Thursday, May 27, 2010

الإعلام الجديد والتحديات الناجمة عن المناخ الثقافي والاجتماعي

يعتبر الإعلام الجديد New media من أهم مظاهر تناقل المعلومات والتعبير على الانترنت، وذلك عبر العديد من الوسائط التي تحقق هذا الهدف، و سأحاول من خلال هذه الورقة التعرض لأهم التحديات التي تواجه مستخدمي الإعلام الجديد نتيجة المناخ الاجتماعي والثقافي المحيط بهم، مع فرضية ترى أن صورة الإعلام الجديد ومستخدميه في المجتمع قد تتسبب في إعاقة تقدم هذا المجال.
تتنوع وسائط الإعلام الجديد حسب تصنيفاتها ومن اهمها المواقع الحاضنة للمدونات، و الشبكات الاجتماعية، ومواقع التدوين القصير، وقد اخترت التركيز على المواقع الأشهر في هذه التصنيفات تحديدا، بعد ما أثارته من جدل في السنوات الماضية وهي : بلوجر، فيسبوك، تويتر. يشير موقع .Alexa.com الذي يصنف المواقع حسب عدد زوارها إلى أن شبكة فيسبوك الاجتماعية تأتي في المرتبة الثانية ضمن أكثر المواقع جذبا للزوار في العالم وهي نفس المرتبة التي حققها فيسبوك لدى مستخدمي الانترنت المصريين، أما موقع بلوجر للتدوين فيأتي في المرتبة الثامنة على مستوى العالم بينما يأتي في المرتبة التاسعة لدى المصريين، و يأتي موقع تويتر لتدوين الرسائل القصيرة في المرتبة الحادي عشرة عالميا، بينما يتراجع إلى المرتبة الخمسين في مصر، وهكذا يمثل كل من فيسبوك وبلوجر وتويتر المواقع الأولى لدى المصريين وفي العالم في الاعلام الجديد. و من خلال تعامل المصريين مع هذه المواقع سأعمل على رصد ملامح التحديات التي تواجه مستخدمي الإعلام الجديد في مصر من الناحية الاجتماعية والثقافية.

من يمثل الإعلام الجديد في مصر ؟

إن الإجابة على سؤال "كيف تشكلت صورة الإعلام الجديد ومستخدميه في مصر؟" قد تقودنا إلى التعرف على هذه التحديات، وذلك من خلال فرضية مفادها أن كافة التحديات التي يواجهها الإعلام الجديد قد تتضح من فهم ردود الأفعال الموجهة ناحية مستخدمي هذه المواقع. وقد كانت بدايات تشكل صورة هذه الشريحة مع ظهور التدوين Blogging مصاحبا للحراك السياسي الذي شهدته مصر بعد العام 2004 وتوهج نشاط العديد من الحركات المعارضة والداعية للتغيير ـ خاصة أثناء الانتخابات البرلمانية والرئاسية ـ وهو ما مهد لاستغلال النشطاء تلك المساحات على الانترنت لدعم النشاط السياسي في الشارع، و قد كان بروز عدد من مدونات هؤلاء النشطاء عاملا في رسم تلك الصورة عن التدوين، من أبرز هذه الأمثلة ما قدمه المدونان منال وعلاء في موقعهما حين خصصا ركنا لرصد هذه الأنشطة ومتابعتها، إلى جانب احتضانهما للمدونات المصرية في مجمع المدونات الذي تحول فيما بعد إلى موقع مستقل "موقع عمرانية". تلك العوامل إلى جانب ما يدعمه التدوين من إعلاء الحس الفردي الحر ـ على عكس المنتديات الخاضعة للرقابة – رسمت صورة عن التدوين على أنه نشاط مرتبط بالسياسة والأنشطة الحقوقية. هذه الصورة التي اجتذبت شريحة من الشباب آنذاك لاقت قبولا أيضا لدى الإعلاميين الذين وجدوا وجها آخر لمتابعاتهم الصحافية، حيث الجانب الإنساني والتفاصيل والمواد التي تنشّط عملهم بشكل عام. ومن الصعب أن ينكر من تابع هذه المرحلة ملاحظة السلطة التي مارستها طبقة "النشطاء المدونين" عن غير عمد من خلال مجمع لتجميع التدوينات في موقع منال وعلاء أو غيره من المدونات مثل احتضان مدون مثل وائل عباس في مدونته "الوعي المصري" للفيديوهات التي تكشف عالم النشطاء وما يتعرضون له وكذلك مخالفات الشرطة في حق المواطنين العاديين، وراج في تلك الفترة نشر "البانرات" التضامنية مع المعتقلين والمدونين وترويج الأحداث السياسية المعارضة، ما أسهم في تكوين صورة لدى المجتمع آنذاك. وفي حالة إذا ما أردنا الحديث عن التحديات المترتبة على هذه الصورة في تلك الفترة ـ خاصة بالنسبة للتدوين ـ فقد أثرت هذه الصورة في جانبين :

- اجتذاب الشباب نحو التعبير السياسي عبر المدونات كأحد أدوات الإعلام الجديد.
- تنميط الإعلام لاستخدام التدوين في مجال التدوين السياسي والحقوقي مهملا كثير من المدونات ذات الأنشطة الأخرى في تلك الفترة.

 في تلك الأثناء كانت أداة أخرى من أدوات الإعلام الجديد وهي "الشبكات الاجتماعية" تعلو بقوة، وتحديدا في موقع فيسبوك الذي بدأ في العام 2005 يتخذ صورته الحالية بعد تأسيسه في العام 2004 كموقع محدود التأثير بين طلاب الجامعات الأميركية. وفي حين استمرت نجاحات المدونين في لفت الأنظار بنقل صور حية نافست الوكالات الإخبارية كانت الصحافة العالمية تطرح آنذاك أزمة انحسار التدوين لحساب أدوات جديدة من الإعلام الجديد، فقد صدرت دراسة في نهاية العام 2006 عن شركة جارتنر للبحث العلمي حول ظاهرة انحسار المدونات وتنبأت بأن يكون عام 2007 بداية خمود التدوين[1] وما زال الأمر مطروحا حتى أن مجلة وايرد (wired) المتخصصة في التكنولوجيا قالت صراحة في عنوان لها عام 2008 "تويتر، فليكر، الفيسبوك، جعلوا المدونات قريبة من العام 2004"[2] ..  تجلى هذا الأمر في العام 2008 مع الدعوة إلى إضراب 6إبريل من نفس العام الذي كشف عن أداة جديدة استغلها النشطاء السياسيون في الدعوة لهذا الإضراب الذي اجتذب الإعلام بقوة، وبدأ الكشف عن قوة الشبكات الاجتماعية بما لها من قدرة على تنظيم الأحداث وإنشاء مجموعات والترويج لأنشطتها بين المستخدمين.
وحين نعود مرة أخرى إلى أهم تحد واجه مستخدمي الإعلام الجديد في تلك الفترة فقد كان الأداء الإعلامي آنذاك الذي فيما يبدو قد تحول من مراقبة ظاهرة الاستخدام السياسي والحقوقي للإعلام الجديد والاستفادة منها إلى الوقوف ضدها، اتضح ذلك في موقف الإعلام من ظهور وجوه جديدة أنتجتها دعوة 6 إبريل، مثل إسراء عبدالفتاح وأحمد ماهر اللذين كانا وراء دعم هذه الدعوة داخل الفيسبوك، خاصة مع تعرضهما للملاحقة الأمنية. وإلى جانب الموقف الصارخ للصحافة الحكومية ضد هذا الاستخدام السياسي للإعلام الجديد و تبنت بعض الكتابات في الصحف المستقلة وجهة النظر نفسها، على سبيل المثال في تاريخ 23 إبريل 2008 نشرت صحيفة المصري اليوم المستقلة تقريرا استند إلى معلومات راجت على الانترنت منذ العام 2003 كانت موجهة بالأساس إلى المنتديات الالكترونية وأعاد كاتب التقرير توجيهها إلى الفيسبوك حيث أشار إلى استغلال إسرائيل لنشاط المستخدمين على الفيسبوك لتجميع معلومات عن مصر، في حين أن نفس المعلومة غير الموثقة كانت توجه ضد المنتديات الالكترونية قبل تأسيس موقع الفيسبوك تحت زعم أن صحيفة «لوماجازين ديسراييل» اليهودية الفرنسية هي التي نشرت هذه المعلومات [3] . في الجانب الآخر قدمت صحيفة الأهرام اليومية تحقيقا بتاريخ 2 مايو من نفس العام تحت عنوان "عندما يتحول الفيس بوك إلي تشويه للوطن" وجاء في التحقيق على لسان الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع عبارات مسيئة إلى مستخدمي الفيسبوك وتحديدا دعاة الإضراب، بينما رفع التقرير من شأن المدونة عبير سليمان التي وصفها "نجمة نجوم الفيسبوك" لتقديم وجه آخر بعيدا عن النشاط السياسي لمستخدمي الإعلام الجديد، حين كانت عبير سليمان تقدم مقالات وقصص عن الفتاة المصرية العزباء من خلال مجموعة الكترونية على شبكة فيسبوك الاجتماعية [4] ، وفي نفس تلك الفترة بدأ ظهور موقع تويتر لتدوين القصير الذي كان يسمح بإرسال رسائل عبر الموقع إلى عدد كبير من المشتركين، واتجه النشطاء مرة أخرى لاستغلال هذه الخاصية في متابعة المظاهرات والأنشطة المختلفة. لكن سرعان ما توقفت الخدمة فيما بعد.
في تلك المرحلة ظهرت تحديات هامة أججها التعامل الإعلامي عن "الاستخدام الخطر" للإعلام الجديد المرتبط بالنشاط السياسي والحقوقي، وكانت أهم تحديات تلك المرحلة هي :  
-  تهميش الكتابات الهادئة الرصينة التي تتناول الشأن المجتمعي لحساب الأنشطة السياسية بسبب جاذبيتها وتسليط الأضواء الإعلامية عليها .
- إشاعة أجواء القلق المصاحبة لاستخدام الإعلام الجديد، نتيجة القلق المجتمعي من انخراط الشباب والمراهقين في أنشطة قد تواجه أمنيا [5]
- قدم الإعلام صورة أخرى كي يقدمها بديلا عن صورة مستخدم الإعلام الجديد الناشط سياسيا وحقوقيا، وعلى رأسها الاستخدام الأدبي للإعلام الجديد، و هو ما انتقل إلى مرحلة أخرى من تحديات الإعلام الجديد.
- التحدي الأهم في هذه المرحلة أنه لم يتم عرض كافة استخدامات أدوات الإعلام الجديد على اختلاف أنشطة المستخدمين أو كتابتهم.

 أدب الانترنت.. استخدام جديد أم صورة جديدة للإعلام الجديد ؟

 في بداية العام 2009 داخل إحدى ندوات معرض القاهرة الدولي للكتاب كان العنوان الكبير الذي حفلت به القاعة "أدب المدونين .. صرخات شباب أم ورق كلينكس"، و أقيمت الندوة تحت تأثير إصدار عدد من الكتب ضمت كتابات الشباب التي كانوا قد أفرغوها على مدار سنوات سابقة في الانترنت، هذه الموجة التي كانت على حد كبير مهمشة أثناء اختزال استخدام "وسائط الإعلام الجديد" في العمل السياسي والحقوقي، بدأت تعلو مع نجاح بيع هذه الكتب، وكان ذلك بمثابة اكتشاف استخدام كان متواريا في الفترة السابقة، وبعيدا عن إشارات مثل حفاوة جريدة الأهرام أثناء إضراب 6 إبريل بمدونة عبير سليمان ومجموعتها على الانترنت، وتحول عدد من أصحاب المدونات إلى تأسيس دور نشر أهمها "دار ملامح للنشر"، و استهداف بعض دور النشر الناشئة لكتابات الانترنت مثل "دار اكتب"، وما أعقب ذلك من ظهور دار نشر في نفس العام مثل "دار دوِّن" التي تستهدف كتابات المدونين وإعادة طبعها ورقيا. برزت صورة أخرى بدأت تتضح معالمها عن كاتب الانترنت. حتى أن بعض دور النشر التقليدية لجأت لاستغلال كتابات المستخدمين في تجارب اعتمد بعضها على تجميع كتابات الفيسبوك إلى جانب كتابات المدونات، بل لجأت دور النشر نفسها إلى استغلال أدوات الشبكات الاجتماعية في الترويج لأعمالها التقليدية. وبدأ الإعلام يتلقف نماذج "الفتاة العانس"، أو "الشاب الساخر"، ضمن موجة الكتابات الشابة التي راجت قبلها بفترة.
هذا التغيير في تعامل الإعلام مع صورة مستخدم وسائط الإعلام الجديد من الاستخدام السياسي الحقوقي حيث "الاستخدام الخطر" حسب الرؤية المحافظة تحول نحو تبني صورة جديدة للشاب غير الصدامي الذي يعبر عن جيله ببراءة، وهو ما أغفل ألاف المدونات ومجموعات الفيسبوك الأكثر عمقا وجدية بعضها كان بمثابة مسودة لكتب من الوزن الثقيل[6] .
هذا التغيير لم ينكر أيضا وجود مستخدمين حاولوا إيجاد صورة مختلفة عبر فكرة الصدام مع "الوسط التقليدي"، تعددت أنواع هذا الاشتباك بين المواجهة الحادة او الساخرة، في مدونة صحافي شاب مثل "نائل الطوخي" كنا نجد بعض هذه الكتابات المتهكمة عن صورة المثقف التقليدي وخطاب الصحافة الاستهلاكي، كما أظهر آخرون تمردهم مثل المدون "رامز شرقاوي" ضد الأوساط التقليدية سواء كانت ثقافية أو حتى سياسية عبر انتقاد أفكار الحراك السياسي و الوقوف ضد انتقال كتابات الانترنت إلى مطبوعات تقليدية حفاظا على بقاء منتجات الإعلام الجديد داخل نفس الدائرة. لم يقف الأمر عند هذا الحد، فبعد تعطل خدمة إرسال الرسائل القصيرة عبر موقع تويتر، انتقل المستخدمون إلى موقع Jaiku البديل وكانت إحدى أشهر الرسائل التي كتبت بالعربية في الموقع - نالت أكثر من 400 تعليق -بثتها الصحفية والمدونة عزة مغازي من مدينة مطروح حيث كانت تدار أعمال مؤتمر أدباء الأقاليم الذي ناقش قواعد السرد الجديد. وهاجمت تعليقات المستخدمين حالة النخبوية بكافة الأسلحة الالكترونية، لكنهم لم ينجحوا في التشويش على جدول أعماله الذي لم يرضوا عنه، أو حتى في لفت نظر الإعلام إليهم لأنهم كانوا خارج الصور النمطية، فقط نجحوا في التعبير عن وجهة نظر مهمشة للمستخدم العادي الذي لا يشغله القضايا الكبرى في مجالات الأدب أو السياسة، كذلك فإن الكتابات التي تتحدي صورة المدون الناشط أو الكاتب المثقف على الانترنت ظلت مهمشة إلى حد كبير.
وهنا اقتصرت رحلة الإعلام الجديد على صورتين نجحتا في التواجد بقوة : الأولى عن المستخدم الناشط السياسي أو الحقوقي، والثانية هي صورة المستخدم الكاتب الذي يعبر عن نفسه بتلقائية، وبينما اندمجت بعض نماذج النمط الأول في مؤسسات ذات صلة بنشاطه السياسي أو الحقوقي يطمح الثاني في نيل اهتمام الإعلام أو تحويل كتاباته إلى عمل تقليدي مطبوع.

المناخ الثقافي والاجتماعي والصورة النهائية

الإجابة على السؤال الذي طرحناه في البداية عن من يرسم صورة مستخدمي الإعلام الجديد تدفعنا إلى استنتاج أهم التحديات الاجتماعية والثقافية التي اختزلت استخدامه في صور نمطية، مثل : "المستخدم المسيّس"، و"المستخدم اللافت لأنظار الإعلام"،  و "المستخدم الكاتب"، وكل تلك الصور نتجت بالأساس عبر المدونات الالكترونية وشبكة فيسبوك الاجتماعية، وأحيانا ما ينشط ذلك موقع تويتر.
هذه الصور لا تمثل كافة المستخدمين المحلقين في فضاء الانترنت، ويحركها الإعلام أحيانا الذي يخضع لأجندة سياسية وتحريرية، ويظل صوت المستخدم العادي مغيبا سواء كان متمردا دون صخب أو كاتبا هادئا لا يهدف إلى جذب الانتباه أو مستخدما عاديا أراد استغلال الاعلام الجديد في التعبير عن نفسه، وهو ما لفت انتباه أحد المدونين مؤخرا وهو الصحافي أحمد ناجي الذي كتب في مطبوعة "وصلة" التي تهتم بإعادة نشر منتجات الإعلام الجديد عن أزمة واجهت فريق العمل أثناء "البحث بين المدونات والانترنت عن أي تدوينة تشرح أو توضح أهمية الوقفة الاحتجاجية من أجل الحد الأدنى للأجور يوم 2 مايو 2010 أو أسبابها، لتقديم رؤية معمقة وإجابة لبعض الأسئلة من نوع لماذا مثلا 1200 وليس ألف جنيه؟" وهو ما يكشف عن تحد جديد وهو هل تلاشت الكتابات العميقة أمام الكتابات الخفيفة التي تضمن الرواج، وهل أصبح التضامن السياسي مجرد ملصقا الكترونيا؟ ، الأمر لا يتوقف على هذه الملاحظة فقط، فهناك في دهاليز وسائط الإعلام الجديد شباب مغمورون استغلوا تلك الأدوات لنقل أحداث مجتمعهم وظلوا بعيدا عن الصورة، ويتضح هذا في وسيط مثل موقع مثل Youtube.com لتحميل لقطات الفيديو الذي يحفل بكثير من الفيديوهات التي تكشف عن مخالفات، بل وتسجيل جرائم جنائية وإتاحتها أمام الإعلام التقليدي وبقية مستخدمي الإعلام الجديد، إلى جانب نقل الحياة اليومية في الشارع المصري، بل شجع هذا الموقع بعض الشباب على اعداد أفلام قصيرة مرتجلة تهدف للسخرية من الخطاب الإعلامي التقليدي، واتضح ذلك في مثال واضح عن مجموعة الشباب الذين صنعوا محاكاة ساخرة للسلسلة إعلانات الضرائب الشهيرة.
ويمكننا من هذا العرض أن نحاول تلخيص أهم التحديات في النقاط التالية :
-   تأثير الإعلام التقليدي على مستخدمي الإعلام الجديد، وسيطرة الصور التي يرسمها لهم على أذهان الجماهير.
-  اندماج بعض المستخدمين الموهوبين في خدمة العمل الحقوقي والسياسي بدأ يتجه بعيدا عن الكتابات العميقة التي يتم تهميشها، لأن الهدف أحيانا ما يقتصر على التنشيط لمناسبة أو الخضوع لصورة تقليدية وليس التعبير عن الرأي الشخصي.
-   صنع رواج كتابات الانترنت في المدونات والفيسبوك حالة من الاستقطاب من الوسط التقليدي "دور النشر والإعلام" بحيث اجتذبت هذه الشريحة من المستخدمين بعيدا عن مدوناتهم والاستغلال المخلص لوسائط الإعلام الجديد.
-   الخروج عن الأنماط التقليدية التي رسمها الإعلام والمناخ العام قد يشجع وجوها جديدة على استغلال آليات الإعلام الجديد بصورة تحدث تنوعا، لكن انتشارها يظل رهينة لاختيارات الاعلام التقليدي.

وفي النهاية أجد إن أهم ما قد يحتاجه الإعلام الجديد في هذه المرحلة هو الوعي من جانب الإعلام التقليدي برصد ظواهر جديدة ومتنوعة لدى المستخدمين، وهو ما قد يوجد حالة من الطمأنة لدى المجتمع، ويوفر لنا منتجا جديدا ومتنوعا من خلال تقديم نماذج مختلفة من مستخدمي الإعلام الجديد، وهو ما يعيد إلى الأذهان عددا من الظواهر المغايرة للصور النمطية الرائجة التي قد تعيق نشاطهم الحر الذي يعد من أهم سمات الإعلام الجديد.
مايو 2010
القاهرة
ورقة في الملتقى الديمقراطي الخامس "الإعلام الجديد ودوره في التحول الديمقراطي​"

[1] http://news.bbc.co.uk/2/hi/technology/6178611.stm
[2] http://www.wired.com/entertainment/theweb/magazine/16-11/st_essay
[3] http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=102381
[4] http://www.ahram.org.eg/Archive/2008/5/2/INVE1.HTM
[5] في إحدى حلقات البرنامج الشهير 90 دقيقة على فضائية المحور، تعرضت الناشطة إسراء عبدالفتاح – إحدى عضوات فريق عمل 6 إبريل - لضغط على الهواء كي تقر بأن ما نشاطها على الفيسبوك كان خطأ، وذلك بعد دقائق من إطلاق سراحها في خلفية تروج أن الإفراج جاء تلبية للنداءات الانسانية الموجهة إلى وزير الداخلية
[6] أشهر مثال لذلك مدونة "قبل الطوفان" للكاتب الدكتور ياسر ثابت الذي ينشر بعض فصول كتبه المتنوعة في الأدب والتاريخ. وتأتي المفارقة في أنه في بداية فترة تسليط الأضواء على المدونات سجل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل اعترافا بأنه يتابع بعض المدونات باهتمام وتحديدا "مدونة بهية" التي تصدر باللغة الانجليزية، ورغم ذلك لم تكن المدونات ذات المحتوى التحليلي الرصين هي نجمة الحدث دائما.

Wednesday, May 26, 2010

الغيط الأخير في القاهرة

بحزم وجدية تعمد سيد عثمان إظهار استعداده للموت فى سبيل تلك القطعة الزراعية المطلة على شارع فيصل الشهير بالقاهرة: «لن أتركها مهما حدث، جدى حكى لى بالتفصيل عن الحياة التى عاشها مرتبطا بهذه الأرض، ليس لدى استعداد الآن للابتعاد عنها».
تلك الأرض الزراعية يمر من أمامها الآلاف يوميا منشغلين بزحام الشارع دون الاهتمام بتلك المساحة الخضراء ذات الأسوار العالية إلى جوار شركة المطاحن على شارع فيصل، لكن موقعها المتميز دفع البعض إلى السؤال عن سبب بقائها حتى اليوم، خصوصا من يطمحون فى البناء على هذا الموقع المتميز الذى يقع على مسافة معقولة من ميدان الجيزة. بين السور المتهدم واللافتات العظيمة ممر ضيق يخترق المساحات الخضراء يستخدمه هواة اختصار الطرق، وفى نهاية تلك المشّاية عشة تجلس فيها الحاجة صباح عواض (63 سنة) حيث تبيع الخضراوات لزبائنها من أهالى الحى.أدوات عمل الشاى ــ وطهى الطعام أحيانا ــ جاهزة للعمل، ولا يقلقها سوى مصير تلك الأرض الزراعية. وتروى القصة كاملة: «كانت تلك الأرض ملكا لأحد الإنجليز فى فترة ما قبل الثورة، وكان والد زوجى يعمل بها حتى تحولت إلى تبعية الإصلاح الزراعى، وظللنا موجودين بها حتى أجرتها مدرسة الزراعة الثانوية بشارع الهرم، وظللنا كما نحن فى جوارها».يشير ابنها سيد إلى عمارة مجاورة حيث كان يسكن قائلا: «فى تلك الناحية ولد والدى قبل سبعين عاما، وكنا نضع أيدينا على مساحة تساوى أضعاف مساحة الأرض الزراعية المتبقية الآن». ما زالت الأم محتفظة فى ذاكرتها بأسماء عائلات الطالبية ــ حيث تقع الأرض حاليا ــ وقد تحولت أراضيهم اليوم إلى مساكن وعمارات تقليدية بعد نشوء حى فيصل كفرصة للاستثمار العقارى، تعلق على ذلك: «شارع فيصل نفسه كان ترع
ة تروى تلك المنطقة»، بينما يكمل ابنها سيد: «بعد ذلك أعد جدى طريقة أخرى للرى»، مشيرا إلى طلمبة المياه المجاورة لعشتهم.لا أحد منهما يعتقد أنه بالإمكان أن تذهب تلك الأرض بعيدا عن أيديهم، فالسائر على تلك المشاية يلاحظ عبارات كتبها سيد بالطلاء على السور المجاور للأرض حيث شركة المطاحن.. «احذر النصابين.. الأرض خاضعة لوضع اليد وتابعة للاصلاح الزراعى ومدرسة الزراعة».
وسط تلك الصورة المشوشة اختفت المعلومة التى أكدها مصدر فى هيئة الإصلاح الزراعى حين ذكر باقتضاب: «الأرض تابعة للإصلاح الزراعى وتم سحبها من مدرسة الزراعة التى كان يتدرب طلبتها فى تلك المساحة الخضراء، وتم تأجيرها مؤخرا لمدة 25 سنة قادمة لإحدى الشركات». أما الفقرة الأهم فهى عن أن تلك المساحة الخضراء لن تبقى كما هى، بل ستتحول إلى مشروع تجارى ملائم لما حولها من مساكن.هذه المعلومات يغفلها سيد وعائلته ويشكك فيها تماما وتصيبه بالذعر، فهم لم يتزحزحوا من مكانهم منذ عقود طويلة، كل ما هناك أن أشار سيد إلى مساحة فدان داخل تلك الأرض ذكر أنها تابعة له متراجعا عن تمسكه بها كلها، بينما جاور المساحات الأخرى طلاء آخر باسم جديد. «حتى لو عرضت علىّ أموال لترك الأرض لن أقبل».
ملكة.. كفر.. ملكة
خلف هذا الغيط الذى ينتج مزروعات بسيطة يقع «شارع العمدة» الذى لا يخفى الأصل القروى لتلك المنطقة المجاورة لكفر طهرمس. قرية الطالبية تحولت إلى محطة ومنطقة سكنية وكذلك كفر طهرمس. يدير سائق الميكروباص ظهره لشارعى فيصل والطالبية حيث الغيط الأخير، مناديا «ملكة.. كفر.. ملكة» متجها إلى شارع الملكة فى كفر طهرمس، هناك تعلو العمارات الحديثة لافتات من نوعية «شقة إيجار جديد»، ولم يبرر بهاء بعض تلك العمارات حالة الطريق السيئة.. حركة البناء لا يعطلها شىء، تتخللها بعض المساحات الخضراء الغامضة، الأسطى مصطفى «الميكانيكى» يشرف على إحداها. ذكر قصة مؤثرة عن وصية والده بأن يتمسك أبناؤه بهذه الأرض وألا يفرطوا فيها، وقال: «لسنا فى حاجة للمال، ونحن ورثة كثيرون»، وأشار إلى ساحة ركن السيارات المجاورة قائلا: «هذه الأرض كانت لخالى، لكنها بارت فحولها إلى ساحة سيارات»، ثم عاد إلى السيارة التى كان منكبا عليها مع صبيته. سخونة الأسعار فى متر الأرض هنا لا تصل بأى حال من الأحوال إلى سخونتها قرب شارع فيصل. هنا وصل متر الأرض فى بعض الأماكن إلى أكثر من 8 آلاف جنيه، بينما تصل إلى أربعة أضعافها فى شارع فيصل حسبما يردد السكان. أحد قدامى الساكنين فى كفر طهرمس شكك فى نية جاره الأسطى مصطفى الاحتفاظ بالأرض، وقال: «من المؤكد أنه سيبيعها، من سيزرع الآن وسط هذا العمران؟!».
بعض المساحات الأخرى كانت تابعة هى الأخرى لهيئة الإصلاح الزراعى التى حافظت عليها حتى الآن، أشار الرجل إلى بعض المبانى تحت الانشاء قائلا: «هذه العمارات أنشئت على أرض الإصلاح الزراعى، لكن فى يوم من الأيام أتى أحد الأشخاص مع الشرطة لتسلمها، وانتهى الأمر دون حسم». حسب قواعد وزارة الزراعة وهيئة الإصلاح الزراعى فبإمكان أحدهم أن يسترد أرضا كانت تملكها عائلته إن أثبت ذلك بحكم من المحكمة، أو أن ينال تعويضا ماليا عنها.. أما على أرض الواقع فلم يعد أحد هنا يتحدث عن الزراعة، لم تعد مطلبا لأحد، الكفر انتهى، وبيت العمدة أصبح ذكرى، وتحول كل شىء إلى جزء من العاصمة.كلما توغل السائر فى اتجاه شارع فيصل موليا ظهره لكفر طهرمس ومن خلفها صفط اللبن انعدمت المساحات الخضراء، عدا ذلك الغيط الأخير فى شارع فيصل حيث يجلس سيد عثمان فى ورشته متحفزا بعد أن زارت الشرطة الموقع قبل أسابيع قليلة فقط. وتحول الوضع إلى مزيد من التحفز بينه وبين حارس آخر يتبع الآن المستأجر الجديد.
الخواجة الإنجليزى الذى كان مالكا للأرض فى يوم من الأيام لم يتبق من زمنه سوى أهل سيد عثمان الباقين جوار الغيط الأخير فى شارع فيصل.. رغبات سيد الذى يطمح فى أن يكون له نصيب من تلك الأرض التى ارتبط بها أبيه رغم أنها تحت سلطة الإصلاح الزراعى فى الغالب لن تتحقق، حتى إن ظل متمسكا بذكرى جده وسلطته القديمة.
تأتى إحدى ساكنات الشارع المجاور لشراء البرسيم لإطعام الحيوانات التى تربيها فوق سطح منزلها، تشير إلى أحد أركان «الغيط» قائلة: «بشترى من الحاج محمد عشان أقرب». رغم حديثها الجاد عن مشوارها شبه اليومى إلى هناك وتلك العلاقة الحميمة مع الغيط المجاور، إلا أن شباب الحى لم يبدوا مثل هذه الروح، كان الغيط بالنسبة إليهم مجرد علامة مميزة.. فقط.الحاج محمد نفسه قابل السؤال عن سر بقاء تلك المساحة الخضراء بابتسامة لعلمه أنه لا ينافسه أحد هنا سوى جيرانه فى الفدادين المجاورة التى تتبع ملكيات أخرى. يجلس باسترخاء جوار حجرة مبنية من الطوب النىء بها ما يلزمه من أدوات عمل الشاى، «رصة» كبيرة من الخضار، يقول بفخر: «هذه المساحة الخضراء هى الغيط الأخير فى القاهرة الكبرى، وأنا آخر جيل المزارعين فى الزاوية الحمرا، تسلمت المهمة من والدى ولا أظن أن أولادى وأحدهما خريج التجارة والآخر خريج الحقوق سيأتى هنا لمتابعة الأرض وزراعتها».الجميع هنا يعلمون جيدا أنهم مختلفون، فهم فوق تلك المساحة الخضراء بإمكانهم أن ينفصلوا تماما عما حولهم من تكدس المبانى وصخب عربات التوك توك، ليسوا فى حاجة إلى سور يحمى أراضيهم، لأنهم يعلمون أنها ستظل هكذا كما هى إلى أجل غير مسمى. قبل سنوات لم يكن الحاج محمد مختلفا عن أى قاهرى آخر يرتدى القميص والبنطلون حين كان عاملا فى شركة «بسكو مصر» لأكثر من ثلاثين عاما، أما اليوم بعد أن جاوز الخامسة والخمسين من عمره فقد يظن المار أنه مزارع تقليدى بجلبابه البسيط وجلسته الواثقة. تلك المساحة الخضراء الواقعة على أطراف حى الزاوية الحمراء خلف محطة كهرباء شمال القاهرة لها ظروف خاصة، حيث إنها تقع مجاورة لمصنع حربى فرض قواعد خاصة على المكان وهو ما يوضحه عبدالعزيز طلبة رئيس حى الزاوية الحمراء قائلا: «هذه المساحة الخضراء تخضع لقواعد خاصة أقرتها وزارتا الزراعة والدفاع، بحيث يحد المصنع حسب قواعد السلامة مساحات غير مسكونة، وهو ما أبقى هذا الغيط كما هو دون تغيير» ويستطرد نافيا: «الموضوع بعيد تماما عن الحى وإداراته المختلفة.. نظرا لخصوصية المكان».
على الإنترنت يشير موقع «الزاوية الحمراء» إلى تلك المساحة الزراعية المتبقية بشكل لافت موضحا موقعها كأحد معالم الحى وجذوره كمنطقة زراعية كان أغلبها يقع تحت أملاك السيدة زينب هانم خاتون التى حولت الكثير من أملاكها إلى أوقاف، ووزعت كثيرا من أراضى المنطقة بعد الثورة على فلاحيها ضمن الإصلاح الزراعى.الأرض التى يشرف عليها الحاج محمد اليوم هى مربع صغير تجاوره قطع أخرى اختلفت ملكيتها بين ملكية خاصة، وأراضى الإصلاح الزراعى، وأراضٍ تابعة للمدرسة العبيدية التى أسستها أسرة يونانية الأصل اتخذت اسم «عبيد» وأوقفت الكثير من أملاكها وأراضيها على هذه المدرسة.على بعد عشرات الأمتار فى الطرف الآخر من «الغيط» عامل زراعى أكثر تحفظا، ليس مالكا ولكنه مزارع تنتمى جذوره هو الآخر إلى منطقة الزاوية القديمة. يأتيه البعض لشراء خضراوات زهيدة الثمن، يقول: «كان الحى قديما مقسما إلى ملكيات خاصة وأراضى أوقاف وكنا جميعا نعمل بالزراعة، لم تكن المنطقة قرية تحولت إلى جزء من العاصمة، بل أراض يزرعها مزارعو المنطقة». اكتفى المزارع المتحفظ بما قاله دون زيادة، ينتمى هو الآخر إلى منطقة «القصيرين» بالزاوية الحمراء تماما مثل الحاج محمد الذى يضيف: «الوضع كان مختلفا، كنا نعمل فى مزارع تكشف لنا المنطقة حتى حى الظاهر، وكان الإنجليز وقت الاحتلال يشترون مددهم من هذه المنطقة، وبعد حصولنا على الأراضى بعد الثورة ظللنا مزارعين، عائلتى كلها نشأت فى بيت ريفى بالزاوية يعمل أفراده فى الزراعة حتى تطور الحال، وكان انتقال أهالى عشش الترجمان فى نهاية السبعينيات إلى مساكن الزاوية إعلانا لنهاية طابعها الريفى إلى الأبد، حين كان الجميع قد باع أراضيه وتحولت المنطقة إلى حى شعبى».قد يقع الحاج محمد فى حيرة هو وجيرانه إذا ما تم تقرر لأى سبب السماح بالبناء فى تلك المساحة الخضراء حيث تفتت الملكية بين الورثة، ورغم استبعادهم حدوث هذا إلا أنهم يقدرون قيمة أراضيهم جيدا.يقول الحاج محمد: «هامش الربح من الأرض مرضى، لكنه ليس كبيرا»، يتحمل أيضا مسئولية المجىء بجرار زراعى من بهتيم فى موسم الحرث، وبعد اختفاء الترع التى تحولت إلى شوارع بنفس الاسم أصبح الاعتماد على مصدر مباشر من الماسورة العمومية.
قد يبدو مشهد الحاج محمد والذين معه كمشهد من عصر بائد ينعش ذاكرة القاهرة «الزراعية» التى اختفت اليوم، لكنهم لا يخفون فخرهم بقولهم «إحنا آخر جيل من مزارعى الزاوية!» .
فى كتاب «القاهرة» شبّه العالم المصرى الراحل الدكتور جمال حمدان مدينة القاهرة بقوارض الأرض الزراعية، مؤكدا أن المدينة تأكل أرضها. ويقترح محورا آخر فى عمليات التمدد والعمران باتجاه أحياء العباسية ومدينة نصر ومصر الجديدة حيث الأصل الصحراوى، بدلا من البناء على أراض زراعية وتحويل القرى الريفية إلى أحياء مدنية.تلك الدعوة التى تراعى أهمية المساحات الخضراء لم تكن الوحيدة من نوعها بهذا الشأن، بل صاحبتها دعوة رومانسية أخرى لأستاذ الجيولوجيا ــ الدكتور رشدى سعيد ــ الذى ردد كثيرا ضرورة تحويل وادى النيل إلى محمية زراعية مع نقل الحياة الصناعية ناحية المساحات الصحراوية المجاورة مقدما مشروعا محكما فى هذا الشأن.
مثل هذه الاقتراحات وغيرها من التوصيات التى تحذر من خطورة انحسار المساحات الخضراء فى مصر لم توقف الزحف العمرانى، إذ كشفت دراسة أجراها علماء الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء فى العام الماضى عن احتمال اختفاء المساحة الكلية للأراضى الزراعية المصرية بعد حوالى 60 عاما، وذلك إذا استمر التوسع العمرانى العشوائى بمعدلاته الحالية المرتفعة. حسب قواعد وزارة الزراعة فإنه من المحظور البناء خارج «الأحوزة العمرانية» المعتمدة للقرى والمدن.

Thursday, May 20, 2010

الحياة بين جدران المتاحف

العمل اليومى فى متحف مصطفى كامل أو أحمد شوقى، قد يجعلك تعيش رغما عنك فى جوار هؤلاء وعلى ذكرياتهم، وقد يغير مجرى حياتك إلى الأبد.. فوجودك اليومى فى المكان نفسه يجعلك تكتشف الكثير عن تاريخ هؤلاء وتاريخك الشخصى.
ضريح السياسيين
تصوير - هبة خليفة
أمام غابة من المآذن فى مواجهة قلعة صلاح الدين، قد يظن المار للوهلة الأولى، أنها قبة متوارية جوار الطريق الرئيسية، لا تتضح معالم المكان سوى بعد قراءة اللافتة الكبيرة «متحف مصطفى كامل». «فى مرة جاء أحدهم ظانا أنه مسجد للصلاة، وبمجرد علمه أنه متحف تاريخى وضريح للزعيم مصطفى كامل حتى بدأ فى التجول داخل أروقة المتحف بعد قراءة الفاتحة على روح الزعيم». العبارة لرشدى فاضل ــ مدير متحف مصطفى كامل الذى احتفظ بابتسامته التقليدية التى يواجه بها الزوار على اختلاف أنواعهم. تحت هذه القبة يجلس فى مكتبه محترما هيبة أصحاب الضريح، يرى اليوم أن وجوده فى هذا المكان هو نتيجة طبيعية لحبه القديم للمتاحف منذ أن كان طفلا يرافق والده الذى كان يعمل أيضا فى وزارة الثقافة، أما الآن فيشاركه العمل داخل المتحف نفسه بعض أفراد عائلته. بمجرد أن بدأ شرحه لمكونات المتحف حتى تحولت ملامحه إلى الجدية، مظهرا اعتزازه بأن هذا المتحف تحديدا يجمع بين كونه متحفا تقليديا وضريحا لعدد من الزعماء والسياسيين. يشير إلى مقبرة مزينة بأسماء أربعة سياسيين هم: الزعيمان مصطفى كامل ومحمد فريد، والسياسى المؤرخ عبدالرحمن الرافعى، ثم المفكر فتحى رضوان وزير الإرشاد القومى الأسبق فى بداية عهد الثورة. من هذا الموقع تحديدا تبدأ جولته التى لم يمل تكرارها منذ أن عمل هنا فى العام 1998، هدوء المكان انطبع على شخصيته المحافظة ووفر له فرصة التركيز الشديد أثناء سرده للمعلومات برصانة ووقار. يبدأ بذكر هذه المعلومة عن قصة إنشاء المتحف: «فى جلسة مجلس النواب عام 1944 نادى البرلمانى عبدالرحمن الرافعى باكتتاب لإنشاء ضريح للزعيمين مصطفى كامل ومحمد فريد. كان الرافعى غيورا من ضخامة ضريح سعد زغلول فى مقابل بساطة مقبرتى مصطفى كامل فى منطقة الإمام الشافعى ومحمد فريد فى حى السيدة نفيسة». يحفظ رشدى فاضل أماكن ميلاد وسكن أصحاب الضريح التى لم تبتعد عن منطقتى القلعة والسيدة زينب، أما هو فينتمى إلى منطقة مجاورة فى حى الإمام الشافعى، لا يخفى أمين المتحف الذى جاوز الخامسة والخمسين انحيازه لسيرة كل من مصطفى كامل ومحمد فريد تحديدا. قرب باب المتحف صمم ملصقا أنيقا يحمل كلمات رثاء وتكريم أهداها إلى الزعيمين. عمل رشدى فاضل قبل مجيئه إلى هنا فى متحف محمود خليل لمدة سبع عشرة سنة قضاها بين اللوحات والأعمال الفنية المختلفة، وهو يروى: «كنت أحفظ أماكن ومواضع كل لوحة وتاريخها، أما اليوم فقد اختلف الوضع قليلا»، اليوم يشعر بالرضا عن وجوده فى أحد المتاحف القومية لشخصيات يعرفها أغلب الناس. قلة عدد الزوار لا تقلقه، لكنها تشعل غيرته وتدفعه إلى الحديث بحماس عن رحلات المدارس والأفواج السياحية التى تمر من هنا أثناء زيارتها للقلعة، أمام لوحة تسجل فظائع الإنجليز فى مذبحة دنشواى عام 1906، يتحدث عن بعض ما يراه من الزوار: «فى إحدى الرحلات المدرسية تحدث المشرف الذى كان مدرسا للغة العربية عن دور مصطفى كامل فى فضح جرائم الإنجليز مضيفا أن دنشواى كانت قرية بجوار المنصورة.. استوقفته وحزنت أن يكون مدرسا فى هذه السن ولم يسمع عن دنشواى أو يعرف موقعها فى المنوفية». بعض زوار المتحف من نوع آخر وهم طلبة الفنون الجميلة الذين أتوا لدراسة عمارة المكان، حسب تعبيره «بعضهم لا يعرف عن مصطفى كامل سوى أنه كان زعيما وطنيا.. فقط». فى درج مكتبه ملزمة جمع فيها مادة علمية عن الزعيم الراحل والمتحف يقدمها إلى الزوار كى يصوروها على أمل أن يكون ذلك «فى ميزان حسناته». إلى جوار الملزمة كتاب عبدالرحمن الرافعى الذى ألفه عن «مصطفى كامل» وكتب أخرى فى تاريخ الشخصيات. المفارقة التى جمعت كل هؤلاء فى مقبرة واحدة هى أن مبادرة المؤرخ والسياسى عبدالرحمن الرافعى قد لاقت قبولا، وتم نقل رفات مصطفى كامل ومحمد فريد إلى الموقع الجديد وافتتح المتحف فى عام 1956 بواسطة وزير الإرشاد القومى آنذاك فتحى رضوان، ودفن الرافعى فى الموقع نفسه حسب وصيته عام 1966، ومن بعده فتحى رضوان عام 1988. لا يخفى رشدى فاضل أن الحياة بين جدران المتاحف أمام اللوحات والمقتنيات قد غيرت بعض طباعه ونظرته إلى الأشياء، يقول معلقا: «أصبحت أكثر حساسية فى التعامل مع أى لوحة معلقة على الجدران، حتى إن كانت لوحة عابرة فى عيادة أسنان!!». أمام تمثال الزعيم يكشف رشدى فاضل عن مهارات أخرى أجادها منذ الصغر: «كانت إحدى مواهبى صنع التماثيل وتخليت عنها بسبب الجدل الدينى المثار حولها، لكننى ما زلت متمسكا بفن الخط العربى». حاول استغلال هذه المهارة الأخيرة فى تنظيم ورشة تدريبية لإجادة الخط العربى فى حديقة المتحف، أما بعيدا عن جدران المتحف فيدير عملا خاصا فى مجال الدعاية والإعلان استغل فيه مهاراته الفنية، لكنه أعاد استغلال تلك المهارة الجديدة فى عمل آخر من أجل أصحاب الضريح موضحا ذلك بمثال حى حيث أخرج بامفليت (ورقة دعائية) عن المتحف وضع عليها لمساته الخاصة فى الإخراج الفنى، مشيرا إلى صورة الزعيم مصطفى كامل التى احتلت مساحة كبيرة منها، قائلا: «هذا أقل تكريم لزعيم مثل مصطفى كامل أفنى عمره من أجل الوطن».
محطة فى طريق الركاب
تصوير - أحمد عبداللطيف تبدأ الجولة من مدخل ينقل زائر «محطة مصر» من عالم صاخب بأصوات النداء على المسافرين للحاق برحلاتهم إلى عالم آخر يعرض تاريخ السكك الحديدية وقاطرات قديمة لن يراها أحد سوى هنا فى «متحف السكة الحديد». إلى جوار المدخل الرئيسى تجلس حكمت إبراهيم ــ أمينة المتحف ــ فى حجرة متواضعة أمام حجرة أخرى تضم زميلتيها. لا يزعجهن نفير القطارات ولا يختلف الحال عن كل يوم حين يجلس الجميع فى انتظار ضيف جديد يستحق الاهتمام، أغلب الزوار من السائحين الأجانب إلى جانب من جاءوا هربا من ملل انتظار القطار. قبل أكثر من عشرين سنة انضمت هذه الدفعة من العاملين إلى المتحف، إحداهن هى مديرة المتحف الحالية وموظفتان لإرشاد الزوار، جميعهن ينتمين إلى عائلات خدمت فى هيئة السكك الحديدية. هذه الصورة الهادئة لا تخفى خلفية كل منهن، فبينما تذكر ناهد الخطيب أنها عشقت الحياة داخل هيئة السكك الحديدية منذ أن كانت طفلة تحضر مع والدها إلى مكتبه فى الهيئة، يبدو الأمر مختلفا لدى حكمت التى لم تكن مولعة بحياة السكك الحديدية والمتاحف، لكنها متعلقة بأمر آخر: «أفضل ما فى هذه المهنة هو رؤية أشخاص جدد كل يوم، رغم الطابع الهادىء للمكان». لا تشعر أمينة المتحف بأن المكان مظلوم بحكم قلة الدعاية أو اهتمام الناس بزيارة المتاحف، بل لها رأى آخر: «لا يمكن مقارنة العمل هنا بمتاحف أخرى مثل المتحف المصرى، حيث يدخل متحف السكة الحديد ضمن المتاحف المتخصصة كالمتحف الزراعى ومتحف البريد الذين تجمعهم ظروف واحدة». أثناء حديثها يمر زائران قررا كسر ملل انتظار القطار بالتجول داخل المتحف، تعلق ناهد الخطيب: «يتغير طابع المكان أثناء الرحلات المدرسية التى قلت هذا العام بسبب إنفلوانزا الخنازير، وربما أثر ارتفاع سعر التذكرة للمصريين إلى خمسة جنيهات وهو ما تفكر الإدارة فى تخفيضه». تتجول ناهد مع الزوار بين أروقة المتحف مستعرضة كمًا لا بأس به من المعلومات، تتغير اللغة أحيانا مع الزوار الصغار حين تقص عليهم تطور فكرة السكك الحديدية بشكل قصصى. على الجدران صور قديمة لمحطات القطار وافتتاح المتحف فى عام 1933 فى عهد الملك فؤاد، لكن أكثر ما يلفت نظر الزوار هما العربتان الكبيرتان فى نهاية المتحف: الأولى هى هيكل قاطرة قديمة تكشف تفاصيل عملها ميكانيكيا، أما الأخرى فهى عربة فخمة تعود إلى عهد سعيد باشا حاكم مصر (1854ــ1863)، بإمكان الجالس فيها استعادة الأجواء الملكية لذلك العصر. كانت حكمت إبراهيم ــ مديرة المتحف ــ تقوم هى الأخرى بالجولات الإرشادية نفسها ولا تخفى أن الفضول كان يحركها أحيانا لمعرفة المزيد عما كانت تشرحه للزوار، أشهر الأمثلة حديثها عن «قطار فرغلى باشا» الموجود فى صالة العرض تحت الصيانة وهو عبارة عن قطار صغير يكاد يحاكى القطار الحقيقى فى رحلته، كان يملكه أحد ملوك تجارة القطن الكبار فى عهد ما قبل الثورة، تقول حكمت: «أحيانا ما يدفعك وجودك اليومى هنا إلى جمع معلومات من مصادر أخرى، وهو ما فعلته مع فرغلى باشا الذى سألت عنه أحد معارفه الذين حكوا عنه تفاصيل طريفة تؤكد صورة المليونير المترف». الحياة داخل هذا المكان الهادىء تجعل بعض الزيارات بمثابة حدث مهم، الجميع هنا يتذكر زيارة مسئول اليونسكو التى جرت مؤخرا والتى وعد فيها بدعم تطوير المتحف مهنيا، أما الأستاذة ناهد فتتذكر وجوها تأتى للزيارة على فترات متباعدة، وتقول: «يأتى بعض الأجداد أحيانا مع أحفادهم، ويؤكدون أن زيارتهم للمكان فى الصغر هى السبب فى تكرار الزيارة بعد كل هذه السنوات، مثل هذه المواقف المتكررة أكدت لى أن زيارة المتاحف كانت أمرا أكثر انتشارا عن اليوم»، تكمل حكمت إبراهيم حديث زميلتها: «اليوم هناك ألف وسيلة ترفيه، كل هذا يسحب زوار المتاحف إلى اتجاه آخر». لم تجد كل منهما وسيلة للدعاية للمتحف سوى ما حدث قبل سنوات حين جاء سؤال فى امتحان الثانوية العامة للغة الفرنسية عن متحف السكة الحديد، وهو ما دفع بعض الطلبة فى السنة التالية إلى محاولة التعرف على المكان بدافع الفضول. الانتماء إلى أسر عملت فى هيئة السكك الحديدية ثم الحياة العملية وسط جدران متحف السكة الحديد جعلت فكرة القطار مطروحة فى حياتهم. على مكتب مديرة المتحف قطار خشبى صغير، لم يكن مجرد اكسسوار للمكتب، بل أكثر من ذلك، فهى توضح: «أولى الألعاب التى يرتبط بها الطفل الصغير هى القطار، وهى الشكل الأول لوسائل النقل الحديثة، وبالنسبة لى أجد الحياة نفسها لا تختلف عن رحلة قطار له مجموعة من المحطات».

فى منزل أمير الشعراء

تصوير - هبة خليفة يختلف الحال بين زائر عابر لمتحف أحمد شوقى بالجيزة والعاملين الذين قضوا سنوات فى ضيافة أمير الشعراء بين أركان منزله الذى تحول إلى متحف فى العام 1977، داخل المنزل الذى سماه «كرمة بن هانئ » يشير المرشد إلى الأماكن التى أبدع فيها أحمد شوقى أشعاره وإلى أماكن أخرى استقبل فيها مشاهير عصره، وحسب العبارة التى استخدمها على عمران، أمين المتحف فإن «صاحب البيت قد فرض ثقافته على العاملين هنا». كان هذا واضحا بشدة لدى أمين المتحف الذى حرص فى حديثه على استخدام اللغة العربية الفصحى مشيرا إلى خلفيته كدارس للغة العربية فى كلية دار العلوم وأن له تجارب فى الكتابة الشعرية. يعمل على عمران فى متحف أحمد شوقى منذ العام 2000، لكنه يكاد يكون أقرب العاملين إلى أجواء الشعر والأدب، ويعلق على ذلك قائلا: «هناك نسبة من العاملين فى المتاحف التابعة لقطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة من خريجى كليات التربية الفنية والفنون الجميلة إلى جانب خريجى الكليات الأخرى، ولأن هذا المتحف له خصوصية الشعر والأدب، فأنا أقرب العاملين هنا إلى هذا المجال، لذا أدير النشاط الثقافى بمساعدة زملائى». يترك على عمران مهمة إرشاد الزوار إلى فريق من الشباب يعمل فى المتحف لهذا الغرض فقط، حيث يستقبل المرشد الزوار ويتجول معهم بين غرف المنزل. منال أنور وآية طه هما من أفراد هذا الفريق، لم تكن منال تعتقد أثناء دراستها فى كلية الزراعة أنها ستعمل فى يوم من الأيام فى مجال المتاحف، رغم أن أختها الكبرى تعمل فى هذا المجال بالفعل، وهى تعلق: «فى السنوات الأولى من عملى تعجبت من فكرة بقائى بين الجدران نفسها وتكرار الكلام نفسه يوميا، لكن بعد سبع سنوات من العمل أجد الأمور قد تغيرت تماما». تذكر منال أن ما يجعلها اليوم تشعر بالسعادة أثناء عملها هو تقدير بعض الزوار لفكرة أن تعمل فى مكان راق من الناحية المعمارية والتاريخية، كذلك فإن ما تراه أحيانا من نظرات إعجاب الزوار لأحمد شوقى خاصة من العرب يجعلها تشعر بشىء من الفخر لم تخفه فى حديثها. أما زميلتها آية طه فقد عملت لأكثر من إحدى عشرة سنة فى المكان نفسه، اعتادت على مواجهة الزيارات الكثيفة المفاجئة والصبر على قلة الزوار فى أوقات أخرى، تقول: «فى أوقات نضع أيدينا على خدنا فى انتظار زائر، وفى أوقات أخرى لا نلاحق على كم الزوار، وذلك دون أسباب واضحة». كلتاهما لا تنسى زيارات بعينها، إذ تقول آية: «بعض الزوار يأتون هنا وهم حافظون لشعر أحمد شوقى، ولديهم معلومات مبهرة عن حياته تفاجئنا نحن شخصيا، ومن أكثر الجنسيات التى ألمس فيها هذا الحس هم السوريون بسبب سعة اطلاعهم وحبهم لأحمد شوقى». تحتم قواعد العمل على آية ومنال أن تنقلا المعلومة بوضوح ودون إبداء انطباعات أو آراء شخصية، أحيانا ما يأتى إليهما من كان يظن أن أحمد شوقى رجل شارب للخمر وليس له مواقف وطنية، وهو ما يجب توضيحه بحياد، تعلق منال: «كرمة بن هانئ هو الاسم الذى اختاره شوقى لمنزله الأول فى ضاحية المطرية، وحين انتقل إلى الجيزة حرص على الإبقاء على الاسم نفسه الذى قد يوحى للبعض بالترف أو عن وجود كرمة عنب يعصر منها النبيذ، لكن الواقع لم يكن كذلك». هذا الاسم قد جذب بعض الزوار الذين أصابهم الفضول كلما مروا من أمام اللافتة المعلقة فى واجهة المتحف. وتنقسم «كرمة بن هانئ » إلى طابقين، الأرضى به صالون الضيافة الذى استضاف الموسيقار محمد عبدالوهاب فى الفترة التى تبناه فيها أمير الشعراء فنيا، وإلى جواره مكتبة الشاعر الخاصة، أما الطابق العلوى فهو الأكثر حميمية حيث حجرة نوم أحمد شوقى التى كان يكتب فيها أشعاره. فى أوقات الزيارات الكثيفة لطلبة المدارس تبدأ أجواء الحذر فى الازدياد حرصا على مقتنيات المتحف التى تزين جدران المتحف إضافة إلى محتويات المنزل التقليدية، وهو ما يستدعى بعض أفراد الأمن للحماية، وتقول آية طه: «من أصعب الفئات فى التعامل هم طلبة الثانوى، وأحيانا ما أحزن حين أجد بينهم من لا يبدى اهتمامه بقيمة المكان على عكس ما نراه من رحلات من هم أصغر سنا». وسط هذه الأجواء يظل انطباع المرشد عن أمير الشعراء خفيا إلى حد كبير ولا ينقله إلى الزائر بينما يختلف الأمر تماما عند على عمران، أمين المتحف والمسئول عن النشاط الثقافى، فلا يخفى انحيازه التام لأحمد شوقى. حسب حديثه، فالنشاط يمثل التيارات والمدارس المختلفة فى الشعر، وفى شهر أكتوبر من كل عام تقام احتفالية ثقافية وفنية فى ذكرى أمير الشعراء، يقول: «بحكم دراستى وحبى للشعر أعرف كيف أثر هذا الرجل فى لغة كثير من الشعراء، وبحكم انتمائى لهذا المكان وبقائى ضيفا على أمير الشعراء لسنوات طويلة فكرت أن تكون شهادة الماجستير عن دراسة تأثيره فى الشعراء من بعده، وهو ما أفكر فيه جديا الآن».

PDF