عبدالرحمن مصطفى
تصوير ــ جيهان نصر
عاش المهندس رامى سيدهم حالة من الصدمة ما زالت ممتدة إلى الآن عقب قتل 7 مواطنين أمام كنيسة فى مدينة نجع حمادى وما تبع هذه الجريمة من ملابسات غريبة، تجعله يفكر فى شكل المستقبل، «فى الماضى كنا نسمع عن العلاقات المتداخلة والمتشابكة بين المسلمين والمسيحيين، اليوم قلت هذه العلاقات، فماذا عن الغد؟».
قلقه الكبير دفعه إلى أن يسترجع تجربة عاشها مع أصدقائه فى عام 2005، وقتها كان هناك حادث طائفى آخر فى حى محرم بك بمدينة الإسكندرية، تجمهر المئات حول كنيسة مارجرجس، وتبع ذلك شغب وعبارات متعصبة، ثم حوادث قتل وإصابات.
تلك الحوادث دفعت مجموعة من الشباب وقتها إلى إطلاق مبادرة تحت عنوان «مصارحة ومصالحة»، كان الهدف واضحا منذ البداية، وهو مناقشة الصور السيئة، التى يروجها كل طرف عن الآخر، والتى تستخدم فى التحريض، وكان يحرك هذه المجموعة دوافع أخرى يوضحها رامى: «حققنا نجاحا مهما داخل أنفسنا، كنا نتحدث فى أى شىء وكل شىء بحرية تامة، وهو ما انتقل إلى مدوناتنا أحيانا، وذلك فى الوقت الذى كان فيه الإنترنت يعج بالكتابات المتعصبة والحروب بين المذاهب، كنا نحن نحاول أن نكون النموذج المختلف ونقطة ضوء وسط هذا الظلام».
حادث كنيسة محرم بك كان ينشطه تحريضات على الإنترنت بعد نشر كليب مسرحية اعتبرها البعض مسيئة للإسلام.
خلال السنوات الماضية كانت المبادرة محل اهتمام إعلامى فى بعض الأوقات، إلا أن رامى يرى أن هذا الظهور الإعلامى بين الحين والآخر لم يغير طبيعة المجموعة الصغيرة، التى لم تتسع لأعضاء جدد بشكل جيد لنشر أفكارها إلى آخرين. بقدر ما كانت نموذجا أمام الآخرين، فأعضاء هذه المجموعة لا يزيد على 12 فردا، وهو ما يراه عيبا اليوم.
مناقشات شهرية
بعض مرتادى الإنترنت كان لديهم فضول لمعرفة ماذا يحدث فى مثل هذه الاجتماعات؟ فى أحد الأماكن العامة كانت لقاءات أعضاء المبادرة بصورة شهرية، وفى كل جلسة هناك برنامج محدد وقضية للمناقشة تخص العلاقات بين المسلمين والمسيحيين، مرة نقد فيلم سينمائى اهتم بتناول هذه العلاقة، أو مناقشة كتاب يسىء للعلاقة بين الطرفين، إلى جانب طقس أخير أقرب للطقس الروحى فى قراءة نصوص دينية حول موضوع واحد من القرآن والكتاب المقدس.
البعض انضم إلى المجموعة المؤسسة عن طريق المدونات، ومنهم الدكتورة سوسن على التى لم تكن فى يوم من الأيام ناشطة أو على دراية واسعة بعمل المبادرات، وهو ما جعلها ترى الهدف منها بطريقة مختلفة، وتقول: «المكسب الأكبر بالنسبة لى كان النقاش حول أمور لم نتناقش حولها من قبل، أصبحت أعرف ما يقال سرا بين المسيحيين عن المسلمين والعكس، وكيف يمكن أن يسىء المسلم لزميله المسيحى أو العكس دون أن يقصد عن طريق اللغة المستخدمة المسيئة التى اعتاد عليها وهو ما كان بمثابة صدمة لى، أما أكبر المكاسب فكان فى نقل هذه التجربة إلى آخرين فى العائلة والعمل والمجتمع، أن أكون صوت صديقى المسيحى الغائب».
يرى رامى أن أفضل طريقة لنشر هذا النوع من المبادرات فى فكرة طرحها أعضاء المبادرة حول ضم أعضاء جدد وتعريفهم بكيفية إدارة هذا العمل بشكل سليم تمهيدا لتكوين مبادراتهم الخاصة على نفس النمط مع وجود مرجعية «مصارحة ومصالحة»، أما سوسن فرأت أن أفضل المكاسب هو أن يكون أعضاء المبادرة أنفسهم بمثابة «رسل» يدعون إلى نبذ العنف ورفع الوصم عن الطرف الآخر فى كل مكان، ربما يكون الإنترنت أداة لذلك، لكنها تضيف: «قبل عدة أشهر كنا نتناقش حول مستقبل المبادرة، هل علينا أن نضم أعضاء جددا؟ أم يجب أن نساعد آخرين على إيجاد طرق تنظيم مثل هذه المبادرات؟»
تضم المبادرة عاملين فى مجال المجتمع المدنى ومشاركين فى الأنشطة العامة مما أكسبها كفاءة فى مجال تحديد الرؤية وأسلوب العمل، وإدارة الجلسات بشكل احترافى، المكسب الذى أجمع عليه أعضاء المبادرة هو الصداقة، التى تكونت بينهم دون النظر إلى الدين، هذه الروح لم يتواءم معها بعض الأعضاء، الذين دخلوا المبادرة زوارا ولم يستمروا، يروى رامى: «كانت مشكلة تواجهنا دفعتنا إلى عدم التوسع، وهى أن يأت البعض بأجندته أو أن يتخذ موقف المدافع عن دينه وليس موقف المحاور المشارك».
لا تنتظر النتائج
فى عام 2008 أقامت جمعية الشباب الكاثوليكى المصرى مؤتمرا تحت عنوان «الطلاب الجامعيون ما بين الإيمان والحوار» قامت فكرة المؤتمر على أن تعيش مجموعة من الطلاب المسلمين والمسيحيين سويا طوال ثلاثة أيام، وهناك تعرفت مارجريت موسى ــ منسقة المؤتمر ــ على مبادرة «مصارحة ومصالحة»، ورغم أنها لم تشارك فى عضويتها لكن التعرف على أعضاء المبادرة زاد من تفاؤلها وإحساسها بالأمل، أما اليوم فهى تعتبر هذا المؤتمر بمثابة مبادرة مستمرة حتى الآن: «من خلال المؤتمر تعرفت على صديقتى إيمان، وبدأنا نبادر سويا فى طرح أفكار نواجه بها المجتمع، فى عيد الأضحى الماضى دعتنى إيمان أنا ومجموعة من الشباب المسيحى إلى المشاركة فى تجربة غريبة مع جمعية رسالة من أجل تقسيم لحوم الأضاحى داخل أحد المجازر، المشهد للمواطن المسيحى يبدو غريبا، والأغرب هو المشاركة فيه.. البعض سعد بوجودنا، والبعض الآخر أبدى استغرابه وتهكمه، لكن كان لابد لنا من أن نبادر».
تصف مارجريت سنوات الجامعة بأنها لم تساعد على إيجاد هذه الروح بل على العكس ساعدت البعض على أن يزيد من انغلاقه مع أبناء طائفته، ورغم أنها لم تتجاوز الثالثة والعشرين فإن اهتمامها بهذا النوع من الأنشطة أوجد لديها قناعة راسخة بأن «علينا ألا ننتظر النتائج المباشرة من أى مبادرة فى هذا المجال، يكفى التأثير الإيجابى فى الآخرين». وتحاول ضرب مثال على قناعتها، فتقول: «أحد البرامج التابعة للجمعية يعتمد على نقل طلاب فى سن الإعدادى والثانوى إلى بيئة مختلفة،
وهو ما تم حين التقينا أنا والطلاب مع صيادين يعيشون فى عالم مختلف وظروف سيئة، حاولنا المساعدة هناك دون النظر إلى ديانة أحد، وشارك معنا زملاء مسلمون، أظن أن إعداد الشباب الصغير على مثل هذه الروح سيفيده حين ينتقل إلى الجامعة، إلى جانب التأثير الذى نأمل أن يصل إلى البسطاء هناك من أن اختلاف دياناتنا لن تعيق روح المساعدة».
هانى جورج ــ أحد أعضاء مبادرة مصارحة ومصالحة ــ ينتمى هو الآخر إلى نفس جيل مارجريت، الذى ملّ موائد الوحدة الوطنية الشكلية والاحتفالات الكرنفالية بين المسلمين والمسيحيين. ويتفق مع مارجريت فى أن العمل المشترك العام بين أبناء الطوائف المختلفة هو ما يذيب الحس الطائفى والتعصب الذى ازداد مؤخرا فى المجتمع، فحين تقف الفتاة المحجبة مع زميلتها المسيحية فى عمل مشترك أمام المجتمع تصبح هذه الصورة هى الخطوة الحقيقية التى ستواجه الطائفية حسب رأى هانى، موضحا: «الحوارات والنقاشات التى عشتها فى مبادرة مصارحة ومصالحة ربما لم تنزل إلى الشارع فى أنشطة حركية لكنها أوجدت بيئة آمنة شجعت أعضاءها على الكتابة فى الإنترنت، ولفت نظر الآخرين إلى ما قد يكون إساءة فى حق الآخر، كما أن هناك رؤى أخرى لفكرة وأهداف المبادرة لا يمكن إغفالها».
يشارك هانى فى مبادرة أخرى تنشط الآن تحت عنوان: «خلى عندك صوت» تدعو الشباب إلى استخراج بطاقات انتخابية قبل موعد 31 يناير المقبل، ويقول: «مثل هذه التجربة جمعت المسلم والمسيحى فى عمل عام، بعضنا كان فى مبادرة مصارحة ومصالحة والبعض الآخر لا، المهم هو أن نعمل وننشط من أجل المجتمع، وقتها سنتعرف أكثر على بعضنا، وستوجد مساحة أكبر للحوار».
بعض صور المبادرات تتبنى فكرة الاتجاه إلى مواقع الأزمات الطائفية، هذا ما فعله اثنان من أعضاء «مصارحة ومصالحة» توجها مؤخرا إلى مدينة نجع حمادى مع مجموعة من النشطاء السياسيين والحقوقيين والمدونين بهدف تعزية أهالى الضحايا ورفع حالتهم المعنوية، لكن المفاجأة أنه تم القبض على المشاركين، الذين جاء بعضهم عن طريق الفيس بوك، ولم تنجح مبادرتهم بسبب العرقلة الأمنية، التى رأت فى تواجدهم نوعا من التجمهر يوجب الحبس.
يرى نبيل عبدالفتاح ــ الخبير بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية والسياسية والمهتم بدراسة الوضع الطائفى فى مصر ــ أن المبادرات التى تصدى لها هذا الجيل الشاب أوجدت نوعا جديدا من المبادرات على عكس ما كان يحدث فى الماضى حين اقتصرت على من هم فوق الخمسين وفى إطار متصل بالسلطة، لكنه لا يخفى بعض التحفظات: «تابعت بعض هذه المبادرات مثل مبادرة مصارحة ومصالحة، وأصبحت سمة هذا النوع من العمل الذى جاء من مجتمع الإنترنت أنه لم يحقق توازنا بعد بين نجاحه الواسع فى الإنترنت، حيث المجتمع الافتراضى ونجاحه فى المجتمع الواقعى».
يعتقد نبيل عبدالفتاح أن أمام هذا الجيل فرص أفضل، حيث يوفر له الإنترنت أدوات جديدة قد تمكنه من أن يوجد آليات أكثر تطورا فى التعامل مع مشاكل المجتمع وتحديدا فى مسألة العلاقات بين المسلمين والمسيحيين، ويضيف: «حادثة نجع حمادى الأخيرة تقدم نمطا جديدا من فكرة القتل العشوائى، الذى لا يهتم بتحديد الضحية، وهو نمط خطير يستوجب علينا مزيدا من العمل، وعلى الجيل الشاب استغلال أدواته لتنمية رأسماله الوطنى فى مجتمع مدنى سليم».
تصوير ــ جيهان نصر
عاش المهندس رامى سيدهم حالة من الصدمة ما زالت ممتدة إلى الآن عقب قتل 7 مواطنين أمام كنيسة فى مدينة نجع حمادى وما تبع هذه الجريمة من ملابسات غريبة، تجعله يفكر فى شكل المستقبل، «فى الماضى كنا نسمع عن العلاقات المتداخلة والمتشابكة بين المسلمين والمسيحيين، اليوم قلت هذه العلاقات، فماذا عن الغد؟».
قلقه الكبير دفعه إلى أن يسترجع تجربة عاشها مع أصدقائه فى عام 2005، وقتها كان هناك حادث طائفى آخر فى حى محرم بك بمدينة الإسكندرية، تجمهر المئات حول كنيسة مارجرجس، وتبع ذلك شغب وعبارات متعصبة، ثم حوادث قتل وإصابات.
تلك الحوادث دفعت مجموعة من الشباب وقتها إلى إطلاق مبادرة تحت عنوان «مصارحة ومصالحة»، كان الهدف واضحا منذ البداية، وهو مناقشة الصور السيئة، التى يروجها كل طرف عن الآخر، والتى تستخدم فى التحريض، وكان يحرك هذه المجموعة دوافع أخرى يوضحها رامى: «حققنا نجاحا مهما داخل أنفسنا، كنا نتحدث فى أى شىء وكل شىء بحرية تامة، وهو ما انتقل إلى مدوناتنا أحيانا، وذلك فى الوقت الذى كان فيه الإنترنت يعج بالكتابات المتعصبة والحروب بين المذاهب، كنا نحن نحاول أن نكون النموذج المختلف ونقطة ضوء وسط هذا الظلام».
حادث كنيسة محرم بك كان ينشطه تحريضات على الإنترنت بعد نشر كليب مسرحية اعتبرها البعض مسيئة للإسلام.
خلال السنوات الماضية كانت المبادرة محل اهتمام إعلامى فى بعض الأوقات، إلا أن رامى يرى أن هذا الظهور الإعلامى بين الحين والآخر لم يغير طبيعة المجموعة الصغيرة، التى لم تتسع لأعضاء جدد بشكل جيد لنشر أفكارها إلى آخرين. بقدر ما كانت نموذجا أمام الآخرين، فأعضاء هذه المجموعة لا يزيد على 12 فردا، وهو ما يراه عيبا اليوم.
مناقشات شهرية
بعض مرتادى الإنترنت كان لديهم فضول لمعرفة ماذا يحدث فى مثل هذه الاجتماعات؟ فى أحد الأماكن العامة كانت لقاءات أعضاء المبادرة بصورة شهرية، وفى كل جلسة هناك برنامج محدد وقضية للمناقشة تخص العلاقات بين المسلمين والمسيحيين، مرة نقد فيلم سينمائى اهتم بتناول هذه العلاقة، أو مناقشة كتاب يسىء للعلاقة بين الطرفين، إلى جانب طقس أخير أقرب للطقس الروحى فى قراءة نصوص دينية حول موضوع واحد من القرآن والكتاب المقدس.
البعض انضم إلى المجموعة المؤسسة عن طريق المدونات، ومنهم الدكتورة سوسن على التى لم تكن فى يوم من الأيام ناشطة أو على دراية واسعة بعمل المبادرات، وهو ما جعلها ترى الهدف منها بطريقة مختلفة، وتقول: «المكسب الأكبر بالنسبة لى كان النقاش حول أمور لم نتناقش حولها من قبل، أصبحت أعرف ما يقال سرا بين المسيحيين عن المسلمين والعكس، وكيف يمكن أن يسىء المسلم لزميله المسيحى أو العكس دون أن يقصد عن طريق اللغة المستخدمة المسيئة التى اعتاد عليها وهو ما كان بمثابة صدمة لى، أما أكبر المكاسب فكان فى نقل هذه التجربة إلى آخرين فى العائلة والعمل والمجتمع، أن أكون صوت صديقى المسيحى الغائب».
يرى رامى أن أفضل طريقة لنشر هذا النوع من المبادرات فى فكرة طرحها أعضاء المبادرة حول ضم أعضاء جدد وتعريفهم بكيفية إدارة هذا العمل بشكل سليم تمهيدا لتكوين مبادراتهم الخاصة على نفس النمط مع وجود مرجعية «مصارحة ومصالحة»، أما سوسن فرأت أن أفضل المكاسب هو أن يكون أعضاء المبادرة أنفسهم بمثابة «رسل» يدعون إلى نبذ العنف ورفع الوصم عن الطرف الآخر فى كل مكان، ربما يكون الإنترنت أداة لذلك، لكنها تضيف: «قبل عدة أشهر كنا نتناقش حول مستقبل المبادرة، هل علينا أن نضم أعضاء جددا؟ أم يجب أن نساعد آخرين على إيجاد طرق تنظيم مثل هذه المبادرات؟»
تضم المبادرة عاملين فى مجال المجتمع المدنى ومشاركين فى الأنشطة العامة مما أكسبها كفاءة فى مجال تحديد الرؤية وأسلوب العمل، وإدارة الجلسات بشكل احترافى، المكسب الذى أجمع عليه أعضاء المبادرة هو الصداقة، التى تكونت بينهم دون النظر إلى الدين، هذه الروح لم يتواءم معها بعض الأعضاء، الذين دخلوا المبادرة زوارا ولم يستمروا، يروى رامى: «كانت مشكلة تواجهنا دفعتنا إلى عدم التوسع، وهى أن يأت البعض بأجندته أو أن يتخذ موقف المدافع عن دينه وليس موقف المحاور المشارك».
لا تنتظر النتائج
فى عام 2008 أقامت جمعية الشباب الكاثوليكى المصرى مؤتمرا تحت عنوان «الطلاب الجامعيون ما بين الإيمان والحوار» قامت فكرة المؤتمر على أن تعيش مجموعة من الطلاب المسلمين والمسيحيين سويا طوال ثلاثة أيام، وهناك تعرفت مارجريت موسى ــ منسقة المؤتمر ــ على مبادرة «مصارحة ومصالحة»، ورغم أنها لم تشارك فى عضويتها لكن التعرف على أعضاء المبادرة زاد من تفاؤلها وإحساسها بالأمل، أما اليوم فهى تعتبر هذا المؤتمر بمثابة مبادرة مستمرة حتى الآن: «من خلال المؤتمر تعرفت على صديقتى إيمان، وبدأنا نبادر سويا فى طرح أفكار نواجه بها المجتمع، فى عيد الأضحى الماضى دعتنى إيمان أنا ومجموعة من الشباب المسيحى إلى المشاركة فى تجربة غريبة مع جمعية رسالة من أجل تقسيم لحوم الأضاحى داخل أحد المجازر، المشهد للمواطن المسيحى يبدو غريبا، والأغرب هو المشاركة فيه.. البعض سعد بوجودنا، والبعض الآخر أبدى استغرابه وتهكمه، لكن كان لابد لنا من أن نبادر».
تصف مارجريت سنوات الجامعة بأنها لم تساعد على إيجاد هذه الروح بل على العكس ساعدت البعض على أن يزيد من انغلاقه مع أبناء طائفته، ورغم أنها لم تتجاوز الثالثة والعشرين فإن اهتمامها بهذا النوع من الأنشطة أوجد لديها قناعة راسخة بأن «علينا ألا ننتظر النتائج المباشرة من أى مبادرة فى هذا المجال، يكفى التأثير الإيجابى فى الآخرين». وتحاول ضرب مثال على قناعتها، فتقول: «أحد البرامج التابعة للجمعية يعتمد على نقل طلاب فى سن الإعدادى والثانوى إلى بيئة مختلفة،
وهو ما تم حين التقينا أنا والطلاب مع صيادين يعيشون فى عالم مختلف وظروف سيئة، حاولنا المساعدة هناك دون النظر إلى ديانة أحد، وشارك معنا زملاء مسلمون، أظن أن إعداد الشباب الصغير على مثل هذه الروح سيفيده حين ينتقل إلى الجامعة، إلى جانب التأثير الذى نأمل أن يصل إلى البسطاء هناك من أن اختلاف دياناتنا لن تعيق روح المساعدة».
هانى جورج ــ أحد أعضاء مبادرة مصارحة ومصالحة ــ ينتمى هو الآخر إلى نفس جيل مارجريت، الذى ملّ موائد الوحدة الوطنية الشكلية والاحتفالات الكرنفالية بين المسلمين والمسيحيين. ويتفق مع مارجريت فى أن العمل المشترك العام بين أبناء الطوائف المختلفة هو ما يذيب الحس الطائفى والتعصب الذى ازداد مؤخرا فى المجتمع، فحين تقف الفتاة المحجبة مع زميلتها المسيحية فى عمل مشترك أمام المجتمع تصبح هذه الصورة هى الخطوة الحقيقية التى ستواجه الطائفية حسب رأى هانى، موضحا: «الحوارات والنقاشات التى عشتها فى مبادرة مصارحة ومصالحة ربما لم تنزل إلى الشارع فى أنشطة حركية لكنها أوجدت بيئة آمنة شجعت أعضاءها على الكتابة فى الإنترنت، ولفت نظر الآخرين إلى ما قد يكون إساءة فى حق الآخر، كما أن هناك رؤى أخرى لفكرة وأهداف المبادرة لا يمكن إغفالها».
يشارك هانى فى مبادرة أخرى تنشط الآن تحت عنوان: «خلى عندك صوت» تدعو الشباب إلى استخراج بطاقات انتخابية قبل موعد 31 يناير المقبل، ويقول: «مثل هذه التجربة جمعت المسلم والمسيحى فى عمل عام، بعضنا كان فى مبادرة مصارحة ومصالحة والبعض الآخر لا، المهم هو أن نعمل وننشط من أجل المجتمع، وقتها سنتعرف أكثر على بعضنا، وستوجد مساحة أكبر للحوار».
بعض صور المبادرات تتبنى فكرة الاتجاه إلى مواقع الأزمات الطائفية، هذا ما فعله اثنان من أعضاء «مصارحة ومصالحة» توجها مؤخرا إلى مدينة نجع حمادى مع مجموعة من النشطاء السياسيين والحقوقيين والمدونين بهدف تعزية أهالى الضحايا ورفع حالتهم المعنوية، لكن المفاجأة أنه تم القبض على المشاركين، الذين جاء بعضهم عن طريق الفيس بوك، ولم تنجح مبادرتهم بسبب العرقلة الأمنية، التى رأت فى تواجدهم نوعا من التجمهر يوجب الحبس.
يرى نبيل عبدالفتاح ــ الخبير بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية والسياسية والمهتم بدراسة الوضع الطائفى فى مصر ــ أن المبادرات التى تصدى لها هذا الجيل الشاب أوجدت نوعا جديدا من المبادرات على عكس ما كان يحدث فى الماضى حين اقتصرت على من هم فوق الخمسين وفى إطار متصل بالسلطة، لكنه لا يخفى بعض التحفظات: «تابعت بعض هذه المبادرات مثل مبادرة مصارحة ومصالحة، وأصبحت سمة هذا النوع من العمل الذى جاء من مجتمع الإنترنت أنه لم يحقق توازنا بعد بين نجاحه الواسع فى الإنترنت، حيث المجتمع الافتراضى ونجاحه فى المجتمع الواقعى».
يعتقد نبيل عبدالفتاح أن أمام هذا الجيل فرص أفضل، حيث يوفر له الإنترنت أدوات جديدة قد تمكنه من أن يوجد آليات أكثر تطورا فى التعامل مع مشاكل المجتمع وتحديدا فى مسألة العلاقات بين المسلمين والمسيحيين، ويضيف: «حادثة نجع حمادى الأخيرة تقدم نمطا جديدا من فكرة القتل العشوائى، الذى لا يهتم بتحديد الضحية، وهو نمط خطير يستوجب علينا مزيدا من العمل، وعلى الجيل الشاب استغلال أدواته لتنمية رأسماله الوطنى فى مجتمع مدنى سليم».
أرقام المصارحة والمصالحة
فى عام 2008 أجرت مجموعة مصارحة ومصالحة استبيانا عبر موقعها على الإنترنت على عينة تتكون من نحو 3500 مشارك.
من الأسئلة الموجهة للمسيحيين
- هل دخلت جامع من قبل؟: 55% أجابوا بنعم، 45% أجابوا لا.
- المسيحى أولى بالثقة من المسلم: 46% أجابوا غير صحيح، 22% أجابوا صحيح، و30% لا يعرفون أو غير متأكدين
- هل المسيحى فى أوروبا أو أمريكا أقرب لك من المصرى المسلم؟: 81% أجابوا لا، 19% أجابوا نعم.
من الأسئلة الموجهة للمسلمين
- القساوسة بيعملوا سحر؟ 32%: أجابوا غير صحيح، و9% أجابوا بصحيح و59% أنهم غير متأكدين أو لا يعرفون.
- القساوسة يلبسون أسود حزنا على دخول الإسلام مصر: 39% أجابوا بغير صحيح و11% أجابوا بصحيح 50% أجابوا غير متأكدين أو لا يعرفون.
- هل المسلم فى جنوب أفريقيا أقرب لك من المسيحى فى مصر؟: 36% أجابوا نعم، و64% أجابوا لا.
من الأسئلة الموجهة للمسيحيين
- هل دخلت جامع من قبل؟: 55% أجابوا بنعم، 45% أجابوا لا.
- المسيحى أولى بالثقة من المسلم: 46% أجابوا غير صحيح، 22% أجابوا صحيح، و30% لا يعرفون أو غير متأكدين
- هل المسيحى فى أوروبا أو أمريكا أقرب لك من المصرى المسلم؟: 81% أجابوا لا، 19% أجابوا نعم.
من الأسئلة الموجهة للمسلمين
- القساوسة بيعملوا سحر؟ 32%: أجابوا غير صحيح، و9% أجابوا بصحيح و59% أنهم غير متأكدين أو لا يعرفون.
- القساوسة يلبسون أسود حزنا على دخول الإسلام مصر: 39% أجابوا بغير صحيح و11% أجابوا بصحيح 50% أجابوا غير متأكدين أو لا يعرفون.
- هل المسلم فى جنوب أفريقيا أقرب لك من المسيحى فى مصر؟: 36% أجابوا نعم، و64% أجابوا لا.
No comments:
Post a Comment