أخرى و مابعدها من أحداث ؟ السبب الرئيسي هو محاولة إشراك المواطنين في عملية التوثيق، إذ لاحظ العاملون على المشروع وجود كم من الشهادات المتناثرة على الانترنت بحاجة إلى التوثيق، كما اختار العاملون بالمشروع نموذج (Wiki ويكي ) إشارة إلى ذلك النمط من المواقع الذي يسمح للجمهور العادي أن يضيف معلومات ، تحت أعين مراقبين وهم سيكونون من المركز في هذه الحالة. يعمل في المشروع ثلاثة أفراد أساسيين، يجهزون لتدشين موقع أكثر تطورا يضم المواد و الشهادات التي جمعوها خلال الفترة الماضية.
و عند زيارة النسخة الحالية من الموقع يبرز أحد أسباب ظهور فكرة المشروع في فترة الرئيس السابق محمد مرسي ، إذ سجل الموقع أرقام ضحايا تلك الفترة ، ونسبة كبيرة منهم هم من أبناء الشريحة نفسها التي خرجت ضد السلطة في 25 يناير 2011 .
"سيكون محتوى الموقع مفيد أيضا في أعمال بحثية تحلل هذا الكم من المعلومات"، حسبما يصف تامر موافي من المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. أما المتاح حاليا من بيانات فهو توثيق للمرحلة الأخيرة في فترة حكم محمد مرسي، وما أعقبها من أحداث.
منذ تاريخ تنحي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، خرجت مبادرات تهدف إلى توثيق الثورة المصرية، بعضها اختار العمل على شبكات التواصل الاجتماعية، وهناك من اختار توثيق الثورة بالصورة ، وهناك من دمج الأسلوبين. وتفيد عملية التوثيق الدائم في كشف التزييف الذي قد يلجأ إليه البعض لأسباب سياسية، لذا تكون عملية التوثيق بمثابة مادة متاحة، تفيد من يريد التأكد من معلومات بعينها. هذا هو أحد الأسباب التي جعلت مشروعا مثل (صفحة توثيق الثورة المصرية) يستمر حتى الآن على شبكة فيسبوك الاجتماعية، إذ جمع المتطوعون في هذه الصفحة حوالي 15000 صورة تغطي حوالي ثلاث سنوات، بدء من الحركة الاحتجاجية التي ازدادت في العام 2010 ، حتى الآن . بدأت الفكرة فى ديسيمبر 2011 لتوثيق الثورة المصرية بالصور، سواء في مليونيات أو اشتباكات أو وقفات داخل وخارج مصر، أمام السفارات المصرية ،وبدأ "المشروع" على حد وصفهم بسبب ما رأوه تزييفا للصور وللحقائق.
لكن كافة تلك المحاولات ما زالت تجرى بأدوات بسيطة ، دون إمكانيات تحقق جماهيرية لمثل هذه النوعية من المشروعات ، كما أن هذه الأفكار تكشف غياب الدولة في المساهمة بتوثيق ما جرى من أحداث.
تجاوزت بعض الدول التي عاشت فترات قمعية حساسية التعامل مع ماضيها ، و من أشهر تلك التجارب ما حدث في ألمانيا بعد سقوط جدار برلين ، إذ تحولت قصة تعامل الألمان مع تلك الفترة بعد العام 1990 إلى فخر ينقلوه إلى بقية دول العالم ، وحتى اليوم يمكن للمواطنين الاطلاع على ملفات جهاز أمن الدولة لديهم (الشتازي). و أظهر الاستطلاع، الذي أجراه معهد "يوغوف" لقياس الرأي العام في 2011 أن 58 % من الألمان يؤيدون استمرار الإطلاع على وثائق جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا حتى الآن، إذ أتاحت الوثائق للبعض تحريك دعاوى قضائية ضد انتهاكات تعرض لها قبل توحيد ألمانيا. كما أفادت الباحثين في فهم آليات القمع في تلك المرحلة من تاريخ ألمانيا.
.
مهمة لم تتم بعد
لم تقتصر محاولات التوثيق المصرية على عالم الانترنت، فهناك مشروعات أخرى ذات طابع أكاديمي حاولت العمل على فكرة توثيق الثورة، ومن أشهر تلك التجارب كانت لجنة لتوثيق الثورة التابعة لدار الوثائق القومية، التي تأسست من عدد من المتطوعين و الأكاديميين بهدف جمع أكبر كم من المعلومات والشهادات عن الثورة. تشكلت هذه اللجنة في مارس 2011 ، عقب تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك بأسابيع ، لكن استمرارية هذا المشروع كانت متوقفة على عدة عوامل، منها تسهيل العمل بعيدا عن البيروقراطية، وتخفيف القبضة الأمنية على الوثائق المطلوبة في عملية التوثيق... ومع ازدياد حدة المعوقات ، تم حل اللجنة وانتهى دورها عمليا في العام الماضي.
يرى الباحث تامر موافي أن عمليات التوثيق إذا ما تبنتها مبادرات المجتمع المدني، قد لا تختلف كثيرا عن جهود الدولة في التوثيق، "لكن تظل لدى الدولة وثائق تفيد جدا في توثيق الحدث، وقد تكون غير متاحة للاطلاع مثل تقارير لجنة تقصى الحقائق"، على حد قوله.
ما زال عدد من مؤسسات المجتمع المدني يعمل على فكرة توثيق الثورة المصرية، إذ يعتبر البعض أن توثيق الثورة "مهمة لم تتم بعد"، خاصة بعد أن امتدت الأحداث وتشابكت على مدار أكثر من عامين ونصف .
بعد تجربة التعاون مع المؤسسات الحكومية- مثل دار الكتب والوثائق المصرية- في محاولة توثيق الثورة، عادت مؤسسات المجتمع المدنى لترعى الفكرة مرة أخرى بعيدا عن الدور الحكومي. على سبيل المثال كان أحمد غربية- الخبير التقني وعضو مؤسسة التعبير الرقمي العربي- متطوعا في لجنة لتوثيق الثورة التابعة لدار الوثائق القومية، و واجه البيروقراطية الحكومية و غياب الرغبة لدى الحكومة في عملية التوثيق ، لكنه عاد ليشارك في ورش تدريبية  ما زالت تعمل على فكرة توثيق الثورة من جديد.
كذلك أقامت مؤسسة التعبير الرقمي ورش تدريبية تستهدف "توثيق الثورة"، سواء على موقع ويكيبيديا الشهير "الموسوعي"، أو على شبكات تضم فيديوهات. الجانب الايجابي الذي يراه أحمد غربية أن هناك تقاربا يحدث بين مجموعات لديها الاهتمام بفكرة التوثيق، وبعضهم كان يقوم بالتصوير فعليا، لكن ينتظر المزيد من تطوير مهاراته. و يعلق غربية :"المشكلة أحيانا تكون مع المؤسسات التقليدية في تقدير قيمة ما لديها من وثائق أو فيديوهات. على سبيل المثال هناك برامج تقنية تساعد في الاستفادة من الصور والفيديوهات وتنظيمها وتوثيقها داخل مؤسسات مثل الصحف والمؤسسات الاعلامية، وهنا أنا هدفي أن تتاح المادة غير المستخدمة من تلك الفيديوهات للجماهير لأنها تفيد ".
مع غياب الرغبة الحكومية في التوثيق الجاد لأحداث ثورة 25 يناير و ما تبعها من أحداث متتالية، يتبقى هامش بسيط للتوثيق، يتحرك فيه  أفراد مستقلون وبعض مؤسسات المجتمع المدني، على أمل تقديم رواية بديلة للثورة المصرية .
.
"المَزج" رحلة داخل المزاج الثوري
.
- مقاطع و أصوات تمس الواقع البائس
- أيمن بدر : "العفن" الذي يحيط بنا هو قديم ، يسبق الثورة بفترة.
.
في العام 2011 أصيب أيمن بدر- المهندس المعماري الشاب- أثناء تصويره تفاصيل ما جرى في شارع محمد محمود من اشتباكات ضد قوات الأمن، وسجلت كاميرا الهاتف المحمول صوته حين تلقى الاصابة. ظل محتفظا بهذا الفيديو حتى العام 2013، و عاد إليه مؤخرا كي يستعير الأصوات المسجلة عليه لهدف آخر، إذ قرر صنع عمل فني يمزج فيه أصواتا و موسيقى بشكل يعبر به عن الثورة ، تجربة فنيا قام بإخراجها بنفسه.
"نشرت أول ملف صوتي بهذه الطريقة تحت اسم المزيج العميق (عفن) ، دربت نفسي قبلها على برامج الصوتيات المتاحة على الانترنت لأنفذ تصورا في رأسي ، كنت أطرح أسئلة عن مصير الثورة، وأرى أن (العفن) الذي يحيط بنا هو قديم ، يسبق الثورة بفترة". اتجه أيمن في تلك الفترة، قبل ستة أشهر، إلى موقع ساوند كلاود soundcloud.com الملائم لمثل هذه التجارب ، و رفع عليه تجربته الأولى ، ونجحت التجربة وسمعها الآلاف حسب احصائيات الموقع .
الهدف من هذه التجربة ليس تقديم عرض إذاعي، لكن ما يحدث هنا هو مزج لأصوات مثل أم كلثوم وصيحات الثوار في التحرير، متقاطعا مع مقتطفات من أفلام شهيرة، و كل ذلك يتعايش معه المستمع ليس لمتابعة تسلسل موسيقي، بل للاستسلام لحالة يستعيد فيها المستمع أصوات الثورة ، مع جمل و مقاطع تمس الواقع البائس. ويبدأ في التأرجح بين الحنين و التفكير في المستقبل.  وفي تجربة "المزج" الأولى التي تحمل اسم "عفن"، يقرأ عماد حمدي بصوته جزءً من فيلم "ثرثرة فوق النيل"، وفي خلفيته صوت الثوار.
بعد أن انتشرت التجربة الأولى في مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت، انطلق أيمن بدر ليبدأ سلسلة "المزيج العميق" ، وانطلق إلى المزيج الثاني بعنوان "دم"... استعان فيه بصوت الفيديو الذي أصيب فيه أثناء اشتباكات شارع محمد محمود، وذلك جنبا إلى جنب مع أصوات أهالي شهداء و هم يتحدثون ، مع جزء من خطاب مبارك الثاني، وصوت بكاء وائل غنيم في برنامج "العاشرة مساءً"، فور إطلاق سراحه من الاعتقال، مع مقتطفات أخرى متنوعة، أما الهدف فاستمر كما هو .. استعادة ذكرى الثورة و التفكير في جدواها و مصيرها، دون توجيه مباشر، فالهدف هو توثيق أفكار ومشاهد وأحاسيس، حسبما يصف أيمن بدر.
و مع نجاح الفكرة في جذب جمهور لها، بدأ شباب آخرون في تقليدها، على سبيل المثال صنع أحدهم "مزجا" يجمع صوت الدكتور مصطفى محمود من برنامج "العلم و الإيمان" وهو يصف الأمم المتخلفة، ثم ينتقل إلى أصوات شخصيات إسلامية كانت قد أثارت جدلا في الفترة الماضية، وفي خلفيته موسيقى تعبر عن الحالة المراد توصيلها. شاب آخر صنع "مزجا" تحت اسم "جيكا" جمع فيه أقوال مسجلة لصديقه الشهيد جيكا وأحاديث لأهله، مع خلفية موسيقية وأصوات اشتباكات وتعليق من الاعلامي يسري فودة. و كتب مؤلف هذه التجربة قائلا: "إليكم مزج لتراكم أصوات جيكا بداخلنا جميعا".
أغلب تلك التجارب تم تحميلها على موقع "ساوند كلاود" قبل تاريخ 30 يونيو، لذا لم تخلو من المرارة، واستخدم أحد أعمال أيمن بدر ضمن فقرات برنامج تلفزيوني شهير. وبدأت الفكرة تنطلق رويدا رويدا خارج الانترنت ، ويعلق أيمن بدر على ذلك قائلا: "جاءني عرض من مخرج مسرحي لاستخدام أحد أعمالي في عرض مسرحي معاصر، كما أن أستأذنتني إذاعات على الانترنت في بث أعمالي عدة مرات ، والآن أجهز لورشة عمل من أجل صنع مزج صوتي خاص مصاحب لعرض مسرحي عن قضية التحرش". كان آخر عمل نشره أيمن على الانترنت بعنوان "قدوس"، و هو يطرح سؤال: هل نحن في مشكلة مع الله أوصلتنا إلى هذا الطريق المسدود؟ وتصادف أن نشره ليلة فض اعتصامي نهضة مصر ورابعة العدوية، فجاءته تعليقات على الانترنت من نوعية "لماذا كل هذا الألم ؟ ألا يكفيك ما حدث من مذابح؟" مثل هذه التعليقات انفعلت بالعمل نفسه الذي ذكرها بالواقع البائس.
يستغرق صنع "مزج" واحد حوالي ثلاثة أسابيع لإعداد ملف صوتي قد يمتد من 5 إلى 25 دقيقة ، لكن تظل مثل تلك التجربة فريدة من نوعها لتوثيق مزاج الثوار بين القلق و الحنين والترقب ، هي مساحة للخيال عن طريق الاستماع، بحسب تعبير أيمن بدر ... تجربة متوائمة مع عالم مركب و متشابك، يلائم مزاج رواد الانترنت، وخاصة أصحاب التوجه الثوري.
.
الأفلام الوثائقية في هدنة إجبارية
.
انطلقت مع ثورة 25 يناير شريحة من الشباب، حملوا كاميراتهم ، وعملوا على توثيق الأحداث المتتالية في فيديوهات و أفلام وثائقية، بعضهم يعمل بشكل مستقل و بتكلفة قليلة ، بينما اعتمد فريق آخر على شركات لإنتاج أفلامه ، و استهدف الفريق الثاني بشكل كبير أن يعرض أعماله في قناة الجزيرة للأفلام الوثائقية، التي تكاد تكون المتنفس الوحيد في عالم الأفلام الوثائقية .. يواجه الفريقان الآن أزمة التوقف عن العمل بشكل مؤقت لأسباب مختلفة. على سبيل المثال أوقف البراء أشرف العمل في شركته الانتاجية خلال الأسابيع الماضية، وذلك في الوقت نفسه الذي تعمدت فيه قناة الجزيرة تكرار عرض فيلم "صناعة الكذب" طيلة الفترة الماضية ، في رسالة ضمنية إلى أن الاعلام المصري ما زال على مساوئه القديمة التي رصدها الفيلم في توثيقه للفترة الأولى من الثورة.
يقول البراء: "أتذكر في لقاء تلفزيوني جمعني مع إبراهيم الصياد، رئيس قطاع الأخبار باتحاد الإذاعة والتليفزيون، أنه أثنى على الفيلم و طرح فكرة عرضه على التلفزيون الرسمي ". و هو يوضح جانبا من الضغوط التي أصابت أبناء هذه الشريحة من العاملين في انتاج الأفلام الوثائقية والفيديوهات حين يؤكد أن أغلب العاملين في هذا المجال كانوا يستهدفون "الجزيرة" لأنها القناة الوحيدة المتخصصة في المنطقة، لكن الواقع السياسي حاليا الذي يظهر العداء ضد القناة أربك الموقف قليلا. و يستكمل البراء أشرف كلامه قائلا: "قبل أسابيع تعرض أحد أصدقاءنا في شركته لتفتيش أمني بعد توارد معلومات حول تعامله السابق مع قناة الجزيرة، مثل تلك المواقف جعلتنا ننسحب قليلا، ونحن قلقون على مستقبل هذا المجال. هناك آلاف الشباب الذين شاركوا في هذه الصناعة النامية، يتساءلون اليوم عن المستقبل".
يختلف الوضع هنا كثيرا عن شريحة أخرى من الفنانين المستقلين الذين يعملون دون اهتمام كبير بتسويق منتجاتهم بشكل دوري لدى قناة الجزيرة، غير أنهم لم يبتعدوا كثيرا عن نفس الأزمة مع الإعلام التقليدي، فبينما تستغل الجزيرة الأعمال التي بيعت لها حسب وجهة نظرها و في التوقيتات التي تحددها، نجد بعض الفنانين المستقلين والنشطاء يتعرضون لاستغلال فيديوهاتهم من فضائيات ومحطات تلفزيونية لخدمة هدف آخر، هو دعم السلطة الحالية. يكاد يكون ذلك واضحا لدى مجموعة مثل "مُصرين" التي قضى أفرادها الأعوام الماضية في تصوير وتوثيق الحركة الاحتجاجية ضد السلطة ، إذ فوجئوا في الفترة الأخيرة بأن المواد الفيلمية التي كانت تستخدم في الماضي لمعارضة حكم المجلس العسكري قد استخدمها الاسلاميون في دعايتهم ضد القوات المسلحة. وعلى الجانب الآخر استغلت بعض الفضائيات المؤيدة للسلطة الحالية بعض المواد الفيلمية من مجموعة "مُصرين"  التي سجلت معارضة لجماعة الإخوان المسلمين. تعلق سلمى سعيد، من مؤسسي "مُصرين" : "وسط هذه الصورة الضبابية، وجدنا أنفسنا وقد توقفنا لا إراديا عن تصوير المزيد من الفيديوهات، فقد اعتدنا طوال الوقت دعم الثورة والتغيير، أما الآن فالصورة ملتبسة ".
تعمل مجموعة "مصرين" بشكل غير هادف للربح، وتضم نشطاء و صناع سينما مستقلين، وأغلبهم كان قريبا من الأحداث المتتالية منذ 25 يناير حين كانت الأحداث جزء من حياتهم كنشطاء أو مهتمين بالشأن العام. أما في الوقت الحالي فبحسب تعبير سلمى سعيد "طوال الوقت كنا ندعم المسار الثوري بالتوثيق بالصورة، أما الآن فأنت بين طرفين لكل منهما آلة إعلامية قوية تعتمد على الدعاية ، فأين سنكون في هذه المرحلة ؟ و رغم ذلك زرنا و صورنا داخل المشارح ، كمحاولة لتوثيق الضحايا هناك ..".
لم يختلف الأمر مع كثير من الشباب المستقلين بالنسبة لإنتاج فيديوهات أو أفلام من ناحية الامكانيات بقدر ما أصبحت الأزمة في كيفية إيصال قناعاتهم الشخصية في ظل تلك الفترة الضبابية ، أما من يعملون بشكل تجاري، فلم يبتعدوا هم أيضا عن مشاكل المرحلة، يعود البراء أشرف ليقول : "حالة الاستقطاب التي نعيشها لن تؤثر فقط على طريقة توزيع الأفلام الوثائقية ، و لكن أيضا على مدى قابلية الضيوف في هذه الأفلام أو الفيديوهات".
أما الناشطة سلمى سعيد فتتحدث عن ضرورة الاجتماع والنقاش بين المجموعات المستقلة التي اعتمدت على توثيق الأحداث طوال الوقت، حتى تكون هناك رؤية موحدة في التعامل مع الموقف.
قد تجمع الأحداث فنان مستقل يستخدم كاميرته لخدمة فكرة يعتنقها، وفنان آخر يعمل لحساب شركة إنتاج وثائقية ، لكن في النهاية .. اتفق الجميع على هدنة الآن و إلى حين.

PDF

No comments:

Post a Comment