عبد الرحمن مصطفى
لم تختلف ملامح المدرعة العسكرية فى زمن حرب أكتوبر كثيرا عن ملامحها الحالية، ما اختلف هو مواقعها حين تنطلق التحركات العسكرية وسط شوارع المدينة، وهو ما جعل صورة المدرعة التى التقطها مصور مثل «تونى فارس» فى عام 1973 مختلفة تماما عن صور المدرعات الحالية حيث المظاهرات والاشتباكات، وهو واقع جديد فى عالم التصوير لم يكن موجودا قبل عدة أشهر فقط.
فى داخل مبنى جريدة الأهرام اليومية يبدو تونى فارس (82 سنة) متصالحا مع تجربته الثرية فى التصوير الصحفى، إذ يحرص على الحضور مبكرا وسط زملائه الأصغر سنا رغم بلوغه سن المعاش منذ أكثر من 20 سنة، ويروى عن تجربة التصوير فى زمن الحرب قائلا: «كان يتم إخطارنا عبر الجريدة من الشئون المعنوية بالقوات المسلحة عن إقامة مناورة أو عملية عسكرية مرتقبة، وكان علينا الالتزام التام بصحبة مرافقينا وعدم الارتجال أثناء التصوير بعيدا عن أهدافنا». التقط تونى فارس صورا فى زمن حرب أكتوبر 1973 ولمناسبات عسكرية أخرى مثل مفاوضات تسلم مدينة طابا وحرب تحرير الكويت عام 1991، وعلى مدى سنوات كان المجال العسكرى أبرز مجالات التصوير الصحفى لديه، وهو ما جعله يحرص حتى اليوم أثناء شرحه لقواعد العمل مع القوات المسلحة أن يبرز أهمية الالتزام بالقواعد الرقابية على النشر، أما تعليقه على الواقع الجديد الذى أصبحت فيه المدرعات تجول فى شوارع المدينة، فيصفه قائلا: «الدنيا اختلفت تماما.. والسياسة التحريرية للصحف المستقلة أصبحت مختلفة عن الماضي»، لكنه يستدرك أن القواعد المعمول بها فى نشر الصور التى تخص القوات المسلحة ما زال مفعولها ساريا.
لم تعد حركة المدرعات والجنود مثلما كانت من قبل، فقد صرج اللواء حسن الروينى ــ عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة ــ بأن : مدرعات الجيش تجوب شوارع القاهرة الكبرى ليلا فى سرية تامة لمواجهة الخارجين عن القانون. وهو ما يفرض واقعا جديدا قد يواجه المصور الصحفى. يتذكر عمرو نبيل ــ نائب رئيس شعبة المصورين بنقابة الصحفيين ــ تغطيته لأحداث السفارة الإسرائيلية فى 9/9 الماضى معلقا: «يبدو الأمر كمعضلة.. الأحداث أحيانا ما تجبر المصور على تصوير مدرعات وتحركات عسكرية داخل المدينة، بل قد تقام مظاهرات أمام منشآت عسكرية». هذه المعضلة صنعت ارتباكا فى الأسابيع الماضية، منها احتجاز إعلاميين وناشطين بسبب قيامهم بالتصوير بجوار منشآت عسكرية، منها على سبيل المثال اعتقال طاقم قناة «أون تى فى» أثناء تغطية تليفزيونية، واعتقال الناشطة سحر ماهر وتحويلها للقضاء العسكرى بسبب التصوير بكاميرا الهاتف المحمول أثناء وقفة احتجاجية أمام مبنى المحكمة العسكرية، ورغم إخلاء سبيل أصحاب هاتين الواقعتين فإن هناك من لايزالون قيد الحبس، هذه المواقف الجديدة تحتم على المصور المحترف نوعا من الذكاء حسبما يصف عمرو نبيل: «من الحمق أن يتسلل أحد المصورين لالتقاط صور لمنشأة عسكرية، لكن وسط حادث مثل التظاهر أمام منشأة عسكرية فإن المصور يقوم بدوره بعيدا عن أى أهداف أخرى، فهو موجود لتغطية حدث وتوثيقه، وأغلب المصورين المحترفين يدركون هذا الفارق بين الواجب المهنى وما يهدد الأمن القومى».
أعادت أحداث السفارة الإسرائيلية ثم أحداث ماسبيرو بعدها أهمية الصورة، حين أصبح المصور عينا ترصد الواقعة بكل تفاصيلها وسط اشتباكات بين الشرطة المدنية والشرطة العسكرية من جانب والمتظاهرين من جانب آخر، وهى حالة جديدة فى تعامل العدسات مع الأجواء العسكرية بعيدا عن القواعد التقليدية المعتادة، وفى السياق نفسه تبادل عدد من مستخدمى الإنترنت صورة ضوئية لفاكس منسوب إلى إدارة الشئون المعنوية فى القوات المسلحة تم توجيهه إلى صحيفة مصرية يؤكد ضرورة الحصول على تصريح مسبق قبل النشر فيما يتعلق «بأنشطة القوات المسلحة، أو بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأعضائه، أو نشر موضوعات تتصل بالأمن القومى المصرى»، وهو ما ينطبق على الصور أيضا.
بعيدا عن هذه التفاصيل فإن الخطر الذى يواجه المصور أحيانا ما يقع لمجرد وجوده فى موقع الحدث، وهو ما تعرض له فادى الصاوى طالب معهد السينما، إذ اعتقل من شارع مجاور للسفارة الإسرائيلية فى يوم 9/9 رغم عدم حيازته آلة تصوير فى هذه الأثناء، ولم تنجح محاولات إقناعه ضباط الشرطة العسكرية بأنه يحمل «كارنيه» لممارسة التصوير، وتعرض للحبس بعدة اتهامات ثم تم إخلاء سبيله بعد الضغط الإعلامى ومساندة زملائه الطلبة.
يعلق فادى الصاوى على هذه التجربة قائلا: «المشكلة فى ذلك اليوم أننى لم أعتقل بسبب التصوير، لقد تم القبض على بشكل عشوائى، ولم تكن معى الكاميرا فى تلك اللحظة «. يتذكر فادى أحداث ذلك اليوم جيدا حين كان إلى جواره شاب آخر يدعى ــ ياسر توفيق ــ يهوى التصوير بكاميرا المحمول، اعتقل فى اليوم نفسه ولايزال محتجزا حتى الآن، أما بالنسبة لفادى فهى أول تجربة اعتقال منذ أن احترف التصوير قبل ثلاث سنوات التقط فيها صورا أثناء الاشتباكات مع الأمن فى فترتى ما قبل الثورة وبعدها.
تلك الأجواء القلقة تبدو مختلفة عن تجربة جيل «تونى فارس» المخضرم الذى عمل فى صف الجانب العسكرى من أجل فرصة مناسبة للتصوير، رغم المتاعب التى تعرض لها أبناء جيله، وأشهرها استشهاد المصور حسن عبدالقادر من جريدة الجمهورية على جبهة الحرب فى عام 1970 أثناء تغطية صحفية.
ويروى المصور عمرو نبيل ملمحا آخر فى تغطية الاشتباكات العسكرية خارج مصر، إذ قام بتغطية حروب إريتريا وأثيوبيا وحرب العراق، مؤكدا أن قواعد التعامل مع العسكريين فى تلك المواقف تضع المصور فى موقف شبيه بالعاملين فى هيئة الصليب الأحمر كفئة محايدة لها مهمة وليست فى عداء مع أحد. ويعلق قائلا: «حين تجد نفسك ضمن فريق من المصورين داخل حاملة طائرات عسكرية، فهناك قواعد أخرى، منها ألا تعرف مسار الرحلة أو موعد الوصول، أو أن ترسل المواد أحيانا عبر البريد الإلكترونى بواسطة الجهة التى تقيم على أراضيها». فى مثل هذه المهام تكون احتكاكات المصور مع العسكريين بهدف التنسيق، ومن هنا يدرك عمرو نبيل الصعوبة التى مر بها الجيل السابق من مصورى حروب الاستنزاف وأكتوبر نظرا لسرية العمليات آنذاك.
فى داخل مبنى جريدة الأهرام اليومية يبدو تونى فارس (82 سنة) متصالحا مع تجربته الثرية فى التصوير الصحفى، إذ يحرص على الحضور مبكرا وسط زملائه الأصغر سنا رغم بلوغه سن المعاش منذ أكثر من 20 سنة، ويروى عن تجربة التصوير فى زمن الحرب قائلا: «كان يتم إخطارنا عبر الجريدة من الشئون المعنوية بالقوات المسلحة عن إقامة مناورة أو عملية عسكرية مرتقبة، وكان علينا الالتزام التام بصحبة مرافقينا وعدم الارتجال أثناء التصوير بعيدا عن أهدافنا». التقط تونى فارس صورا فى زمن حرب أكتوبر 1973 ولمناسبات عسكرية أخرى مثل مفاوضات تسلم مدينة طابا وحرب تحرير الكويت عام 1991، وعلى مدى سنوات كان المجال العسكرى أبرز مجالات التصوير الصحفى لديه، وهو ما جعله يحرص حتى اليوم أثناء شرحه لقواعد العمل مع القوات المسلحة أن يبرز أهمية الالتزام بالقواعد الرقابية على النشر، أما تعليقه على الواقع الجديد الذى أصبحت فيه المدرعات تجول فى شوارع المدينة، فيصفه قائلا: «الدنيا اختلفت تماما.. والسياسة التحريرية للصحف المستقلة أصبحت مختلفة عن الماضي»، لكنه يستدرك أن القواعد المعمول بها فى نشر الصور التى تخص القوات المسلحة ما زال مفعولها ساريا.
لم تعد حركة المدرعات والجنود مثلما كانت من قبل، فقد صرج اللواء حسن الروينى ــ عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة ــ بأن : مدرعات الجيش تجوب شوارع القاهرة الكبرى ليلا فى سرية تامة لمواجهة الخارجين عن القانون. وهو ما يفرض واقعا جديدا قد يواجه المصور الصحفى. يتذكر عمرو نبيل ــ نائب رئيس شعبة المصورين بنقابة الصحفيين ــ تغطيته لأحداث السفارة الإسرائيلية فى 9/9 الماضى معلقا: «يبدو الأمر كمعضلة.. الأحداث أحيانا ما تجبر المصور على تصوير مدرعات وتحركات عسكرية داخل المدينة، بل قد تقام مظاهرات أمام منشآت عسكرية». هذه المعضلة صنعت ارتباكا فى الأسابيع الماضية، منها احتجاز إعلاميين وناشطين بسبب قيامهم بالتصوير بجوار منشآت عسكرية، منها على سبيل المثال اعتقال طاقم قناة «أون تى فى» أثناء تغطية تليفزيونية، واعتقال الناشطة سحر ماهر وتحويلها للقضاء العسكرى بسبب التصوير بكاميرا الهاتف المحمول أثناء وقفة احتجاجية أمام مبنى المحكمة العسكرية، ورغم إخلاء سبيل أصحاب هاتين الواقعتين فإن هناك من لايزالون قيد الحبس، هذه المواقف الجديدة تحتم على المصور المحترف نوعا من الذكاء حسبما يصف عمرو نبيل: «من الحمق أن يتسلل أحد المصورين لالتقاط صور لمنشأة عسكرية، لكن وسط حادث مثل التظاهر أمام منشأة عسكرية فإن المصور يقوم بدوره بعيدا عن أى أهداف أخرى، فهو موجود لتغطية حدث وتوثيقه، وأغلب المصورين المحترفين يدركون هذا الفارق بين الواجب المهنى وما يهدد الأمن القومى».
أعادت أحداث السفارة الإسرائيلية ثم أحداث ماسبيرو بعدها أهمية الصورة، حين أصبح المصور عينا ترصد الواقعة بكل تفاصيلها وسط اشتباكات بين الشرطة المدنية والشرطة العسكرية من جانب والمتظاهرين من جانب آخر، وهى حالة جديدة فى تعامل العدسات مع الأجواء العسكرية بعيدا عن القواعد التقليدية المعتادة، وفى السياق نفسه تبادل عدد من مستخدمى الإنترنت صورة ضوئية لفاكس منسوب إلى إدارة الشئون المعنوية فى القوات المسلحة تم توجيهه إلى صحيفة مصرية يؤكد ضرورة الحصول على تصريح مسبق قبل النشر فيما يتعلق «بأنشطة القوات المسلحة، أو بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأعضائه، أو نشر موضوعات تتصل بالأمن القومى المصرى»، وهو ما ينطبق على الصور أيضا.
بعيدا عن هذه التفاصيل فإن الخطر الذى يواجه المصور أحيانا ما يقع لمجرد وجوده فى موقع الحدث، وهو ما تعرض له فادى الصاوى طالب معهد السينما، إذ اعتقل من شارع مجاور للسفارة الإسرائيلية فى يوم 9/9 رغم عدم حيازته آلة تصوير فى هذه الأثناء، ولم تنجح محاولات إقناعه ضباط الشرطة العسكرية بأنه يحمل «كارنيه» لممارسة التصوير، وتعرض للحبس بعدة اتهامات ثم تم إخلاء سبيله بعد الضغط الإعلامى ومساندة زملائه الطلبة.
يعلق فادى الصاوى على هذه التجربة قائلا: «المشكلة فى ذلك اليوم أننى لم أعتقل بسبب التصوير، لقد تم القبض على بشكل عشوائى، ولم تكن معى الكاميرا فى تلك اللحظة «. يتذكر فادى أحداث ذلك اليوم جيدا حين كان إلى جواره شاب آخر يدعى ــ ياسر توفيق ــ يهوى التصوير بكاميرا المحمول، اعتقل فى اليوم نفسه ولايزال محتجزا حتى الآن، أما بالنسبة لفادى فهى أول تجربة اعتقال منذ أن احترف التصوير قبل ثلاث سنوات التقط فيها صورا أثناء الاشتباكات مع الأمن فى فترتى ما قبل الثورة وبعدها.
تلك الأجواء القلقة تبدو مختلفة عن تجربة جيل «تونى فارس» المخضرم الذى عمل فى صف الجانب العسكرى من أجل فرصة مناسبة للتصوير، رغم المتاعب التى تعرض لها أبناء جيله، وأشهرها استشهاد المصور حسن عبدالقادر من جريدة الجمهورية على جبهة الحرب فى عام 1970 أثناء تغطية صحفية.
ويروى المصور عمرو نبيل ملمحا آخر فى تغطية الاشتباكات العسكرية خارج مصر، إذ قام بتغطية حروب إريتريا وأثيوبيا وحرب العراق، مؤكدا أن قواعد التعامل مع العسكريين فى تلك المواقف تضع المصور فى موقف شبيه بالعاملين فى هيئة الصليب الأحمر كفئة محايدة لها مهمة وليست فى عداء مع أحد. ويعلق قائلا: «حين تجد نفسك ضمن فريق من المصورين داخل حاملة طائرات عسكرية، فهناك قواعد أخرى، منها ألا تعرف مسار الرحلة أو موعد الوصول، أو أن ترسل المواد أحيانا عبر البريد الإلكترونى بواسطة الجهة التى تقيم على أراضيها». فى مثل هذه المهام تكون احتكاكات المصور مع العسكريين بهدف التنسيق، ومن هنا يدرك عمرو نبيل الصعوبة التى مر بها الجيل السابق من مصورى حروب الاستنزاف وأكتوبر نظرا لسرية العمليات آنذاك.
اليوم يعيش المصور الثمانينى تونى فارس بقلب مرتاح تجاه القواعد المعمول بها فى التصوير مع الجهات العسكرية بحكم المهنية، أما فادى الصاوى الذى لم يتجاوز العشرين فيقول: « تجربة الاعتقال لن تمنعنى من التصوير مرة أخرى فى أحداث ملتهبة أيا كانت ملابساتها، لأننى جربت أن أعتقل دون سبب واضح.. ربما أتفرغ للتصوير السينمائى فى الفترة المقبلة، لكن لن أضع سقفا لرغبتى فى التصوير». بينما يرى عمرو نبيل ــ نائب رئيس شعبة المصورين بنقابة الصحفيين ــ أن هناك أمر آخر بدأ يزيد من خطورة التصوير وهو مواقف الناس التى أصبحت أكثر عنفا وجرأة، فى رأيه أنه لم تعد المدرعة هى علامة الإنذار والحذر، هناك أيضا شريحة من الجماهير قد تكون أخطر، ويختم قائلا: «الفيصل فى القيود على المصور الصحفى هو القواعد المهنية التى تحددها المؤسسات، فهى من يعاقب ويقيّم العمل ويؤكد مصداقيته قبل النشر، واليوم قد يكون لنا زملاء من المدونين أو المصورين الهواة يحملون كاميراتهم ويخاطرون، لكنهم فى النهاية غير محاسبين على ما ينتجونه من صور.. لذا فالخط الأحمر هو المهنية».
سواء كان الفيديو المنشور هو «تصوير لقاءات مع محتجزين داخل مدرعة عسكرية» أو «نشر أحداث جلسة محاكمة مبارك» فكلها تبدو مغامرات لن يجريها الإعلام التقليدى، لكنها أكثر قبولا فى عالم «صحافة المواطن» على الإنترنت. وهو ما نفذه الناشط السياسى والإعلامى عبدالرحمن عز فى تصويره شهادات من داخل مدرعة عسكرية بعد اعتقاله أثناء فض اعتصام التحرير فى أول أغسطس الماضى. يعمل عبدالرحمن عز مقدما لبرنامج فى قناة 25 يناير الفضائية، لكن على الإنترنت فهو يتحرك كمواطن صحفى ينشر تفاصيل المظاهرات والاعتصامات على الانترنت. ويقول عن ذلك: «على الإنترنت أسعى نحو الدقة بأن يكون لدى الدليل على ما أنشر، ومع ذلك أنا لا أخفى مواقفى المنحازة إلى الثورة، حتى إن اعتبرها البعض تحريضية»، هذا الموقف الواضح عبّر عنه على الإنترنت حين كتب: «إن كنت تخشى الكاميرا، فلابد أن لديك ما تخشاه». وهى العبارة التى رأى فيها أن كل شىء قابل للتصوير والتغطية الصحفية دون خطوط حمراء، إذ يرى أن «الشعب هو الحط الأحمر الوحيد».
عبدالرحمن عز، أحد مصابى ثورة 25 يناير، كان ضمن الأماكن التى راسلها كمواطن صحفى هى شبكة رصد الإخبارية، ويعلق مصطفى علاء مسئول فريق المراسلين بالشبكة على طريقة العمل الداخلى: «طموحنا أن نكون وكالة أنباء شعبية، وأكبر القيود التى تواجهنا هى توثيق ما يأتينا من مواد». على حساب الشبكة فى موقعى تويتر وفيسبوك هناك أخبار وصور لأحداث ساخنة أثناء اشتباكات قوات الأمن مع المتظاهرين، وأحيانا لمعارك ومشاجرات داخل أحياء المدن. وحسبما يرى مصطفى علاء ــ الطالب بكلية هندسة المنصورة ومسئول فريق المراسلين ــ فإن الشبكة تقف فى صف مراسليها فى حالة تعرضهم للاعتقال، ويقول معلقا: «نحاول أن نحصل على أخبار غير منحازة، لكن أحيانا ما يتعاون معنا شباب لديهم مواقف سياسية، ومهمتنا هنا الاختيار الصحيح والتوجيه أحيانا».
يشير تعبير صحافة المواطن إلى نقل الأخبار والمشاهد والصور عبر الإنترنت من خلال العمل بعيدا عن المؤسسات الإعلامية والصحفية التقليدية. وتتيح بعض المواقع أدوات التعلم على استخدام الإنترنت فى تحرير الأخبار بشكل شخصى، وكذلك التدريب عبر الفيديو عن التصوير والتغطيات الصحفية. أحد من تعلموا التصوير عبر الانترنت هو المدون مصطفى الششتاوى، أحد من غطوا بالصورة أحداث السفارة الإسرائيلية، وبحكم نشاطه السابق فى العمل الطلابى ما زال يصل إلى بعض الأخبار والتفاصيل وتصويرها قبل الصحافة التقليدية. ويقول: «لا أشعر أن هناك سقفا أو حدا أقصى أفكر فيه أثناء التصوير أو الكتابة..». لم يكن نقل تفاصيل جلسة مبارك أو التصوير أمام مديرية أمن الجيزة هو الخطوط الحمراء التى اقترب منها الششتاوى بل هناك خط آخر تجاوزه فى الجامعة الألمانية حيث كان يدرس الهندسة قبل تخرجه هذا العام، إذ كان ينقل آراءه عن الإدارة على الإنترنت وهو ما تسبب فى التضييق عليه قبل التخرج وهو ما كتب عنه فى مدونته.
الاقتراب من الخطوط الحمراء لا يعنى تجاوز القانون فى نظر الششتاوى، فعلى سبيل المثال كان يفكر فى مشروع لنقل محتوى بعض المدونات إلى صحيفة ورقية يصدرها لكنه تراجع بسبب جهله بالإجراءات القانونية المطلوبة فى مثل هذه الحالة، القلق نفسه من تجاوز القانون يدركه الناشط السياسى عبدالرحمن عز، خاصة أنه يعمل فى قناة فضائية، إذ يقول: «ما يحدث فى الإعلام التقليدى سواء من تجاوزات أو غياب المصداقية سببه عدم وجود مواثيق شرف مكتوبة بين الإعلاميين». عدا ذلك يطمح عبدالرحمن عز أن يرى تدريبا على صحافة المواطن عبر الإنترنت فى المؤسسات التعليمية كسلاح فى يد المواطن ينقل به الحقيقة. أما مصطفى الششتاوى فيعلق قائلا: «كلما ازداد عدد الصحفيين المواطنين، قل القلق من فكرة الخطوط الحمراء وغيرها من القيود، لأنه حين يكون بين أيدينا شهادة حق، فعلينا أن ننقلها أيا كانت تداعيات ذلك، خصوصا أننا مقبلون على مواسم انتخابية، ولا بد أن نكون رقباء عليها فى كل محافظات مصر».
عبدالرحمن عز، أحد مصابى ثورة 25 يناير، كان ضمن الأماكن التى راسلها كمواطن صحفى هى شبكة رصد الإخبارية، ويعلق مصطفى علاء مسئول فريق المراسلين بالشبكة على طريقة العمل الداخلى: «طموحنا أن نكون وكالة أنباء شعبية، وأكبر القيود التى تواجهنا هى توثيق ما يأتينا من مواد». على حساب الشبكة فى موقعى تويتر وفيسبوك هناك أخبار وصور لأحداث ساخنة أثناء اشتباكات قوات الأمن مع المتظاهرين، وأحيانا لمعارك ومشاجرات داخل أحياء المدن. وحسبما يرى مصطفى علاء ــ الطالب بكلية هندسة المنصورة ومسئول فريق المراسلين ــ فإن الشبكة تقف فى صف مراسليها فى حالة تعرضهم للاعتقال، ويقول معلقا: «نحاول أن نحصل على أخبار غير منحازة، لكن أحيانا ما يتعاون معنا شباب لديهم مواقف سياسية، ومهمتنا هنا الاختيار الصحيح والتوجيه أحيانا».
يشير تعبير صحافة المواطن إلى نقل الأخبار والمشاهد والصور عبر الإنترنت من خلال العمل بعيدا عن المؤسسات الإعلامية والصحفية التقليدية. وتتيح بعض المواقع أدوات التعلم على استخدام الإنترنت فى تحرير الأخبار بشكل شخصى، وكذلك التدريب عبر الفيديو عن التصوير والتغطيات الصحفية. أحد من تعلموا التصوير عبر الانترنت هو المدون مصطفى الششتاوى، أحد من غطوا بالصورة أحداث السفارة الإسرائيلية، وبحكم نشاطه السابق فى العمل الطلابى ما زال يصل إلى بعض الأخبار والتفاصيل وتصويرها قبل الصحافة التقليدية. ويقول: «لا أشعر أن هناك سقفا أو حدا أقصى أفكر فيه أثناء التصوير أو الكتابة..». لم يكن نقل تفاصيل جلسة مبارك أو التصوير أمام مديرية أمن الجيزة هو الخطوط الحمراء التى اقترب منها الششتاوى بل هناك خط آخر تجاوزه فى الجامعة الألمانية حيث كان يدرس الهندسة قبل تخرجه هذا العام، إذ كان ينقل آراءه عن الإدارة على الإنترنت وهو ما تسبب فى التضييق عليه قبل التخرج وهو ما كتب عنه فى مدونته.
الاقتراب من الخطوط الحمراء لا يعنى تجاوز القانون فى نظر الششتاوى، فعلى سبيل المثال كان يفكر فى مشروع لنقل محتوى بعض المدونات إلى صحيفة ورقية يصدرها لكنه تراجع بسبب جهله بالإجراءات القانونية المطلوبة فى مثل هذه الحالة، القلق نفسه من تجاوز القانون يدركه الناشط السياسى عبدالرحمن عز، خاصة أنه يعمل فى قناة فضائية، إذ يقول: «ما يحدث فى الإعلام التقليدى سواء من تجاوزات أو غياب المصداقية سببه عدم وجود مواثيق شرف مكتوبة بين الإعلاميين». عدا ذلك يطمح عبدالرحمن عز أن يرى تدريبا على صحافة المواطن عبر الإنترنت فى المؤسسات التعليمية كسلاح فى يد المواطن ينقل به الحقيقة. أما مصطفى الششتاوى فيعلق قائلا: «كلما ازداد عدد الصحفيين المواطنين، قل القلق من فكرة الخطوط الحمراء وغيرها من القيود، لأنه حين يكون بين أيدينا شهادة حق، فعلينا أن ننقلها أيا كانت تداعيات ذلك، خصوصا أننا مقبلون على مواسم انتخابية، ولا بد أن نكون رقباء عليها فى كل محافظات مصر».
3 أسئلة إلى الكاتب جمال الغيطانى، حول واقع جديد يرصد فيه شباب مستقلون وقنوات فضائية أحداثا يكون الجيش طرفا فيها داخل المدن. يعرض الغيطانى وجهة نظره كمراسل حربى سابق، شارك فى تغطيات أكثر خطورة على أرض المعركة.
● تجرى الآن تغطيات إعلامية من الفضائيات ومن الشباب المستقل على الإنترنت عن أحداث تخص عمليات الجيش داخل العاصمة أثناء المظاهرات والاعتصامات، ولم يعد ذلك حكرا على المحرر العسكرى التقليدى. كيف ترى هذا الموقف خصوصا مع ازدياد العقوبات التى تعرضت لها بعض الفضائيات وبعض الشباب أثناء تغطيتهم المستقلة؟
ـــ حين أقارن فترة عملى كمراسل حربى فى فترة الحرب بين 1969 و1974 أجد الظروف مختلفة تماما، لا توجد كلمة كتبتها لم تمر على المخابرات العسكرية، لكن الواقع الآن أن الجيش متورط فى الحياة المدنية، ولا أرى فى مشهد يطوف فيه أصحاب «الباريهات» الحمراء من رجال الشرطة العسكرية على المقاهى لضبط النظام مشهدا منطقيا، رغم أن ذلك قد جاء نتيجة لتخاذل الشرطة فى بعض مهامها، كذلك فإن إخفاء بعض المعلومات مثل ما حدث فى جلسة شهادة المشير طنطاوى السرية، أدى إلى نشر شهادة على الإنترنت الله أعلم بمدى مصداقيتها. هذا الموقف لا حل له سوى انسحاب القوات المسلحة من الحياة المدنية، لأنه باستمرار وجودها ستظل تحركاتها تحت الأعين، خصوصا مع وقوع مغامرات متهورة غير وطنية مثل محاولة حصار وزارة الدفاع.
● ما دور المحرر العسكرى فى أوقات السلم بعيدا عن زمن الحرب؟
ــ باستمرار هناك حاجة إلى المراسل العسكرى، خصوصا فى زمن الحرب مثلما كان الوضع فى حروب يونيو 67 والاستنزاف وأكتوبر 73، كذلك يظهر دور المراسل الحربى فى تغطية الحروب الخارجية.. لكن ما أتمناه حقا الآن، أن نرى المحرر العسكرى ولديه من المهارات ما يحوله إلى ناقد ومحلل للمعارك التى تحدث، وأن يكون ملما بفنون الاستراتيجية والمعارك، ولا يقتصر الأمر على تغطية أخبار المؤسسة العسكرية فقط.
● هل ما زالت هناك قيود على ما تنشره من مشاهداتك عن زمن الحرب من الجهات العسكرية المختصة؟
ــ ليس علىّ قيود فى نشر ما رأيت، خصوصا أن هناك واجبا وطنيا مهما فى نشر معلومات عن رجال كان لهم دور بارز فى الحرب ولا يعرفهم أحد حتى الآن، وفى الوقت نفسه لدى من الوعى ما يجعلنى أمتنع عن نشر معلومات قد تضر المؤسسة العسكرية، لذا أدعو الجهات المختصة إلى نشر ما يخص ملف حربى يونيو 1967 وأكتوبر كى ندير نقاشا مفيدا حولهما، إذ كنا فى الماضى نلتزم بقواعد النشر حين نقدم المواد الصحفية مكتوبة ويتم شطب ما يضر بالعمليات العسكرية مع إخفاء هوية المصادر المشاركة فى المعركة. وهنا أريد أن أقول إن ذلك لا يقلل من جهد المحرر العسكرى، أتذكر أننى كنت أول من نشر عن إسقاط أول طائرة (فانتوم) فى 30 يونيو عام 1970، وأتيحت لى فرصة النشر حسب القواعد المعمول بها، نتيجة اجتهادى. خصوصا أننى كنت أحرص دائما فى تغطيتى على ذكر التفاصيل الإنسانية على أرض المعركة.
PDF
● تجرى الآن تغطيات إعلامية من الفضائيات ومن الشباب المستقل على الإنترنت عن أحداث تخص عمليات الجيش داخل العاصمة أثناء المظاهرات والاعتصامات، ولم يعد ذلك حكرا على المحرر العسكرى التقليدى. كيف ترى هذا الموقف خصوصا مع ازدياد العقوبات التى تعرضت لها بعض الفضائيات وبعض الشباب أثناء تغطيتهم المستقلة؟
ـــ حين أقارن فترة عملى كمراسل حربى فى فترة الحرب بين 1969 و1974 أجد الظروف مختلفة تماما، لا توجد كلمة كتبتها لم تمر على المخابرات العسكرية، لكن الواقع الآن أن الجيش متورط فى الحياة المدنية، ولا أرى فى مشهد يطوف فيه أصحاب «الباريهات» الحمراء من رجال الشرطة العسكرية على المقاهى لضبط النظام مشهدا منطقيا، رغم أن ذلك قد جاء نتيجة لتخاذل الشرطة فى بعض مهامها، كذلك فإن إخفاء بعض المعلومات مثل ما حدث فى جلسة شهادة المشير طنطاوى السرية، أدى إلى نشر شهادة على الإنترنت الله أعلم بمدى مصداقيتها. هذا الموقف لا حل له سوى انسحاب القوات المسلحة من الحياة المدنية، لأنه باستمرار وجودها ستظل تحركاتها تحت الأعين، خصوصا مع وقوع مغامرات متهورة غير وطنية مثل محاولة حصار وزارة الدفاع.
● ما دور المحرر العسكرى فى أوقات السلم بعيدا عن زمن الحرب؟
ــ باستمرار هناك حاجة إلى المراسل العسكرى، خصوصا فى زمن الحرب مثلما كان الوضع فى حروب يونيو 67 والاستنزاف وأكتوبر 73، كذلك يظهر دور المراسل الحربى فى تغطية الحروب الخارجية.. لكن ما أتمناه حقا الآن، أن نرى المحرر العسكرى ولديه من المهارات ما يحوله إلى ناقد ومحلل للمعارك التى تحدث، وأن يكون ملما بفنون الاستراتيجية والمعارك، ولا يقتصر الأمر على تغطية أخبار المؤسسة العسكرية فقط.
● هل ما زالت هناك قيود على ما تنشره من مشاهداتك عن زمن الحرب من الجهات العسكرية المختصة؟
ــ ليس علىّ قيود فى نشر ما رأيت، خصوصا أن هناك واجبا وطنيا مهما فى نشر معلومات عن رجال كان لهم دور بارز فى الحرب ولا يعرفهم أحد حتى الآن، وفى الوقت نفسه لدى من الوعى ما يجعلنى أمتنع عن نشر معلومات قد تضر المؤسسة العسكرية، لذا أدعو الجهات المختصة إلى نشر ما يخص ملف حربى يونيو 1967 وأكتوبر كى ندير نقاشا مفيدا حولهما، إذ كنا فى الماضى نلتزم بقواعد النشر حين نقدم المواد الصحفية مكتوبة ويتم شطب ما يضر بالعمليات العسكرية مع إخفاء هوية المصادر المشاركة فى المعركة. وهنا أريد أن أقول إن ذلك لا يقلل من جهد المحرر العسكرى، أتذكر أننى كنت أول من نشر عن إسقاط أول طائرة (فانتوم) فى 30 يونيو عام 1970، وأتيحت لى فرصة النشر حسب القواعد المعمول بها، نتيجة اجتهادى. خصوصا أننى كنت أحرص دائما فى تغطيتى على ذكر التفاصيل الإنسانية على أرض المعركة.
ماشاء الله مقال رائع وأسلوبك بسيط ومشوق اتعلم منه
ReplyDeleteجزاك الله خيرا