سؤال المولد: كيف نحتفل بذكرى الحبيب
؟
كتب – عبدالرحمن مصطفى
يقدم الشاعر والباحث سيد سليم
نفسه قائلا: "أنا خدّام آل البيت"، ثم يستكمل وصف عالمه الصغير في قرية
عرب مطير بمحافظة أسيوط أثناء المولد النبوي من كل عام، بين الذكر الصوفي، والدروس
الدينية، وتبادل "الواجب العائلي" بين أهالي القرية. يستكمل قائلا:
" ما أراه الآن بحكم انتمائي الصوفي أن هناك حالة استبعاد لآل البيت، و رفض
إحياء ذكراهم وعلى رأس ذلك إحياء ذكرى الرسول، وربط كل ذلك بالشيعة.. على السلفيين ألا يقفوا ضد الفرحة التي نبحث
عنها في هذه المناسبات ".
في عدد من المواقع السلفية
فتاوى تدين الاحتفال بالمولد النبوي وتصفه بأنه "بدعة"، وتظهر تلك
الفتاوى تحت أسماء قيادات سلفية حالية، كما تزداد حدة الاشتباك بين التيارات
السلفية و المتصوفة حين ينتقل الحديث من إحياء ذكرى الرسول إلى إحياء ذكرى آل
البيت. أما من اختاروا أن يكون عنوان حياتهم هو "محبة آل البيت"، فالأمر
أقرب إلى نمط حياة يومي، و يلخص الباحث الإسلامي سيد سليم حياة محبي آل البيت في مراحل:
أولها السعي إلى تحصيل العلم و مطالعة سيرة علماء آل البيت ، فتتحرك عاطفة المحب
نحوهم، ما يجعله يجتهد في إحياء ذكراهم بين الناس. وما يزيد من مكانة بعض الشخصيات
عند المتصوفة هو أن يجمعوا بين النسب الشريف و تحصيل العلم وهو ما يتمثل في نماذج
قديمة من أئمة آل البيت ينتمون إلى نسل الرسول، ونماذج آخري معاصرة مثل الشيخ صالح
الجعفري، والشيخ محمد متولي الشعراوي، لذا يتم تبجيلهم حتى اليوم في ذكرى مولدهم بسرادقات
وفعاليات سنوية. يستكمل سيد سليم قائلا: "في العام الماضي أجاز أحد
شيوخ السلفية إحياء ذكرى ثورة 25 يناير، على اعتبار أنه يوم يشبه انتصار موقعة
بدر، فكيف يجيز ذلك ولا يزكي الاحتفال بذكرى الرسول الحبيب وآل بيته الكرام
؟". كان الشيخ السلفي عبد الرحمن عبد الخالق هو من أصدر هذا الرأي قبل عام في
ذكرى الثورة.
أما داخل مجالس العلم و قنوات
التلفزيون ومواقع الانترنت التي تنتهج الفكر السلفي، فيقل الحديث عن إحياء ذكرى
المولد النبوي، واقتفاء أثر آل البيت، و يرتبط ذلك بتحذيرات من الشيعة والتشيع. قبل أيام ذكر أحد المواقع تصريحا على لسان القيادي الشاب
أحمد مولانا، عضو الجبهة السلفية عن أن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة شيعية، لكنه ينفي
ذلك التصريح قائلا : "بعض المنابر الإعلامية تتعامل مع السلفيين على أنهم
معادون لآل البيت ولا يقبلون عادات الآخرين ، هذا التصريح لم أقله، بل وأتحدى أن
يأت أحد برأي لشيخ سلفي يقلل من شأن آل البيت". يعيد المؤرخ المقريزي تاريخ
الاحتفال بذكرى المولد النبوي إلى الدولة الفاطمية، وهي المعلومة التي تقدمها الأدبيات
السلفية كدليل على أن هذه المناسبة ذات نشأة شيعية فاطمية، بما يتبعها من مظاهر، يعلق
أحمد مولانا قائلا: "نعم .. هناك تقصير في الحديث عن آل البيت وفضائلهم داخل
الأوساط السلفية، وربما بالفعل هناك من يحفظ سيرة أئمة السلفية عن سير آل البيت،
لكن هذا ليس عداء، إنما يكون العداء لما يصاحب هذه المناسبات من تجاوزات ، فإحياء
الذكرى ليس بالغناء أو حتى بالحضرة في الموالد، نحن نتبع ما قاله الشرع".
تأتي ذكرى مولد الرسول كغيرها
من المناسبات، حين يكتفي الشيخ السلفي بكلمة في مسجد، أو بإشارة في خطبة الجمعة،
"الأمر له علاقة بتجسيد أفعال الرسول في الواقع، وليس العيش في عالم الاحتفالات
والوهم ". حسبما يذكر أحمد مولانا القيادي السلفي.
كانت دار الإفتاء المصرية قد
أعلنت في فتوى لها أن الاحتفال بذكرى مولد الرسول الكريم هو : "من أقرب
القربات وأفضل الأعمال" ، وأن الحكم في الاحتفال بموالد آل البيت وأولياء
الله الصالحين وإحياء ذكراهم هو : "أمر مرغـَّب فيه شرعا". هل تتغير تلك
القواعد إذا ما ازداد عدد أبناء التيار السلفي في البرلمان القادم، فتواجه تلك الاحتفالات
بتشريعات تحد منها؟ يجيب أحمد مولانا المتحدث الرسمي باسم حزب الشعب ، التابع للجبهة السلفية،
قائلا: "دعنا نتذكر قبل 100 سنة حين كانت تلك الاحتفالات بما يصاحبها من
مخالفات شرعية هي السائدة، لقد تغير الوضع الآن بفضل التعليم، وازدياد الوعي
الديني، وحتى إذا ما ازداد وجود السلفيين في البرلمان أو السلطة، فإن مثل هذه
الاحتفالات التي لا نؤيدها ستواجه بالعلم الشرعي، فليست مهمتنا مطاردة الناس داخل
المساجد، والتضييق عليهم".
No comments:
Post a Comment