Saturday, August 28, 2004

الصحافة والسبوبة

بقلم : عبدالرحمن مصطفى حسن
سين، و باء، و واو، و باء، وتاء مربوطة .. كلمة لن تجدها في المعاجم و لا في القواميس، مع كونها أساس لإدارة بعض الأعمال الخاصة في مصر، وفيها يتطفل الفرد على مجالات أخرى بعيدة عن عمله الأصلي بغرض الكسب السريع . وقد أصبحت الصحافة بالنسبة للباحثين عن الكسب السريع، مجرد "سبّوبة" يتم تحقيق المصالح و جني الأموال من ورائها، حتى لو تم ذلك عن طريق استغلال حاجة العديد من الشباب إلى العمل.
ولكي تدرك حجم المشكلة.. ضع نفسك محل شاب يبحث عن عمل، ستجده يتابع إعلانات الوظائف الخالية، خصوصا عندما يكون هذا الشاب طالب، أو في انتظار التجنيد، أو ليس لديه (واسطة) تعينه في مكان محترم، فيلفت نظره إعلان كالآتي: " مطلوب لجريدة كبرى : محررين و مندوبي إعلانات و علاقات عامة"، يتصل الشاب تليفونيا.. فتخبره السكرتيرة أنهم يطلبون شخصا ليعمل بوظيفة محرر صحفي ، فيذهب إلى العنوان فيفاجأ بأن العنوان عبارة عن شقة عادية لا تدل معالمها على وجود أي عمل صحفي ، وأحيانا أخرى يجد نفسه وقد دخل إلى شركة دعاية وإعلان، أو إلى شركة سياحة.. إلخ ، ويفاجأ أكثر عندما يجد البعض من المتقدمين للوظيفة قد سافروا من بلادهم خصيصا لحضور المقابلة.

و بعد أن يقدم الشاب مؤهلاته وجزءا من أعماله المكتوبة سابقا، وما أن يقبل في الوظيفة، يجد نفسه مطالبا بالعمل كمندوب تسويق لمنتجات الشركة صاحبة الجريدة. فعلى سبيل المثال قد يجد نفسه يجري مقابلة مع محامي أو دكتور ثم يعرض عليه بعد المقابلة الصحفية أن يصنع له كروتا شخصية، و طبعا يكون ذلك في المطبعة التي يملكها صاحب الجريدة (المزعومة)، أو أن يعرض عليه التعامل مع الشركة السياحية التي تمتلك الجريدة.
كل هذا إما بدون مقابل، على أساس أن ذلك نوع من التدريب الصحفي، وأن الجريدة لم يصدر عددها الأول بعد، أو أن يكون المقابل هو تلك (العمولة) التي يحصل عليها الشاب بعد أن ينجح في اصطياد الزبون.
وبعد فترة، تغلق الجريدة التي لم يصدر منها أي عدد بالأسواق، وذلك بعد فترة من الكلام الكبير مع المحررين الشبان عن العدد الزيرو، وقرب موعد صدور العدد الأول، وعن واجباتهم نحو جريدتهم، والتي من الواجب عليهم أن يتكاتفوا مع بعضهم البعض حتى يصدر عددها الأول، وما إلى ذلك من الحوارات. تغلق الجريدة التي لم تفتح أصلا ، ويجد الشاب نفسه وقد عمل كمندوب للتسويق بدلا من محرر صحفي، ويعود مرة أخرى ليكتب مقالاته ثم يضعها في درج مكتبه، ويبحث عن وظيفة أخرى غير وظيفة المحرر الصحفي.
هكذا هي" سبوبة" الصحافة، والسؤال الآن إلى متى ستستمر هذه الفوضى؟! .. الله أعلم.