إلى جوار معانى الصبر والحسد والخوف التى تشى بها ملصقات السيارات والعبارات المدونة عليها، هناك أيضا مسحة من الأنانية وفقدان الثقة حتى فى أعز الأصحاب، إذ تبرز جمل ساخرة على شاكلة «إما من الزمان أو من البشر».
كتب - عبدالرحمن مصطفى
من بين عشرات العبارات التى كان بإمكانه اختيارها لم يجد سائق ربع النقل الجالس قرب ميدان الموسكى سوى عبارة واحدة غطت زجاج سيارته الخلفى: «مفيش صاحب يتصاحب»، ليست عبارة للزينة، بل عقيدة أراد التشبث بها حتى النهاية، ويقول متهكما: «لاصقها عشان مانساش»، ذكر أنها رسالة إلى كل من يقرأها بأنه من الصعب استغلاله تحت شعار «الصحوبية». أين يمكن الحصول على مثل تلك العبارات؟ أجاب: «عند أى حد بتاع فوسفور»، يقصد بذلك محال كماليات السيارات المهتمة بالملصقات.
جولة بين هذه المحال تكشف عن أن بعضها اقتصر على تجهيز السيارات الملاكى التى تخضع لقواعد أخرى بعيدة عن هذه العبارات الشعبية، أحمد نايتى، الذى يعمل فى أحد هذه المحال بشارع أحمد سعيد ناحية العباسية، يوضح أن السيارات الملاكى تجتذب عبارات أخرى بالإنجليزية وملصقات إيحائية مثل «النيران على جانبى السيارة» وغيرها، وكل هذا يبتعد تماما عن مزاج من اختاروا عبارات من نوعية «راحوا الحبايب»، و«علمته يفرح.. سابنى حزين» وغيرها من العبارات التى تزين التوك توك والميكروباص والنقل. رغم ابتعاده عن هذا المجال، لكنه يعلم رواده المتمركزين فى مناطق مثل عين شمس وإمبابة والجيزة، يحفظ العبارات التى يطبعونها لزبائنهم لكنه لا يبيعها.
الاهتمام بتتبع ما هو مكتوب على خلفيات السيارات والحافلات كان موضوع دراسة مهمة نشرت تحت عنوان: «هتاف الصامتين.. ظاهرة الكتابة على هياكل المركبات» (دار الطباعة الحديثة 1971)، ذكر مؤلفها عالم الاجتماع الراحل الدكتور سيد عويس أنه بعد هزيمة عام 67 أصابته هزة فى جدوى حب مصر وسط أجواء اليأس آنذاك، فاتجه إلى دراسة ملامح خوف المصريين من المجهول عبر جمع تلك الجمل المكتوبة على سياراتهم وعرباتهم لتحليلها، واستمرت الدراسة حتى عام 70، رصد فيها أكثر من 1000 كلمة وعبارة مكتوبة على 500 وسيلة نقل أو عربات يد وكارو، حملت نتائج هذه الدراسة عبارات بدأت فى الانحسار الآن، لكنها أكدت البعد الإيمانى الذى برز فى عبارات دينية مثل الأدعية والابتهالات والنصوص الدينية التى وضعها السائقون تعبيرا عن الرضا بالقدر، وتجاورت العبارات السلبية مثل اللامبالاة والحيرة والمذلة إلى جوار قيم ايجابية مثل التعاون والمحبة.
يسير فى شوارع مصر أكثر من 4.6 مليون مركبة، حسب أرقام الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2008. ورغم أن قانون المرور الجديد ما زال محافظا على رفض مثل تلك العبارات على السيارات ووسائل النقل إلا أنها مازالت موجودة بقوة مثلما كان الحال وقت إعداد دراسة هتاف الصامتين، وهو ما شجع باحثين آخرين على إعداد دراسة تتبعية لدراسة هتاف الصامتين فى الفترة من العام 2002 حتى عام 2004 (منشورة فى المجلة العربية لعلم الاجتماع، العدد الأول يناير 2008)، وكان قد انضم إلى قافلة المركبات فى مصر حينذاك وسيلة جديدة للنقل هى التوك توك الذى يستضيف كثيرا من الملصقات على خلفيته الضئيلة.
كشفت هذه الدراسة الحديثة عن أن مزاج السائق المصرى لم يختلف تماما فى التعبير عن نفسه، إذ ظل اسم الجلالة «الله» هو الاسم الأول فى نتائج الدراستين، وما زالت معانى الصبر والحسد والخوف بارزة فى العبارات المستخدمة، لكن الدراسة الجديدة سجلت ظهور أشكال شعبية مختلفة تروج للفردية والأنانية، «عايز تصاحب صاحب نفسك»، أو جمل ساخرة إما من الزمان أو من البشر مثل «محدش فاهم حاجة». مثل هذه الجمل يأتى مقترحوها إلى إبراهيم أحمد الشاب الثلاثينى الجالس خلف شاشة الكمبيوتر لإنتاج مثل هذه الملصقات حسب طلب زبائنه، يقول: «بدأت فى هذا المجال قبل أكثر من عشر سنوات، فى البداية كنت أتعامل مع أدوات شركات الدعاية لنقص الإمكانات، اليوم أنتجها بنفسى».
لا للعبارات الإباحية
على بعد أمتار من مزلقان كوفرتينا فى حى عين شمس عدد من محال بيع كماليات السيارات، يجلس إبراهيم فى أحدها وسط عدد كبير من الاكسسوارات والمرايا وجنوط السيارات، لا يمثل نشاطه على جهاز الكمبيوتر إلا مساحة ضئيلة من نشاط المحل الذى يعمل به. إبراهيم الذى درس الفنون الجميلة قبل سنوات عديدة لا يعمل الآن سوى فى توصيل أصوات السائقين إلى العالم عبر ملصق على خلفية السيارة. أحيانا ما يكون الملصق دعاية لصاحب السيارة أو سائقها بحيث يكون معروفا به وسط السائقين مثل «البرنس»، «العمدة»، «أبو يارا»، فتنسب السيارة إلى هذا الاسم الملصق على الزجاج الخلفى.. عدا تلك الملصقات ذات الطابع الدينى المنتشرة بين الميكروباصات مثل «لا إله إلا الله»، و«اذكرالله». يقول إبراهيم: «على مدار عشر سنوات من العمل فى هذا المجال ازدهرت فكرة الملصقات فقط قبل ست سنوات تقريبا مع انتشار الفكرة وسهولة إنتاجها». هذا التطور الذى لاحظه إبراهيم لم يكن يقتصر فقط على أدوات الإنتاج بل انعكس على مضمون العبارات نفسها: «مؤخرا جاءنى أحدهم يطلب كتابة عبارة إباحية فى ملصق على ظهر سيارته، فرفضت لأن لى قواعد لن أتنازل عنها، أهمها عدم كتابة عبارات إباحية أو تحريضية». ما لاحظه إبراهيم أثناء عمله أنه مؤخرا قد انتشرت موجة من العبارات الأكثر «تبجحا»، خاصة تلك التى تنعى الصداقة منها «عايز تصاحب صاحب كلب»، والتى بدأت تكثر فى العامين الأخيرين حسب تقديره، وأحيانا ما يرفض إنتاج مثل هذه العبارات تخوفا من أن يطلب منه المزيد، لكن هذه الطلبات المرفوضة يقبل غيره إنتاجها. أثناء جلوسه خلف الكمبيوتر تأتيه امرأة فى جلباب أسود تعيش حالة من البهجة بمناسبة الترخيص الجديد للتاكسى الذى تملكه العائلة، طلبت طلبا تقليديا للغاية، ملصقات فوسفورية بشكل اللوحات المرورية الجديدة، وإلى جوارها أسماء الأبناء، وفوق كل ذلك آية: «قل أعوذ برب الفلق». فى دقائق كان إبراهيم قد كتبها على الكمبيوتر وأخرج لوحة بيضاء أدخلها فى جهاز ينتهى «بكاتر تقطيع» يرشق سنه فى اللوح الورقى وبعدها يتم تفريغ الشكل المطلوب وتغطيته بورق ملون.. يقول إبراهيم: «الموضوع غير مكلف، ملصق بعرض 90 سم وطول 12 سم قد يكلف السائق 10 جنيهات فقط».يعمل إبراهيم فى خدمة طلبات السائقين، ليس لديه أفكار أو عبارات جاهزة، لكنه جوار باب المحل الذى يعمل به لم يحرم نفسه من ملصق يعبر به عن نفسه وانتمائه، كان الملصق: «الأهلى.. واحد بس»، وهو الشعار الذى يتبدل أحيانا على خلفيات الميكروباص فيصبح اسم السائق محل كلمة «الأهلى».
من بين عشرات العبارات التى كان بإمكانه اختيارها لم يجد سائق ربع النقل الجالس قرب ميدان الموسكى سوى عبارة واحدة غطت زجاج سيارته الخلفى: «مفيش صاحب يتصاحب»، ليست عبارة للزينة، بل عقيدة أراد التشبث بها حتى النهاية، ويقول متهكما: «لاصقها عشان مانساش»، ذكر أنها رسالة إلى كل من يقرأها بأنه من الصعب استغلاله تحت شعار «الصحوبية». أين يمكن الحصول على مثل تلك العبارات؟ أجاب: «عند أى حد بتاع فوسفور»، يقصد بذلك محال كماليات السيارات المهتمة بالملصقات.
جولة بين هذه المحال تكشف عن أن بعضها اقتصر على تجهيز السيارات الملاكى التى تخضع لقواعد أخرى بعيدة عن هذه العبارات الشعبية، أحمد نايتى، الذى يعمل فى أحد هذه المحال بشارع أحمد سعيد ناحية العباسية، يوضح أن السيارات الملاكى تجتذب عبارات أخرى بالإنجليزية وملصقات إيحائية مثل «النيران على جانبى السيارة» وغيرها، وكل هذا يبتعد تماما عن مزاج من اختاروا عبارات من نوعية «راحوا الحبايب»، و«علمته يفرح.. سابنى حزين» وغيرها من العبارات التى تزين التوك توك والميكروباص والنقل. رغم ابتعاده عن هذا المجال، لكنه يعلم رواده المتمركزين فى مناطق مثل عين شمس وإمبابة والجيزة، يحفظ العبارات التى يطبعونها لزبائنهم لكنه لا يبيعها.
الاهتمام بتتبع ما هو مكتوب على خلفيات السيارات والحافلات كان موضوع دراسة مهمة نشرت تحت عنوان: «هتاف الصامتين.. ظاهرة الكتابة على هياكل المركبات» (دار الطباعة الحديثة 1971)، ذكر مؤلفها عالم الاجتماع الراحل الدكتور سيد عويس أنه بعد هزيمة عام 67 أصابته هزة فى جدوى حب مصر وسط أجواء اليأس آنذاك، فاتجه إلى دراسة ملامح خوف المصريين من المجهول عبر جمع تلك الجمل المكتوبة على سياراتهم وعرباتهم لتحليلها، واستمرت الدراسة حتى عام 70، رصد فيها أكثر من 1000 كلمة وعبارة مكتوبة على 500 وسيلة نقل أو عربات يد وكارو، حملت نتائج هذه الدراسة عبارات بدأت فى الانحسار الآن، لكنها أكدت البعد الإيمانى الذى برز فى عبارات دينية مثل الأدعية والابتهالات والنصوص الدينية التى وضعها السائقون تعبيرا عن الرضا بالقدر، وتجاورت العبارات السلبية مثل اللامبالاة والحيرة والمذلة إلى جوار قيم ايجابية مثل التعاون والمحبة.
يسير فى شوارع مصر أكثر من 4.6 مليون مركبة، حسب أرقام الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2008. ورغم أن قانون المرور الجديد ما زال محافظا على رفض مثل تلك العبارات على السيارات ووسائل النقل إلا أنها مازالت موجودة بقوة مثلما كان الحال وقت إعداد دراسة هتاف الصامتين، وهو ما شجع باحثين آخرين على إعداد دراسة تتبعية لدراسة هتاف الصامتين فى الفترة من العام 2002 حتى عام 2004 (منشورة فى المجلة العربية لعلم الاجتماع، العدد الأول يناير 2008)، وكان قد انضم إلى قافلة المركبات فى مصر حينذاك وسيلة جديدة للنقل هى التوك توك الذى يستضيف كثيرا من الملصقات على خلفيته الضئيلة.
كشفت هذه الدراسة الحديثة عن أن مزاج السائق المصرى لم يختلف تماما فى التعبير عن نفسه، إذ ظل اسم الجلالة «الله» هو الاسم الأول فى نتائج الدراستين، وما زالت معانى الصبر والحسد والخوف بارزة فى العبارات المستخدمة، لكن الدراسة الجديدة سجلت ظهور أشكال شعبية مختلفة تروج للفردية والأنانية، «عايز تصاحب صاحب نفسك»، أو جمل ساخرة إما من الزمان أو من البشر مثل «محدش فاهم حاجة». مثل هذه الجمل يأتى مقترحوها إلى إبراهيم أحمد الشاب الثلاثينى الجالس خلف شاشة الكمبيوتر لإنتاج مثل هذه الملصقات حسب طلب زبائنه، يقول: «بدأت فى هذا المجال قبل أكثر من عشر سنوات، فى البداية كنت أتعامل مع أدوات شركات الدعاية لنقص الإمكانات، اليوم أنتجها بنفسى».
لا للعبارات الإباحية
على بعد أمتار من مزلقان كوفرتينا فى حى عين شمس عدد من محال بيع كماليات السيارات، يجلس إبراهيم فى أحدها وسط عدد كبير من الاكسسوارات والمرايا وجنوط السيارات، لا يمثل نشاطه على جهاز الكمبيوتر إلا مساحة ضئيلة من نشاط المحل الذى يعمل به. إبراهيم الذى درس الفنون الجميلة قبل سنوات عديدة لا يعمل الآن سوى فى توصيل أصوات السائقين إلى العالم عبر ملصق على خلفية السيارة. أحيانا ما يكون الملصق دعاية لصاحب السيارة أو سائقها بحيث يكون معروفا به وسط السائقين مثل «البرنس»، «العمدة»، «أبو يارا»، فتنسب السيارة إلى هذا الاسم الملصق على الزجاج الخلفى.. عدا تلك الملصقات ذات الطابع الدينى المنتشرة بين الميكروباصات مثل «لا إله إلا الله»، و«اذكرالله». يقول إبراهيم: «على مدار عشر سنوات من العمل فى هذا المجال ازدهرت فكرة الملصقات فقط قبل ست سنوات تقريبا مع انتشار الفكرة وسهولة إنتاجها». هذا التطور الذى لاحظه إبراهيم لم يكن يقتصر فقط على أدوات الإنتاج بل انعكس على مضمون العبارات نفسها: «مؤخرا جاءنى أحدهم يطلب كتابة عبارة إباحية فى ملصق على ظهر سيارته، فرفضت لأن لى قواعد لن أتنازل عنها، أهمها عدم كتابة عبارات إباحية أو تحريضية». ما لاحظه إبراهيم أثناء عمله أنه مؤخرا قد انتشرت موجة من العبارات الأكثر «تبجحا»، خاصة تلك التى تنعى الصداقة منها «عايز تصاحب صاحب كلب»، والتى بدأت تكثر فى العامين الأخيرين حسب تقديره، وأحيانا ما يرفض إنتاج مثل هذه العبارات تخوفا من أن يطلب منه المزيد، لكن هذه الطلبات المرفوضة يقبل غيره إنتاجها. أثناء جلوسه خلف الكمبيوتر تأتيه امرأة فى جلباب أسود تعيش حالة من البهجة بمناسبة الترخيص الجديد للتاكسى الذى تملكه العائلة، طلبت طلبا تقليديا للغاية، ملصقات فوسفورية بشكل اللوحات المرورية الجديدة، وإلى جوارها أسماء الأبناء، وفوق كل ذلك آية: «قل أعوذ برب الفلق». فى دقائق كان إبراهيم قد كتبها على الكمبيوتر وأخرج لوحة بيضاء أدخلها فى جهاز ينتهى «بكاتر تقطيع» يرشق سنه فى اللوح الورقى وبعدها يتم تفريغ الشكل المطلوب وتغطيته بورق ملون.. يقول إبراهيم: «الموضوع غير مكلف، ملصق بعرض 90 سم وطول 12 سم قد يكلف السائق 10 جنيهات فقط».يعمل إبراهيم فى خدمة طلبات السائقين، ليس لديه أفكار أو عبارات جاهزة، لكنه جوار باب المحل الذى يعمل به لم يحرم نفسه من ملصق يعبر به عن نفسه وانتمائه، كان الملصق: «الأهلى.. واحد بس»، وهو الشعار الذى يتبدل أحيانا على خلفيات الميكروباص فيصبح اسم السائق محل كلمة «الأهلى».
للدعوة والهداية : مجهولون يوزعونها في صمت
في موقع أحد شيوخ السلفية "سعيد عبد العظيم" ورد هذا السؤال "أقوم بلصق ملصقات دعوية، ثم أفاجأ بعد ذلك بأيد خفية تمزق هذه الملصقات، فما حكم ذلك؟" الإجابة الحاسمة "الملصقات الدعوية هي صورة من صور الدعوة إلى الله لا يصح تمزيقها وطمسها دون وجه حق، وغيظك لا يمنعك من استيعاب الواقع والاستمرار في الدعوة إلى الله". في مواقع أخرى على الانترنت انتشر هذا العنوان الملفت :121 وسيلة دعوية. على رأسها نشر الملصقات الإسلامية.. وفي شوارع القاهرة هناك من تنقلوا بين الأتوبيسات وجدران المنازل والمساجد والجامعات لتحقيق هذا الغرض دون ترتيب مسبق أو حملة مخططة، ما جعل هويتهم خفية وكأنهم أشباح دعوية تتجول في القاهرة. نفى سائق الأتوبيس المتجه إلى حلوان بلا مبالاة معرفته بهوية لاصقيها على زجاجه الأمامي موضحا "بعض السائقين يتبارك بها، ويسمح بوجودها دون حرج، وهناك شباب يمرون أحيانا على الحافلات ولصقها في هدوء"، لم تكن جملته وحده، بل اتفق معه عدد من السائقين. رغم أن القواعد المهنية في هذا الشأن تمنع وضع الملصقات داخل حافلات النقل العام، بعضهم كتب عبارة تحذيرية واضحة "ممنوع وضع الإعلانات إلا بمعرفة السائق". في ذيل كل ملصق اسم دار الطباعة ورقم الاتصال، وهو ما كشف عن أن مصادر هذه التجارة تركزت في عدد قليل من الموزعين أهمها درب الأتراك. هناك.. في بداية الشارع شاب يرتدي جلبابا بسيطا ذو لحية كثة يرى عدد من العاملين في مجال الملصقات الإسلامية أنه الرائد الأول، يجلس بثقة خلف الجامع الأزهر أمام باب الأتراك مباشرة حيث الشارع الضيق الذي يحتفي بعدد من المكتبات التراثية، هناك يتراص ملوك الستيكرز الاسلامي إلى جوار بعضهم البعض. أما الرائد الأول فكنيته أبو معاذ، هكذا قدم نفسه رافضا استخدام اسمه الأصلي. بدأ أبو معاذ صناعة الملصقات الإسلامية قبل ثمان سنوات، يقيم حاليا في متجره المتواضع الذي لا يشير إلى أهمية دار معاذ بن جبل التي تنتشر ملصقاتها في شوارع القاهرة بكثافة. "بدأت أنا، ثم قلدني الآخرون ". تمثل الملصقات شريحة من العمل في متجره المتواضع حيث تحيط به الكتيبات الدينية ذات التوجه السلفي والأدوات المكتبية.
على بعد أمتار متجر آخر أكثر بساطة يحمل لافتة ضخمة "دار خاتم المرسلين"، هناك بدا رضا أكثر تحفظا وانشغالا بترتيب منتجاته القليلة رافضا التحدث عن نوعية زبائنه مكتفيا بذكر سعر الملصقات "عشرة جنيهات لكل مئة ملصق إسلامي"، أمامه كم هائل من الملصقات تنوعت العبارات المستخدمة من نواهي وأوامر ونصوص دينية، مثل "إياك وسب الدين"، "لا إله إلا الله"، "لا يبارك الله في عمل يلهي عن الصلاة"، وغيرها من العبارات التي لا ترتبط بحدث ولا تزدهر في وقت محدد . قد تتضاعف أسعارها بحيث تصل قيمة نفس المئة ملصق من الحجم الصغير إلى خمسة وسبعين جنيها أثناء بيعها لدى تجار القطعة.
يعلق أبو معاذ "في العادة يشتري الزوار كميات كبيرة بالجملة، أغلبهم شباب عادي لا يهدفون إلا إلى توزيعها من أجل الخير، البعض يشتري كميات ويمر بها على القطارات ويلصقها هناك".
العاملون في هذا المجال مثل أبو معاذ ورضا يستندون في اختياراتهم إلى اقتباس النصوص الملائمة لسلوكيات الشارع، والتي تخدم هدفهم الدعوي الإسلامي. حسب أبو معاذ "كل سلوك لا يرضاه الشرع يقابله ملصق" الواقع يكشف عن تجارة هادئة تعمل على مدار العام لها زبائنها الطامحون في نيل الحسنات. لاينافس هذه الملصقات سوى ملصقات أخرى تظهر أحيانا مصاحبة لحملات دعوية مثل "حجاب يصون.. أو تنهش عيون" التي راجت قبل عامين متزامنة مع حملات حقوقية ضد التحرش، في العادة تطبع العبارات الدعوية على فرخ ورقي كبير ثم تقسم إلى وحدات صغيرة مما يكثر عددها لحظة الإنتاج لتصدر المئات من عدد قليل من أفرخ الطباعة، ولا تختلف صناعتها كثيرا عن ملصقات الحملات الدعوية المرتبطة بمدة زمنية والتي كان أشهرها أيضا حملة "حماية" لمواجهة المخدرات التي تبناها الداعية عمرو خالد برعاية رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف التي تعدت ملصقاتها الثلاثة ملايين ملصق داخل مصر وخارجها حسب منظموها. لكن جميع هذه الملصقات سرعان ما اختفت تاركة المجال للملصقات الدعوية الأصغر التي ينتجها درب الأتراك وغيره حيث لا ترتبط ملصقاتهم بتوقيت أو حملات.
قبل سنوات عديدة في نهاية الثمانينات أثناء عهد وزير الداخلية السابق زكي بدر تبنى الكاتب الصحفي إبراهيم سعدة موقفا مناهضا من الملصقات الدينية على زجاج السيارات، وحتى اليوم تتعرض هذه الملصقات للتمزيق سواء من جانب الأماكن التي لا تقبل وجودها أو ما يقوم به عمال النظافة في الشوارع الرئيسية، والبعض لا يقبل هذا.. وبعيدا عن درب الأتراك داخل بناية متواضعة الحال في العتبة ينفي تماما أحمد عبد المنعم أحد صغار منتجي الملصقات الدعوية عن كافة العاملين في هذا المجال أن يكون إنتاجهم الغزير مدعوما من أحد، مبديا بعض الأعذار لتحفظهم، "من حق العاملين في الملصقات الإسلامية القلق من التعامل مع الإعلام والتخوف من التحريض على هذا النشاط". إصدار الملصقات الدعوية يستوجب إصدار رقم إيداع وإجراءات تدير هذا النشاط، وهو ما يدفعهم إلى التحفظ، عدا هذا فالملصقات لا تمثل إلا جزء يسيرا من نشاط تاجر مثل أحمد، حيث كانت الزيوت والعطور والبخور والسواك والكتيبات والمصاحف هي أكثر تجارته. أما الملصقات والكتيبات الدعوية فلها زبائنها الذي لا يشي بهم أحدهم، كما أنها هدية يقدمها جيران أحمد من أصحاب المحال المجاورة عند شراء نقاب أو مصحف غالي الثمن.
على بعد أمتار متجر آخر أكثر بساطة يحمل لافتة ضخمة "دار خاتم المرسلين"، هناك بدا رضا أكثر تحفظا وانشغالا بترتيب منتجاته القليلة رافضا التحدث عن نوعية زبائنه مكتفيا بذكر سعر الملصقات "عشرة جنيهات لكل مئة ملصق إسلامي"، أمامه كم هائل من الملصقات تنوعت العبارات المستخدمة من نواهي وأوامر ونصوص دينية، مثل "إياك وسب الدين"، "لا إله إلا الله"، "لا يبارك الله في عمل يلهي عن الصلاة"، وغيرها من العبارات التي لا ترتبط بحدث ولا تزدهر في وقت محدد . قد تتضاعف أسعارها بحيث تصل قيمة نفس المئة ملصق من الحجم الصغير إلى خمسة وسبعين جنيها أثناء بيعها لدى تجار القطعة.
يعلق أبو معاذ "في العادة يشتري الزوار كميات كبيرة بالجملة، أغلبهم شباب عادي لا يهدفون إلا إلى توزيعها من أجل الخير، البعض يشتري كميات ويمر بها على القطارات ويلصقها هناك".
العاملون في هذا المجال مثل أبو معاذ ورضا يستندون في اختياراتهم إلى اقتباس النصوص الملائمة لسلوكيات الشارع، والتي تخدم هدفهم الدعوي الإسلامي. حسب أبو معاذ "كل سلوك لا يرضاه الشرع يقابله ملصق" الواقع يكشف عن تجارة هادئة تعمل على مدار العام لها زبائنها الطامحون في نيل الحسنات. لاينافس هذه الملصقات سوى ملصقات أخرى تظهر أحيانا مصاحبة لحملات دعوية مثل "حجاب يصون.. أو تنهش عيون" التي راجت قبل عامين متزامنة مع حملات حقوقية ضد التحرش، في العادة تطبع العبارات الدعوية على فرخ ورقي كبير ثم تقسم إلى وحدات صغيرة مما يكثر عددها لحظة الإنتاج لتصدر المئات من عدد قليل من أفرخ الطباعة، ولا تختلف صناعتها كثيرا عن ملصقات الحملات الدعوية المرتبطة بمدة زمنية والتي كان أشهرها أيضا حملة "حماية" لمواجهة المخدرات التي تبناها الداعية عمرو خالد برعاية رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف التي تعدت ملصقاتها الثلاثة ملايين ملصق داخل مصر وخارجها حسب منظموها. لكن جميع هذه الملصقات سرعان ما اختفت تاركة المجال للملصقات الدعوية الأصغر التي ينتجها درب الأتراك وغيره حيث لا ترتبط ملصقاتهم بتوقيت أو حملات.
قبل سنوات عديدة في نهاية الثمانينات أثناء عهد وزير الداخلية السابق زكي بدر تبنى الكاتب الصحفي إبراهيم سعدة موقفا مناهضا من الملصقات الدينية على زجاج السيارات، وحتى اليوم تتعرض هذه الملصقات للتمزيق سواء من جانب الأماكن التي لا تقبل وجودها أو ما يقوم به عمال النظافة في الشوارع الرئيسية، والبعض لا يقبل هذا.. وبعيدا عن درب الأتراك داخل بناية متواضعة الحال في العتبة ينفي تماما أحمد عبد المنعم أحد صغار منتجي الملصقات الدعوية عن كافة العاملين في هذا المجال أن يكون إنتاجهم الغزير مدعوما من أحد، مبديا بعض الأعذار لتحفظهم، "من حق العاملين في الملصقات الإسلامية القلق من التعامل مع الإعلام والتخوف من التحريض على هذا النشاط". إصدار الملصقات الدعوية يستوجب إصدار رقم إيداع وإجراءات تدير هذا النشاط، وهو ما يدفعهم إلى التحفظ، عدا هذا فالملصقات لا تمثل إلا جزء يسيرا من نشاط تاجر مثل أحمد، حيث كانت الزيوت والعطور والبخور والسواك والكتيبات والمصاحف هي أكثر تجارته. أما الملصقات والكتيبات الدعوية فلها زبائنها الذي لا يشي بهم أحدهم، كما أنها هدية يقدمها جيران أحمد من أصحاب المحال المجاورة عند شراء نقاب أو مصحف غالي الثمن.
No comments:
Post a Comment