كتب - عبدالرحمن مصطفى
رغم ابتعادهما آلاف الأميال عن الولايات المتحدة الأمريكية ووجودهما الحالى فى القاهرة، فإنه بإمكان كل منهما أن يرسم ملامح طالب مغترب أثناء قضاء شهر رمضان فى أمريكا، الأمر بالنسبة لأشرف الشريف تحول إلى ذكرى انتهت فى العام 2007،أما بالنسبة لصديقه محمد عز الدين فمازال أمرا واقعا، حيث إنه لم يكمل حتى الآن عامه الأول فى الولايات المتحدة الأمريكية، يقول أشرف الشريف المحاضر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة: «بالنسبة لى فالأمر مختلف قليلا، قضيت رمضان فى أمريكا لأربع سنوات متتالية منذ 2003 حتى 2007 فى أثناء دراستى للدكتوراه وأجدها تجربة مختلفة تماما عن قضاء رمضان فى مصر، حيث الأصدقاء والسهرات الرمضانية ومتابعة مباريات كرة القدم».
فى الفترة التى اتجه فيها أشرف إلى الولايات المتحدة كانت الأوضاع الداخلية قد تأثرت بأحداث 11 سبتمبر، لكن حسب قوله: «لم تكن هناك مشاكل كثيرة تواجه المسلم فى حياته اليومية مثلما قد يتخيل البعض.. المشكلة كانت فى الإعلام وبعض المواد التحريضية المذاعة، وأظن أن الأوضاع أصبحت أفضل الآن مع مجىء أوباما». بمجرد ذكر اسم الرئيس الأمريكى باراك أوباما يبتسم صديقه محمد عزالدين معلقا على هذه العبارة بقوله: «ربما كانت ظروفى أفضل من الذين سبقونى فى الذهاب إلى أمريكا، لكن هذا لا ينفى الأجواء الصعبة المفروضة على الصائم هناك، أبسطها أن تفتقد أجواء رمضان التقليدية وأن تفاجأ بالإفطار فى الساعة الثامنة والنصف مساء، وغير ذلك من التفاصيل البسيطة». فى العام الماضى تصادف أن تنطلق رحلته إلى أمريكا لدراسة الماجستير مع بدء شهر رمضان، فكان لقاؤه الأول مع بلد العم سام متزامنا مع مناسبة إسلامية خاصة. ومنذ ذلك الوقت مازال محمد عزالدين يكتشف أمريكا التى يصفها بأنها «متحف كبير»، موضحا أن هناك أشياء تحدد شكل حياتك فى أمريكا على رأسها اسم الولاية أو الإقليم الذى تقيم فيه، فأمريكا ليست نمطا واحدا.
عند هذه النقطة تحديدا يشارك الدكتور أشرف الشريف برأيه محاولا توضيح اختلافات المجتمع الأمريكى وكيف تنعكس على المسلم هناك، يقول: «كنت أدرس فى جامعة بوسطن بولاية ماساشوستس وهى ولاية ذات طبيعة ليبرالية تتسع للجميع فى قوانينها وفى نمط حياتها، ورغم ما كان يشاع عن التضييق على المسلمين فى أمريكا، فإننى لم أشعر بهذا، على العكس كنت أجد أحيانا احتراما لخصوصيتى ولطقوس العبادة التى أمارسها، فالمواطن العادى البسيط لا يهتم بمثل هذه التفاصيل الدينية نظرا لتنوع فئات وطوائف المجتمع، أما المواطن المثقف فهو يحترم خصوصيتك كى لا يتلقى عبارات الاستهجان من المحيطين». هذه التجربة مر بها محمد عزالدين أيضا الذى اتجه العام الماضى لدراسة التاريخ المصرى الحديث فى جامعة جورج تاون بالعاصمة واشنطن، يصف ذلك قائلا: «فى طريق عودتى إلى المنزل يتنوع الركاب حسب محطات الركوب والنزول، على سبيل المثال أعرف أن منزلى قد اقترب حين تمتلئ الحافلة بذوى الأصول اللاتينية من إحدى المحطات، هذا لن تجده فى ولايات أخرى بها أغلبية بيضاء، أو ولايات ذات طابع ريفى». يضرب مثلا بتجربة الأكاديمية المصرية الشابة زينب أبوالمجد ذات الجذور الصعيدية التى تركت واشنطن العاصمة كى تقوم بتدريس تاريخ الشرق الأوسط فى ولاية أوهايو، حيث اكتشفت عالما آخر فى أمريكا أغلبه من ذوى الأصول البيضاء، حيث المراعى والمزارع الكبرى، فى هذه البيئة الخاصة تحولت الفتاة السمراء المسلمة إلى كائن غريب. على عكس الحياة فى مدن أخرى مثل واشنطن ونيويورك، ونظرا لغرابة التجربة دونت الدكتورة زينب أبوالمجد مشاهداتها فى كتاب تحت عنوان: «يوميات أبله فى أرياف أمريكا». بعض تلك التفاصيل يدركها أشرف الشريف وصديقه محمد عزالدين.. فحتى داخل هذه المدن المليونية كانا يواجهان فى شهر رمضان أسئلة عن جدوى الصيام؟ وماذا إن شرب أحدهما أو أكل فى أثناء فترة الصيام؟ وعن فلسفة هذه العبادة؟ وحول ما إذا كان الهدف تعذيب الذات أم التعاطف مع الفقراء؟ كل هذه الأسئلة كان عليهما الإجابة عنها بإجابات مقنعة لأنها فى الغالب لن تتحول إلى جدل، بل قد تكون الإجابة الأولى هى الأخيرة.
فى الفترة التى اتجه فيها أشرف إلى الولايات المتحدة كانت الأوضاع الداخلية قد تأثرت بأحداث 11 سبتمبر، لكن حسب قوله: «لم تكن هناك مشاكل كثيرة تواجه المسلم فى حياته اليومية مثلما قد يتخيل البعض.. المشكلة كانت فى الإعلام وبعض المواد التحريضية المذاعة، وأظن أن الأوضاع أصبحت أفضل الآن مع مجىء أوباما». بمجرد ذكر اسم الرئيس الأمريكى باراك أوباما يبتسم صديقه محمد عزالدين معلقا على هذه العبارة بقوله: «ربما كانت ظروفى أفضل من الذين سبقونى فى الذهاب إلى أمريكا، لكن هذا لا ينفى الأجواء الصعبة المفروضة على الصائم هناك، أبسطها أن تفتقد أجواء رمضان التقليدية وأن تفاجأ بالإفطار فى الساعة الثامنة والنصف مساء، وغير ذلك من التفاصيل البسيطة». فى العام الماضى تصادف أن تنطلق رحلته إلى أمريكا لدراسة الماجستير مع بدء شهر رمضان، فكان لقاؤه الأول مع بلد العم سام متزامنا مع مناسبة إسلامية خاصة. ومنذ ذلك الوقت مازال محمد عزالدين يكتشف أمريكا التى يصفها بأنها «متحف كبير»، موضحا أن هناك أشياء تحدد شكل حياتك فى أمريكا على رأسها اسم الولاية أو الإقليم الذى تقيم فيه، فأمريكا ليست نمطا واحدا.
عند هذه النقطة تحديدا يشارك الدكتور أشرف الشريف برأيه محاولا توضيح اختلافات المجتمع الأمريكى وكيف تنعكس على المسلم هناك، يقول: «كنت أدرس فى جامعة بوسطن بولاية ماساشوستس وهى ولاية ذات طبيعة ليبرالية تتسع للجميع فى قوانينها وفى نمط حياتها، ورغم ما كان يشاع عن التضييق على المسلمين فى أمريكا، فإننى لم أشعر بهذا، على العكس كنت أجد أحيانا احتراما لخصوصيتى ولطقوس العبادة التى أمارسها، فالمواطن العادى البسيط لا يهتم بمثل هذه التفاصيل الدينية نظرا لتنوع فئات وطوائف المجتمع، أما المواطن المثقف فهو يحترم خصوصيتك كى لا يتلقى عبارات الاستهجان من المحيطين». هذه التجربة مر بها محمد عزالدين أيضا الذى اتجه العام الماضى لدراسة التاريخ المصرى الحديث فى جامعة جورج تاون بالعاصمة واشنطن، يصف ذلك قائلا: «فى طريق عودتى إلى المنزل يتنوع الركاب حسب محطات الركوب والنزول، على سبيل المثال أعرف أن منزلى قد اقترب حين تمتلئ الحافلة بذوى الأصول اللاتينية من إحدى المحطات، هذا لن تجده فى ولايات أخرى بها أغلبية بيضاء، أو ولايات ذات طابع ريفى». يضرب مثلا بتجربة الأكاديمية المصرية الشابة زينب أبوالمجد ذات الجذور الصعيدية التى تركت واشنطن العاصمة كى تقوم بتدريس تاريخ الشرق الأوسط فى ولاية أوهايو، حيث اكتشفت عالما آخر فى أمريكا أغلبه من ذوى الأصول البيضاء، حيث المراعى والمزارع الكبرى، فى هذه البيئة الخاصة تحولت الفتاة السمراء المسلمة إلى كائن غريب. على عكس الحياة فى مدن أخرى مثل واشنطن ونيويورك، ونظرا لغرابة التجربة دونت الدكتورة زينب أبوالمجد مشاهداتها فى كتاب تحت عنوان: «يوميات أبله فى أرياف أمريكا». بعض تلك التفاصيل يدركها أشرف الشريف وصديقه محمد عزالدين.. فحتى داخل هذه المدن المليونية كانا يواجهان فى شهر رمضان أسئلة عن جدوى الصيام؟ وماذا إن شرب أحدهما أو أكل فى أثناء فترة الصيام؟ وعن فلسفة هذه العبادة؟ وحول ما إذا كان الهدف تعذيب الذات أم التعاطف مع الفقراء؟ كل هذه الأسئلة كان عليهما الإجابة عنها بإجابات مقنعة لأنها فى الغالب لن تتحول إلى جدل، بل قد تكون الإجابة الأولى هى الأخيرة.
يوميات صائم فى أمريكا
فى القرن الماضى قال المناضل الأسود مالكوم اكس: «وجودك هنا فى أمريكا لا يجعلك أمريكيا»، هذا ما أدركه كل من أشرف الشريف ومحمد عزالدين حين وجدا أعراقا مختلفة تعيش من حولهما وهو ما انعكس على واقع المسلمين هناك بحيث لم يتحولوا إلى مجموعة واحدة، بل أصحاب ديانة تجمع العديد من الثقافات، تلك الأجواء المزدحمة أحيانا ما تكون مكسبا للأقليات، وهى النقطة التى يوضحها أشرف ولمسها فى أثناء رمضان تحديدا، يقول: «أحيانا ما كنت أواجه بأن امتحاناتى ستستمر أثناء فترة الصيام حتى بعد الإفطار، كان الأساتذة يقدرون هذه الاختلافات، بل أحيانا ما كان يحصل الطلاب المسلمون على إجازة أثناء هذه المناسبة الدينية رغم أن ذلك بمثابة عرف داخل الجامعة وليس قانونا ملزما». وفى هذه الأجواء المزدحمة بالأعراق أيضا تكون تجمعات المسلمين فرصة لتخفيف غربة الصائم هناك، وهو ما دفع اتحاد الطلاب المسلمين فى الجامعة على سبيل المثال إلى تنظيم إفطار يومى فى الجامعة، أما صلاة التراويح فكان المركز الإسلامى هو المكان الأنسب لها.
هذه الطبيعة البسيطة فى الحياة الرمضانية لم تخل من مفارقات واجهت محمد عزالدين فى عامه الأول بأمريكا، يذكر منها نموذجا استفزه داخل جامعته، يقول: «تعين الجامعة واعظا لكل طائفة، نظرا للأصول الكنسية لهذه الجامعة تحديدا، لكن بالنسبة لواعظ المسلمين فقد أتوا بشخص أصابنى بالصدمة فى أيامى الأولى فى أمريكا». يذكر محمد عزالدين أنه واجه «واعظا مسلما» متحاملا على المسلمين وصاحب ابتكارات وبدع فى أصول الدين مثل إلغائه صلاة الجمعة بسبب أنها تزامنت مع يوم عطلة رسمى، أو أن يعلن بدء رمضان حسب الظن دون التقيد بالرؤية الشرعية. يضيف محمد «كل هذه الأمور أدت إلى مواجهة البعض لما يرتكبه من تفريط فى حق الدين وحقنا. هناك أمر آخر يظهر فى مثل تلك المواقف وهو الاتحاد بين المسلمين دون النظر إلى خلفية المذهب سواء كان سنيا أم شيعيا.
فى مثل هذه المواقف نتحد سويا للصالح العام». هذه الملحوظة أدركها أيضا أشرف الشريف موضحا أن فترة رمضان تخفف من روح المذهبية إلى حد كبير، فالجميع يعلم أن أنه إذا فتح الباب لاقتحام الثقافات فى الدين سيتشتت المسلمون.
بعيدا عن الولايات المتحدة يفتقد كل من أشرف الشريف ومحمد عزالدين بعض ما رأوه فى «رمضان الأمريكى» يقول أشرف بعد قضاء ثلاث سنوات فى مصر: «افتقدت من هذه التجربة أن تكون العبادة فردية، لا يجبرنى عليها أحد، كنت أصوم وأصلى وسط أغلبية لا تدرك ما أفعل.وهذا على عكس روح الاستهلاك التى طغت على أشياء كثيرة فى مصر، بدءا من المسلسلات والطعام حتى إنها تسللت إلى العبادة نفسها التى أصبح الاستعراض فيها أحد مظاهر رمضان». بنفس النبرة يكمل محمد عزالدين ما بدأه أشرف متحدثا عن حالة التأمل الروحانية التى وجدها فى أثناء وجوده فى أمريكا فى أثناء رمضان الماضى، يقول: «هناك توافرت لى فرصة التأمل فى عبادة الصيام التى أقوم بها، حين لم يكن الصيام ضمن جماعة». يصمت قليلا ثم يكمل: «فى أمريكا كنت أفتقد صوت الأذان بشدة، لكنى عندما عدت إلى مصر أخيرا صدمت بصخب الميكروفونات، وتعمد تعلية صوت القرآن الصادر من بعض المحال، كلها مظاهر تحيى الحس الجماعى فى العبادة وتقتل متعة تأمل الفرد فى عبادته».
فى القرن الماضى قال المناضل الأسود مالكوم اكس: «وجودك هنا فى أمريكا لا يجعلك أمريكيا»، هذا ما أدركه كل من أشرف الشريف ومحمد عزالدين حين وجدا أعراقا مختلفة تعيش من حولهما وهو ما انعكس على واقع المسلمين هناك بحيث لم يتحولوا إلى مجموعة واحدة، بل أصحاب ديانة تجمع العديد من الثقافات، تلك الأجواء المزدحمة أحيانا ما تكون مكسبا للأقليات، وهى النقطة التى يوضحها أشرف ولمسها فى أثناء رمضان تحديدا، يقول: «أحيانا ما كنت أواجه بأن امتحاناتى ستستمر أثناء فترة الصيام حتى بعد الإفطار، كان الأساتذة يقدرون هذه الاختلافات، بل أحيانا ما كان يحصل الطلاب المسلمون على إجازة أثناء هذه المناسبة الدينية رغم أن ذلك بمثابة عرف داخل الجامعة وليس قانونا ملزما». وفى هذه الأجواء المزدحمة بالأعراق أيضا تكون تجمعات المسلمين فرصة لتخفيف غربة الصائم هناك، وهو ما دفع اتحاد الطلاب المسلمين فى الجامعة على سبيل المثال إلى تنظيم إفطار يومى فى الجامعة، أما صلاة التراويح فكان المركز الإسلامى هو المكان الأنسب لها.
هذه الطبيعة البسيطة فى الحياة الرمضانية لم تخل من مفارقات واجهت محمد عزالدين فى عامه الأول بأمريكا، يذكر منها نموذجا استفزه داخل جامعته، يقول: «تعين الجامعة واعظا لكل طائفة، نظرا للأصول الكنسية لهذه الجامعة تحديدا، لكن بالنسبة لواعظ المسلمين فقد أتوا بشخص أصابنى بالصدمة فى أيامى الأولى فى أمريكا». يذكر محمد عزالدين أنه واجه «واعظا مسلما» متحاملا على المسلمين وصاحب ابتكارات وبدع فى أصول الدين مثل إلغائه صلاة الجمعة بسبب أنها تزامنت مع يوم عطلة رسمى، أو أن يعلن بدء رمضان حسب الظن دون التقيد بالرؤية الشرعية. يضيف محمد «كل هذه الأمور أدت إلى مواجهة البعض لما يرتكبه من تفريط فى حق الدين وحقنا. هناك أمر آخر يظهر فى مثل تلك المواقف وهو الاتحاد بين المسلمين دون النظر إلى خلفية المذهب سواء كان سنيا أم شيعيا.
فى مثل هذه المواقف نتحد سويا للصالح العام». هذه الملحوظة أدركها أيضا أشرف الشريف موضحا أن فترة رمضان تخفف من روح المذهبية إلى حد كبير، فالجميع يعلم أن أنه إذا فتح الباب لاقتحام الثقافات فى الدين سيتشتت المسلمون.
بعيدا عن الولايات المتحدة يفتقد كل من أشرف الشريف ومحمد عزالدين بعض ما رأوه فى «رمضان الأمريكى» يقول أشرف بعد قضاء ثلاث سنوات فى مصر: «افتقدت من هذه التجربة أن تكون العبادة فردية، لا يجبرنى عليها أحد، كنت أصوم وأصلى وسط أغلبية لا تدرك ما أفعل.وهذا على عكس روح الاستهلاك التى طغت على أشياء كثيرة فى مصر، بدءا من المسلسلات والطعام حتى إنها تسللت إلى العبادة نفسها التى أصبح الاستعراض فيها أحد مظاهر رمضان». بنفس النبرة يكمل محمد عزالدين ما بدأه أشرف متحدثا عن حالة التأمل الروحانية التى وجدها فى أثناء وجوده فى أمريكا فى أثناء رمضان الماضى، يقول: «هناك توافرت لى فرصة التأمل فى عبادة الصيام التى أقوم بها، حين لم يكن الصيام ضمن جماعة». يصمت قليلا ثم يكمل: «فى أمريكا كنت أفتقد صوت الأذان بشدة، لكنى عندما عدت إلى مصر أخيرا صدمت بصخب الميكروفونات، وتعمد تعلية صوت القرآن الصادر من بعض المحال، كلها مظاهر تحيى الحس الجماعى فى العبادة وتقتل متعة تأمل الفرد فى عبادته».
صوم وحجاب بين ثلاث دول
حتى هذه اللحظة لم تتضح معالم الصورة أمام أميرة قطب في مجتمعها الجديد داخل ولاية كاليفورنيا الأمريكية، تقضي الآن أول رمضان لها في الولايات المتحدة التي انتقلت إليها بعد زواجها، أما ذكريات رمضان لثلاث سنوات مضت فكانت في كندا وتحديدا في مدينة كيبيك – داخل الإقليم الفرانكفوني - حيث تدرس الدكتوراه في التنمية الدولية عن "التعامل مع ظاهرة أطفال الشوارع في مصر". تقول أميرة : "حتى الآن لم تظهر اختلافات كثيرة، الوضع هنا يتشابه مع أداء الجالية المسلمة في كندا، خاصة في ظاهرة الإفطار الجماعي حيث تشارك الأسر بطعامها على الرغم من أن نسبة كبيرة من الطلبة المتواجدين هنا ليسوا مع عائلاتهم". في أول رمضان قضته أميرة في كندا قبل عدة سنوات لم تشعر بأجواء رمضان عدا المظاهر التقليدية التي تنشغل بها الجالية المسلمة كل عام مثل قضاء صلاة التراويح، وتنظيم الإفطار الجماعي، وحضور الدروس في المسجد. إلا أن الأعوام التالية أظهرت جوانب أخرى من المجتمع الكندي، تقول أميرة : "فوجئت في رمضان التالي أن بعض الكنديين غير المسلمين على دراية بحلول شهر رمضان، بل إن بعضهم لفت نظره صيام المسلمين فأصبح يمتنع عن تناول الطعام أمامنا مراعاة لشعورنا، و أكثر من هذا أن بعضهم جاء لحضور الإفطار الجماعي التي تنظمه الجالية للتعرف على هذه العبادة". حسبما تقول أميرة فإن الحديث هنا مع غير المسلمين يحتاج إلى اهتمام فبعض الطلبة سينشرون هذه المعلومات في مجلة الجامعة، وآخرون يطرحون أسئلة عن جدوى الصيام، لذا فالإجابة لا بد أن تكون ذكية دون إلحاح كي لا يعتقد الطرف الآخر أن هناك محاولة لدعوته إلى الإسلام. رمضان في كندا حسب وصف أميرة لا يحمل معه مشاكل كبيرة للمسلم رغم حساسية أهل كيبيك كأقلية ذات أصل فرنسي داخل كندا، قد تظهر مشاكل من نوعية أخرى مثل بعد المسجد عن السكن وقلة المواصلات بعد ساعات متأخرة من الليل، تقول أميرة : "الحقيقة أنني لم أواجه بعنف بسبب ممارسة عباداتي أو حتى بسبب ارتدائي الحجاب، هذا لم يحدث في كندا أو أمريكا، لكنه حدث لي من قبل في فرنسا حين وصفت إحدى النساء في الشارع حجابي بأنه رمز الإرهاب، ولم يكن هذا هو الموقف الوحيد، فأثناء دراستي هناك قبل توجهي إلى كندا طالبتني إحدى الموظفات المسئولات ألا أصلي داخل المعهد وأن أصلي في منزلي وتهكمت على فكرة الإيمان بالله ..! هذا علما بأن بعض الجامعات تتيح قاعات لصلوات المسلمين على مدار اليوم". وسط عالم مليء بالأسئلة عن مظهرك وعبادتك أدركت أميرة قطب أن عليها دورا في الإجابة على هذه الأسئلة، تطوعت لفترة كمترجمة في مواقع تشرح الإسلام باللغة الفرنسية. كما حاولت المشاركة في جمعية الطلبة المسلمين في كندا (مدينة كيبيك) وكذلك من خلال المركز الإسلامي، لكن أحيانا ما كانت تفاجأ بمشاكل داخلية تذكرها : "وجدت جمعية الطلبة تقدم الإسلام المتشدد، أما المركز الإسلامي فكان هناك انقسام بين الجالية بسبب تشدد إمام المسجد، لكن بعيدا عن كل هذا كانت هناك مزايا أخرى مثل عدم الإطالة في صلاة التراويح كما أن بعض المساجد كانت تفتح أبوابها أمام النساء لأداء صلوات التهجد في ساعات متأخرة من الليل أثناء العشر الأواخر من رمضان". بعيدا عن مصر لا تشعر أميرة بافتقادها الشديد لرمضان المصري بل تقول : "أفضّل قضاء رمضان خارج مصر، لأنك حتى أثناء وجودك في مصر ستظل مشغولا بحياتك خارج مصر، كذلك فنسبة التشويش الذهني عالية جدا في مصر بسبب المسلسلات وتحول الصيام إلى عادة اجتماعية بدلا من كونها عبادة روحية.
No comments:
Post a Comment