Sunday, July 6, 2014

تفاءل .. أنت في رمضان


 
في الوقت الذي تتصدر فيه مشاهد العصبية والتوتر وجوه المصريين في رمضان، ترى الدكتورة هبة العيسوي أستاذ الطب النفسي في جامعة عين شمس، أن هذا الشهر يحمل معه ما يدعو إلى التفاؤل، وتقول: "لننظر إلى الجانب الإيجابي في هذا الشهر الكريم، حيث تنكسر حالة الوحدة إلى حد كبير، بسبب ما يحدث من صلة للرحم، وتقارب بين الناس في وقت الإفطار، وهو ما يمثل دعما نفسيا للانسان". هذه الحالة التي تصفها الدكتورة هبة العيسوي يحتاجها بعض المصابين بأمراض نفسية مثل "الوسواس القهري"، حين يمثل لهم التواصل الانساني في رمضان شيئا من الدعم النفسي.
لكن صورة الصائم المتوتر والعصبي مازالت تسيطر على تفكير كثيرين، وهناك عوامل تقف وراء ذلك، منها امتناع ملايين عن التدخين في نهار رمضان، وامتناع الملايين عن شرب المنبهات وعلى رأسها الشاي والقهوة. كذلك فهناك نظرية أخرى تفسر عصبية بعض الصائمين، وهي أن المخ يعتمد على السكر الموجود في الدم، و أن المخ هو أكثر أعضاء الجسم تأثرا بقلة السكر، وهو ما ينعكس على عصبية الانسان، لكن هبة العيسوي أستاذ الطب النفسي، تطرح رأيا آخر أكثر عملية إذ تقول أن ممارسة الصوم تعمل على تحفيز بعض الهرمونات في الجسم تساعد في الإحتفاظ بالمياه داخل الجسم، وهو ما يساعد على حالة التحفز والانتباه لدى الصائم، وهو ما تدعو هبة العيسوي إلى استغلاله استغلالا جيدا في المذاكرة والعمل.


60 دقيقة في رحاب السيدة زينب .. 

- جولة بين موائد الرحمن وأهل الخير قبل أذان المغرب

كتب – عبدالرحمن مصطفى
في مساحة لا تزيد عن كيلومتر مربع، قرب مسجد السيدة زينب، تبدو أجواء رمضان أقل صخبا عن أعوام سابقة، لكنها ما زالت تحمل الخير في أرجاء المكان، وقبل أذان المغرب بحوالي الساعة، كان المشهد كالتالي، حالة من التوتر أصابت بعض الصائمين وهم يسعون إلى منازلهم، بينما يجلس البسطاء في ساحة المسجد وكلهم ثقة بأن رزقهم سيأتيهم أينما استقروا.
"لو بتسأل عن موائد رحمن أو توزيع أكل، هتلاقيهم بعد القسم .." كانت تلك إجابة إمرأة جالسة في جوار المسجد بعد سؤالها عن وجود "أهل الخير" وموعد ظهورهم، إذ اعتادت الأعين في هذا التوقيت على رؤية المتبرعين وهم يوزعون الأطعمة بين الفقراء، لكن البعض هنا يراهن أن يزداد حضورهم في العشر الأواخر من شهر رمضان. أما أبرز من يتولون المهام الخيرية في محيط المنطقة، فهم أصحاب موائد الرحمن التي تتصدر الطريق، إلى جانب بعض الميسورين من أصحاب المطاعم الذين يوزعون الوجبات على الفقراء.
ومع بداية الساعة الأخيرة قبل الإفطار، يقرر قسم شرطة السيدة زينب إغلاق الشارع، وتحويل المرور إلى الطريق الموازي، تحسبا لأي هجمات تخريبية، بينما يختلف المشهد على بعد حوالي 200 متر، حيث يرص العاملون في "فراشة نصار" طاولات وكراس في مائدة للرحمن كبيرة قرب الشارع الرئيسي، ويقف مصطفى نصار المدير التنفيذي للشركة متابعا عملية تحضير الوجبات باهتمام.
"نقيم هذه المائدة في رمضان من كل سنة، ونجهز حوالي 150 وجبة موزعة على المائدة يوميا، بينما نجهز 50 وجبة أخرى للعاملين والسائقين في المحلات المجاورة، وبحكم خبرة السنوات الماضية في إدارة مائدة الرحمن، أصبحنا نحضر الطعام وفقا لجدول، تتنوع فيه الأطعمة كل يوم". هذا ما يذكره مصطفى نصار، الذي اتجه إلى خارج المتجر لمتابعة المشهد، حيث بدأ يتسلل بعض البسطاء قبل الإفطار بحوالي ساعة إلا ربع الساعة، ليحجزوا أماكنهم مبكرا.
تبدو وجوه البسطاء حول المائدة مألوفة للعاملين هنا، فغالبية الجالسين هم من أبناء حي السيدة زينب ويحضرون إلى المائدة في كل سنة، أما إذا انتقلنا في اتجاه شارع قدري المجاور، فيظهر زحام في منتصف شارع بورسعيد الرئيسي، حيث تقف سيارة ربع نقل يتجمهر حولها المارة، لأخذ نصيبهم من "التمر هندي"، وقد رفض أصحاب السيارة التصوير أو التحدث معللين ذلك بأنه "عمل خيري"، وأنهم يريدون إنهاء المهمة في أسرع وقت.
مر الوقت، وأصبح متبقيا على لحظة إطلاق مدفع رمضان نصف ساعة، وفي تلك الأثناء يبدو شارع بورسعيد المؤدي إلى ميدان السيدة زينب هادئا، حيث يتلاشى الزحام والصخب، عدا ما يسببه أصحاب الميكروباص الذين استغلوا هذا الهدوء للوقوف بحرية والنداء على الركاب حتى لحظة الإفطار، لكن لا يستجيب لهم إلا القليل.
بعد لحظات تبدو المفارقة واضحة، ففي مقابل تجمهر المارة حول سيارة أهل الخير التي توزع "التمر هندي"، يزداد الزحام في الجهة المقابلة أمام محل "سوبيا توتو" الشهير، من أجل شراء التمر هندي والسوبيا، يقول حسام، الشاب الملتحي الذي يعمل في المحل، أنهم يفتحون أبوابهم منذ الصباح، لكن تظل الساعة الأخيرة قبل الإفطار هي ساعة الذروة في البيع. ينهي حديثه سريعا ثم يتابع طلبات الزبائن، على أمل أن تمر النصف ساعة المتبقية بهدوء.
ووسط شوارع خالية من الزحام عدا زوايا قليلة تضم تجمعات من البشر، تفتح بعض المقاهي أبوابها من بعد صلاة العصر يوميا، على أمل استقطاب الشاردين، ولدى أصحاب المقاهي مبرر قوي لفتح أبوابهم مبكرا، إذ تزامنت بعض مباريات كأس العالم مع الإفطار. وكان مقهى المعلم عماد هو أحد تلك المقاهي المطلة على شارع بورسعيد، حيث يجلس عدد من شباب الحي قبل الإفطار لمشاهدة مباراة لكرة القدم في تصفيات كأس العالم، ويعلق صاحب المقهى قائلا: "طبعا صعب أحاسبهم، عشان ماطلبوش مشاريب .. هستنى لما يفطروا في بيوتهم ويرجعوا لي تاني". ولهذا السبب، ينشغل المعلم عماد عن المقهى بأمر أهم، وهو الوقوف على ناصية الشارع لبيع العصائر والتمر هندي للصائمين.
في الربع ساعة الأخيرة قبل أذان المغرب، تبدو موائد الرحمن في ذروة نشاطها، ويبدأ كل مسؤول عن مائدة في دعوة المارة بكل ترحيب حتى يجلسوا حول مائدته، ذكر لنا أحدهم مبتسما أنه ليس لديه استعداد أن يحتفظ بالوجبات مرة أخرى بعد أن قام برصها على المائدة، وكان الرجل يستوقف المارة في الشارع، مصافحا إياهم يدا بيد ويجذبهم إلى الداخل لتناول الإفطار لديه.. ورغم حالة الترحيب التي يبديها أصحاب موائد الرحمن، إلا أن بعض التجار والحرفيين قد اختاروا البقاء في أماكنهم دون اهتمام واضح بما يحدث حولهم. هكذا اختار محمد أبو النور -على سبيل المثال- أن يجلس في صحبة ولديه، داخل سرادق ملاصق لمسجد السيدة زينب، ليمارس حرفته في صنع فوانيس رمضان، ولا يبدي أي ضجر من الجلوس في مواجهة النار، مستخدما أدواته في تجميع فانوس رمضان، وفي اللحظة التي لم يتبقى فيها على الأذان سوى عشر دقائق، كان السؤال الذين وجهناه إليه هو : أين ستفطر؟ يجيب: "سيأتي الطعام إلينا هنا من مائدة مجاورة". وتابع عمله دون اهتمام، بينما يتجول حوله بعض الشباب المفطرين الذين أخرجوا سجائرهم ودخنوها علنا دون اهتمام بانتقادات الآخرين، أما محمد أبو النور، فظل يعمل حتى لحظة الإفطار دون تعب.
قبل الأذان بدقائق، يجتمع المساكين في قلب ساحة مسجد السيدة زينب، وتتراص أمامهم الوجبات الخيرية، ويتشابه المشهد في الجانب الآخر عند مائدة "فراشة نصار" التي زرناها قبل ساعة من الإفطار، حيث تتجاور وجبات الأرز واللحم على الطاولة، ويبدو التوتر على بعض الوجوه التي انتظرت مدة طويلة قبل الإفطار، ووقع شجار خفيف بين شاب وامرأة بسبب الرغبة في تبديل الأماكن حول المائدة، وهنا تدخل مصطفى نصار المشرف على تنظيم المكان لحل الموقف بشكل سريع.
في الساعة السابعة، يعلو صوت الأذان من مسجد السيدة زينب، ويحاول منظمو موائد الرحمن كسر صومهم ببعض العصير، ويزداد هدوء المكان مع غروب الشمس، بينما ينشغل الجميع في طعامه، عدا شباب يوزعون التمر هندي سريعا، انطلقوا بعدها إلى منازلهم لحضور الإفطار مع عائلاتهم.
**

رمضان .. ذكرى الإقلاع عن التدخين

- د.عصام المغازي: الإفطار على السجائر يزيد من احتمالات الأزمة القلبية

بينما يقاوم المدخنون حاجتهم إلى تدخين سيجارة في نهار رمضان، يحتفل أسامة يوسف بالذكرى السنوية الرابعة لإقلاعه عن التدخين، ومع مجئ شهر رمضان من كل عام، يتذكر كيف استغل فترة الصيام لانتشال نفسه من إدمان السجائر.
"كان أول أسبوعين في رمضان هما الأشد وطأة وصعوبة حين قررت الامتناع نهائيا عن التدخين، ولم تنحصر الصعوبة فقط في احتياج الجسم إلى النيكوتين، بل في تغيير عاداتي المرتبطة بشرب السجائر بشكل مفاجيء". هذا ما يصفه أسامة يوسف - مصمم الجرافيك في التلفزيون المصري - عن تجربته في استغلال شهر رمضان للاقلاع عن التدخين، لكنه بعد نجاحه لسنوات، عاد في اليوم الأول من رمضان الحالي ليكتب على حسابه في موقع تويتر للتدوين القصير قائلا: "النهاردة الذكرى السنوية الرابعة لتبطيلي السجاير .. اللهم دمها نعمة". وتأتي عبارته وسط فيض من الكتابات الساخرة على الانترنت، تعبر عن عجز المدخنين في التعامل مع رمضان. كأن يكرر بعضهم نفس الجملة التي تقول :"ﻳﺎ ﺳﺎﻣﻊ ﺍﻻﻏﺎﻧﻲ، ﻭﻳﺎ ﻣﺪﻣﻦ ﺍﻟﺴﺠﺎﻳﺮ، ﻭﻳﺎ ﻋﺎﺷﻖ ﺍﻟﺰﻣﺎﻟﻚ، ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻓﺮﺻﺘﻚ ﻟﺘﺮﻙ ﻛﻞ ﻫﺬﺓ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ". وآخر يكتب: "مشكلتي مش حتبقى مع السجاير في رمضان نهائي .. مشكلتي حتبقى مع الحشيش".
يقدر عدد المدخنين في مصر بحوالي 14 مليون نسمة، ينفقون حوالي ١٨ مليار جنيه على التدخين سنويا، وذلك حسب أرقام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بينما يصنف الدكتور عصام المغازي، رئيس جمعية مكافحة التدخين والدرن وأمراض الصدر، شرائح المدخنين كالتالي : 82% يدخنون السجائر، و14% يدخنون الشيشة، و4% يدخنون السجائر إلى جانب الشيشة.
وبينما لا يرى كثير من المدخنين في رمضان فرصة للإقلاع عن التدخين، إلا أن قواعد الشهر الكريم تجبر المدخنين على تخفيض استهلاكهم عن الأيام العادية، وهو ما يلاحظه بقوة بعض العاملين في أكشاك بيع السجائر الذين رجح سبعة منهم استطلعت الشروق أراءهم، أن المبيعات تنخفض ما بين 50-75% من حجم المبيعات الأصلي في الأيام العادية . أو على حد قول عرفة محمد الذي يعمل في كشك مطل على شارع القصر العيني بالقاهرة "لا أملأ الأرفف بالسجائر في وردية الليل، بل أبيع ما تبقى من النهار".
ويرى الدكتور عصام المغازي في رمضان فرصة مثالية للإقلاع عن التدخين، إذ أن المدخن الصائم يخوض تجربة الإقلاع الإجباري عن التدخين لأكثر من 16 ساعة، موضحا أن الأعراض الانسحابية التي تصاحب الامتناع عن التدخين تندمج مع الأعراض العادية للإمتناع عن الصيام، ويوضح المغازي أن أعراض الانسحاب من إدمان التدخين ليست خطيرة أو صعبة كما يعتقد البعض، بل أنها لا تظهر عند كل المدخنين.
تلك الأعراض عاشها أسامة يوسف مصمم الجرافيك الذي أقلع عن التدخين قبل سنوات، لكنه تخطاها سريعا بعد أن خاص التجربة بكافة تفاصيلها، وهو ما يوجزه في التالي قائلا: "كنت معتادا على تدخين سيجارة صباحية أمام الكمبيوتر، فغيرت تلك العادة تماما، وبقيت لفترة أتجنب التواجد مع أصدقائي المدخنين، أو الجلوس في أماكن مليئة بالدخان، لقد كانت نيتي الابتعاد التام عن كل ما هو مرتبط بالسجائر".
وفي رحلة إقلاعه عن التدخين، اتخذ أسامة خطوات بينه وبين نفسه، تقاطعت مع برنامج علاج الإدمان الشهير "12 خطوة للتخلص من الإدمان"، مثل الاعتراف بأخطاء تجربة التدخين، والاعتراف بأن هناك من تأذوا من هذه التجربة، خاصة أنه كان مقبل على الزواج في الفترة التي أقلع فيها عن التدخين.
وفي جانب آخر يمارس المدخنون في رمضان عادات أسوأ من عاداتهم في الأيام العادية، وهو ما يحدث مع البعض عقب لحظة الإفطار حين يعقبوا إفطارهم بتدخين السجائر، بل أحيانا ما يتجه البعض إلى أن يكون أول ما يدخل جوفه هو دخان السجائر قبل تناول الطعام . ويحذر الدكتور عصام المغازى، رئيس جمعية مكافحة التدخين من هذا السلوك قائلا: "التدخين بعد الإفطار مباشرة يتسبب في زيادة احتمال الإصابة بأزمات قلبية. كما أن التدخين المتواصل بعد الإفطار يزيد من نسبة أول أكسيد الكربون في الدم، وهذا بدوره أيضا يتسبب في زيادة إحتمالية الإصابة بأزمات قلبية" .
ويستكمل الدكتور عصام المغازي موضحا أنه تحدث فى مصر 170 ألف حالة وفاة سنويا بسبب التدخين، كما يبلغ حجم الانفاق السنوى لعلاج الامراض المترتبة على التدخين ما يقرب من 2.4 مليار جنيه. ثم يختم قائلا: "بما أن المدخن يستطيع ترك السيجارة طوال فترة الصيام، فهذا دليل على أن الإنسان يستطيع توديع هذه العادة القاتلة".
 **
بين الكافيه الراقي والمقهى شعبي .. زبائن تحت تهديد الكهرباء

ما أن بدأت لحظة الإفطار في الكافيه الشهير قرب ميدان لبنان في المهندسين، حتى انقطعت الكهرباء عن الحي تماما، لكن إضاءة هذا الكافيه تحديدا لم تختلف بسبب وجود مولد كهربائي للطواريء أنقذ ما يمكن إنقاذه.
"ليس من العادي أن تنقطع الكهرباء أثناء وجبة الإفطار بهذا الشكل.." العبارة لخالد زكي مدير كافيه ومطعم كارين في المهندسين، الذي لا يخفي نبرة الضيق في حديثه، خاصة فيما يخص انقطاع الكهرباء. ثم يستكمل قائلا:  "بشكل عام، أنا لا أراهن على كثافة الزبائن في وقت الإفطار، خاصة في الأسبوع الأول من رمضان، بل أراهن على تواجد الزبائن في الفترة من بعد الإفطار حتى قبل السحور ".
يمر الوقت داخل الكافيه بشكل عادي بسبب وجود محول الكهرباء الاحتياطي، بينما تبدو الشوارع مظلمة في الخارج وسط أجواء رطبة وارتفاع في درجة الحرارة، وبعد مرور ساعة على الإفطار، ورحيل عدد من الزبائن، تعود الكهرباء من جديد، ليبدأ العاملون في تشغيل التكييفات وزيادة الإضاءة.
لا يتوافر هذا المولد الكهربائي في غالبية الكافيهات، إذ تتراوح أسعاره بين 1500 جنية و 4500 جنية، ولا يتصدى لشرائه سوى كافيهات ومطاعم ذات مستوى راق. ورغم أن هذا الكافيه قد بدأ العمل منذ العام 2003، إلا أن ملامح العمل نفسها قد تغيرت تماما عن ذي قبل، إذ كانت السنوات السابقة على العام 2011 تعتمد على السياحة العربية إلى جانب الزبائن المصريين، أما اليوم فيقتصر الأمر على المصريين فقط.
"كانت الأحوال صعبة في العام الماضي أثناء أعتصامي النهضة ورابعة العدوية، خاصة مع تصاعد اشتباكات الإخوان المسلمين، لكننا الآن بعد عام، نرى الأمور لم تتغير إلى الأفضل، بل أضيف على المشهد مسألة التفجيرات .." يتوقف خالد زكي مدير الكافيه عن حديثه، وينقل الجلسة إلى طاولة أخرى، تاركا المكان لأحد الزبائن المميزين في المكان، ويعلق قائلا: "رهاننا على زبائننا الدائمين".
وبمجرد الخروج من الكافيه إلى ميدان لبنان، ثم السير بمحاذاة منطقة ميت عقبة المجاورة، يظهر تحول واضح في المشاهد، حيث المقاهي البسيطة، التي يغزوها أبناء الحي مع قلة من الغرباء، وفي أحد هذه المقاهي كانت الجلسة مختلفة تماما، إذ تصدر بعض شيوخ الحي الجلسة على أريكة خشبية في واجهة المقهى.
"المشهد هاديء كما ترى، ولا يفسده سوى الألعاب النارية التي يشعلها أطفال الحي". يصف أحد العاملين في مقهى ابن البلد في حي ميت عقبة أجواء الأسبوع الأول من رمضان. وعلى شاشة التلفزيون يتنقل الريموت كنترول بين المحطات الإخبارية، حتى يستقر على أحد المسلسلات الرمضانية. ويفتح المقهى أبوابه من قبل الإفطار بقليل، على أمل أن تعوض فترة العمل الليلي غياب الزبائن الصائمين في فترة النهار، لكن الزبائن يقتصرون هنا على أبناء الحي، إلى جانب بعض العمال الغرباء الذين يستقرون قرب سور نادي الزمالك المجاور.
" أعرض مباريات كأس العام لجذب مزيد من الزبائن، لكن مجئ الزبائن قبل الإفطار بساعة لحضور بعض المباريات، لم يعوض تكاليف المقهى، وفي أول أسبوع في رمضان لا يتحمس كثيرون لقضاء لحظات الإفطار على المقهى، حتى إن تزامن ذلك مع مباريات كأس العالم.". الحديث هنا لمحمود بدر (الشهير بظأطط) مدير مقهى ابن البلد في ميت عقبة. وسواء كان الإفطار في كافيه فخم في حي المهندسين أو في مقهى شعبي في ميت عقبة المجاورة، تظل أزمة انقطاع الكهرباء تلاحق الزبائن، أينما جلسوا.

No comments:

Post a Comment