Thursday, July 31, 2014

الطبقة الوسطى.. حصار بين السياسة والاقتصاد

هبة الليثى: أصحاب الدخل الثابت هم الأكثر تضررا من غلاء الأسعار
تختلف مساحة الطبقة الوسطى لكنها تمثل الأغلبية بين الفقراء والأثرياء

عبدالرحمن مصطفى
قبل أسابيع قليلة من توليه رئاسة الجمهورية، صرح عبدالفتاح السيسى فى لقاء ضمن حملته الانتخابية بأن «الطبقة الوسطى قد تآكلت، حتى أصبح الناس يمارسون الفساد بصورة عادية». لم تكن تلك العبارة سوى بداية جدل يزداد يوما بعد يوم حول مستقبل الطبقة الوسطى، بعد قرارات تخفيض الدعم على الوقود والطاقة. وبينما ينظر الفقير إلى من ينتمون إلى الطبقة الوسطى على أنهم ميسورو الحال، فإن بعض أبناء الطبقة الوسطى يستشعرون القلق من صعوبة المعيشة مقارنة بطموحاتهم، ما يضفى حالة من الضبابية على ملامح هذه الطبقة العتيدة.هناك مشكلة قديمة فى تعريف الطبقة الوسطى، إذ وضع العلماء محددات اختلفت من فريق لآخر، فهناك من اهتم بدراسة دورها فى عملية الانتاج، وهناك من اهتم بدراسة الدخل ومستوى التعليم والحرفية المهنية، لكن تظل الطبقة الوسطى فى النهاية هى الطبقة الوسيطة بين الكادحين والميسورين». الحديث هنا لعمرو عادلى الباحث الاقتصادى فى مركز كارنيجى للسلام العالمى، الذى يوضح أن ملامح الطبقة الوسطى المصرية قد تشكلت فى فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ويضيف قائلا: «فى تلك الحقبة تكونت صورة الطبقة الوسطى بسبب التوسع فى عملية التعليم، واندماج الكثيرين فى الجهاز الإدارى للدولة وفى القطاع العام، أما ظهور القلق على مستقبل هذه الطبقة، فقد بدأ مع فترة التحول إلى النظام الرأسمالى فى عهد السادات، حين لم يعد الموظف الحكومى فقط هو من يعبر عن الطبقة الوسطى».
لم يعد سرا أن فترة الستينيات كانت أكثر الفترات أمانا للطبقة الوسطى المصرية، وهو ما سجلته كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولى فى مايو الماضى، حين ذكرت أن نصيب الطبقة الوسطى المصرية من ثروة المجتمع فى الستينيات، كان أكثر مما هو عليه حاليا. حتى جاءت نهاية السبعينيات فأحدثت هزة عظيمة فى صورة الطبقة الوسطى التقليدية، ويضرب عمرو عادلى الباحث الاقتصادى مثلا على هذه النقطة تحديدا، بما جسدته رواية الحب فوق هضبة الهرم، للكاتب نجيب محفوظ، حين عرضت أزمة شاب ينتمى إلى الطبقة الوسطى، يعمل موظفا حكوميا، ولا يجد وسيلة للزواج بمن يحب، بينما تضطر عائلته تزويج ابنتها من «سباك» لديه القدرة على توفير المسكن والحياة الكريمة.
حسب الأرقام التى أوردها الكاتب جلال أمين فى كتابه «ماذا حدث للمصريين»، فإن الطبقة الوسطى قد تمددت ست مرات فى الفترة من 1952 – 1991، وتبعا لحساباته ــ التى أوردها فى الكتاب نفسه ــ فإن هذه الطبقة كانت تمثل حوالى 19% من المجتمع فى العام 1955، بينما وصلت النسبة إلى 45% فى العام 1991. وتختلف أساليب تقدير نسبة الطبقة الوسطى من المجتمع، وهو ما أوجد تقديرات مختلفة لنسبتها الحالية، إذ تتأرجح تلك التقديرات بين 60% و 84% من المجتمع المصرى، بسبب اختلاف طرق وأساليب تقدير الطبقة الوسطى فى مصر.
تقلبات الزمن
طرح باحثون تصورا لأربعة تقسيمات طبقية فى العام الماضى، ضمن دراسة تحت عنوان: نهج جديد لقياس الطبقة الوسطى، صدرت عن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربى آسيا التابعة للأمم المتحدة «الإسكوا»، معتمدين فيها على قياس حجم الإنفاق والاستهلاك لكل طبقة من تلك الطبقات الأربع، وكانت التقسيمات كالآتى: الطبقة الثرية، والطبقة الوسطى، ثم الطبقة الدنيا المعرضة للخطر، وتأتى الطبقة الفقيرة فى قاع هذا التصنيف. وأظهر العرض البيانى أن ذروة نمو الطبقة الوسطى كانت فى الفترة من سنة 2000 إلى 2005 ، حين بلغت نسبتها 51.8% من المجتمع المصرى، ثم انكمشت بعد ذلك حتى وصلت إلى 44% فى العام 2011. فى حين بلغت نسبة الطبقة الثالثة (المعرضة للخطر) 23.7% من السكان فى العام 2011، وفى ذيل هذا التصنيف، حازت الطبقة الفقيرة على نسبة 25.2% من السكان.
«مع الاجراءات الاقتصادية الأخيرة فى تخفيض دعم الدولة عن الوقود، ومع ازدياد الأسعار، هناك توقع بأن تنتقل كتلة من الطبقة الثالثة المهددة اقتصاديا إلى الطبقة الفقيرة، ومن المتوقع أن يزداد التهديد بشكل خاص لأصحاب الدخل الثابت، الذين لا يملكون فرصا أخرى لتنمية دخلهم». هذا ما تذكره هبة الليثى أستاذة الإحصاء بجامعة القاهرة، وأحد المشاركين فى الدراسة السابقة.
وترى هبة الليثى أن وضع الطبقة الثالثة «المهددة اقتصاديا»، يجعلها أقرب إلى الطبقة الوسطى عن الطبقة الفقيرة، إذ يحدد الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، قيمة خط الفقر القومى بقيمة 327 جنيهًا للفرد فى الشهر، كما حدد احتياج الأسرة المكونة من 5 أفراد لسد احتياجاتها الأساسية بمبلغ 1620 جنيها شهريا، أما ما هو أدنى من ذلك فيندرج ضمن الطبقة الفقيرة.
فى أوقات التهديد الاقتصادى يتحايل أبناء الطبقة الوسطى على الأزمات، مستخدمين فى ذلك عدة أساليب. منها تقليل الأنشطة المكلفة مثل الرحلات والترفيه، وتقليل الاستهلاك فى الغذاء والملبس والمسكن، والبحث عن عمل إضافى، إلى جانب استغلال ما لديهم من اصول ثابتة لجلب الأموال، مثل تأجير العقارات. هذا ما رصده مهدى القصاص أستاذ علم الاجتماع فى جامعة المنصورة فى دراسة سابقة عن الطبقة الوسطى المصرية، ويعلق على تلك النقطة قائلا: «هناك أمور خفية لا تذكر فى الأوراق البحثية أو فى الإحصاء، منها أنه قد يكون هناك اثنان فى مهنة واحدة مثل التدريس، ونجد أحدهم فى المستوى الأدنى من الطبقة الوسطى، والآخر فى مستوى أعلى بسبب ما يربحه بشكل غير رسمى من الدروس الخصوصية.. لذا فإن ملامح الطبقة الوسطى فى مصر معقدة ومتشابكة». هذا ما يذكره مهدى القصاص أستاذ الاجتماع.
وبمقارنة الطبقة الوسطى مع الطبقة الفقيرة، تتضح بعض نقاط القوة لدى أبناء الطبقة الوسطى، توفر لهم القدرة على مواجهة التقلبات الاقتصادية، منها ميزة التعليم، إذ لا تتجاوز نسبة الفقر بين الجامعيين سوى 8%، بينما تبلغ نسبة الفقر بين الأميين 37%، وكذلك نجد أن 60% من أبناء الطبقة الفقيرة يعملون خارج المنشآت الخاصة أو الحكومية، ما يمثل تهديدا دائما فى أرزاقهم، بينما تقل النسبة إلى 36% فى الطبقتين الوسطى والغنية. وذلك حسب بيانات بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء.
وبينما تمتد الطبقة الوسطى لتشمل ملايين العاملين فى الحكومة والمهن الحرة والقطاع الخاص، إلا أن اهتمام الحكومات غالبا ما ينصب على فئة العاملين فى الحكومة، فهم الكتلة القديمة للطبقة الوسطى التى أسستها الدولة، وهى الفئة التى حاولت الدولة طمأنتها بنواياها فى تطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور، ويعلق عمرو عادلى الباحث الاقتصادى فى مركز كارنيجى للسلام العالمى قائلا: «من أسوأ ما نراه فى بلد يعانى اقتصاديا مثل مصر، هو سلوك الشريحة العليا من الطبقة الوسطى، التى استنزفت الدعم الحكومى، فى الوقت الذى يغيب فيه صوت الفقراء عن المشهد».
 **
طبقة الأفندية.. مصلحتك أولا

تكاد تنحصر صورة الطبقة الوسطى قبل ثورة 23 يوليو فى صورة الأفندى الذى يناضل ضد الاحتلال البريطانى، وهى الصورة التى كررتها العديد من الأعمال الأدبية والدرامية.. لكن الواقع لما يكن بهذه المثالية، فكثيرا ما كان يفكر أبناء الطبقة الوسطى فى مصلحتهم أولا على حساب من هم أدنى فى السلم الاجتماعى. وفى دراسة تحت عنوان «الطبقة الوسطى المصرية بين الوعى الطبقى والوعى الاجتماعى» ذكر المؤرخ الراحل رءوف عباس أن أبناء الطبقة الوسطى لم يحرصوا بجدية على النهوض بالطبقات الدنيا والفقراء فى المجتمع، بل اهتموا بضمان استقرار مصالحهم.
لذا فإن صورة الأفندى المناضل بالبدلة والطربوش، لم تكن معبرة عن الموقف العام للطبقة الوسطى كلها، وهو ما يتشابه حاليا مع ما رآه البعض فى ثورة 25 يناير واعتبارها ثورة الطبقة الوسطى، إذ يرى آخرون أنها لم تعبر سوى عن شريحة منها، وأن الطبقة الوسطى على مدار التاريخ كانت أعقد من أن يكون لها موقف سياسى واحد.
«حين نتحدث عن الطبقة الوسطى، فنحن لا نتحدث عن طبقة لها موقف سياسى موحد، فطوال الوقت كانت هناك فئات موالية للسلطة، وأخرى معارضة تعيش حالة من التهميش، كذلك فإن الطبقة الوسطى لا تتبنى ثقافة واحدة، بحكم الاختلافات الموجودة داخلها». هكذا يصف عاصم الدسوقى أستاذ التاريخ الحديث فى جامعة حلوان، تطور الطبقة الوسطى منذ نشأتها الأولى. ويعتبر أن نشأتها الحقيقية قد تزامنت مع فترة حكم محمد على، حين تلقى أبناؤها الأوائل تعليما مهنيا متخصصا، وخاض بعضهم تجربة الدراسة فى الخارج، ثم احتوتهم الدولة فى إداراتها، فى حين ساءت أحوال هذه الطبقة فى فترة الاحتلال البريطانى، حين فرضت سلطات الاحتلال رسوما على التعليم.
أما إذا ما بحثنا عن جذور أقدم للطبقة الوسطى المصرية، فتصف نيللى حنا أستاذ الدراسات العثمانية فى الجامعة الأمريكية، أحوال هذه الطبقة فى كتابها «ثقافة الطبقة الوسطى فى مصر العثمانية»، حيث تعرض نقاطا مهمة ميزت تلك الطبقة قبل أكثر من ثلاثة قرون، مازال بعضها ممتدا حتى الآن، وأولى هذه المزايا هى تقدير العلم، بل وحرص بعض العائلات على اقتناء الكتب، أما فى مواقفها السياسية، فإن بعض أبناء هذه الطبقة قد شاركوا «العامة» أحيانا فى احتجاجاتهم على الولاة، لكن كل ذلك ظل فى نطاق ضيق بحكم صغر هذه الطبقة، مقارنة بالعصور التالية.
ويعود الدكتور عاصم الدسوقى أستاذ التاريخ الحديث فى جامعة حلوان، ليوضح أن ثقافة الطبقة الوسطى السياسية قبل 100 عام، ما زالت لها تأثيرها حتى اليوم، فهى مزيج من تأثر بالحضارة الغربية والأفكار الليبرالية، وحضور للفكر الدينى، إلى جانب الارتباط بالعادات والتقاليد والنزعة المحافظة، وأخيرا فى وجود تيار اشتراكى لدى بعض الفئات.
وتلقت الطبقة الوسطى اتهامات بأنها تخلت عن الاصطفاف حول مشروع قومى بعد سياسة الانفتاح الاقتصادى فى نهاية عهد السادات، وأنها سعت إلى التركيز على مصالح أفرادها، دون إبراز ولاء أو تضحيات وطنية، وهو ما يجعل أبناء الطبقة الوسطى فى مرمى النيران طول الوقت، بين من يعلى من دورها الوطنى، وآخرون يرونها قد تخلت عن هذا الدور إلى الأبد.

«مستورة الحمدلله» شعار من هبطوا إلى الحد الأدنى

الأزمات المالية تتطلب مهارات جديدة فى مواجهة الحياة

تبدلت حياة أمل يوسف، الأرملة الخمسينية، حين ألقت بها الظروف الاقتصادية من حياة مستقرة فى سكن راق إلى ظروف أسوأ، جعلتها ضمن الشريحة الأدنى من الطبقة الوسطى، فبعد أن ساهمت فى تعليم ابنتها الوحيدة فى مدرسة خاصة، وعاشت حياة اجتماعية أكثر ثراء، أصبح دخلها الحالى مقتصرا على 1200 جنيه شهريا، هو قيمة معاش زوجها المتوفى، أما السبب الرئيسى الذى أطاح بها إلى مستوى المعيشة الأقل، فهو فقدانها نصيبها الشرعى من ميراث الزوج نتيجة خلافات عائلية.
«أدعو الله أحيانا ألا يتعرض أحد لتجربتى فى الانتقال من حياة متيسرة إلى حياة أفقر، فأنا الآن أبحث عن الصبر فى سيرة الرسول الكريم، الذى كان يمر بفترات لا يُطهى فيها الطعام فى منزله لأسابيع ويكتفى بالتمر والماء». هكذا تلخص أمل قصتها وهى تحاول أن تتعايش مع نمط حياة جديد، يعتمد على دخل محدود، لكنها تحاول طول الوقت أن تبتعد عن نمط حياة البسطاء ما جعلها على غير دراية بإمكانية الحصول على ما توفره الدولة من دعم قد يساندها فى معيشتها، لذا فقد حاولت الاعتماد على نفسها بشكل كامل. على سبيل المثال فهى لم تلتفت إلى أهمية إصدار بطاقة تموينية تساعدها فى الحصول على سلع مدعمة، رغم استحقاقها ذلك، وتنفق أمل على حد قولها 900 جنيه شهريا على السكن والمعيشة، حيث تسكن فى مساكن التعاونيات فى مدينة السادس من أكتوبر، ولا يتبقى لها من فرص زيادة الدخل سوى بعض الأعمال الخاصة التى كانت توفر لها حوالى 500 جنيه إضافية، وهو ما فقدته مؤخرا.
«ما حدث معى أنه قد استغل بعض أقارب زوجى فترة مرضه، وأجبروه على توقيع تنازل عن ممتلكاته، ولم يعد لى سوى معاشه، وحتى الآن ما زلت مصدومة من أنه لا توجد وسيلة فى القانون تحمى الأرملة فى مثل هذه المواقف، حين تجد نفسها محرومة من حقها الشرعى فى الميراث». تستكمل أمل يوسف حديثها، موضحة المعاناة التى يمر بها من يعيش ضمن الشريحة العليا فى الطبقة الوسطى، وتجبره الظروف على النزول إلى الشريحة السفلى من نفس الطبقة، لذا بدأت أزمتها حين رفضت فكرة السكن فى منطقة عشوائية، كى لا تضغط على ابنتها نفسيا التى تدرس فى المرحلة الجامعية»، أصبحت أفكر عدة مرات قبل الذهاب إلى الطبيب، بسبب ما قد يتطلبه الأمر من مصاريف وأدوية، وأنا لم أعتد على طلب المساعدة من أحد». رغم هذه التطورات فى حياتها، فهى لا تعتبر نفسها من أبناء الطبقة الفقيرة.
وتوضح مؤشرات «بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك» الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، أن قيمة خط الفقر القومى هو 327 جنيهًا للفرد فى الشهر، أى أن أسرة صغير مكونة من أرملة وابنتها مثل أسرة أمل يوسف، لا تندرج ضمن الأسر الفقيرة، بل يمكن تصنيفها بأنها فى الشريحة الدنيا من الطبقة المتوسطة، وبسبب حيرتها فى كيفية التعايش مع هذا الوضع المادى الطارئ، بدت زاهدة فى الحصول على ما توفره الدولة من الدعم.
«مصاريف الكلية التى التحقت بها ابنتى تتكلف 3000 جنيه سنويا، واستطعت توفيرها العام الماضى، لكنى لا أستطيع التفكير فى أن أجعلها تخوض تجربة إجراء بحث اجتماعى على أسرتها من أجل تخفيض المصاريف أو الاعفاء منها، الحياة مستورة الحمدلله». وهنا تتحدث وكأنها ما زالت فى مستواها الاجتماعى السابق، وهو ما يزيد من إحساسها بأزمة ميسورى الحال، حين يمرون بأزمات مالية عنيفة.
حاولت أمل أن تدشن مشروعاتها الخاصة، واندمجت فى عالم الانترنت قليلا من أجل تسويق منتجاتها، وكانت أولى تجاربها مع تجهيز الخضار للنساء العاملات كى يتم تجميده وإعادة استخدامه فى أى وقت، وكانت تبيع الكيس الواحد أقل من سعر كيس الخضار المجمد من انتاج المصانع بحوالى 9 جنيهات، لكن تحريك الأسعار وقلة خبرتها فى إدارة مثل هذه المشروعات، جعلها تخفق فى التجربة، حيث لم تستطع أن تضع سعرا ثابتا لمنتجاتها مع تحرك الأسعار، أو إيجاد الزبائن، فى الوقت الذى يقدم فيه بعض النساء الريفيات نفس الخدمة، ويبيعونها فى الشارع.
بعدها انتقلت إلى تجربة أخرى فى صنع ملابس المطبخ، لكنها لم تنجح فى تسويقها، بسبب اعتماد المحلات على الصناعات الصينية، وتشبع السوق بها.
«حاولت حشد مجموعات على الانترنت من أجل إقامة مشروعات تجارية تفيد أمثالى، لكن المشكلة هى ضعف العزيمة، على عكس ما وجدته من نجاح فى مشروعات السوريين التجارية فى مدينة 6 أكتوبر التى أعيش فيها حاليا». وفى حديثها تطرح أفكارا عن ضرورة أن يكون هناك سكن حكومى لشرائح من المجتمع، مثل الأرامل، وأن يكون هناك اهتمام حكومى بتعليم أمثالها كيفية كسب الأموال، دون الاعتماد على دعم عينى.
تستعيد أمل ذكريات سنوات قضتها فى حياة أفضل من حياتها الحالية، وليس أمامها سوى حلم وحيد، يوفر لها الانتقال إلى درجة أعلى فى الطبقة الوسطى، بأن تقيم مشروع حضانة للأطفال، يلائم ثقافتها، ويوفر لها دخلا أكبر.
**
أثرياء الطبقة الوسطى

بعد تحريك أسعار بعض السلع وارتفاع سعر الوقود، كتب أحمد فراج الشاب الثلاثينى بعض المصروفات التى تنفقها أسرة من الطبقة الوسطى التى ينتمى إليها، ونشر هذه التقديرات على حسابه الخاص فى شبكة فيسبوك. وفى دقائق تبادل المئات ما كتبه الشاب الذى يعمل فى أحد البنوك المصرية، وتوالت ردود الأفعال المعادية تجاهه، واعتبروا ما كتبه نوعا من الاستفزاز لهم، وأن أمثاله لا يندرجون تحت بند الطبقة الوسطى.
كان ضمن ما كتبه، أن أبناء طبقته ينفقون على تعليم أبنائهم من 15 ألفا إلى 50 ألف جنيه سنويا كمصاريف دراسية، وغالبا ما يمتلك كل من الوالدين سيارة شخصية، وتتكلف مصاريف الطعام فى المنزل حوالى 2000 جنيه شهريا. وقد صدمت هذه الأرقام العديد من مستخدمى الفيسبوك، خاصة حين ذكر الشاب بعض المصاريف الجانبية، مثل السفر سنويا للتصييف فى الساحل الشمالى مقابل 4000 جنيه، أو شراء حذاء رياضى ثمنه من 400 إلى 700 جنيه.
وكتب فى ختام ما ذكره قائلا: «كل الحاجات دى، والمصاريف دى، وييجى واحد يقولك زيادة البنزين هتقضى على الطبقة المتوسطة !!».
لم يكن يدرك أن كلماته سيتناقلها الآلاف والعديد من صفحات الفيسبوك وتويتر، حتى نال نصيبه من التعليقات التهكمية، واضطر إلى حذف ما كتبه، وكتابة توضيح أشد قسوة قائلا إن ما ذكره لم يبتعد عن الواقع الذى يعيشه، هو وأصدقاؤه من الطبقة الوسطى، ثم كتب بعدها واصفا أسلوب معيشة الأثرياء، الذين لن يصل أبدا لمستواهم.

No comments:

Post a Comment