بعيدا عن صخب السياسة وتقلبات الأحداث، يعيش بيننا من نجحوا في وضع أقدامهم على عتبات تحقيق أحلامهم.. لم يكن المشوار سهلا، فهناك من توقف لسنوات، وهناك من ما زال يقاوم ظروفا بائسة، على أمل تحقيق أحلام مؤجلة. وبين كاتب للسيناريو، ومعيد جامعي، ومهندس شاب، غاية واحدة تجمعهم فى مطاردة أحلامهم حتى النهاية.
كتب ــ عبد الرحمن مصطفى
هشام هلال.. حلم كتابة السيناريو الذى تأخر
يعكف السيناريست الشاب هشام هلال والكاتب أحمد مراد على كتابة النسخة المصرية من المسلسل الأمريكى الشهير «Prison Break».
قد توحى المقدمة بأن كل شىء مستقر، دون أن يعرف القارئ كيف سارت الأمور مع السيناريست هشام هلال، أو كيف وصل إلى المرحلة الحالية.. فهل كانت الأمور تسير على ما يُرام على مدى السنوات السابقة؟
"قبل أكثر من عشر سنوات، كانت الحياة مظلمة، وكان حلم كتابة الدراما قد انتهى تماما.. كنت أعمل موظفا للاستقبال فى السفارة اليابانية". يروى هشام هلال، الذي أتم عامه الأربعين، قصة شريحة من العاملين في مجال الكتابة، لا نعرف الكثير عن صراعاتهم، إلى أن وصلوا إلى الاستقرار النسبي في مجالهم، وهو واحد من هؤلاء الذين أجبرهم الواقع على ترك أحلامهم لفترة، بسبب اتخاذهم الطريق التقليدى، حيث الوظيفة المستقرة، والحياة العادية، رغم ما سببه ذلك فى أزمات نفسية للبعض.
"منذ المرحلة الإعدادية، وأنا مولع بكتابة السيناريو، كنت أشترى عددا من السيناريوهات المنشورة فى كتب، لأعرف كيف تتم صناعة عمل فني. لكن في لحظة الاختيار بعد الثانوية العامة، خضعت لقرارات الأسرة، واخترت الحياة التقليدية دون الالتحاق بأكاديمية الفنون، وتبدلت بين كليات التجارة، ثم الحقوق، ثم الآداب". هكذا يصف هشام هلال قصة تتكرر كثيرا في حياة الشباب، تدفعهم للابتعاد عن مغامرات في مجالات عمل غير مستقر، وعلى رأسها مجال الكتابة.
وإلى جانب ما تتخذه بعض الأسر المحافظة والبعيدة عن المجال الفنى من إجراءات لإبعاد أبنائهم عن هذا الطريق، فإن فترة التسعينيات التى يتحدث عنها هشام هلال، كانت أكثر صعوبة من الآن، حين كان سوق الدراما مغلقا، بحكم غياب أى متنفس فى الفضائيات أو حتى فى الإنترنت. أما الأصعب فى حياة هشام فقد كان ولعه الشديد بتخصص محدد هو كتابة السيناريو، وهو عالم أكثر انغلاقا من الإخراج أو التمثيل. "التحقت بورشة تدريبية داخل قصر السينما فى عام 1997، وهدفى أن أحضر محاضرات الكاتب وحيد حامد، لكنها لم تتم بسبب وقوع أحداث الأقصر وقتها.. كانت الإشارات كلها توجهنى للابتعاد عن هذا المجال، بينما كنت أعطى دروسا خصوصية لأكسب قوت يومى».
يجلس هشام هلال فى أحد كافيهات المعادى الشهيرة، متحدثا بسعادة عن أعمال شارك فى كتابتها فى العامين الماضيين، منها: المنتقم، وطرف ثالث. ويتوقف حديثه أحيانا، ليتذكر سنوات التخبط بين ملاحقة الحلم والتخلى عنه، وقناعته التى تراكمت فى سنوات التسعينيات عن أن كتابة السيناريو، لا تصلح أن تكون مهنة يعتمد عليها بشكل كامل، رغم تحقيقه بعض النجاح فى تجربة ورشة خاضها مع زميليه محمد حماد ووليد خيرى، أنتجا منها فيلما مستقلا بعنوان «مرسال المراسيل»، وذلك بأقل التكاليف الممكنة.
«فى تلك الفترة، كنا نعلم جيدا أن شركات الإنتاج المحدودة، تتكدس أرففها بعشرات السيناريوهات، وأحيانا ما يلقى بعضها فى سلة المهملات.. كان العالم مغلقا ولا يشجع على استكمال المشوار».
هكذا يصف هشام تلك المرحلة، التى دفعته إلى طريق اليأس والاعتكاف، أو على حد قوله: «تركت كل شىء، والتزمت طريق التشدد الدينى، ثم اخترت الزواج، واعتبرت حلم كتابة الدراما وهمًا لا يستحق العناء.. وكانت سنوات عمرى تمر أمامى دون تحقيق إنجاز».
موظف استقبال
فى عام 2002 استلم هشام هلال وظيفة فى السفارة اليابانية، بعد سنوات من إعطاء دروس خصوصية بمقابل معقول، وعمل موظف استقبال، وهو فى سن الثامنة والعشرين، كشاب جامعى حاصل على ليسانس الآداب من قسم اللغة الإنجليزية، وقضى خمس سنوات ترقى فيها من موظف استقبال إلى مترجم فى المكان نفسه، لكن الحلم القديم ظل يطارده من بعيد. "لن أدعى أنى من جيل مظلوم، لكن أعتقد أن أحوالنا قد تحسنت مع عام 2005، حين بدأ حراكا فى مصر على مستوى الإعلام والفن، وتعددت الفضائيات وبرزت الحركة الفنية المستقلة».
فى هذا العام كان هشام هلال يعيش كموظف تقليدى، فى سن الواحدة والثلاثين، يعانى من حنين قديم إلى حلم كتابة الدراما، وواقع يتطلب عملا مستقرا. فبدأ فى الكتابة ضمن ملحق «ضربة شمس» فى جريدة الدستور، ثم تسلل إلى عالم الدراما مرة أخرى من بوابة الكتابة ضمن ورشة إعداد برنامج الأطفال «عالم سمسم» للأطفال فى عام 2006، وبدأ فى المشاركة ضمن ورش الكتابة لحلقات (السيت كوم) التى بدأت تظهر على شاشات التليفزيون المصرى، وفى العام 2007 كان عليه الاختيار، ليتكرر الموقف الذى عاشه من قبل مرة أخرى، أن يتفرغ للبحث عن فرص فى عالم الدراما، أو أن يستمر فى عمله المستقر، ثم كان القرار بالاستقالة من عمله فى السفارة اليابانية. "كنت رب أسرة فى الثالثة والثلاثين، وحاولت العمل فى مجال لا يتسم بالاستقرار، لذا اتهمنى أهلى بالجنون، عدت وأنا أعلم أننى مقبل على حرفة لا يمكنها أن تكون وظيفة مستقرة.. لكنه كان القرار".
يصف هشام تلك المرحلة، التي بدأ يبحث فيها لتحقيق حلمه القديم، وقضاء سنوات من التوتر والقلق حول المستقبل، متذكرا بعض أسماء كبار كتاب السيناريو الذين بدأوا مشوارهم متأخرا.
"قامت الثورة فى 2011، وكنت داعما لها، لكنى قضيت سنة ونصف بلا دخل، فقد توقف السوق تماما، وأنا ما زلت أحاول تثبيت أقدامى فى هذا المجال، وتعرضت لخسارة مادية كارثية فى تلك الفترة".
يستكمل هشام هلال حديثه فى هذه النقطة وهو يراجع نفسه حتى هذه اللحظة، هل يمكن أن تتحول حرفة كتابة الدراما إلى عمل مستقر ودائم؟ لا يجد إجابة، رغم الاستقرار النسبى الذى يعيشه حاليا فى سوق الدراما. المؤكد فى حديثه أنه متصالح مع الفترة التى ترك فيها حلمه، رغم خسارته سنوات. أو على حد قوله: "كنت أكتب فى ورشة إعداد سيناريو وهناك من هم أصغر منى بسنوات".
أما الآن فقد أصبح مشغولا بعمله، أكثر من انشغاله بالقلق من المستقبل، مودعا تجارب الإخفاق السابقة.
قد توحى المقدمة بأن كل شىء مستقر، دون أن يعرف القارئ كيف سارت الأمور مع السيناريست هشام هلال، أو كيف وصل إلى المرحلة الحالية.. فهل كانت الأمور تسير على ما يُرام على مدى السنوات السابقة؟
"قبل أكثر من عشر سنوات، كانت الحياة مظلمة، وكان حلم كتابة الدراما قد انتهى تماما.. كنت أعمل موظفا للاستقبال فى السفارة اليابانية". يروى هشام هلال، الذي أتم عامه الأربعين، قصة شريحة من العاملين في مجال الكتابة، لا نعرف الكثير عن صراعاتهم، إلى أن وصلوا إلى الاستقرار النسبي في مجالهم، وهو واحد من هؤلاء الذين أجبرهم الواقع على ترك أحلامهم لفترة، بسبب اتخاذهم الطريق التقليدى، حيث الوظيفة المستقرة، والحياة العادية، رغم ما سببه ذلك فى أزمات نفسية للبعض.
"منذ المرحلة الإعدادية، وأنا مولع بكتابة السيناريو، كنت أشترى عددا من السيناريوهات المنشورة فى كتب، لأعرف كيف تتم صناعة عمل فني. لكن في لحظة الاختيار بعد الثانوية العامة، خضعت لقرارات الأسرة، واخترت الحياة التقليدية دون الالتحاق بأكاديمية الفنون، وتبدلت بين كليات التجارة، ثم الحقوق، ثم الآداب". هكذا يصف هشام هلال قصة تتكرر كثيرا في حياة الشباب، تدفعهم للابتعاد عن مغامرات في مجالات عمل غير مستقر، وعلى رأسها مجال الكتابة.
وإلى جانب ما تتخذه بعض الأسر المحافظة والبعيدة عن المجال الفنى من إجراءات لإبعاد أبنائهم عن هذا الطريق، فإن فترة التسعينيات التى يتحدث عنها هشام هلال، كانت أكثر صعوبة من الآن، حين كان سوق الدراما مغلقا، بحكم غياب أى متنفس فى الفضائيات أو حتى فى الإنترنت. أما الأصعب فى حياة هشام فقد كان ولعه الشديد بتخصص محدد هو كتابة السيناريو، وهو عالم أكثر انغلاقا من الإخراج أو التمثيل. "التحقت بورشة تدريبية داخل قصر السينما فى عام 1997، وهدفى أن أحضر محاضرات الكاتب وحيد حامد، لكنها لم تتم بسبب وقوع أحداث الأقصر وقتها.. كانت الإشارات كلها توجهنى للابتعاد عن هذا المجال، بينما كنت أعطى دروسا خصوصية لأكسب قوت يومى».
يجلس هشام هلال فى أحد كافيهات المعادى الشهيرة، متحدثا بسعادة عن أعمال شارك فى كتابتها فى العامين الماضيين، منها: المنتقم، وطرف ثالث. ويتوقف حديثه أحيانا، ليتذكر سنوات التخبط بين ملاحقة الحلم والتخلى عنه، وقناعته التى تراكمت فى سنوات التسعينيات عن أن كتابة السيناريو، لا تصلح أن تكون مهنة يعتمد عليها بشكل كامل، رغم تحقيقه بعض النجاح فى تجربة ورشة خاضها مع زميليه محمد حماد ووليد خيرى، أنتجا منها فيلما مستقلا بعنوان «مرسال المراسيل»، وذلك بأقل التكاليف الممكنة.
«فى تلك الفترة، كنا نعلم جيدا أن شركات الإنتاج المحدودة، تتكدس أرففها بعشرات السيناريوهات، وأحيانا ما يلقى بعضها فى سلة المهملات.. كان العالم مغلقا ولا يشجع على استكمال المشوار».
هكذا يصف هشام تلك المرحلة، التى دفعته إلى طريق اليأس والاعتكاف، أو على حد قوله: «تركت كل شىء، والتزمت طريق التشدد الدينى، ثم اخترت الزواج، واعتبرت حلم كتابة الدراما وهمًا لا يستحق العناء.. وكانت سنوات عمرى تمر أمامى دون تحقيق إنجاز».
موظف استقبال
فى عام 2002 استلم هشام هلال وظيفة فى السفارة اليابانية، بعد سنوات من إعطاء دروس خصوصية بمقابل معقول، وعمل موظف استقبال، وهو فى سن الثامنة والعشرين، كشاب جامعى حاصل على ليسانس الآداب من قسم اللغة الإنجليزية، وقضى خمس سنوات ترقى فيها من موظف استقبال إلى مترجم فى المكان نفسه، لكن الحلم القديم ظل يطارده من بعيد. "لن أدعى أنى من جيل مظلوم، لكن أعتقد أن أحوالنا قد تحسنت مع عام 2005، حين بدأ حراكا فى مصر على مستوى الإعلام والفن، وتعددت الفضائيات وبرزت الحركة الفنية المستقلة».
فى هذا العام كان هشام هلال يعيش كموظف تقليدى، فى سن الواحدة والثلاثين، يعانى من حنين قديم إلى حلم كتابة الدراما، وواقع يتطلب عملا مستقرا. فبدأ فى الكتابة ضمن ملحق «ضربة شمس» فى جريدة الدستور، ثم تسلل إلى عالم الدراما مرة أخرى من بوابة الكتابة ضمن ورشة إعداد برنامج الأطفال «عالم سمسم» للأطفال فى عام 2006، وبدأ فى المشاركة ضمن ورش الكتابة لحلقات (السيت كوم) التى بدأت تظهر على شاشات التليفزيون المصرى، وفى العام 2007 كان عليه الاختيار، ليتكرر الموقف الذى عاشه من قبل مرة أخرى، أن يتفرغ للبحث عن فرص فى عالم الدراما، أو أن يستمر فى عمله المستقر، ثم كان القرار بالاستقالة من عمله فى السفارة اليابانية. "كنت رب أسرة فى الثالثة والثلاثين، وحاولت العمل فى مجال لا يتسم بالاستقرار، لذا اتهمنى أهلى بالجنون، عدت وأنا أعلم أننى مقبل على حرفة لا يمكنها أن تكون وظيفة مستقرة.. لكنه كان القرار".
يصف هشام تلك المرحلة، التي بدأ يبحث فيها لتحقيق حلمه القديم، وقضاء سنوات من التوتر والقلق حول المستقبل، متذكرا بعض أسماء كبار كتاب السيناريو الذين بدأوا مشوارهم متأخرا.
"قامت الثورة فى 2011، وكنت داعما لها، لكنى قضيت سنة ونصف بلا دخل، فقد توقف السوق تماما، وأنا ما زلت أحاول تثبيت أقدامى فى هذا المجال، وتعرضت لخسارة مادية كارثية فى تلك الفترة".
يستكمل هشام هلال حديثه فى هذه النقطة وهو يراجع نفسه حتى هذه اللحظة، هل يمكن أن تتحول حرفة كتابة الدراما إلى عمل مستقر ودائم؟ لا يجد إجابة، رغم الاستقرار النسبى الذى يعيشه حاليا فى سوق الدراما. المؤكد فى حديثه أنه متصالح مع الفترة التى ترك فيها حلمه، رغم خسارته سنوات. أو على حد قوله: "كنت أكتب فى ورشة إعداد سيناريو وهناك من هم أصغر منى بسنوات".
أما الآن فقد أصبح مشغولا بعمله، أكثر من انشغاله بالقلق من المستقبل، مودعا تجارب الإخفاق السابقة.
أمنيات الطفل اليتيم الذي اختار طريق الهندسة
رغم ما حققه من إنجاز في حياته، منذ أن كان طفلا يتيما في أسرة فقيرة، ونجاحه في أن يصبح مهندسا في صيانة السيارات، فإنه تحفظ على نشر اسمه أثناء الحديث عن تجربته، فما زال يصيبه بعض القلق من تعليقات الآخرين على ما مر به من معاناة.
ويتجاوز ذلك سريعا في قوله: "أمامي حلمان أسعى لتحقيقهما في المستقبل، الأول أن أدير مؤسسة أو جمعية خيرية لرعاية الأيتام، أما الثاني فهو أن أؤسس مع أحد أصدقائي مركزا لصيانة السيارات في موطني الأصلي بمركز سمالوط في المنيا، ووضعنا تاريخا محددا لتحقيق هذا الحلم فى سنة 2020″.
يتحدث سامي ممدوح ــ تم تغيير الاسم بناء على طلبه ــ في أحد المقاهي المجاورة لمسكنه ومقر عمله الحالي في الجيزة، ورغم ما يظهر في حديثه من نبرة واثقة، فإنه لم يكن كذلك في فترة طفولته، بل كان طفلا خجولا، ليس في استطاعته أن يدير حوارا مع الآخرين، وكثيرا ما تلقى تعليقات على سلوكه الانطوائي، من العملاء في الأماكن التي عمل بها منذ أن كان في مرحلة الإعدادية.
هذا المهندس الشاب الذي بلغ الرابعة والعشرين من العمر مؤخرا، تغيرت حياته تدريجيا، حين وجد من يلهمه. يصف ذلك قائلا: "كنت طالبا متفوقا في سنوات الدراسة، وفي الصف الثالث الإعدادي كان مصيري قريبا من مصير إخواتي الكبار، الذين تركوا الدراسة بسبب الأحوال المادية السيئة، وهنا ظهرت منظمة كوبتك أورفانز الخيرية، المعنية بدعم الأطفال الأيتام، لقد دعموني نفسيا قبل الدعم المادي".
يقف سامي حاليا في منتصف الطريق لتحقيق أحلامه، فقد أنجز الجزء الأول، حين نجح في تجاوز ظروفه البائسة حتى تخرج مهندسا، ما زال يشق طريقه بنفسه، كما أنه استغل علاقته بمؤسسة «كوبتك أورفانز» لرعاية الأيتام، واهتمامه بالأنشطة الكنسية والخدمية في تنمية شخصيته، على أمل أن ينقل ذلك إلى الآخرين في المستقبل.
"بعد أن تخرجت في كلية الهندسة بجامعة المنيا العام الماضي، توجهت مباشرة إلى المؤسسة التي طالما دعمتني كي أقوم بدوري في دعم الأيتام متطوعا معهم، فأنا أكثر من يدرك حساسية الطفل اليتيم وسط المجتمع".
يتحدث سامي بنبرة قلق من تنفيذ طموحاته، والاستمرار على مبادئه التى لخصها في بعض العبارات منها: "إحنا مولودين عشان نساعد بعض ونخدم الناس" و"زي ما الشغل ليه حق عليا، كمان فيه حق ربنا، وفيه حق الناس اللي مستنيين مساعدتنا».
ويستدعى أثناء حديثه ذكرى «صالح»، وهو المتطوع المسؤول عن رعاية الأيتام في مؤسسة «كوبتك أورفانز» داخل نطاق مركز سمالوط بمحافظة المنيا، الذي كان يشرف على عشرات الأيتام، ويتابع احتياجاتهم المالية ومستواهم الدراسى، بل وأعياد ميلادهم.. هذا النموذج هو الذي طور حياة طفل يتيم خجول مثل سامي، أو على حد قوله: "لم يكن إحساسا مريحا أن تقابل نظرات الشفقة من المحيطين بك طول الوقت، أو أن تأتيك إشارات في المدرسة بأنك تحصل على تعليم مجاني، دون دفع مصاريف الكتب لأنك يتيم، لكن مقاومة ذلك كانت بالانخراط في أنشطة كنسية وجامعية كثيرة، فأصبحت بعد سنوات مسؤولا عن تنظيم معسكرات شبابية، وأخوض تجارب التمثيل المسرحى".
هنا يتحدث وهو يدرك أنه في رحلة إعداد طويلة من أجل تحقيق أهدافه، فالطفل الذي كان يتلعثم في الحديث، كان عليه قضاء سنوات من أجل الاقتراب من حلمه الأول في أن يصبح مسؤولا عن نشاط يدعم الأيتام، كما كان عليه أن يقضي سنوات من التفوق التعليمى حتى يصبح مؤهلا ليصبح مهندسا ناجحا.
"أحاول أن أكون مشرفا على طفلين يتيمين، أساعدهما في الدراسة والدعم النفسي طوال الوقت، وذلك عن طريق الجمعية نفسها التي كانت تدعمني من قبل.. مجرد خطوة في طريق طويل قد يتحقق بعد مزيد من السنوات".
ووسط زحام القاهرة، تبدو الصورة ضبابية أحيانا أمامه، ما يصنع لديه قناعة بأن مستقبله ليس هنا، بل في مسقط رأسه في محافظة المنيا، مشرفا على أيتام ومهندسا ناجحا يملك مركزا للصيانة.
No comments:
Post a Comment