Tuesday, February 28, 2006

أعراض خبيثة

ارتعشت عضلات وجهي… أعلـَنت امتعاضها من بسمة مزيفة لم استطع الاحتفاظ بها لثوان معدودات.. تعاطَـفَت الشفاه مع أبيها الوجه، تشجع اللسان ونطق بكلام مضطرب، لم يعد القلب يحتمل أن يـُظهر عكس ما يبطن، قام وانتفض، ضرب الضلوع بكل قوته محاولا الفرار من جسد مدنس بالخطايا، لاحظتُ رعشة يدي المسكينة وهي تصف الكذب.. لم تواصل… سَـقَـطـَت .
زاغت العينان تلاحظ وترقب ردود الأفعال في حذر، لم تستطع استقراء الأحداث، بدأت الهواجس تدور بحرية في فضاء الجسد.. نجح تحالف القدمين في عرقلة مسيرتي، انكببت على وجهي لأكتشف مؤامرة دبرها جسدي.. لقد نجحت المؤامرة، وأخفقتُ في الوصول إليه لتهنئته بعد الاجتماع، لم يعد باستطاعتي السيطرة على جسدي .

قال بعجرفة الأطباء : جسدك صحيح وأعضاؤك سليمة… أنت لا تعاني من شيء، أشار إلى رأسي وقال : مشكلتك تكمن هنا..!

صدق الطبيب.. كيف لم أنتبه إلى هذا العقل الفاعل الرئيسي في المؤامرة…؟! لقد كان دوما وراء تعثر خططي مع المدير . اليوم.. اتبع علاجا جديدا مع أحد المعالجين بالقرآن.. نصحني الشيخ المعالج أن أقرأ سورة المنافقين كل يوم، فربما يتبدل حالي إلى الأفضل.
ــــــــــــــــــــــــ

Tuesday, February 14, 2006

رحلة في عقل رسام كاريكاتير أوروبي

جلس رسام الكاريكاتير الأوروبي يعد رسما حول الإسلام، كان أول ما تذكره هو وجه أسامة بن لادن، وملثمون يستعدون لنحر أحد الرهائن الغربيين، وآخرون يرفعون أسلحتهم في وجه الكاميرات داخل الأراضي الفلسطينية.. حاول أن يتذكر أشهر الحكام العرب ومواقفهم الشهيرة، تذكر صدام حسين ومحاكمته، تذكر تصريحات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الأكثر عداءا للغرب.. كانت هنالك وجوه لشخصيات عربية أخرى، لكنه لم يتذكر إلا هؤلاء.. فهم الأشهر، أو هكذا أرادت لهم وسائل الإعلام . بحث الأوروبي حوله عن مسلمين أوروبيين جمعوا في قلوبهم بين حب الإسلام والانتماء إلى الحضارة الغربية بكل آدابها وفنونها، لم يجد كثيرا، فقد كانت الأغلبية من أصول غير أوروبية، يرتدي بعضهم أزياء غريبة عن أزياء وطنه، لا يندمجون بجدية في المجتمعات الأوروبية، ولاءهم الأساسي لأوطانهم الأصلية، بعضهم لا يجيد لغة البلاد التي يعيش فيها... لذا لم يكن هناك نماذج إسلامية شهيرة يتحدث عنها. حاول الرسام أن يفعل كبعض مدعي الثقافة ويؤصل ما علمه عن المسلمين، فبحث داخل كتابات الأوروبيين عن الإسلام وحاول أن يربط بين ما يراه اليوم وما جرى قديما.. قرأ في إحدى الموسوعات أن من أنشأ الديانة الإسلامية كان رجلا يدعي محمدا، نجح في توحيد القبائل العربية التي تزعمت العالم من بعده وفرضت لغتها في بقاع عديدة من العالم.. يعبدون إلها اسمه "الله" ..(!) كذلك قرأ عن تعدد للزوجات وتسلط الرجال على النساء... الخ، أعجبته تلك المادة فمنها يستطيع أن يصنع رسوما مثيرة للجدل .
رسم كاريكاتيراته وتهكم فيها على محمد مؤسس الديانة الذي لم يكن ليعترف بنبوته مثلما لا يعترف بوجود المسيح، كان محمد - عليه الصلاة والسلام - في نظره هو السبب وراء ما يفعله المسلمون اليوم.

لم يعلم الرسام أنه ظلم نبي الإسلام عندما لم يتحر الدقة في رحلة بحثه واستسلم لمرويات تصلح كحكايات أسطورية عن الإسلام، وبعد نشر رسومه الساخرة... عبّر المسلمون عن غضبهم وتعاون معهم مسلمون أوروبيون، تفاجأ الرسام بحرق سفارات بلاده وبلاد أخرى نشرت رسومه الكاريكاتيرية، أذاع التلفاز أن أحد الفقهاء المسلمين قد أحل دمه.. الحرب الاقتصادية تبدأ، ورئيس وزراء بلاده لا يريد الاعتذار.. يعتذر الرسام ولا فائدة(!) يبحث في مكتبته الخاصة عن حروب قديمة بين المسلمين وبلاده، وجد حديثا قديما عن الصليبيات، اعتبر الحاضر امتدادا للماضي، ولم تتغير نظرته للإسلام، وزاد الحذر في بلاده من مسلمي الداخل وأصبحت هنالك مرارة تجاه كل مسلم. قد يكون هذا هو ما دار فعلا في عقول بعض الأوروبيين، رسامو كاريكاتير كانوا أو عمال في مصانع، أو حتى فلاحون في مزرعة، ولم يستطع المسلمون تغيير تلك الأفكار، بل تركوها تترسخ أكثر في الأذهان بعد أن غاب الحوار العاقل تماما عن الأحداث.. ويحاول بعض المسلمين الآن المحافظة على حالة الغضب الدائرة على أمل أن يعمل الآخرون لهم ولمعتقداتهم ألف حساب في المستقبل، وإلا فالبديل هو الغضب..!

كان الرسول عليه الصلاة والسلام في رده على حماقات الآخرين يسعى دوما إلى توصيل فكرة وهدم أخرى، وكانت قضيته في رسالته وليست في مسائل ثأرية.. البعض منا قد تعامل مع قضية الرسوم المسيئة للنبي عليه الصلاة والسلام بأسلوب خاو من الفكر، لا يحمل رسالة بقدر ما يحمل عداء وإغلاقا للأبواب.. البعض قد بحث عن أقصى العقوبات ولم يفكر في الهدف منها، واتضح هذا الأمر بعد اعتذار أهل الإساءة عن إساءتهم، فلم يتغير شيء.. لأن هدفنا كان الانتقام بالدرجة الأولى ولم يكن سعيا وراء جدل محمود للتأثير في الآخر فكريا وحضاريا. القضية أساسا كانت قضية ثقافية، وتحولت إلى قضية سياسية اقتصادية، مما ضيّع وسط صخب الهتافات حقائق كان من الواجب توصيلها إلى أهل الإساءة... والآن نتمنى أن تعود إلينا قضيتنا الرئيسية كي نوضح من خلالها الحقائق ونعرض ملامحنا الثقافية والحضارية للآخرين بوسائل مبتكرة كي لا يسيئوا إلينا مرة أخرى ، فالجهل بالشيء هو مقدمة لرفضه، ربما تلك هي لحظة التواصل مع الآخر وطرق أبوابه لتعريفه بأمور لم يعلمها عن دين قد ظلم كثيرا على يديه، بالإمكان إعداد مادة إعلامية تقدم ومضات عن الإسلام وعن الشرق بأسلوب (غربي) محترف، بالإمكان أن يجاهد المسلمون الأوروبيون للاندماج داخل مجتمعاتهم الغربية كي يتم قبولهم في تلك المجتمعات، بالإمكان أن يفيق أهل المشرق من غفوتهم وإنطوائيتهم و يصلحوا من أنفسهم كي يجدوا ما يقدمونه للآخرين.
ليكن هدفنا هو ذلك الرسام، الذي لم يجد ما يقدمه عنا، لنحاول صنع شيء يحترمه الآخرين فينا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Sunday, February 12, 2006

بين الحزب السياسي والتنظيم الإسلامي

من ضمن تعريفات الحزب السياسي تعريف يراه مجرد تنظيم يقدم مرشحين للانتخابات، أو هو جماعة تتقدم إلى الانتخابات التشريعية، وقد اعترض الكثيرون من علماء السياسة على هذا التعريف الذي يجعل من الدخول إلى الانتخابات معيارا لنيل الصفة الحزبية، فحسب هذا التعريف فإن الهيئات الدينية أو المؤسسة العسكرية مؤهلة لاتخاذ الصفة الحزبية إذا ما دخلت الانتخابات.. وهو أمر غير مقبول في النظم الديمقراطية . لعلنا الآن نعيش عهد الانتصار لهذا التعريف، بعدما أثبتت لنا نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت مؤخرا في وطننا العربي في مصر والعراق والأراضي الفلسطينية أن بدائل أخرى غير الأحزاب السياسية قد تقدمت إلى الانتخابات واكتسحت الأحزاب التقليدية المطابقة للمواصفات الأكاديمية .

في مصر - مع استثناء النتائج الانتخابية للحزب الحاكم - نجد أن جماعة الإخوان المسلمين المحظورة قد حققت تواجدا في المجلس التشريعي المصري يفوق خمسة أضعاف حجم التواجد الحزبي لبقية الأحزاب المصرية كافة، علما بأن جماعة الإخوان المسلمين جماعة دينية وليست حزبا سياسيا تقليديا.. أما في العراق فقد كانت بعض القوائم الانتخابية تحمل ملمحا طائفيا ومذهبيا فجـا نال الحظوة على حساب الفكر الحزبي التقليدي، ومؤخرا كان التقدم في الأراضي الفلسطينية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" على حساب "فتح" مصنع القيادات الفلسطينية . وبعيدا عن الأسباب الداخلية التي دفعت إلى ظهور مثل تلك النتائج، وما قد يقال عن أن بعض تلك النتائج - كما في مصر والأراضي الفلسطينية - قد جاءت نكاية في السلطة الحاكمة، فما نلاحظه هنا هو ذلك الخطاب السياسي ذو الطابع الديني الدعوي الذي حقق مكاسب سياسية كبيرة، وتلك الظاهرة تستحق البحث في جذورها كمحاولة لطرح البديل. ولعل مفهوم الحزب السياسي حديث نسبيا على الفكر السياسي، فقد أرجعه البعض إلى منتصف القرن التاسع عشر، غير أنه كان قد استمد جذوره من ميراث حضاري أوروبي إنساني قديم... أما الظاهرة الحزبية في وطننا العربي فأزمتها أنها لم تستمد جذورها من ميراث عربي أو إسلامي، بل انتقلت الفكرة من الغرب إلى عالمنا العربي ضمن حزمة من القوانين والتشريعات نعمل بها حتى اليوم، ذلك في الوقت الذي نجد فيه الجماعة أو الحركة أو التنظيم الإسلامي لديه من ميراثنا الحضاري ما يستطيع أن يخاطب به الجماهير التي أصبح بعضها يطرب لسماع العبارات التراثية والألفاظ الدينية داخل الخطاب السياسي. وكما نرى فإن انتقال التجربة الحزبية إلى ديارنا كان أشبه بانتقال ثمرة نبتت في أرض أوروبية إلى بطون آكليها في المشرق دون تعب أو اجتهاد منهم.. مما جعل التنظيمات الإسلامية هنا أوفر حظا بصفتها وريثة لفكرة الفرقة أو الجماعة التي ظهرت في الحضارة الإسلامية والتي كانت تحمل في طياتها أبعادا اجتماعية وثقافية لم تخف عن أي مؤرخ... وهنا يظهر سؤال هام حول مستقبل الحزبية في بلادنا.. هل هي إلى زوال..؟؟ بعض دولنا العربية بالفعل لا تعترف بالحزبية، والبعض الآخر يناهضها.. فهل نحن في حاجة إلى بديل ..؟؟ العديد من الثورات قامت في وطننا العربي وأقصت الحزبية من الوجود، وبعض النظم العربية قد أعادت الحزبية مرة أخرى لأسباب سياسية.. وهنا نلاحظ أن الإقصاء الأول كان لعدم وجود قناعة بدور الأحزاب السياسية، بل إن بعض الثورات وعلى رأسها الثورة المصرية كان من ضمن أسباب قيامها هو فشل النظام الحزبي، والآن يتشابه الموقف.. ولكن البديل ليس ثورة بقدر ما هو ظهور كيانات ذات ملامح تراثية تتمثل في التنظيمات الإسلامية التي أوجدت لها صلة بالماضي، وتزعم قدرتها على إعادة النهضة الإسلامية إلى الحياة مرة أخرى .

إذن ما الحل ..؟؟
لعل المشترك في الظاهرة السياسية الإسلامية التي برزت خلال سلسلة الانتخابات العربية الأخيرة هو وجود خطاب مشترك يجمع بينها جميعا، وإن اختلفت طريقة تناولها للقضايا الداخلية، إذا فلعل الحل يكمن لدى المنظمات والمؤسسات التي تجمع الكيانات العربية الرسمية، كجامعة الدول العربية على سبيل المثال، فهي مؤهلة أن ترعى فكرة مشروع عربي يهدف إلى وضع تصور لنظام سياسي عربي يراعي التجربة الحضارية المشتركة بين الشعوب العربية، ويراعي الفروقات الثقافية والجغرافية بين الدول والأقاليم العربية المختلفة، ليكون هناك نظام عام يراعي خصوصية كل قطر . لقد عملت الحضارة الغربية واجتهدت لقرون طويلة منذ عهد الإغريق وحتى الآن لوضع نظم سياسية للحكم، فنتجت أفكار عديدة، منها النظام الديمقراطي والذي كان رغم عمومية أفكاره وإنسانيتها قد أتاح الفرصة لكل قطر غربي أن يضع لمساته على هذا النظام، فجاءت الديمقراطية الفرنسية مختلفة عن البريطانية وعن الأمريكية.. لذا فنحن في انتظار من يتبنى الدعوة لهذا المشروع الفكري الذي يؤسس لمرحلة حضارية جديدة تطمح في استقرار سياسي لبلادنا .
فربما يكون قد آن الأوان أن يكون لنا تجربتنا الخاصة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

Wednesday, February 1, 2006

الطفل المعجزة

جرت العادة أن يعقب صلاة الجمعة درس يلقيه شيخ الجامع.. غير أن ما أُعلن في ذلك اليوم كان فريداً من نوعه، فقد كان من سيلقي الدرس هذه المرة طفل صغير لم يتجاوز الستة أعوام (!) وبالفعل.. وقف الطفل بجلبابه الأبيض والغترة الحمراء على كرسي كبير بالمسجد وأخذ يخطب في الناس وينذر ويتوعد على عادة كبار الشيوخ.. فاجتمع الناس من حوله يتبسَّمون وينادون على غيرهم من أجل رؤية هذا العرض الطريف، وأخذت كاميرات الهواتف المحمولة تسجل خطبة هذا الطفل الصغير..!
جرى هذا الأمر منذ عدة أسابيع في جامع عمرو بن العاص أول مسجد جامع في مصر وأفريقيا، وأكثر المساجد الكبرى في مصر بعدا عن السلبيات التي قد نراها في بعض المساجد الشهيرة الأخرى... واليوم نجد الخطبة نفسها لهذا الطفل الصغير لا ينقص منها حرف أو يزيد تباع بالأسواق على هيئة أشرطة كاسيت كمحاضرة لأصغر داعية في العالم كان قد ألقاها في مسجد العزيز بالله بالقاهرة.
ولعل فكرة أن يقوم أحد الأطفال بإلقاء خطب الوعظ على رؤوس المسلمين ليست بالأمر الجديد، ففي عام 1999 علا نجم أحد أطفال تنزانيا المعروف بالشيخ شريف عندما قدمته الصحف وقتها على أنه داعية متجول لم يتجاوز الرابعة من عمره، ووصلت شهرته أن التقى ببعض رؤساء أفريقيا كالعقيد معمر القذافي، والرئيس التشادي، ورئيس بنين وغيرهم.. وأذيع وقتها عن هذا الطفل أنه قد بدأ التحدث باللغة العربية وتلاوة القرآن وهو ما زال طفلاً رضيعاً في الشهر الرابع من عمره (!) وأنه قد ولد لأسرة مسيحية دخلت الإسلام على يديه. واتضح في النهاية من خلال حوار صحفي أن هذا الطفل (الشيخ شريف).. ما هو إلا مدّعي كان عمّه يحفظه الخطب كي يتلوها على مسامع الناس، وأنه لا يحفظ حتى آية الكرسي، وقد انفض الناس من حوله في بلاده بعد أن اكتشفوا حقيقته وحقيقة عمره الذي لم يكن ليقل بأي حال عن ثمان سنوات.
وفي إيران... وبين الأوساط الشيعية بزغ نجم الطفل محمد حسين الطباطبائي منذ أواسط التسعينات، وأطلق عليه البعض وقتها "المعجزة القرآنية" لكونه حفظ القرآن في سن صغيرة، رغم أن هذا أمر عادي في أغلب أقطارنا الإسلامية... وكالعادة تعددت أسفاره ليقـدَّم إلى العالم على أنه أعجوبة تستحق التقدير، خصوصا.. بعد أن حصل هذا الطفل - على حد قول بعض المصادر- على الماجستير من جامعة تبريز ثم الدكتوراه من جامعة لندنية، وإن كنا لا ندري على أي أساس كان ذلك التكريم، أما عما كان يقدمه هذا الطفل من "عروض"... فهي أشبه بالعروض التلفزيونية التي تتكون من فقرات يجيب فيها عن أسئلة الحضور بنصوص القرآن ويحدد لهم أرقام الآيات المقصودة، وكأنه أشبه بجهاز كمبيوتر يستدعي المعلومات... وكان يسانده في تلك اللقاءات مدير العرض ووالده الذي أصبح الآن مديرا لجامعة القرآن الكريم في الجمهورية الإسلامية.
ورغم ما أشيع حول ذلك الفتى - الذي قد يجاوز عمره الآن الخامسة عشرة - من إشاعات عن أنه قد تعرض لضغوطات من النظام الحاكم في إيران بعد زعم البعض أنه قد رأي في المنام أن الإمام المهدي يدعوه أن يبتعد عن الحكومة الإيرانية.. إلا أنه يظل الأمر كله مجرد تسليط أضواء على طفل له بعض المهارات التي لا ترقى إلى أن تكون معجزة.
أطفالنا ثروة حقيقية تستحق التكريم، لكن..أن تنتظر الأمة الوعظ من أطفالها فهذا أمر يثير الشفقة ويدعونا إلى إعادة ترتيب أوراقنا مرة أخرى... فكل تلك الحالات التي قد يطرب لها الشيوخ والشباب من المسلمين لم تقدم لنا إلا أطفالا حُـفـّاظا، والله وحده أعلم إذا ما كانوا يدركون ما تحمله تلك النصوص الطاهرة من معان أم لا.. إن مشهد "الداعية الطفل" الذي يعظ بما قد لا يعيه لهو رمز لحالتنا العقلية التي جعلتنا نرى في طفل لديه القدرة على الحفظ أنه داعية يجب أن تــُطرح له الشرائط بالأسواق كما حدث مؤخرا مع الطفل المصري محمد سعيد.
قد يكون حفظ النصوص الدينية أمراً واجباً ومحبباً إلى النفس، لكن هذا للاستئناس بها وتدبر معانيها.. غير أن البعض – على ما يبدو – قد رأى في الحفظ والتلقين المبتغى والمراد تماشيا مع فلسفة مؤسساتنا التعليمية، وذلك بدلا من التفكير في وضع نهج حديث نطور فيه من أنفسنا ومناهج تدريسنا فندرب أطفالنا على الفهم والاستنتاج والبحث.
قد يكون حـُفـّـاظ الكتب كثيرون، أما العلماء.. فهم قلة.
http://www.scribd.com/doc/19938057
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ