Saturday, March 23, 2013

باحثون من أجل الخبز

كتب - عبدالرحمن مصطفى
في معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية بالجيزة ، يتحول رغيف الخبز إلى مجرد "عينة" تتم دراستها تحت المجهر من أجل جودة أفضل، وتتوزع المهام بين عشرات الباحثين والمهندسين والخبراء من أجل تحقيق هذا الهدف، لذا هم الأقرب إلى تفاصيل انتاج الخبز عن صانعيه و آكليه . توجز الدكتورة بثينة عبد اللطيف- مدير قسم بحوث الخبز والعجائن في المعهد- مشكلات رغيف الخبز في قولها: "يمكن تلخيص عيوب الخبز المصري في نقاط محددة، مثل عدم تخمير العجين بشكل جيد، وعدم فرد الرغيف بشكل صحيح، ومشاكل أخرى فنية ذات صلة بطريقة عمل الأفران .. هي في النهاية مشكلة ضمير بعض الخبازين، تجعلنا نرى أرغفة عجيبة الشكل، ذات جودة رديئة ". كان الخبز هو محور إنشاء معهد تكنولوجيا الأغذية، حين بدأ الأمر في العام 1983 كوحدة تجريبية للمخبز التجريبي، ثم تحول إلى المعمل المركزي للصناعات الزراعية عام 1989، ومع انشاء المعهد بشكل مؤسسي في العام 1991 ، أصبح هناك قسم مخصص تحت اسم " قسم بحوث الخبز والعجائن ".
تتراكم الأبحاث التي أنتجت في السنوات العشر الماضية لتتجاوز 160 بحثا في هذا المجال، فهل أسهمت نتائجها في تطوير حالة الخبز المصري ؟ ترى الدكتورة بثينة عبداللطيف أن أهم انجازات الفترة الماضية كان في انتاج خبز من خليط دقيق الذرة بالقمح، ما يمكننا من تقليل استهلاك كميات القمح المستوردة، غير أن هذه التجربة نفسها لم يتم تعميمها، نتيجة انتقادات لها، وظهور نتائج بحثية من جهات أخرى ترفض الفكرة، إذ ترى تلك النتائج أن خلط دقيق الذرة بالقمح أدى إلى تدني جودة الخبز وشكاوى المستهلكين. و ترد الدكتورة بثينة مدافعة عن نتائج أبحاث المركز قائلة: "المشكلة أن هناك حالة فشل في كثير من أجهزة الدولة، على سبيل المثال، إذا أردنا تطبيق تجربة خلط دقيق الذرة بالقمح فهناك أساليب لضمان الجودة، على رأسها استيراد نوعية جيدة من القمح، بدلا من النوعيات الرديئة التي يتم استيرادها ، كذلك فقد لوحظ أن عملية طحن الذرة قد جرت في المطاحن بشكل سيء، وهو ما يترتب عليه اختلاف حجم حبيبات الذرة عن حبيبات القمح، فيصبح لدينا خبزا رديئا .. لكننا ما زلنا في بداية التجربة". بعيدا عن نتائج الأبحاث وإحباطاتها يعمل المركز في مجالات أخرى ذات صلة بالخبز، على رأسها تدريب العاملين في قطاع المخابز على أمل إنتاج أفضل، إذ يشارك الباحث مع الفني في عملية الخبز داخل ورشة تدريبية أمام المتدربين حتى يصل معهم إلى أفضل طريقة للإنتاج، "مع ارتفاع تكلفة الأيدي العاملة في المخابز، أصبح بعض أصحاب المخابز لا يهتمون بعملية الخبز لحساب سرعة الانتاج، وينصاع الخبازين لهذا الاتجاه ، ما يؤثر على الجودة". ما زالت هناك نتائج أبحاث تسعى إلى الحصول على استخلاصات عالية من القمح بنسبة 93% بدلا من 87% وهو ما يفيد في الاستفادة من القمح بأكبر قدر ممكن، غير أن ذلك ما زال يواجه عقبات أخرى تشرحها الدكتورة بثينة عبد اللطيف مدير قسم بحوث الخبز والعجائن بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية: "نحن مجرد جهة بحثية، نرسل نتائج الأبحاث للجهات المختصة، لكن ما زال هناك قيادات في تلك الجهات تبسط نفوذها التقليدي ، ما يعيق تحقيق أهداف أبحاثنا".

Tuesday, March 19, 2013

الميليشيات الإسلامية فى أسيوط.. آخر منتجات الوهم

كتب - عبدالرحمن مصطفىفى مسجد «السوق» بمدينة أبنوب على مسافة 14 كيلومترا من مدينة أسيوط، كان ميعاد الدرس الأسبوعى للشيخ حمادة نصار ــ عضو الجماعة الإسلامية ــ الذى جلس أمام المحراب وأمامه نصف دائرة من أعضاء الجماعة بالمحافظة فى درسه الأسبوعى بالمسجد، مختتما حديثه معهم بانتقاد ما صاغه الاعلام عن «ميليشيا الجماعة الاسلامية « قائلا: «اتهمونا بأننا نعد شرطة إسلامية لاحتلال المدينة، واستندوا لبعض الحوادث كى يزيدوا من مساحة الانقسام فى المجتمع، هل هذا معقول؟ تسجيلات الفيديو التى أذيعت فى كل مكان كانت مجرد مسيرة لتطمين الشارع، وقد تم تصويرها على غير حقيقتها». القصة لم تبدأ هنا فى أبنوب، بل بدأت من مدينة أسيوط عاصمة المحافظة، وتحديدا فى مسجد أبو بكر الصديق الشهير، أهم مراكز تجمع الجماعة الاسلامية فى المحافظة، حين بادرت الجماعة فى بيان لها إلى تكوين لجان شعبية لسد الفراغ الأمنى الذى نتج عن إضراب الشرطة فى أقسام ومراكز المحافظة، ولم يطف ببال أحد وقتها أن تدور كرة الثلج ويتفجر الموقف تماما بعد انطلاق مسيرة فى شوارع أسيوط، تضم أبناء الجماعة وهم يرتدون قمصان اللجان الشعبية، فوق جلاليبهم البيضاء. هذا المشهد تحديدا قد تكرر عرضه على الانترنت وفى بعض الوسائل الاعلامية على أنها ميليشيات منظمة انطلقت لترهب المواطنين، وتحل محل الشرطة، وبدا الموقف خارج السيطرة مع استخدام بعض الحوادث التى تبعت هذه المبادرة كوسيلة للطعن فى أهداف الجماعة الاسلامية، هذا ما كان يوضحه الشيخ حمادة نصار فى جلسته ضاربا المثل بحادثة الاشتباه فى أحد الشباب وهو يعتدى على فتاة فى المدينة، فتم التحفظ عليه، وتبين فيما بعد أنه مسيحى الديانة، وحسب تعبير الشيخ حمادة نصار فلقد تم الاتصال بالشرطة كإجراء عادى، فما كان منها إلا أن تلكأت ووصلت لاستلام الشاب «عن طريق رأس الرجاء الصالح». أما ما زاد من حدة الأمور، هو نبرة التعنيف التى ظهرت فى تصريحات قيادات الداخلية ضد اللجان الشعبية واعتبارها محاولات لاختطاف دور الشرطة، بل انعكست نبرة الغضب على تصريحات ائتلافات أمناء وأفراد الشرطة الذين قاموا بالإضراب الأخير، وانتقل ذلك إلى صفحاتهم على الانترنت، إحدى تلك الصفحات تحت اسم «الائـتـلاف الرسمى لأمـنـاء وأفـراد الـشـرطـة» كتب مديرها ما وصفه بالبيان ضد الجماعة الاسلامية، وذكر قائلا: «نتحدث لكل سفيه يتصور أنه بديل للأمن، بدلاً من أن تقحم نفسك فيما لا يعنيك، حتى لا تسمع ما لا يرضيك، عليك أن تتحلى بضبط النفس، وأن تقوم بعملك فقط وبذلك سينصلح الحال».
لم يكن هناك حضور حقيقى لأفراد الجماعة الاسلامية فى الشارع الأسيوطى فى تلك الفترة، عدا ما قام به أفرادها من مسيرة فى شوارع أسيوط لبث الطمأنينة فى النفوس على حد قولهم، بعد تلك الحادثة، بدت الأمور فى أوضاعها الطبيعية، إلا أن الصخب الاعلامى الذى صاحب هذه المبادرة قد صوّر المشهد وكأن أسيوط قد سقطت فى قبضة الجماعة الاسلامية، على عكس حالة الشارع فى أسيوط، المزدحم بالسيارات وحركة البيع والشراء، ودوريات الشرطة فى حضورها التقليدى بعد فض الاضراب مباشرة، وكأن شيئا لم يكن، مع استمرار الذعر الاعلامى من «الميليشيات الاسلامية».

مسيرة العيد

فى الطريق إلى مدينة أبنوب، ينصب الحديث بين ركاب الميكروباص على حوادث السرقة والخطف التى تقع للمواطنين، منتقدين أداء الشرطة فى التواجد حول أماكن لا تفتقد الأمن، بينما يغيب الحديث تماما عن «ميليشات الجماعة الاسلامية»، ويبدو استخدام هذا اللفظ مضحكا لدى كثيرين فى الشارع الأسيوطى. أما الجماعة الاسلامية نفسها فقد أصدرت قياداتها بيانات وتصريحات تنفى حدوث أى محاولات لاحتكار الدور الأمنى فى المدينة، بل دعت القيادات نفسها القوى السياسية المختلفة إلى الانضمام إلى تلك اللجان الشعبية، حتى تكون معاونة للأمن، عدا ذلك، لم يكن هناك أى نشاط حقيقى لتلك اللجان سوى المسيرة الشهيرة التى لم تكن غريبة على أهالى مدينة أسيوط، ففى بعض المناسبات، مثل العيدين أو الحشد للتصويت بنعم، أو تأييد الرئيس مرسى كانت هناك مسيرات شبيهة، بالموتوسيكلات، مع الخيول أحيانا.

« مافيش حاجة، السنية خرجوا فى مسيرة، ولفوا شوية فى الشوارع، وخلاص على كده». مجرد تعليق مقتضب من أحد أصحاب المحال المجاورة لمسجد أبو بكر الصديق فى مدينة أسيوط، حيث تبدو الشوارع هادئة فى هذه الناحية، ولا يخلو الأمر من مرور دوريات الشرطة كل حين، ما يقلق البعض هنا فى هذه الناحية هو حسابات أخرى، كأن يحدث صدام لأى سبب، سواء بين الأمن والجماعة الاسلامية، أو لأسباب طائفية، وأن يتفجر الموقف فى لحظات، فما زال كبار المدينة يتذكرون ما كان قبل أكثر من ثلاثين سنة حين شهدت أسيوط صدامات وسقوط قتلى من الشرطة فى أعقاب مقتل السادات عام 1981، حين هاجم أفراد الجماعة الاسلامية مديرية أمن أسيوط. وعلى مدار فترة الثمانينيات والتسعينيات، كانت المدينة محكومة بالقبضة الحديدية الأمنية، حتى أصبح العمل فى أسيوط أمرا ضروريا فى السجل الوظيفى لأى وزير داخلية، بسبب ما كان من مشاحنات ضد أبناء الجماعة الاسلامية، حتى انتهت تلك الأوضاع تماما، وشهدت السنوات الماضية تنسيقا دائما وتعاونا بين أبناء الجماعة والشرطة.

لجان شعبية للأنابيب

كان لا بد من العودة إلى مدينة أبنوب لمعرفة حقيقة «الميليشيات المزعومة»، أو «اللجان الشعبية» حسب وصف الجماعة الاسلامية. بعد انتهائه من درسه الأسبوعى فى مسجد السوق بأبنوب، بدأ الشيخ حمادة نصار المتحدث الرسمى للجماعة الاسلامية فى أسيوط فى شرح بداية الأزمة، قائلا: «نحن لنا باع طويل فى إدارة اللجان الشعبية منذ بداية الثورة، يكفى أن أذكر أن هناك أخا لنا قد قتل وآخر قد فقئت عينه أثناء عملنا فى اللجان الشعبية لتنظيم توزيع أنابيب البوتاجاز، ولعل الجميع يتذكر كيف شكرتنا قيادات وزارة الداخلية بسبب موقفنا فى العام 2011 حين وقفنا نحمى مديرية أمن اسيوط حتى لا يهاجمها المتظاهرون.. كل هذا تم نسيانه فجأة، وأصبحنا فى أيام نسعى لإقامة شرطة بديلة !».
فى الطرف الآخر، كان هناك من أبناء القوى السياسية فى أسيوط من يراقبون هذا الموقف باهتمام، خاصة نشطاء اتحاد شباب الثورة بأسيوط، إذ إنهم خاضوا من قبل تجربة إقامة «اللجان الشعبية» بعد قيام الثورة، وكانوا يدخلون أحيانا فى شراكة مع أبناء الجماعة الاسلامية فى إدارة هذه اللجان، باعتبارهم فصيلا سياسيا من أبناء المجتمع الأسيوطى. ثلاثة من اتحاد شباب الثورة هم «إسلام خشبة، عقيل اسماعيل، محمود النفادى» أبدوا عدم اهتمامهم بالضجة التى أثيرت إعلاميا وسياسيا حول «الميليشيات الاسلامية»، جلسوا حول طاولة فى أحد المقاهى الشهيرة، شارحين فكرة اللجان الشعبية بشكل عام. بدأ إسلام خشبة قائلا: «اللجان الشعبية هدفها الأساسى هو العمل الخدمى، وأحيانا ما تتخذ طابعا أمنيا، نحن قمنا بذلك فى يوليو 2011، حين أقمنا حواجز بشرية أمام مديرية الأمن خشية اقتحامها من الشباب الغاضب فى ذلك الوقت، ونحن الثلاثة ننتمى إلى حزب الوفد.. ورغم هذه التجربة، إلا أننا لم نطالب فى أى وقت بأن نكون بديلا عن الشرطة أو أن نستغل موقف إضراب رجال الشرطة بهذا الشكل، مثلما فعلت الجماعة الاسلامية».
ينهى اسلام خشبة حديثه كى يستلم زميله عقيل اسماعيل طرف الحديث بعد أن اجتهد فى الفترة الماضية بحثا عن لجان أمن الجماعة الاسلامية فى شوارع أسيوط، إذ أفزعته الضجة الاعلامية، بينما لم يجد لها صدى على أرض الواقع. إذاً.. ما الهدف من مبادرة اللجان الشعبية للجماعة الاسلامية ؟ يعلق عقيل قائلا: «ببساطة أصبحت هناك مناطق نفوذ للكيانات السياسية الكبرى، بحيث أصبحت القاهرة والاسكندرية للكيانات الثورية، ومدن القناة فى يد القوات المسلحة، ومحافظات أخرى مع الاخوان المسلمين، وهكذا.. فعلى ما يبدو أن الجماعة الاسلامية بدأت استعراضا للقوة مستغلة غياب الأمن، كى تعيد ذكرى الخوف إلى نفوس المواطنين، حين كانت الجماعة اسما يسبب القلق للجميع خلال فترة ارهاب الثمانينيات والتسعينيات».
كان هذا السيناريو قد نفاه المتحدث الرسمى للجماعة، مستندا فى ذلك إلى أن الجماعة الاسلامية لو أرادت استعراضا حقيقيا للقوة لكانت نفذت الفكرة نفسها فى المنيا وسوهاج حيث هناك حضور قوى لأفرادها، وكانت قد صنعت سمعة جيدة فى جنوب الصعيد. هل هى لعبة استعراضية تفيد رصيد الجماعة الاسلامية فى حالة انعقاد انتخابات مجلس الشعب فى الفترة المقبلة؟ يجيب محمود النفادى ــ ثالث شباب اتحاد شباب الثورة فى أسيوط ــ قائلا إنها مغامرة لن تفيد، حتى إن كان قد تبناها أى تيار سياسى آخر، شارحا طبيعة المجتمع فى أسيوط، إذ ينتمى محمود النفادى عائليا إلى مركز البدارى أحد معاقل القبلية وانتشار السلاح، ويقول: «دعنا نلاحظ أن الفترة الماضية قد شهدت قطعا للطرق بسبب أزمة السولار، وازداد كم الحوادث الثأرية، ولأننا هنا نتحدث عن مجتمع ذى طبيعة قبلية، فمن الصعب على أى أحد أن يراهن على السيطرة على هذا المجتمع، فهى مهمة أخفقت فيها وزارة الداخلية أمام مناطق مليئة بالأسلحة والتكتلات العائلية».

سلم سلاحك!

على النمط نفسه تبنى اتحاد شباب الثورة فى فترة سابقة مبادرة «سلم سلاحك» فى مركز البدارى بالتنسيق مع وزارة الداخلية المصرية، لكن ما زالت المشكلة قائمة. «لو اعتقدت الجماعة الاسلامية، أن لديها قدرة للقيام بدور الأمن، فهذا أشبه بانتحار كامل، ولا أعتقد أنهم يفكرون بهذا المنطق الساذج»، حسبما يقول عقيل اسماعيل، عضو اتحاد شباب الثورة فى أسيوط.
على أرض الواقع، فإن العلاقات بين الجماعة الاسلامية ووزارة الداخلية تحمل شكلا من الشراكة فى كثير من الأوقات، أحد أبرز ملامح تلك الشراكة فى لجنة المصالحات التى تتم تحت أعين الشرطة، سواء قبل الثورة أو بعدها، لذا كان لا بد من العودة مرة أخرى إلى أبنوب، حيث الشيخ حمادة نصار ــ المتحدث الرسمى للجماعة الاسلامية فى أسيوط ــ وسط مدينة تعانى من أزمة فى السولار وتوفير رغيف الخبز. «البعض لا يدرك كيف كنا ننسق بشكل جيد مع وزارة الداخلية، سأذكر موقفا يوضح ذلك، وقد حدث هنا فى أبنوب، حين جاء اللواء محمد إبراهيم مدير أمن أسيوط ــ وزير الداخلية الحالى ــ لإزالة إشغالات من السوق، وطلب منا التواجد إلى جواره كى نعطى غطاء شعبيا لهذا الموقف، وقبلنا ذلك، وساندناه من أجل الحفاظ على النظام، رغم ما سببه هذا الموقف فيما بعد من مشاكل مع أهلنا هنا فى المدينة، كذلك لا أدرى لماذا لم يتذكر أحد مبادرتنا فى سد الفراغ الذى تركه عمال النظافة حين أضربوا فى فترة سابقة ؟ هذا هو منطقنا».
هل كان بالإمكان أن تتفكك العلاقات بين وزارة الداخلية والجماعة الاسلامية بهذه السهولة، وتعادى الجماعة الجهاز الأمنى فى أيام..؟ ينضم إلى الجلسة الشيخ محمود الضامر ــ الرجل الثانى فى الجماعة الاسلامية بأسيوط ــ حسبما قدمه الشيخ حمادة نصار.. وشرح كلاهما سبب طرح مبادرة اللجان الشعبية لمعاونة وزارة الداخلية، بحسب عبارتهما، فإن «الحفاظ على الأمن من أهم القضايا التى تشغل بال الجماعة طول الوقت». وذلك لسبب أكدا عليه، إذ كان هناك تخوف من أن تقع أى حادثة طائفية فى فترة إضراب الشرطة، ويتم إلصاق التهمة بأبناء الجماعة، وسط كل هذا الغموض تتصاغر فكرة الميليشيات تماما، بحيث تصبح وهمًا لا وجود له، ولم يعد هناك سوى سيناريو أخير حول ذلك الصخب الذى دار مؤخرا وانتهى بزيارة وفد من الجماعة الاسلامية لمدير أمن أسيوط اللواء أبو القاسم أبو ضيف، بهدف تصفية النفوس بين الطرفين، وتقديم توضيح للداخلية أن الجماعة لا تسعى للحلول محلها. ما زال هناك سيناريو أخير أدركه الشيخ حمادة نصار، وذكره ضاحكا : «أعلم ما قد يفكر فيه البعض فى أن نزول لجاننا الشعبية كان لعبة تهدف إلى إنهاء اضراب الشرطة، وإجبارها على العودة تحت ضغط فزاعة الميليشيات». يصمت قليلا، ثم يضيف: «كان نزولنا عن قناعة خاصة، نحن قضيتنا الحفاظ على الأمن، وأريد أن أؤكد بعد حالة الفزع التى أصابت الكثيرين.. انتهى زمن حمل السلاح فى وجه الدولة، لم يعد هذا محل حديث الآن».

**
ثلاثة مشاهد يومية
  السولار
 «بقى لنا أسبوع مش عارفين نشتغل..!» لخصت الجملة حالة سائق الميكروباص المتجه إلى أسيوط من موقف رمسيس، بسبب أزمة السولار التى تفجرت مؤخرا، ورغم ذلك فقد اختار الكثير من المسافرين الابتعاد عن استقلال القطار، واستخدموا الميكروباصات وأتوبيسات النقل، خشية أن يتم قطع السكة الحديد فى أى وقت من الأهالى المحتجين على تلك الأزمة، خاصة وأن الأزمة لم تقتصر على نقص تموين سيارات الأجرة، بل انعكست أيضا على عمل المخابز، وتحكمت السوق السوداء فى حركة البيع.

 الفقر
 فى مواجهة مسجد أبوبكر الصديق التابع للجمعية الشرعية بمدينة أسيوط، سرادق لبيع اللحوم بأسعار مخفضة للمواطنين، وفى لوحة الاعلانات الملحقة بالمسجد إعلانات للوظائف، وطلب تعيين موظفين ضمن النشاط الخدمى الذى تقوم به إدارة المسجد الذى يستضيف لقاءات أبناء الجماعة الاسلامية بالمحافظة. تبدو مثل هذه المشاهد نجدة للبعض فى محافظة تقع على رأس قائمة المحافظات الأكثر فقرا، فبحسب أرقام الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء للعام 2011، فإن نسبة 69.3 % من سكان أسيوط يقعون تحت خط الفقر القومى، وتمثل نسبة البطالة 10.6 % من إجمالى قوة العمل بالمحافظة.

 الجدران
 فى عدد من شوارع المدينة يظهر شعار حزب البناء والتنمية على الجدران، ولا ينافسه فى احتكار الجدران سوى رسومات وشعارات ثورية لحركة 6 أبريل، وبعض المجموعات الثورية الأخرى. وعلى عكس حالة الصخب التى تظهر على جدران مدينتى القاهرة والاسكندرية عن فاعليات ومظاهرات متتالية، تبقى آخر محاولات الحشد الثورى التى ما زالت متواجدة بكثافة على جدران وسط المدينة، تحمل ذكرى 25 يناير الماضى. وعلى استحياء تظهر شعارات الألتراس فى بعض شوارع المدينة، بشكل أكثر تحفظا عن مثيلتها فى العاصمة.
**
اللجان الشعبية.. جدل متكرر
 لم يكن حزب التنمية والبناء ــ الواجهة السياسية للجماعة الاسلامية ــ هو الأول فى طرح فكرة تقنين «اللجان الشعبية»، إذ تكشف صفحة الجهاز الاعلامى لوزارة الداخلية عن مبادرة تعود إلى الأشهر الأولى من الثورة تبناها النقيب مصطفى عبدالفتاح الضابط بقوات الأمن المركزى، حين طرح تصورا تحت عنوان : اللجان الشعبية وكيفية عملها، واصفا اللجان الشعبية فى تعريف مختصر بأنها: مجموعة من التشكيلات ذات الطابع شبه العسكرى، إذ يلجأ فيها الفرد للسعى إلى فرض النظام والأمن فى المنطقة، مع عدم الإخلال بحقوق المواطن المصرى. ويلخص خطة عملها فى عدة نقاط على رأسها معاونة رجال الأمن والمرور، وإخطار جهاز الشرطة بحدوث جرائم تقع فى دائرة عمل اللجنة الشعبية.
 وحسبما يستكمل النقيب مصطفى عبدالفتاح على صفحة الفيس بوك، تتسع دائرة عمل هذه اللجان لتقوم بتنظيم أماكن الازدحام، مثل المباريات والاختناقات المرورية، على أن يكون سن المتطوع بين 20-40 سنة. وتختلف هذه الرؤية عن المبادرة الأخيرة التى قدمها حزب البناء والتنمية التى اقترحت أن تكون اللجان الشعبية جهازا معاونا للشرطة وتابعا لمؤسسة الرئاسة، إذ تنوى الجماعة الاسلامية عبر واجهتها السياسية (الممثلة فى حزب البناء والتنمية) أن تتقدم بمشروع قانون لمجلس الشورى، يقنن أوضاع اللجان الشعبية التى ما زال بعضها يعمل حاليا بإيقاع أبطأ عن ذى قبل. أما المبادرة التى كان قد اقترحها النقيب مصطفى عبدالفتاح قبل عامين من الآن، فكانت تضع تصورا يعتمد كليا على وزارة الداخلية فى إصدار كارنيهات لهذه اللجان لضمان سلامة المتطوعين فيها، وأن يحصل هؤلاء الشباب على تدريب لمدة أسبوع فى كلية الشرطة يؤهلهم للقيام بواجبهم.


Monday, March 11, 2013

يوميات الهاربين من السياحة

ربع قرن من الإرشاد وبحث عن بداية جديدة
 **
فى الأيام الأولى من أحداث الثورة أدرك عادل عبدالظاهر المرشد السياحى المخضرم، أن هذا الوضع ستنعكس ظلاله على قطاع السياحة لفترة طويلة، ويعلق ضاحكا: «عرفت أن الثورة ستكون بمثابة قرار معاش مبكر بالنسبة لى». فى جزيرة الزمالك على مسافة غير بعيدة من مقر عمله الجديد، اختار أن يكون اللقاء هناك، لا يخفى فى حديثه مرارة 25 سنة قضاها فى مجال الإرشاد السياحى، واضطراره للبدء من جديد فى مجال آخر تماما، خاصة أنه من شريحة رأت الحقيقة بعد تدهور العمل السياحى فى العامين الماضيين. «عشنا طوال فترة عملنا ملوكا، لم نفكر فى تأمين علاجى أو فى تأمينات اجتماعية، حتى جاءت لحظة الحصاد فى العامين الأخيرين، فالعمل بشكل حر بين الشركات حسب قوة الموسم السياحى، كانت مغامرة طويلة، لم تعد مجدية الآن فى ظل تردى الحالة السياحية فى مصر».
 ينتمى عادل عبدالظاهر ــ الذى أتمَّ عامه الخمسين ــ إلى شريحة احترفت الارشاد السياحى فى وقت كان للمهنة وجاهتها، وذلك فى نهاية الثمانينات من القرن الماضى بعد تخرجه فى كلية الألسن، «الشركات كانت بتخطفنا» على حد قوله. كانت أعداد الشركات السياحية والعاملين بها أقل من الآن، كما كانت نظم العمل تتيح للمرشد السياحى أن يتفرغ لمهنته فقط. «منذ نهاية التسعينيات علت موجة جديدة من نمط العمل حوّلت المرشد السياحى إلى مندوب تسويق برامج الشركة ورحلاتها، كما أن انخفاض الأسعار أدخل شرائح من السائحين أقل ثقافة، وهمّشت حضور السياحة الثقافية لحساب السياحة السطحية، التى لا تسوق الحضارة أو تؤثر فى زوار مصر». هذا ما يصفه عادل عبدالظاهر، ومع ازدياد أعداد الشركات وتضخم القطاع، بدأ الشباب فى التوافد على المدن السياحية مثل الأقصر وأسوان بحثا عن العمل حتى لو أنفق مئات الجنيهات فى سبيل ذلك، فى تلك الأثناء تأثرت وجاهة مهنة المرشد السياحى، حين ازدادت نسبة تخريج المرشدين السياحيين من المعاهد السياحية، ما بدا فى تدهور الحال شيئا فشىء.
 فى أثناء العامين الماضيين، لم يتجاوز مجموع الفترة التى عملت فيها لحساب الشركات السياحية سوى شهرين، وهى فترة لا تكفى سداد التزاماته اليومية، «أعمل الآن فى مجال الترجمة من اللغة الألمانية فى وكالة للأنباء، والمصادفة أنى قد وجدت زميلا من نفس جيلى يعمل فى الترجمة أيضا». فى زحام السنوات الماضية انطوى عادل عبدالظاهر ضمن فئة من المرشدين السياحيين ابتعدت عن الأجواء التجارية التى غلبت على المجال، فبدأوا فى تثقيف أنفسهم، والعمل على أفواج سياحية ذات ثقافة عالية. «فى مرة وجدت أستاذا أكاديميا فى مجال العلوم بألمانيا، قضى قبلها 20 سنة فى تعلم اللغة الهيروغليفية، مثل هؤلاء السائحين لا بد أن تكون مسلحا أمامهم بالثقافة والعلم، ولهذا فإن بعض الشركات الألمانية كانت نادرا ما تستعين بمرشدين مصريين، إلا من يثقون فى ثقله المهنى». يصمت قليلا، ثم يضيف قائلا: «كنت فى أشهر الركود السياحى أقضى الصيف فى القراءة والكتابة والدراسة، والآن أنا مهتم بأن أكمل تلك البحوث، وأن أجمعها فى كتاب..».
 كانت التجربة الأكثر بؤسا فى العامين الماضيين، حين جرّب العمل فى خدمة العملاء لحساب إحدى شركات الاتصالات الكبرى، متلقيا شكاوى العملاء من المتحدثين بالألمانية عبر مكتب القاهرة، كان حوله شباب صغير السن، وواجه معاملة متعسفة من المديرين، وكل تعاملاته كانت مع زبائن ساخطين على مدى 9 ساعات دون توقف.
 يمر فى حديثه على أهمية دور المرشد السياحى، كسفير لحضارته بادئا بصورة الحضارة المصرية فى كتابات المستشرقين، وأهمية كسر تلك الصورة المغرضة بشكل علمى امام الزائر، وأن السياحة الثقافية أكبر من سياحة الترفيه وجلب الأموال. ينهى حديثه، مودعا المقهى، ومودعا مهنة عاش فيها بكل جوارحه لأكثر من ربع قرن.
**
شباب فى مهن أخرى: نسينا السياحة مثلما نستنا
 **
يتحدث مصطفى عبدالتواب (30 سنة) عن السياحة وكأنها من الزمن الماضى، قضى 10 سنوات من عمره كمندوب لإحدى الشركات السياحية الشهيرة، ينجز كل الشئون الادارية المتعلقة بالرحلات الوافدة إلى مصر، ونجح أن يجمع فى تلك السنوات خبرة بكل مسالك تخليص الاجراءات المطلوبة فى عمله، أما الآن فهو فى مجال آخر تماما، بعد تردى أحوال العاملين فى هذا القطاع بأكمله. «شغل السياحة كان صيت أونطة.. وفلوسها مش من المرتب، إنما من كذا حاجة تانية». يعمل مصطفى اليوم فى مركز صيانة بإحدى شركات السيارات الشهيرة، «فى أكتوبر 2011 أخدت القرار، إنى أشوف مجال تانى»، من هنا التحق ببرنامج «التدريب من أجل التشغيل»، وتسلم وظيفته قبل أسابيع قليلة، حيث يجيد العمل الآن على إصلاح أغلب أعطال السيارات، وذلك بعد أكثر من عام من التدريب، مستثمرا وقته فى زمن توقف السياحة عن العمل. يتحدث بحماس وإلى جواره زميل من عمله الجديد، ويشاركهما الجلسة صديقه عاطف شبل (30 سنة)، جاره الذى شاركه العمل فى مجال السياحة منذ سنوات قبل أن يتفرغ لقيادة التاكسى.
 حول المقهى الذى اجتمعوا فيه بحى الأميرية، تنطلق أصوات الخرطوش فى شجار بعيد، ما يجبر الجميع على تحويل الحديث إلى قضية الانفلات الأمنى. «السلاح مع الجميع، كيف تعمل السياحة فى هذه الأجواء!؟». لخصوا قولهم فى هذه العبارة. كان مصطفى عبدالتواب ضمن شريحة تحمل كل ضغوطات العمل السياحى. «لا شىء يتم سوى بالرشوة، كانت تلك قواعد الدولة فى إدارة العمل.. فكيف ينصلح حال هذا القطاع؟ لقد انكشفت الصورة الآن بعد تبدل الأحوال عقب الثورة، يجب إصلاح موظفى الدولة والشرطة والجهاز الإدارى بأكمله». يضرب مثلا بحالات رآها فى أثناء عمله كيف مكنت الرشوة بعض الشركات أن تلحق سائحيها الأجانب بقطار النوم وبنفس الأسعار المخصصة للمصريين. أما صديقه عاطف شبل فكان ضمن شريحة السائقين، إذ عمل مع عدة شركات سياحية، إحداها الشركة التى عمل بها صديقه مصطفى. نظام العمل هو «التشغيلة»، وله نصيب من عمولات يحصل عليها المرشد، وما يقدمه أصحاب المحال والبازارات من إكراميات على ما يشتريه السائحون من هدايا وتذكارات. «أنا فاكر لما اشتغلت مضيت استقالة مع عقد العمل زى أغلب الشباب»، هكذا يصف عاطف شبل واقع العمل فى السياحة قبل أن يتوقف.
 كلاهما يريان الأمر الآن بشكل أهدأ، إذ لا يندمان على وقوع الثورة وتبعاتها، بل يصنفان أنفسهما على أنهما من الشباب الثورى، الساخط على ما كان. «كان من الممكن أن يهيننى سائح، وأن تقف الشرطة فى صفه ضدى، اليوم أصبحت لى كرامة، خاصة وانا أعمل على التاكسى»، حسبما يقول عاطف شبل.
 بعد الثورة ظهر صوت المندوبين السياحيين وقائدى الأفواج السياحية، حين بدأ بعضهم فى تنظيم أنفسهم فى مجموعات وائتلافات لحل مشكلات الماضى، لكن هذا الأمر لم تتسع دائرته لتشمل جميع العاملين فى هذا القطاع، كثيرون تحولوا إلى مهن أخرى أو بقوا صابرين على سوء الأوضاع، وقلة الأفواج السياحية. ربما أصبح لدى مصطفى عبدالتواب الآن نصيب أفضل فى العمل بعد عامين من التشتت، فقبل عمله الحالى جرب العمل مع صديقه عاطف فى قيادة التاكسى، أما الآن فقد جرب الاستقرار فى وظيفته الجديدة لأول مرة بعقد جيد، يوفر له العلاج الصحى. أما عاطف الذى مازال يطوف الشوارع كسائق للتاكسى، فمازال يبحث عن فرصة عمل كسائق لدى جهة حكومية، وهو يعلق على ذلك قائلا: «رغم تفاؤلى بالثورة، لكن إن لم أجد فرصة فى العمل الحكومى، سأبحث عن عمل خارج مصر.. لقد رأيت ما يكفى».
 من بعيد يتابعان زملاءهم الذين ما زالوا يعملون فى شركات السياحة، بعضهم مستمر فى مهنته، وآخرون يبحثون عن بديل.
**
«الرئاسة لا ترى مصر بلدا سياحيا»
 **
  3 أسئلة إلى إيهاب موسى  رئيس ائتلاف دعم السياحة حول تحولات مجتمع العاملين فى قطاع السياحة بعد الثورة

1-هل حققت ائتلافات العاملين فى قطاع السياحة، تطورا بالنسبة للمهنة، أم أن الركود السياحى قد وقف عائقا فى وجه أى تغيير؟
تأسس ائتلاف دعم السياحة فى مارس 2011 ليكون أول ائتلاف يضم أبناء هذا القطاع، ولا يخفى أنه قد تكون من مجموعة عاشت سويا فى فترة اعتصام التحرير الأولى، وكنا على صلة وثيقة بائتلاف شباب الثورة، كان هدفنا ومازال هو خلق بيئة عمل سياحية جيدة تنهض بهذا القطاع، ما جعلنا نتداخل مع أحزاب ومجموعات ثورية بهدف الاطلاع على برامجهم السياسية، والتنسيق كى يهتموا أكثر بقضايا السياحة وهمومها، نحن هنا لا نحول الأمر إلى حركة مطالب فئوية، فهذا دور النقابة والغرف السياحية، وأحيانا ما نوصل المشاكل إلى تلك الجهات المختصة.
  
2-ما ملامح المعركة الحالية من أجل تطهير بيئة العمل فى قطاع السياحة؟
المشكلة أننا نواجه نظاما حاليا لا يرى السياحة فى حساباته، ولعل عبارة الرئيس محمد مرسى عن رؤيته لمصر كبلد زراعى، وأنه يتمنى تحويلها إلى بلد صناعى تكشف عن أن السياحة لا حضور لها فى تفكيره، رغم أننا ساندناه وجلسنا معه كباقى المرشحين فى فترة الانتخابات الرئاسية. هناك مشكلة أكبر فى ظهور ائتلافات أخرى تضم أفرادا لهم مصالح شخصية ولهم صلات بالنظام القديم، وهى لا تتبنى فكر التغيير الجذرى فى قطاع السياحة، لذا نجد بعضهم يتعامل مع مشاكل العاملين فى السياحة كمشكلة فئوية، لا يهتمون بإصلاح الكيان كله، فبعضهم نجح بالفعل فى تحقيق بعض المطالب مثل: نسبة الـ12% التى يدفعها العملاء مقابل الخدمة فى المنشآت السياحية، والاتفاق على إيصال حق العاملين منها، لكننا نتحدث عن هذه الأمور فى وقت توقفت فيه السياحة بشكل مروع، أما إذا تحدثنا عن تطهير، فأنا أقدر أن دخل السياحة قد يصل إلى 50 مليار دولار وليس 12 مليار دولار مثلما كانت تقول بيانات وزارة السياحة، وذلك بسبب نسبة التهرب الضريبى العالية لدى العاملين فى هذا المجال والعمل بشكل غير مقنن أو بصورة مخالفة.
  
3-هل نجحت الحالة الثورية فى العامين الماضيين فى زيادة وعى فئة العاملين فى السياح أم انصبت اهتماماتهم على تحقيق مطالبهم الفئوية؟
هناك عشرات الآلاف انضموا إلى الائتلاف مكونين مجموعات لهم فى المحافظات، وكنا نعمل على حملات توعية حيادية لمساعدة أبناء هذا القطاع فى اختياراتهم السياسية، لكن حين نجد أن أغلب العاملين يفقدون قدرتهم على التصويت بحكم عملهم خارج محافظاتهم الأم، ندرك أن هناك رغبة فى تهميش هؤلاء، وعدم تيسير سبل المشاركة السياسية بالنسبة إليهم، خشية قوة تصويتهم التى ستصب فى غير مصلحة التيار المسيطر على الدولة الآن.
**
تحذيرات وأرقام

• فى نهاية العام 2010 كان عدد السائحين قد بلغ 14.7 مليون، وانخفض فى عام الثورة 2011 إلى 9.8 مليون سائح حتى ارتفع الرقم قليلا فى العام الماضى 2012 إلى 11.5 مليون سائح، وتستهدف وزارة السياحة زيادة عدد السائحين الوافدين إلى مصر إلى 13 مليون سائح بنهاية العام الحالى حسب تصريحات حكومية.
 • شهدت بداية العام الحالى 2013 تحذيرات من عدد من الدول الغربية نتيجة الاشتباكات وبعض القرارات الرئاسية التى صاحبت ذكرى الثورة فى يناير الماضى، إذ أغلقت سفارة كندا أبوابها لأسباب أمنية بعد إعلان حالة الطوارئ فى ثلاث محافظات مصرية، وكذلك فعلت السفارة البريطانية فى القاهرة، كما حذرت وزارتا الخارجية فى كل من ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية مواطنيها من السفر إلى مصر فى الشهر الماضى، بعد ارتفاع أعداد القتلى إثر اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن، وتلك التحذيرات ليست الأولى التى توجه فى الموضوع نفسه، بل شهد العامان الماضيان تحذيرات شبيهة أطلقتها دول غربية أخرى.