فى بعض الأحيان تتحول الصور المعلقة على جدران بعض
المحال والأماكن العامة إلى أيقونات تضفى قدسية على أصحابها وتعطى من يراها إحساسًا
بالأمان.
فى منتصف شارع محمود بسيونى ــ الأنتكخانة سابقا ــ بمنطقة وسط البلد القاهرية تقف الدكتورة فاطمة بدوى داخل صيدليتها لصرف الروشتات وإعطاء الحقن الطبية وإلقاء الأمنيات الطيبة بالشفاء العاجل لزوارها فى أجواء قد تبدو تقليدية للوهلة الأولى، لكن التقدم خطوات قليلة ناحية الباب يكشف عن روح أخرى تسيطر على المكان حيث يبرز الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى مدخل الصيدلية ليجذب أعين الزوار لا إراديا وكأن إطلاعهم على صورته طقس يؤدونه بمجرد دخول المكان.
«أنا من جيل الستينيات الذى رأى عبدالناصر وأفكاره وآمن بمبادئه كما شاهد انحيازه للفقراء والعمال والفلاحين»، لم تكن تلك هى الجملة الوحيدة التى وصفت بها الدكتورة فاطمة عصر عبدالناصر بل كانت مجرد مقدمة بسيطة فى حوار طويل عن عصر الزعيم الراحل اعتبرته نقطة تحول على العديد من المستويات بدءا من إتاحة التعليم لجميع الطبقات الاجتماعية حتى سياساته الخارجية. ولم تجد حرجا فى عقد مقارنات بين الزمن الحالى وزمن المجد الغابر.
كانت صورة الزعيم هى ما يوضح موقفها بشكل مباشر وقاطع فلم تبالغ حين وصفت جمال عبدالناصر بأنه أب روحى لها، ففى مدخل الصيدلية إلى جوار صور الزعيم وضعت صورة والدها بالأبيض والأسود وكأن جمال عبدالناصر فرد من أفراد العائلة.
وتضيف: «والدى كان يحبه أيضا.. رأينا فى تلك الفترة العديد من الأسباب التى تجعلنا نرتبط به حتى الآن، ففى مجال الصناعات الدوائية كانت الصناعة المصرية هى الأساس وكان الوكيل التجارى مصريا انصياعا لنظام اقتصاد هذه الفترة، وما إن ينته الشاب من تعليمه حتى يتلقى خطاب التعيين فور تخرجه، وضعى لهذه الصورة ليس ارتباطا بشخصه.. إنما بمبادئه التى أوجدت كل تلك الأمور».
يعمل فى الصيدلية مع الدكتورة فاطمة ابنها الشاب فى سن الثلاثين، لم يكن غريبا أن يحمل هو الآخر اسم جمال تيمنا باسم الرئيس الراحل.. جمال الدفترار نجل الدكتورة فاطمة متصالح مع ذكرى الزعيم ومع أسباب وجود صوره البارزة فى الصيدلية...
«وأما بنعمة ربك فحدث» بهذه الآية التى ذكرها جمال حاول توضيح أن الشخصيات والزعماء قد يكونون نعمة على بلدانهم، ويضيف: «ليس لدينا انتماءات سياسية ولسنا ناصريين بالمعنى التقليدى.. لكننا نعرف قدر هذا الرجل. فحين نرى الآن من كانوا مختلفين معه فى فترة حكمه وهم يشهدون له ولقراراته الآن، فهذا خير دليل على مكانة هذا الرجل».
فى وجود صور عبدالناصر مع إطلالته الجادة على زوار الصيدلية والمارة فى الشارع ترسل الصورة رسالة معلنة وإن كانت غير مباشرة إلى زوار المكان، ويرى الدكتور شاكر عبدالحميد ــ أستاذ علم النفس وصاحب الدراسات حول «العملية الإبداعية فى فن التصوير» و«عصر الصورة» ــ أن الصورة وظروف وجودها قد تخرج خارج إطار علاقتها بالسلطة وتوجد لأسباب أخرى، ويقول: «الصورة تجسد المعنى والرسالة أكثر من الكلمات العادية، كما تعبر الصورة عن أحلام اليقظة الشاردة التى لا تجد متنفسا لها، فيتم ابتعاث حلم اليقظة ويتجسد فى صورة الزعيم».
فى حديثها عن عبدالناصر لم تخف الدكتورة فاطمة ارتباطها بعصر الرئيس الراحل، ولعل رسالتها من وجود هذه الصورة قد وصلت إلى كثيرين مروا من هذا المكان فحسبما ذكرت «صور عبدالناصر فى مكانها هنا منذ أن بدأت عملى فى عام 1975، وكثيرا ما تأتينى تعليقات مشجعة خاصة من الزوار من الدول العربية من لبنان وسوريا واليمن، وتلقيت الكثير من التحيات على استمرار هذا الوفاء للزعيم الراحل صاحب الشعبية فى البلدان العربية». تتذكر واقعة طريفة عن زائر من اليمن فتن بصورة لعبدالناصر كانت جوار الصور الحالية فى نفس المكان، لكنها كانت أكبر حجما، وبعد مفاوضات وجدل اضطررت إلى إهدائه الصورة حين شعرت صدقه وحرصه على اقتناء صورة الزعيم الراحل.
يتدخل نجلها جمال «لسنا من هواة اقتناء الصور.. لكن شخصية الفرد هى ما تفرض وجوده، فوالدى على سبيل المثال يضع صورة الأنبا شنودة فى مكتبه رغم أننا مسلمون، فقط لأنه يقدر قيمة هذا الرجل ومكانته فى مصر». تؤيده فى ذلك والدته وتضيف: «المسألة كلها متعلقة بالانتماء إلى المبادئ وليس للأشخاص».
شعور بالأمان
«أنا من جيل الستينيات الذى رأى عبدالناصر وأفكاره وآمن بمبادئه كما شاهد انحيازه للفقراء والعمال والفلاحين»، لم تكن تلك هى الجملة الوحيدة التى وصفت بها الدكتورة فاطمة عصر عبدالناصر بل كانت مجرد مقدمة بسيطة فى حوار طويل عن عصر الزعيم الراحل اعتبرته نقطة تحول على العديد من المستويات بدءا من إتاحة التعليم لجميع الطبقات الاجتماعية حتى سياساته الخارجية. ولم تجد حرجا فى عقد مقارنات بين الزمن الحالى وزمن المجد الغابر.
كانت صورة الزعيم هى ما يوضح موقفها بشكل مباشر وقاطع فلم تبالغ حين وصفت جمال عبدالناصر بأنه أب روحى لها، ففى مدخل الصيدلية إلى جوار صور الزعيم وضعت صورة والدها بالأبيض والأسود وكأن جمال عبدالناصر فرد من أفراد العائلة.
وتضيف: «والدى كان يحبه أيضا.. رأينا فى تلك الفترة العديد من الأسباب التى تجعلنا نرتبط به حتى الآن، ففى مجال الصناعات الدوائية كانت الصناعة المصرية هى الأساس وكان الوكيل التجارى مصريا انصياعا لنظام اقتصاد هذه الفترة، وما إن ينته الشاب من تعليمه حتى يتلقى خطاب التعيين فور تخرجه، وضعى لهذه الصورة ليس ارتباطا بشخصه.. إنما بمبادئه التى أوجدت كل تلك الأمور».
يعمل فى الصيدلية مع الدكتورة فاطمة ابنها الشاب فى سن الثلاثين، لم يكن غريبا أن يحمل هو الآخر اسم جمال تيمنا باسم الرئيس الراحل.. جمال الدفترار نجل الدكتورة فاطمة متصالح مع ذكرى الزعيم ومع أسباب وجود صوره البارزة فى الصيدلية...
«وأما بنعمة ربك فحدث» بهذه الآية التى ذكرها جمال حاول توضيح أن الشخصيات والزعماء قد يكونون نعمة على بلدانهم، ويضيف: «ليس لدينا انتماءات سياسية ولسنا ناصريين بالمعنى التقليدى.. لكننا نعرف قدر هذا الرجل. فحين نرى الآن من كانوا مختلفين معه فى فترة حكمه وهم يشهدون له ولقراراته الآن، فهذا خير دليل على مكانة هذا الرجل».
فى وجود صور عبدالناصر مع إطلالته الجادة على زوار الصيدلية والمارة فى الشارع ترسل الصورة رسالة معلنة وإن كانت غير مباشرة إلى زوار المكان، ويرى الدكتور شاكر عبدالحميد ــ أستاذ علم النفس وصاحب الدراسات حول «العملية الإبداعية فى فن التصوير» و«عصر الصورة» ــ أن الصورة وظروف وجودها قد تخرج خارج إطار علاقتها بالسلطة وتوجد لأسباب أخرى، ويقول: «الصورة تجسد المعنى والرسالة أكثر من الكلمات العادية، كما تعبر الصورة عن أحلام اليقظة الشاردة التى لا تجد متنفسا لها، فيتم ابتعاث حلم اليقظة ويتجسد فى صورة الزعيم».
فى حديثها عن عبدالناصر لم تخف الدكتورة فاطمة ارتباطها بعصر الرئيس الراحل، ولعل رسالتها من وجود هذه الصورة قد وصلت إلى كثيرين مروا من هذا المكان فحسبما ذكرت «صور عبدالناصر فى مكانها هنا منذ أن بدأت عملى فى عام 1975، وكثيرا ما تأتينى تعليقات مشجعة خاصة من الزوار من الدول العربية من لبنان وسوريا واليمن، وتلقيت الكثير من التحيات على استمرار هذا الوفاء للزعيم الراحل صاحب الشعبية فى البلدان العربية». تتذكر واقعة طريفة عن زائر من اليمن فتن بصورة لعبدالناصر كانت جوار الصور الحالية فى نفس المكان، لكنها كانت أكبر حجما، وبعد مفاوضات وجدل اضطررت إلى إهدائه الصورة حين شعرت صدقه وحرصه على اقتناء صورة الزعيم الراحل.
يتدخل نجلها جمال «لسنا من هواة اقتناء الصور.. لكن شخصية الفرد هى ما تفرض وجوده، فوالدى على سبيل المثال يضع صورة الأنبا شنودة فى مكتبه رغم أننا مسلمون، فقط لأنه يقدر قيمة هذا الرجل ومكانته فى مصر». تؤيده فى ذلك والدته وتضيف: «المسألة كلها متعلقة بالانتماء إلى المبادئ وليس للأشخاص».
شعور بالأمان
المفارقة أن صيدلية الأنتكخانة ليست وحدها المفتونة بصور الرؤساء فإلى جوارها مقهى شعبى رفع صورة الرئيس الأمريكى باراك أوباما فوق نتيجة العام، وفى متاجر أخرى أبعد مسافة رفع أحدهم صورة الرئيس الراحل محمد أنور السادات وهو ما لم يبد أى من الدكتورة فاطمة أو نجلها جمال أى تحفظ عليه بل قالا فى أداء واحد «كل واحد حر».
أحد هؤلاء الذين رفعوا صورة الرئيس الراحل أنور السادات كان «وليد على» الذى ظل فترة رافعا الصورة التى رسمها بيده فى متجره ناحية منطقة لاظوغلى، ولم يكن ذلك إعلانا عن موقف بقدر ما كانت صورة ضمن مجموعة من صور الزعماء والشخصيات المشهورة التى يرسمها لزبائنه من محبى اقتناء صور المشاهير، لكن اختياره صورة الرئيس الراحل السادات تحديدا لم يكن من قبيل الصدفة ولا لأسباب فنية متعلقة بالصورة يقول: «اختيار السادات تحديدا كان نتيجة حبى له، فأنا عشت أيامه وفى تقديرى الشخصى أراه عقلية جبارة.. أنا عاشق لهذا الرجل».
كانت صورة السادات هى واجهة متجره حين عمل فترة مستقلا فى متجر خاص، أما فى المكان الذى يعمل فيه منذ سنوات طويلة فتحمل واجهة المحل صورا أخرى لا تنتمى لنمط واحد من الشخصيات، حيث تتجاور صور العائلة الملكية مع صور الرؤساء وتحيطها صور فوتوغرافية أخرى لمشاهير الفنانين، ويعتبر وليد رسم هذه الصور فى النهاية مجرد عمل يؤديه إلى زبون، فرغم عشقه للسادات فإنه يرسم بيديه صورا للعائلة الملكية، يقول: «تأتينى طلبات لهذا النوع من صور الشخصيات الملكية والفنية من عهد ما قبل الثورة، وهو ما لم يظهر إلا منذ عدة سنوات فقط، عدا هذا فلا يوجد نمط معين من الزبائن يطلب صور الزعماء، فقد جاءنى فى إحدى المرات شخص بسيط الحال يطلب صورة الرئيس جمال عبدالناصر، دون أن يبدو عليه مظاهر حب اقتناء الصور، أو أى انتماء.. فقط نتيجة حبه هذا الزعيم».
لا يخفى وليد على الذى يقدم نفسه كفنان تشكيلى ولعه بصور عبدالناصر وتحديدا صور مصوره الخاص حسين بكر وقدرته الفذة على التقاط كادرات مميزة، وهو ما لم يتناف مع افتتانه بسياسة السادات.
أما الطلب الرئيسى لدى وليد فهو على البورتريهات الشخصية للأفراد، وهذا هو عمله الأصلى الملحق باستوديو التصوير الذى يستضيف موهبته فى رسم البورتريه الشخصى. أما فى واجهة المتجر فليست كل الصور لزعماء أو فنانين فمن أكثر اللوحات قيمة لديه واحدة للشيخ محمد متولى الشعراوى ولوحة للسيدة العذراء سماها الأمومة، لا يبيع نسخها الأصلية بل يستنسخها. ورغم الأجواء الاحترافية التى أدار بها حديثه عن الصور فإن الحديث عن صورة الشيخ الشعراوى وصورة العذراء كان أشبه بحديث عن أيقونات دينية مقدسة.
يؤكد الدكتور شاكر عبدالحميد على وظيفة أخرى للصورة وعلاقتها بالإنسان وما توصله من رسائل للفرد «أحيانا ما يكون الهدف من الصورة هو بث الإحساس بالأمان فى مقابل الخوف وانعدام الأمن خارج إطار هذه الصورة». يضيف الدكتور شاكر بعدا آخر فى علاقة الفرد بالصورة حين تتحول شخصية صاحب الصورة إلى رمز «فى هذه الحالة تعمل الذاكرة الفردية على استدعاء ما بداخل الإنسان من حب وتقدير لصاحب الصورة وما له من صفات إيجابية تستدعيها الصورة».
الشيخ والمريد
أحد هؤلاء الذين رفعوا صورة الرئيس الراحل أنور السادات كان «وليد على» الذى ظل فترة رافعا الصورة التى رسمها بيده فى متجره ناحية منطقة لاظوغلى، ولم يكن ذلك إعلانا عن موقف بقدر ما كانت صورة ضمن مجموعة من صور الزعماء والشخصيات المشهورة التى يرسمها لزبائنه من محبى اقتناء صور المشاهير، لكن اختياره صورة الرئيس الراحل السادات تحديدا لم يكن من قبيل الصدفة ولا لأسباب فنية متعلقة بالصورة يقول: «اختيار السادات تحديدا كان نتيجة حبى له، فأنا عشت أيامه وفى تقديرى الشخصى أراه عقلية جبارة.. أنا عاشق لهذا الرجل».
كانت صورة السادات هى واجهة متجره حين عمل فترة مستقلا فى متجر خاص، أما فى المكان الذى يعمل فيه منذ سنوات طويلة فتحمل واجهة المحل صورا أخرى لا تنتمى لنمط واحد من الشخصيات، حيث تتجاور صور العائلة الملكية مع صور الرؤساء وتحيطها صور فوتوغرافية أخرى لمشاهير الفنانين، ويعتبر وليد رسم هذه الصور فى النهاية مجرد عمل يؤديه إلى زبون، فرغم عشقه للسادات فإنه يرسم بيديه صورا للعائلة الملكية، يقول: «تأتينى طلبات لهذا النوع من صور الشخصيات الملكية والفنية من عهد ما قبل الثورة، وهو ما لم يظهر إلا منذ عدة سنوات فقط، عدا هذا فلا يوجد نمط معين من الزبائن يطلب صور الزعماء، فقد جاءنى فى إحدى المرات شخص بسيط الحال يطلب صورة الرئيس جمال عبدالناصر، دون أن يبدو عليه مظاهر حب اقتناء الصور، أو أى انتماء.. فقط نتيجة حبه هذا الزعيم».
لا يخفى وليد على الذى يقدم نفسه كفنان تشكيلى ولعه بصور عبدالناصر وتحديدا صور مصوره الخاص حسين بكر وقدرته الفذة على التقاط كادرات مميزة، وهو ما لم يتناف مع افتتانه بسياسة السادات.
أما الطلب الرئيسى لدى وليد فهو على البورتريهات الشخصية للأفراد، وهذا هو عمله الأصلى الملحق باستوديو التصوير الذى يستضيف موهبته فى رسم البورتريه الشخصى. أما فى واجهة المتجر فليست كل الصور لزعماء أو فنانين فمن أكثر اللوحات قيمة لديه واحدة للشيخ محمد متولى الشعراوى ولوحة للسيدة العذراء سماها الأمومة، لا يبيع نسخها الأصلية بل يستنسخها. ورغم الأجواء الاحترافية التى أدار بها حديثه عن الصور فإن الحديث عن صورة الشيخ الشعراوى وصورة العذراء كان أشبه بحديث عن أيقونات دينية مقدسة.
يؤكد الدكتور شاكر عبدالحميد على وظيفة أخرى للصورة وعلاقتها بالإنسان وما توصله من رسائل للفرد «أحيانا ما يكون الهدف من الصورة هو بث الإحساس بالأمان فى مقابل الخوف وانعدام الأمن خارج إطار هذه الصورة». يضيف الدكتور شاكر بعدا آخر فى علاقة الفرد بالصورة حين تتحول شخصية صاحب الصورة إلى رمز «فى هذه الحالة تعمل الذاكرة الفردية على استدعاء ما بداخل الإنسان من حب وتقدير لصاحب الصورة وما له من صفات إيجابية تستدعيها الصورة».
الشيخ والمريد
هذه الحالة الأخيرة توضحها علاقة البعض مع صور الرموز الدينية حين يضعونها فى متاجرهم كقدوة حاضرة معهم فى نشاطهم اليومى تراقب أفعالهم بابتسامة راضية لن ينالوها فى الواقع إما لوفاة صاحب الصورة أو صعوبة التقائه. الحاجة نادية إبراهيم المصرى (68 سنة) تقيم أغلب يومها فى متجرها البسيط بمنطقة الدراسة جوار مسجد الشيخ صالح الجعفرى، داخل المتجر صور متنوعة للشيخ الجعفرى المتوفى عام 1979، أغلبها التقطت فى مكان إلقاء دروسه على مريديه من كل الأقطار فى رواق المغاربة بالجامع الأزهر..
وللسيدة نادية إبراهيم صلة أعمق بالشيخ الجعفرى، فزوجها الراحل أبوالعلا أحمد هنداوى كان من أتباع الشيخ ومريديه، ترك وظيفته بعد أن وصل إلى منصب مدير وظل ملازما للشيخ صالح فى خلوته وفى مجالس العلم وفى تحضير موائد الطعام للمحتاجين.
«كان الشيخ داعية للإسلام وعالما قدم للناس الصوفية الحقيقية بعيدا عن الابتذال» هذه الكلمات كانت مقدمة تعريفية تلقيها السيدة نادية أحيانا على بعض الزبائن الواقفين فى متجرها لتصوير مستنداتهم أو شراء سلعة سريعة حين يسأل أحدهم عن صاحب الصورة. نفس هذه الصور المعلقة فى متجرها توفرها مكتبة مجاورة فى رحاب المسجد تبيع كتب الشيخ وأوراده.
ويشترى المريدون الصور للتبرك بها والاحتفاظ بذكرى شيخهم مؤسس الطريقة الجعفرية.
لدى الحاجة نادية القدرة على الرد على من قد يتهمونها بإضفاء مظاهر التقديس على شيخها بوضع صورته داخل المتجر تقول: «هل وضع الابن صورة أبيه المتوفى ما يضفى قداسة على والده؟ إنه الوفاء لرجل ساعدنى بشكل شخصى على الهداية، وولاء من مريديه الذين تحلقوا حوله سنوات فى مجالس العلم وما زالوا متصلين بأوراده وأذكاره وعلمه».
لدى السيدة نادية وعى كامل بما يسدد إلى الصوفية من انتقادات وتحديدا فى علاقة الشيخ بالمريد وما قد يصل إلى البعض من أن صور شيوخ الصوفية امتداد لعلاقة الخضوع بين الطرفين، لكنها تقدم جانبا آخر لم تخف فيه اعتزازها بشيخها الجعفرى «الشيخ صالح تحديدا كان رجل علم، يلقى دروسه فى الحضرة، له دور عظيم فى حياة الكثيرين، فبعد أخذ العهد من مريديه ينال التابع التكليفات الروحية بحيث تتناسب مع حياته وظروفها، وتوفر لمريديه القدرة على النجاح فى حياتهم، وليس لى صلة بمن قد يتطرف من المتصوفة، لكن الاعتدال هو ما يضبط هذه العلاقة، والاحتفاظ بهذه الصور ليس إلا فى نطاق هذه العلاقة الصحية بيننا وبين الشيخ رحمه الله».
قد تختلف سياسة الرئيس الراحل السادات مع سياسة الرئيس جمال عبدالناصر، وقد تختلف ديانة الشيخ صالح الجعفرى عن الأنبا شنودة، إلا أن الخيط الوحيد الذى يجمع هذه الصور هو اقترابها من درجة الأيقونات حين تعلق فوق جدران متاجر المحبين والمريدين وأن لكل منها رسالة أراد صاحب المتجر أن يوصلها إلى نفسه فيطمئن، وإلى الآخرين فيتذكروا.
No comments:
Post a Comment