Thursday, October 7, 2004

حان الآن .. موعد الأذان

بقلم : عبد الرحمن مصطفى حسن
عندما أعلن وزير الأوقاف المصري عن خطته في ربط جميع مساجد القاهرة بشبكة صوتية واحدة يذاع من خلالها الأذان في وقت واحد وبصوت مؤذن واحد مركزيا، هبَّ الكثيرون معارضين للفكرة.. ولم يتم ذلك بعد تفكير أو نقد .. إنما تم على أساس التشكيك في نوايا المسئولين، وأن القرار جاء بتعليمات من أمريكا ضمن مخططها لهدم الأمة ، وان هذا الوزير كانت له سابقة خطيرة عندما أعلن عن نيته في تجديد الخطاب الديني، وأن هذه مؤامرة هدفها أساسا إسكات أذان الفجر..! وربما لم يلاحظ أغلب هؤلاء أن مدة الأذان المذاع حاليا في التلفزيون المحلى قد تم اختصارها عن طريق المونتاج ، وذلك بإزالة أجزاء من مدد السكوت الموجودة في بين كل جملة والتالية.
ــــ تنازع السلطة

من أهم أسباب المعارضة إحساس العاملين في المساجد من مؤذنين وأئمة وشيوخ أن الوزارة تسعى لإحكام قبضتها على المساجد، وهو أمر غير مرغوب فيه.. فلو نظرنا إلى مساجدنا سنجد أن لكثير من المساجد مجلس إدارة ، أعضاؤه هم مجموعة من (الحُجّاج)، في الغالب يقومون على الإمامة ، وأحيانا إلقاء الدروس في غياب الأمام. أما المساجد الصغيرة فتدار غالبا من قِبل الأهالي، وربما تجد شخصا يعمل في المسجد فقط لأن الأهالي تعطف عليه ، دون أي علاقة بالوزارة. هذا بالإضافة إلى فوضى التعامل مع الميكروفونات ، التي أصبحت في بعض الأحيان أشبه بأداة إنذار، وليس نداء للصلاة. إذن.. عندما يأتي السيد الوزير، ويحاول تنحية هؤلاء ، و وَضْع نفسه في صورة من ينظم الفوضى، كان ولا بد أن يقف هؤلاء الفوضويون في وجهه . هؤلاء الذين ينادون بالشيخ أو الحاج ، والذين هم في نظر الوزارة فوضويين ، لن يقبلوا بكسر هيبتهم أو تدخل (الحكومة) في شئونهم، فهم في نظر أنفسهم أفيد للدين من الحكومة.
ــــ حول الفكرة

إذا نظرنا إلى الفكرة نفسها، فسنجد أنفسنا نتساءل بعض الأسئلة:-
أولا : إذا كنا نتحدث عن توحيد إذاعة الأذان بصوت جميل، وذلك بغرض أن نبتعد عن أصحاب الأصوات المنفرة وحجتنا في ذلك أن الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) ، قد اختار بلال بن رباح مؤذنا لجمال صوته.. فلماذا لم نقتد به منذ البداية واخترنا الأصوات الجميلة كي تؤذن للصلاة ؟
ثانيا : من أكبر المشاكل التي تواجه السكان هي مشكلة علو صوت المكبرات بصورة فجة .. فحتى لو تم إذاعة الأذان مركزيا ستظل المكبرات على نفس درجة صوتها لم تتغير . وهنا نتساءل .. أليس معنى هذا أن إذاعة الأذان مركزيا لن تقدم شيئا مفيدا للناس؟
ثالثا : ماذا عما تقوم به بعض المساجد من إذاعة قرآن ما قبل صلاة الجمعة على ميكروفوناتها الخارجية بصوت عالى؟ وماذا عن إذاعة صلاة التراويح في رمضان على الميكروفونات عالية الصوت؟ كيف سيتم التحكم في ذلك ؟
ــــ نتيجة

والآن .. ألن يعاني السيد الوزير من مشكلة كبيرة في السيطرة على القائمين على إدارة المساجد ؟ وأن مثل تلك الفكرة إنما جاءت من حنقه على دكتاتورية هؤلاء الأخيرين؟ حيث أنه كان الأولى بالسيد الوزير، أن يوجه هؤلاء المهندسين الذين ستكون مهمتهم القادمة توحيد ميكروفونات القاهرة على صوت واحد ، إلى أن يقوموا بمهمة رقابية ـ من صميم عملهم ـ وهي متابعة أصوات ميكروفونات مساجد القاهرة ، حرصا على راحة الناس. كما أنه كان من واجب الوزارة أن تتابع أولئك الذين يعملون في المساجد ، أو من يعملون على إدارتها، ليس فقط من ناحية أصواتهم ، ولكن من ناحية أخلاقياتهم. فلا يكفي لقب "حاج" كي أقوم على إدارة بيت من بيوت الله ، وبالطبع أنا أقصد بالإدارة هنا ، تلك المشاريع التي تقوم بها العديد من المساجد، بالإضافة إلى النشاط الثقافي بالمسجد.
إذن.. كانت عدم قدرة الوزارة على مواجهة هؤلاء ـ خاصة في مساجد الأهالي خارج مساجد الأوقاف ـ سببا في مثل هذا القرار، الذي لا يستبعد أن يكون غير جِدِي، إنما جاء الحديث عنه بغرض إثبات قدرة الوزارة على التفكير في مثل تلك القرارات . كذلك ، كانت عدم قدرة الوزارة على المواجهة سببا في اتجاه البعض إلى عدم مواجهة الوزارة (الحكومة) بما في صدره ، عن طريق إطلاق الشائعات والتجني على شخص الوزير واتهامه بالباطل.

No comments:

Post a Comment