Thursday, October 13, 2005

نحن وإرادة الله

في حديثه مع قناة العربية اعتبر الدكتور زغلول النجار عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر أن الكوارث الطبيعية "عقابا للعاصين وابتلاء للصالحين وعبرة للناجين"، و أضاف أن الزلازل والبراكين "جند من جند الله" يسخرها على من يشاء، وهذا الرأي على ما يبدو ليس رأيا خاصا بالدكتور زغلول وحده، فقد سادت حالة من الرضا بين بعض الأوساط في عالمنا العربي والإسلامي عند حدوث إعصار "كاترينا" بالولايات المتحدة الأمريكية الذي خلَّف وراءه آلافا من القتلى والمشردين، وخسارة تقدر بمليارات الدولارات... وقتها قال البعض أن هذا عقاب إلهي لأمريكا على أفعالها، وعندما وقع الزلزال الأخير بباكستان الذي راح ضحيته آلافا من المسلمين، اضطرب هذا الفريق فراحوا يبحثون عن الذرائع التي تقدم هذا الزلزال على أنه غضب إلهي.. مثلما جرى من قبل مع كارثة تسونامي. للأسف أننا نجد من هم في علم الدكتور زغلول النجار ممن ينظِّرون لهذا الفريق الذي يبحث عن كوارث الآخرين كي يشمت في مصائبهم، وكأن الله قد انتصر لهم شخصيا، إن هذا الاتجاه يمثل نوعا من التدخل في فهم الإرادة الإلهية، فأن نقوم نحن البشر بتفسير الكوارث المحيطة بنا على أن الله يريد بها كذا وكذا.. فهذا تجاوز للحدود..! قال تعالى : " وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوب (116) المائدة.
هكذا كان نبي الله عيسى ابن مريم، أعلن أنه لا يعلم ما في نفس الله. ولا يحيط بإرادته أو حتى يستطيع توقعها، سنقول ما قاله عيسى بن مريم عليه السلام ونعلن أننا لا نعلم ما في نفس الله، ولا نحيط بما أراده الله من مثل تلك الكوارث. لنتذكر معا الآيات (65 : 82) من سورة الكهف التي تحدثت عن قصة سيدنا موسى مع العبد الصالح، فقد عرضت تلك الآيات العديد من التصرفات التي أقدم عليها العبد الصالح والتي كان بعضها بمثابة الكوارث لسيدنا موسى.. كانت النهاية أن اتضح لموسى عليه السلام أن كل تلك التصرفات من العبد الصالح كانت لحكمة عند الله أوضحها العبد الصالح في ختام الآيات.. إذن فعلينا ألا نأوِّل الأحداث من حولنا وكأننا قد أحطنا بإرادة الله وفسرناها.. لنعد إلى بشريتنا ولا تصيبنا نشوة الإيمان فنظن أن الله كأحد الرفاق الذين نستطيع فهم إرادتهم والإحاطة بها. في النهاية... أعتقد أننا لو كنا مشغولون بعمل ما، ما لجأنا إلى الاستصراخ بكارثة طبيعية نظن أن فيها نجدتنا أو خلاصنا.
http://www.scribd.com/doc/20005878/
ـــــــــــــــــــــــــــ

No comments:

Post a Comment