Thursday, October 21, 2004

نحن والدين .. من يخضع للآخر ؟!

بقلم : عبدالرحمن مصطفى حسن ـ مصر
هل حدث في يوم من الأيام أن نظرت إلى الدين على أنه كائن حي..؟! وبدأت في تحديد العلاقة بينك وبينه ، ومن منكما يخضع للآخر .. ربما لم يحدث هذا من قبل.. تعال نتحدث حول هذا الأمر .. حول علاقتنا بالدين..!

هل نحن خاضعون للدين ؟ أم أن الدين هو الخاضع لنا..؟ سيجرنا هذا التساؤل جرا إلى أمر آخر، وهو .. ما هو الدين أصلا..؟ وهنا، لنتفق على تعريف بديهي بدلا من أن نتجه إلى المراجع التي تختلف توجهات مؤلفيها، ولنعتبر أن الدين هو تعليمات الإله - للمؤمنين بوجود إله – التي وجهها للبشر بغرض أن يعملوا على تطبيقها في دنياهم وذلك من خلال نص أنزله إليهم . فالخالق هو الأعلم بما خلق ، وهو الأدرى بتنظيم العلاقة بين الدنيا والبشر.. ولكن.. أليس البشر مختلفون ..؟! والدنيا تتغير بتغير الزمن..؟! إذن فمن المفترض أن يكون هنالك مناهج مختلفة من الخالق لهؤلاء البشر المختلفين تتغير بتغير الزمن. وهذا ما كان ، حتى جاء الإسلام ، فأصبح لكل بشر آت ، وكل زمان قادم ، لذا اعتنى الخالق بأن يكون هذا الدين الأخير لائقا لكافة البشر ولكل العصور القادمة. مع العلم.. أن الخالق قد أخبر البشر في نفس المنهج الذي أرسله إليهم أنه مع مسيرة الأيام سيبدأ الناس في الابتعاد عن هذا المنهج الأخير (الإسلام) ، حتى يعود غريبا كما بدأ ، وهذا أمر منطقي لتطور الأحداث عبر الزمان. ومع مرور الزمن نستطيع ملاحظة علاقة الناس بالدين ، وذلك عن طريق ملاحظة فريقين من الناس .. الفريق الأول .. يرى في الدين نوع من التعليمات التي عفا عليها الزمن ، ومرت عليها العديد من القرون ومن الواجب الابتعاد عنها، لأنه من الحمق أن نتبع ما هو قديم.. حيث أن ترك تلك التعليمات أمر يسير ، وله متعة خاصة، خصوصا عندما يتحول تارك الدين إلى بطل أو زعيم. أما الفريق الثاني.. فيؤمن بهذه التعليمات التي أنزلت منذ قرون عديدة.. ولأنها أنزلت منذ قرون عديدة فقد نظر إليها أصحاب الفريق الأول على أنها قديمة ، بينما رأى أصحاب هذا الفريق الثاني أن الصورة المثلى للحياة كانت وقت نزول الدين (عصر السلف)، وكأنهم نسوا أن هذا الدين مفترض فيه أن يكون صالح لكل بشر آت ولكل عصر قادم ، وكأنهم بذلك اتفقوا – دون أن يعلموا- مع أصحاب الإتجاه الأول في أن تعليمات الإله (الدين) قديمة ، فأخذوا يقلدون السلف بدلا من أن يتعلموا منهم. إذن فأمامنا الآن فريقان.. الأول ، رفض الدين لأنه قديم ، والثاني، تمسك بالدين على أنه قديم . وكلا الفريقان اتجه هذا الاتجاه في تحديد علاقته بالدين ، هروبا من التعامل مع النص الديني، فاحتقر الأول النص ، واتجه الثاني لتقليد من كان يعيش بالقرب من عصر نزول النص.. وهنا نعود لنتذكر مرة أخرى أنه من المفترض أن يكون آخر الأديان (الإسلام) صالح لكل بشر آت ، ولكل عصر قادم ، ولكن الفريقين السابقين قد نظرا للدين على أنه مرتبط بحقبة ما على رغم من تعارض الفريقين. إذن فعلينا ألا نهرب من النص الديني سواء بالكفر به ، أو بتقليد السلف في تكلف، فيصبح الدين في الحالتين وكأنه دين السلف فقط، أو أنه تراث. فالإسلام ـ نظريا ـ هو دين السلف ومن بعدهم حتى نهاية التاريخ ، خصوصا وأن النصوص ثابتة في أي وقت ، فتتحدد علاقتنا بالدين من خلال قراءتنا للنص الديني. ومن أئمة الإسلام من فسر تلك النصوص فشكلت تفسيراته و رؤيته في بعض الأحيان مذهبا باسمه ، هذا بالإضافة إلى ما قدموه للمسلمين من علم حُفظ باسمهم حتى اليوم . ولكن عندما يختزل الدين في مذهب واحد ، أو تفسيرات شيخ واحد أيا كان عصره ، فهذا في اعتقادي ظلم للنصوص الدينية ، مع العلم أن هؤلاء الأئمة لم يقولوا برأيهم في الدين ، إنما اجتهدوا من خلال اللغة وما تركه من قبلهم.
إذن فيظل أملنا في بقاء علاقتنا بهذا الدين متزنة ومتماسكة ، ببقاء الاجتهاد الذي سيحكمه النص والظروف الزمنية المحيطة ، وذلك حين يأتي الجيل من الناس فينظر فيما قدمه من قبله من تفسيرات و اجتهادات ، فينتقي منها ما يلائم ظروفه.. أو أن يقدم جديدا فتصبح إضافة في قائمة طويلة من التفسيرات و الإجتهادات. وهذا هو عمل من يريد أن يجدد أمر دين هذه الأمة.. " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة عام من يجدد لها أمر دينها " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. والآن.. ريما نستطيع الإجابة على السؤال الذي طرحناه في البداية.. هل نحن خاضعون للدين ؟ .. أم أن الدين هو الخاضع لنا ..؟ في رأيي أن الإجابة هي أن الدين هو الذي يخضع لنا ، وذلك رغم أن النص لا يخضع لنا لا بتغيير أو بتعديل.

No comments:

Post a Comment