Saturday, May 11, 2013

مطلوب ضبط وإحضار عبر الفيس بوك

 استخدام الصورة للكشف عن الجناة 

عبدالرحمن مصطفى:
إلى كل المرضى والمشككين.. تأملوا لتعرفوا من البلطجى ومن أتباعه»، التعليق السابق من صفحة «إمسك إخوان» على شبكة فيس بوك الاجتماعية. كتب مدير الصفحة هذا التعليق أسفل صورة لشاب يحمل أداة حديدية ويحيط رأسه بشعار جماعة الإخوان المسلمين، أثناء اشتباكات جمعة تطهير القضاء فى ابريل الماضى. وعلى الجانب الآخر، داخل صفحة محسوبة على التيار الإسلامى، رفع مدير الصفحة صورة ناشط يسارى وهو يضرب أحد أفراد جماعة الإخوان المسلمين أثناء أحداث المقطم فى مارس الماضى، داعيا لضبطه وإحضاره. وكلا الطرفين يتعامل مع نشره الصور على أنه طلب ضبط وإحضار لأصحاب الصور على أمل تحويلهم للمساءلة الجنائية، وأن على الجهات المسئولة أن تتحرك.
قبل سنوات وتحديدا فى العام 2008 كانت هناك مبادرة هى الأولى من نوعها فى اعتمادها على نشر صور الأفراد من داخل الاشتباكات والفاعليات المختلفة، واقتصرت فى ذلك الوقت على نشر صور أفراد الشرطة وضباط أمن الدولة مع نشر بياناتهم المتاحة، وسميت المبادرة وقتها «موسوعة الجلادين».
«فى تلك الفترة قبل الثورة بسنوات كنا نحاول فقط كسر حاجز الخوف تجاه جهاز الشرطة، فقد نشرت صور ضباط مشتبه فى ارتكابهم جرائم تعذيب، وضباط وأمناء آخرين وجدوا فى المظاهرات والفاعليات، فقمنا بتوثيق وجودهم لتسهيل التعرف عليهم إذا ما تعدوا القانون، ووقتها كان الأمر أشبه بمغامرة فى مواجهة الشرطة.. لكن الأمر الآن فى 2013 أصبح مختلفا تماما عما كنا نفعله فى 2008». هذا ما توضحه نهى عاطف، الباحثة بالإعلام الاجتماعى بجامعة برمنجهام سيتى البريطانية، التى شاركت فى تأسيس فكرة موسوعة الجلادين قبل سنوات.
أما فى العامين الأخيرين فقد حركت لقطات الفيديو والصور عددا من قضايا الرأى العام، وعلى رأسها قضية «قناص العيون» الملازم أول محمود الشناوى بعد تداول فيديو له وهو يصوب فوهة الخرطوش نحو المتظاهرين فى أحداث محمد محمود عام 2011، إذ تناقل مستخدمو الانترنت ذلك الفيديو، كما تداول آخرون رقم هاتفه وبياناته الشخصية. لكن السؤال الآن الذى يدور فى رأس كثيرين من ناشرى صور مخترقى القانون على الانترنت هو لماذا لا يتم القبض على المخالفين رغم تداول صورهم على شبكات التواصل الاجتماعية بكثافة؟
يعلق المحامى الحقوقى جمال عيد، مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، على ذلك قائلا: «هذا التساؤل الذى يطرحه بعض الشباب على الانترنت هو تساؤل مشروع، خاصة أنه يتكرر بعد كل أحداث عنف واشتباكات، والحل يتلخص فى أمرين، إما أن يقدم أحدهم بلاغا مستندا إلى الصور والفيديوهات التى يعتقد أنها تدين أحد الأشخاص، أو أن يكون الأمر بيد النيابة العامة التى يمكنها فتح التحقيق فى قضية ما، ويمكن فى تلك الحالة استخدام الصور والفيديوهات كقرينة ضد المشتبه بهم، لكن الواقع أن النيابة العامة لا تتحرك فى بعض الحالات وتتباطأ فى حالات أخرى».

صهيب مجرد طالب ماجستير
يصعب الاعتماد بشكل كامل على المعلومات المصاحبة لصور المتهمين بالتخريب والاعتداء، إذ تنشر بعض الصفحات الالكترونية معلومات مضللة عن صور من داخل الاشتباكات بهدف الإثارة فقط، بعيدا عن الغرض الأصلى من النشر.. هذا ما حدث مع صهيب محمد إمام ــ العضو الشاب فى جماعة الاخوان المسلمين ــ بعد تداول صورة اعتدائه على ناشطين وصحفيين أمام مقر جماعة الإخوان المسلمين فى مارس الماضى، وقدمته بعض الصفحات على الانترنت على أنه مرة فرد من حركة حماس، وصفحات أخرى قدمته على أنه الحارس الشخصى لنائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، المهندس خيرت الشاطر، تلك المعلومات تم نفيها بواسطة الوسيلة نفسها، بتدشين صفحات على الفيس بوك يديرها نشطاء إسلاميون أكدوا فيها هوية صهيب وأنه مجرد طالب ماجستير فى مجال إدارة الأعمال قد أعماه الغضب فى ذلك اليوم.. انتهت القصة بأن صدر فى حق صهيب قرار ضبط وإحضار، ولم يتم القبض عليه سوى بعد أسابيع من ذلك القرار، لكن تبقى المعلومات الملفقة عنه متاحة على الانترنت إلى اليوم.
تعود نهى عاطف ــ الباحثة فى الاعلام الاجتماعى ــ لتعلق على تلك النقطة تحديدا بقولها: «الحقيقة أنه قد تعددت منصات الاعلام الاجتماعى، ومبادرات المستخدمين، على عكس الوضع قبل سنوات، حين كانت المدونات الالكترونية ذات عدد أقل، وهناك وضوح لنشطائها، لكن مع انتشار استخدام الاعلام الاجتماعى بهدف نشر معلومات عن المخالفين للقانون يجب أن يأخذ المستخدمون حذرهم من المعلومات المصاحبة للصور، وأن يقوموا بدور إيجابى فى نشر المعلومات الحقيقية»، فقد بلغ عدد مستخدمى الانترنت فى مصر نحو 32 مليون مستخدم منهم 13 مليون مشترك فى شبكة فيس بوك الاجتماعية.

«شفت تحرش»
 بعيدا عن هذا النوع من الصور، فلا يقتصر نشر صور المخالفين للقانون على المشاركين فى أحداث عنف أو اشتباكات، إذ تعتمد مبادرة مثل «شفت تحرش» على نشر صور متحرشين على صفحة المبادرة فى شبكة فيس بوك الاجتماعية، ولا يكتفى القائمون على المبادرة بذلك فقط حسبما توضح عزة كامل ــ الكاتبة ومنسقة حملة «شفت تحرش» ــ، إذ تقول: «الأمر لا يتقصر على نشر صور التقطها الضحايا أو المتطوعين، بل فى متابعة مثل تلك التحرشات مع فريق من المحامين لاتخاذ الاجراءات القانونية ضد المتحرشين». كيف يمكن التأكد من حقيقة الصور المنشورة إن كانت فعلا لمتحرشين أم لا؟ تشرح ذلك عزة كامل موضحة أن هناك تحريات تجرى على كل صورة من خلال فريق المبادرة، وأن مصداقية المبادرة تقوم على نشر معلومات حقيقية. وفى كل الحالات تظل القاعدة نفسها هى الفيصل، سواء فى مبادرة «شفت تحرش» أو فى صفحات أخرى تنشر صور مخترقى القانون أثناء الاشتباكات، وتقول القاعدة إنه إما أن يقدم أحد المواطنين بلاغا إلى الجهات المختصة مستخدما الصور والفيديوهات كقرينة اتهام أو أن تتحرك النيابة العامة لمنع الجدل المتجدد عبر الانترنت، والذى تنتقل أصداؤه إلى الشارع فيما بعد.

عزيزى المستخدم..رجاء التأكد قبل النشر

عبدالرحمن مصطفى:

ليست كل محاولات استخدام الصورة لدعم قضية أو للكشف عن جناة تحمل فى مضمونها نوايا بريئة طوال الوقت، فهناك عدد من صفحات شبكة فيس بوك الاجتماعية يستخدم معلومات مضللة لأهداف دعائية أو سعيا وراء الإثارة. أحد الأمثلة التى تكرر وجودها فى الأسابيع الماضية كانت صورة لشاب إيرانى يلوح بيده مبتسما بكل ثقة وحول رقبته حبل المشنقة قبل لحظات من إعدامه، المفارقة أن تلك الصورة استخدمت فى صفحات إسلامية وصاحبها تعليق يقول: «لله درك يا حفيد أبوبكر وعمر بن الخطاب»، مع الادعاء بأن صاحبها هو حسين خضرى الشهيد السنى الكردى الذى تم اعدامه من النظام الشيعى الإيرانى لنشاطه السنى، وذلك على حد وصف الصفحة. وفى ذات الوقت استخدمت الصورة نفسها دون تغيير فى صفحات مسيحية مع تعليق «أنا فخور لأنى مسيحى» مع تعريف آخر بصاحب الصورة على أنه شخص اعتنق المسيحية ورفض العودة للإسلام فقتلة النظام الايرانى، أما التقديم الثالث فكان من نشطاء يساريين قدموه على أنه شهيد الحرية ضد نظام القمع فى إيران.. أما حقيقة الصورة فكانت أبسط من ذلك بكثير، فهى لشاب أدين بقتل قاض واعترف بارتكاب جرائم سابقة، وتم اعدامه علنا بهذه التهمة.
تم نشر حقيقة الصورة التى ذاع صيتها أخيرا فى صفحات عديدة منها صفحة (هجص (hoax على فيس بوك التى تخصصت فى كشف زيف العديد من الصور من نفس النوعية، ويصف القائمون على الصفحة هدفهم قائلين: «صفحتنا تتابع أى كذب منتشر بين الناس، وتحاول أن تكشفه لهم، سواء فى الدين أو العلوم أو التاريخ أو الثقافة أو السياسة».
ورغم تلك المحاولات إلا أن مثل تلك الصور المضللة لا يتوقف انتشارها فى الشبكات الاجتماعية، ومازال هناك من يستخدم صورا خارج سياقها الأصلى لخدمة هدفه السياسى أو الدينى. على سبيل المثال، يتكرر المشهد نفسه فى صفحة «حركة قادمون الاسلامية» على الفيس بوك، حيث ترفع الصفحة صورا لآسيويين مقتولين أو لرهبان بوذيين يحرقون جثثا ميتة، وتزعم أنها صورا من حملة إبادة المسلمين فى بورما، ووسط هذا الركام من الصور يتلقون تعليقات توضيحية من نوعية: يا جماعة هذه الصورة من زلزال التبت وليست من بورما رجاء التأكد قبل النشر. لكن تستمر التعليقات الغاضبة، ويستمر نشر الصور دون الالتفات لأى تصحيح. وتخدم حالة الشحن التى تقوم بها الصفحة لأعضائها الذين جاوزوا 25 ألف عضو فى إعدادهم نفسيا قبل أى فاعلية فى الشارع مثل الفاعلية التى أقامتها الحركة أمام سفارة بورما فى ابريل الماضى.
يمكن للمستخدم العادى للانترنت أن يتأكد بسهولة من أصل الصور التى تمر من أمامه على شبكات التواصل الاجتماعى مثل فيس بوك، ومن أبسط تلك الوسائل ما قدمه محرك بحث الصور فى موقع جوجل، فكل ما على المستخدم أن ينسخ رابط الصورة التى يشك فى محتواها أو فى طريقة استخدامها، ويضغط زر البحث فى محرك بحث الصور حتى تظهر له نسخا أخرى من الصورة نفسها فى عدة مواقع، ومن هنا يمكنه معرفة أصل الصورة التى أمامه.
إلى جانب ذلك فإن هاجس التأكد من المعلومات المتداولة على الانترنت قد أصاب الصحفيين التقليديين، ما دفع موقعا مثل شبكة الصحفيين الدوليين إلى نقل مقال عن كيفية التأكد من المعلومات المتداولة على موقع تويتر للتدوين القصير، فالكثير من الأخبار ينقلها مستخدمو تويتر عن أحداث، وأحيانا ما يتلقاها الآخرون بعفوية خاصة فى أوقات الاشتباكات والأحداث الساخنة، ويقدم الموقع عدة إجراءات للتأكد من صحة الخبر المتداول من أهمها: التأكد من حساب صاحب المعلومة على تويتر، والبحث فى محتوى مساهماته فى الفترة الأخيرة للتأكد من مصداقيته، والبحث عن اسمه فى محركات البحث مثل جوجل وجمع أى معلومات عنه أو عن نشاطه على الانترنت بشكل عام، وتأتى الخطوة الأخيرة فى التواصل معه بشكل مباشر للتأكد من مصداقيته، إلى جانب ذلك فهناك أساليب تقنية تفيد المتخصصين فى الاعلام الاجتماعى يمكن استخدامها للتأكد من مصداقية المعلومات المتداولة على الانترنت.

No comments:

Post a Comment