Monday, October 25, 2004

هذا مقال اسلامي

بقلم : عبدالرحمن مصطفى حسن ـ مصر
مثلما أن هنالك بنك إسلامي، و مدرسة إسلامية، ومحل إسلامي.. الخ فلماذا لا يكون هذا المقال أيضا إسلامي..!! فربما يكون السر في ذلك الوصف الذي سيجذب الزبائن والزوار ، ويجعلهم يشعروا بالأمان والطمأنينة لي قبل قراءة مقالي..أما لو أردنا قول الجد.. فأعتقد أن القرآن والسنة لو أصبحا حقا في عقولنا و صدورنا ، لكانت تصرفاتنا تلقائيا تأتي ونحن راضين عنها، ولن نكون حينئذ في حاجة إلى أن نصف أنفسنا بالمسلمين أو الإسلاميين بين كل كلمتين ننطق بهما .. وفي السياسة.. يكون لهذا الوصف (الإسلامي) بريقا آخر ، وذلك عندما يحاول البعض تحويل الإسلام إلى مذهب سياسي.. وحينئذ ، يكون تحويل الدين إلى مذهب سياسي دافعا إلى التعامل مع القرآن والسنة بانتقائية..! بمعنى أيسر فنكون وكأننا نقوم بتفصيل ثوب صغير( مذهب سياسي) من هذا القماش العريض اللانهائي (القرآن والسنة).. فبدلا من أن يكونا القرآن وسنة الرسول في داخلنا ، عليهما الآن أن يكونا غطاءا خارجيا لما نقوم به من أعمال.. فيكون الحزب إسلامي.. والبنك إسلامي .. ومحل الملابس إسلامي وكأن كل صاحب نشاط ينتقي من الدين قطعة القماش التي ستفصَّل كي تكون رداء لنشاطه.. مع أن الطبيعي أن يكون في داخلنا القرآن وسنة الرسول معا ، فتكون أفعالنا مبنية على هذا الأساس ، فيكون نظام دولتنا - تلقائيا- مبني على هذا الأساس أيضا.. و لكن ما نراه هو ذلك التكرار على المسميات الإسلامية ، والتأكيد على الهوية الإسلامية.. فما معنى أن نجد جماعة إسلامية ، ومدرسة إسلامية ، وبنك إسلامي ، محل إسلامي ،..الخ ، في دول الغالبية العظمى من سكانها مسلمين..؟!! قد يرد البعض هنا بأننا فعلا مسلمين ، ولكن الدولة لا تسير على تعاليم الإسلام ..! ولو افترضنا جدلا هذا الأمر.. فمَن السبب في ذلك..؟ الحكام.. ومن أين أتوا الحكام ..؟! جاءوا من الشعب.. وهنا أعيد فكرتي مرة أخرى ، لو كانت نصوص القرآن - التي يجب أن نؤمن أن إدراكها سيختلف من جيل إلى جيل - إلى جانب أفعال الرسول، مختزنة في قلوبنا وعقولنا، لكانت أفعالنا مبنية على هذا الأساس ولكان دستورنا يقوم على القرآن والسنة دون أن يكون دستورا (إسلاميا) ، ولكان تعليمنا ، و اقتصادنا ، و سياستنا يعمل بما في القرآن والسنة دون أن يكون تحت مسمى إسلامي.. لا أدري..! إنني عندما أجدنا نكرر لفظ إسلامي .. وإسلامية.. أجدني أشعر أننا وكأننا دخلنا في الإسلام حديثا ، ونتحدث بهذه الصورة لأننا "محدثين نعمة" .. أو أننا كالمرأة اللعوب التي تذكر كلمة (الشرف) بعد كل كلمة . فهي تعمل بشرف .. وأغلى شيء في حياتها هو الشرف .. وتتحدث عن النساء الآخرين عديمي الشرف ..الخ أعتقد أن تعامل البعض منا مع الإسلام على أنه غطاء.. أو وصف .. أو رداء.. هو الذي يدفعنا للبحث عن لصق الإسلام بأفعالنا ، كنوع من تأنيب الضمير ، حيث أننا نعلم أننا نضيق واسعا عندما نبحث - بتكلف وتصنع - في كل نشاط عن شكل إسلامي، بينما الطبيعي أن نكون أكثر طبيعية ،عندما نكون على وعي بديننا ، فيأتي تعاملنا مع مختلف الأنشطة طبيعيا ... لا أن ننتقي من الدين الجزئيات الخاصة بنشاط ما و نضيفها أو نقحمها على النشاط كما تعلق الصورة على الحائط كي يكون للنشاط علاقة بالدين.. بل المفترض أن يكون الدين في تفكيرنا ، وقبل فعلنا عند أي تعامل ، وقبل وضع أي فكرة.. فنكون نحن الدين نفسه يسير عل الأرض. أليس الرسول الكريم محمد كان قرآنا يمشي على الأرض كما وصفته أم المؤمنين عائشة..؟! ولقد كان يعيش الصحابة على طريقتهم الأولى ، فدخلوا الإسلام .. ولأنهم كانوا أكثر ثقة في أنفسهم منا ، فلم يكن عندهم هذا النقص الموجود لدينا الآن ، فتعاملوا مع مختلف الشعوب ، ووُضعوا في مختلف المواقف الصعبة والجديدة .. فتعاملوا معها بتلقائية من يعيش المنهج بداخله.. أما نحن فعلينا الآن أن نبحث في سر هذا التكلف الذي نعيش به ، فأصبحنا وكأننا ننافق الإسلام بأن نضع اسمه على أنشطة حياتنا ، وكأنه شخص نريد أن نرضيه لقداسته.. بينما في اعتقادي أننا يجب أن نكون نحن أنفسنا الإسلام..! أليس رسولنا كان تجسيد القرآن..؟! وفي النهاية أريد أن أذكر أن فكرة أن يحتكر البعض الصفة الإسلامية دون الباقين ، هي بداية كل خطر ، وفيها استعداء لباقي أفراد المجتمع ، وقد تولد تيارا مضادا

No comments:

Post a Comment