Friday, June 12, 2015

عم حمادة .. 30 سنة في بيع الجيلاتي

كتب - عبدالرحمن مصطفى
فى حارة ضيقة وسط منطقة «المُليحة» بحى حدائق القبة، تمر عربة «الجيلاتى» يقودها عم أحمد محمد عبدالعال «٤٩ سنة» الذى تنحدر جذوره من مركز المراغة فى محافظة سوهاج، مر عليه أكثر من 30 عاما قضاها بين حوارى الحى نفسه يبيع الجيلاتى لأطفال المنطقة، بعضهم أصبح رجالا ونساء يشترى أبناؤهم منه الآن.
«تبدل سكنى فى القاهرة بين عدة مناطق مجاورة حتى استقريت فى منطقة الزاوية الحمراء، فى منتصف المسافة بين مصنع الجيلاتى الذى أعمل لحسابه والمنطقة التى أبيع فيها». يستكمل البيع لأطفال ينادونه بـ«عم حمادة»، ويتحمل شقاوتهم حين يقفزون فوق العربة أو يرشون طريقه بالمياه. يستكمل حديثه: «يبدأ يوم العمل فى السادسة صباحا، أما البيع فيكون بعد الواحدة ظهرا، خاصة فى فترة العطلة الدراسية وإغلاق المدارس، وأظل أعمل حتى الليل وإنهاء الكمية التى معى». يوزع أكواب الجيلاتى التى لا تتجاوز سعرها جنيها واحدا على الزبائن الصغار، ويبدو متحفظا فى حديثه عن ثلاثة أمور، الأمر الأول هو قيمة ما يجنيه يوميا من عمله فى هذه المهنة الموسمية، والأمر الثانى هو قلقه من التناول الإعلامى لعمله، والثالث محاولته التأكيد على نظافة المنتج الذى يقدمه، حتى أنه قدم لى كوبا من الجيلاتى على سبيل التجربة، مؤكدا على أن أى ضرر يصيب طفلا من أطفال الحى قد «يقطع عيشه» من المكان إلى الأبد.
كان الدكتور خالد حنفى وزير التموين والتجارة الداخلية، قد أطلق تحذيرا من شراء السلع الغذائية وغير الغذائية من الباعة الجائلين، خشية عدم مطابقتها المواصفات القياسية أو إضرارها بصحة المواطنين، ويعلم «عم حمادة» عن تلك التصريحات، وهو ما يدفعه إلى مزيد من الدفاع عن موقفه فيقول: «اشترى اللبن من فلاحين يفدون على المنطقة مبكرا، كما اشترى فاكهة رخيصة بالجملة من سوق العبور يستخدمها المصنع فى عمل الجيلاتى ثم يضيف صاحب المصنع ثمنها إلى أجرى اليومى». ويعمل بائع الجيلاتى لحساب مصنع فى منطقة الشرابية تنطلق منه نحو ٤٠ عربة إلى المناطق المجاورة.
«ليس من المفترض أن تحرض الدولة مواطنيها على الامتناع عن التعامل مع الباعة الجائلين، بقدر ما يجب عليها أن تقوم بدورها الرقابى والتأكد من مصدر الأغذية وكيفية إنتاجها، سواء كانت أيس كريم أو غيرها، بل عليها التأكد من صلاحية العبوات المغلقة والمميكنة أيضا.. فما بالك بالمصنوعة يدويا!». يتحدث حسين منصور رئيس وحدة إنشاء جهاز سلامة الغذاء عن مسئولية الرقابة على المواد الغذائية التى تتوزع بين جهات كثيرة ولا تقتصر على جهة واحدة.
يعمل بائعو الجيلاتى فى فترة تمتد بين شهرى مارس ونوفمبر من كل عام، تجمعهم الأساليب نفسها فى الحفاظ على الجيلاتى من حرارة الجو، بوضعه فى طبق كبير من الاستنليس داخل العربة الخشبية حوله ثلج مخلوط بالملح حتى لا يذوب هو الآخر. ولكل واحد منهم منطقة يتحرك فيها بعيدا عن منافسه، وهكذا يفعل «عم حمادة» فى منطقة «المليحة»، أما بقية شهور السنة فيعمل فى مهن أخرى تعتمد على القوة البدنية، تاركا أمله معلقا بأبنائه الذى يحرص على تعليمهم كى يعملوا فى مهن أفضل من بيع الجيلاتى.
PDF

No comments:

Post a Comment