يقاومون التهميش في عالم السياسة
عبدالرحمن مصطفى
"فى نيتى أنا وعدد من الشباب أن نؤسس كيانا حزبيا جديدا، على أمل أن تكون لنا تجربتنا التى تحكمها عقلية الشباب الثورى، بعيدا عن الشكل التقليدى للأحزاب». لم يختلف حال أحمد الجناينى (36 سنة) هو وزملاؤه عن كثير من الشباب الذين لم يعرفوا طريق السياسة إلا بعد الثورة، ويتبدل حديثه إلى السعادة والفخر حين يتلو سجل مشاركاته فى عشرات الفعاليات التى خرج منها بإصابات واعتقال سابق، حتى توصل مؤخرا إلى قناعة ملخصها أن الشباب الذين اندمجوا داخل الأحزاب لم ينجحوا فى فرض أفكارهم وأسلوبهم على الواقع السياسى الحالى.
لم تكن نسبة الشباب الذى يبدى اهتماما قويا بالسياسة تتعدى 6% فى العام 2010 حسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة تحت عنوان «شباب مصر بناة المستقبل»، أما فى 2013 فقد تكونت شريحة اندمجت فى العمل الحركى بما فيه من فعاليات واشتباكات متتالية مع السلطة، وانتقلوا إلى العمل داخل أحزاب نشأت بعد الثورة، «فى أحداث شارع محمد محمود 2011 كان واضحا أن الشباب المشارك فى الفعاليات والاشتباكات المتتالية قد أنتج مجتمعا صغيرا، قرر أن يجرب طريق الحزبية»، ينقل أحمد الجناينى فى حديثه تلك الحالة من الزهو التى كانت مسيطرة على الشباب آنذاك، تجلت فى هتافات من نوعية «ياللى بتسأل إحنا مين.. إحنا شباب خمسة وعشرين». لكن تلك الحالة واجهت واقعا جديدا داخل الأحزاب ما زالت تداعياته مستمرة حتى اليوم.
عبدالرحمن مصطفى
"فى نيتى أنا وعدد من الشباب أن نؤسس كيانا حزبيا جديدا، على أمل أن تكون لنا تجربتنا التى تحكمها عقلية الشباب الثورى، بعيدا عن الشكل التقليدى للأحزاب». لم يختلف حال أحمد الجناينى (36 سنة) هو وزملاؤه عن كثير من الشباب الذين لم يعرفوا طريق السياسة إلا بعد الثورة، ويتبدل حديثه إلى السعادة والفخر حين يتلو سجل مشاركاته فى عشرات الفعاليات التى خرج منها بإصابات واعتقال سابق، حتى توصل مؤخرا إلى قناعة ملخصها أن الشباب الذين اندمجوا داخل الأحزاب لم ينجحوا فى فرض أفكارهم وأسلوبهم على الواقع السياسى الحالى.
لم تكن نسبة الشباب الذى يبدى اهتماما قويا بالسياسة تتعدى 6% فى العام 2010 حسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة تحت عنوان «شباب مصر بناة المستقبل»، أما فى 2013 فقد تكونت شريحة اندمجت فى العمل الحركى بما فيه من فعاليات واشتباكات متتالية مع السلطة، وانتقلوا إلى العمل داخل أحزاب نشأت بعد الثورة، «فى أحداث شارع محمد محمود 2011 كان واضحا أن الشباب المشارك فى الفعاليات والاشتباكات المتتالية قد أنتج مجتمعا صغيرا، قرر أن يجرب طريق الحزبية»، ينقل أحمد الجناينى فى حديثه تلك الحالة من الزهو التى كانت مسيطرة على الشباب آنذاك، تجلت فى هتافات من نوعية «ياللى بتسأل إحنا مين.. إحنا شباب خمسة وعشرين». لكن تلك الحالة واجهت واقعا جديدا داخل الأحزاب ما زالت تداعياته مستمرة حتى اليوم.
بعد انضمامه إلى حملة دعم البرادعى، ثم حركة «حقنا» التى تكونت بعد انسحاب البرادعى من سباق الرئاسة، كان طوق النجاة بالنسبة إليه هو و زملائه فى حزب الدستور برئاسة الدكتور محمد البرادعى. وعلى مدى أكثر من عام كانت الفجوة قد بدأت تتضح بين تلك الشريحة من الشباب الثورى، وشريحة أخرى من السياسيين الأكثر اعتيادا على أجواء العمل الحزبى، «فى الحقيقة لم تظهر داخل الحزب قيادات جديدة من الذين قذفت بهم الثورة إلى العمل السياسى، وظلت نفس النخبة ذات الصلة بالإعلام والعلاقات القديمة بالسياسة فى الواجهة، وهو ما لم يتحمله البعض».
حسبما يكمل أحمد الجناينى العضو السابق فى حزب الدستور، فإن تلك الحالة أقلقت بعض الشباب من أن تكتمل الصورة بدونهم، وأن يظلوا «حطبا» للعمل الحركى والجماهيرى دون تقدير لدورهم فى صنع الحدث، أما الجانب الأوضح فى الصورة فهو أن هذه الشريحة من الشباب ذات الطابع الثورى كانت أكثر تمردا على الطابع التقليدى للمؤسسات الحزبية، هذا ما يتفق معه شاب مثل أحمد الجناينى، الذى لم يعد يحمل مرارة لتركه تجربة حزبية شارك فى بنائها، إذ يختم قائلا: «يارب يكون حزب الدستور أحسن حزب فى العالم، بس أنا عايز أدور دلوقت عن تجربتى الخاصة، وفيه ناس اختاروا معايا نفس الطريق».
فى انتخابات حزب الدستور الأخيرة التى أقيمت فى 31 مايو الماضى، طالب الدكتور محمد البرادعى، رئيس الحزب، الشباب بنبذ الخلاف والبدء فى العمل الاجتماعى والسياسى من خلال الحزب. ووسط تلك الأجواء كان سيد إبراهيم (31 سنة)، عضو أمانة العباسية والظاهر وباب الشعرية، ما زال متمسكا بانتمائه للحزب محاولا تجاوز تلك المرحلة معلقا: «مشكلتنا أننا أسرع من أبناء الجيل السابق الذى احترف العمل الحزبى والسياسى لسنوات، ورؤيتنا أوضح». يضرب سيد مثلا بجمعة كشف الحساب فى أكتوبر من العام الماضى، حين بدأت اشتباكات بين أبناء التيار الإسلامى والتيارات المدنية، إذ يوضح سيد إبراهيم: «كانت تأتينا مكالمات من الحزب أن ننسحب خشية تصاعد الموقف، وكانت القيادات حساباتها سياسية، بينما كانت حساباتنا نحن وشباب القوى الأخرى المتضامنة معنا ثورية تماما».
هذه المساحة التى تتحرك فيها هذه الشريحة من الشباب تجعلهم أحيانا على خلاف مع شباب من أحزاب أخرى إذا لم يعبروا عن مواقفهم الثورية بوضوح، على سبيل المثال فإن سيد إبراهيم نفسه كان عضوا فى حملة دعم الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح لرئاسة الجمهورية، ورغم ذلك لم ينضم بعدها إلى حزب مصر القوية، ويقول: «حتى الآن يدعوننى بعض الأصدقاء فى حزب مصر القوية للانضمام إليهم، وربما يكون هذا الحزب أفضل من ناحية الهيكلة وتمثيل الشباب فى مراكز القيادة، لكن هناك تذبذبا فى مواقفه الثورية والجذرية».
أهل الثورة وأهل الخبرة
نال حزب «مصر القوية» عددا من الانتقادات التى يمكن ملاحظتها بسهولة على حسابات النشطاء فى فيس بوك وتويتر، إذ تكفى جولة بسيطة على الإنترنت حتى نرى تلك الألقاب الساخرة التى نالها الحزب، وأشهرها تلقيبه بـ«مصر الطرية» كبديل عن «مصر القوية»، أو أن تظهر بعض «القفشات» كتلك التى ذكرت أن الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح سيعلن عن تدشين حملة «تردد»، كبديل عن حملتى «تمرد» و«تجرد»، فى إشارة إلى الموقف الوسطى الدائم الذى يتبناه الحزب.
«فيه حالة استقطاب سياسى حادة فى مصر، على طريقة إما معى أو ضدى، والناس مش بتقدر قرارات الحزب إلا بعد وقت». التعليق للمهندس محمد هيكل ــ الأمين العام المساعد فى حزب مصر القوية، الذى يرى أن الحزب يعبر عن قناعاته وليس عن تحالفات وقتية قصيرة المدى، مضيفا أن النقطة الأهم فهى أن ملامح السيرة الذاتية للكثير من قيادات الحزب تكشف عن خلفية مشتركة، إذ مارس كثيرون منهم العمل التطوعى أو الخيرى قبل سنوات وهناك من لهم خلفية تنظيمية سابقة فى جماعة الإخوان المسلمين، فهل أعطى ذلك طابعا جعلهم أكثر اندماجا مع روح العمل المؤسسى داخل الحزب، بما يتبع ذلك من انصياع لنتائج التصويتات أو القرارات الجماعية؟ المهندس محمد هيكل نفسه كان عضوا سابقا فى جماعة الإخوان المسلمين، كما عمل لعامين مع «صناع الحياة»، وانضم إلى الحملة الشعبية لدعم البرادعى، ما يجعله يقول معلقا: «هناك ملامح مشتركة لأعضاء الأمانة العامة فى الحزب، فهناك بالفعل من كانت لهم خبرات فى عمل مؤسسى ذى طابع تنموى أو خدمى، ما أكسبهم أداء أكثر احترافا.
تبدو تلك الحالة من التجانس بين أعضاء حزب «مصر القوية» قريبة من نموذج آخر هو حزب «التحالف الشعبى الاشتراكى»، الذى لا يخلو من صراعات داخلية دون أن تصل إلى حد الاشتباك بين الشباب الثورى والجيل التقليدى الأكبر سنا، لكن ذلك لم يمنع وجود بعض المنغصات التى يواجهها الشباب داخل الحزب، هذا ما ظهر بشكل مستتر بعد انتخابات المكتب السياسى لحزب التحالف الشعبى الاشتراكى، حين لم يجد بعض شباب الحزب متنفسا للتعبير عن قلقهم سوى موقعى فيس بوك وتويتر، حيث اختصر البعض مرارته من نتائج الانتخابات فى أن «التجمعيين المنشقين عن حزب التجمع قد ربحوا فى انتخابات المكتب السياسى لحزب التحالف الشعبى الاشتراكى»، بينما كتب شباب آخر دعوة للتفاؤل مستدلين بالفارق البسيط (5 أصوات) الذى كسب به طلعت فهمى ــ صاحب الخبرة السياسية فى حزب التجمع سابقا ــ منصب الأمين العام، أمام الناشطة الشابة إلهام عيداروس.
«ما من شك أن هناك ضيقا يعيشه بعض الشباب من استمرار تعبيرات من نوعية: القيادة التاريخية، والحنكة السياسية، وهو ما يمثل أمرا محبطا لشباب قضوا أوقات كثيرة فى العمل الجماهيرى، وكلهم رغبة فى جنى حصاد تعبهم، وفرض قواعد جديدة للعمل الحزبى». العبارة للمهندس محمد سند، عضو المؤتمر العام لحزب التحالف الشعبى الاشتراكى الذى انتقل قبل عامين فقط إلى العمل الحزبى، دون خلفية تنظيمية أو سياسية قبل عام 2011، مثله فى ذلك كمثل شريحة واسعة من شباب الحزب الذين اجتذبهم الفكر الاشتراكى.
«ما يحدث حاليا أن الأجيال الأكبر أكثر احترافا فى عالم الانتخابات داخل الأحزاب، لأنهم يجيدون فن التعامل مع الصناديق الانتخابية والتربيطات السياسية طوال الوقت، على عكس الأداء العفوى لأغلب الشباب، وهذا ليس خطأ الشباب، فسيأتى وقت ويفرض الجيل الشاب قواعده فى العمل السياسى والحزبى».
لماذا لا ينفجر الموقف بين الشريحة الأكبر سنا القادمة من حزب التجمع (الأكثر تقليدية) فى مواجهة الجيل الشاب الأكثر ثورية؟ يجيب محمد سند، قائلا: «ببساطة لأننا كلنا اشتراكيون، وهذا ما يوحدنا داخل الحزب ويقلل من روح العداء، إذ إن المرجعية السياسية الواحدة تنظم علاقاتنا داخل الحزب». وتحت ضغوط العمل الحزبى الجديد على شباب أدمنوا الثورة، يظل الخيار مطروحا بين استكمال المسيرة حتى يفرض الشباب أسلوبهم على العمل الحزبى، أو الاكتفاء بنوع آخر من العمل الحركى والجماهيرى فى الشارع.
حسبما يكمل أحمد الجناينى العضو السابق فى حزب الدستور، فإن تلك الحالة أقلقت بعض الشباب من أن تكتمل الصورة بدونهم، وأن يظلوا «حطبا» للعمل الحركى والجماهيرى دون تقدير لدورهم فى صنع الحدث، أما الجانب الأوضح فى الصورة فهو أن هذه الشريحة من الشباب ذات الطابع الثورى كانت أكثر تمردا على الطابع التقليدى للمؤسسات الحزبية، هذا ما يتفق معه شاب مثل أحمد الجناينى، الذى لم يعد يحمل مرارة لتركه تجربة حزبية شارك فى بنائها، إذ يختم قائلا: «يارب يكون حزب الدستور أحسن حزب فى العالم، بس أنا عايز أدور دلوقت عن تجربتى الخاصة، وفيه ناس اختاروا معايا نفس الطريق».
فى انتخابات حزب الدستور الأخيرة التى أقيمت فى 31 مايو الماضى، طالب الدكتور محمد البرادعى، رئيس الحزب، الشباب بنبذ الخلاف والبدء فى العمل الاجتماعى والسياسى من خلال الحزب. ووسط تلك الأجواء كان سيد إبراهيم (31 سنة)، عضو أمانة العباسية والظاهر وباب الشعرية، ما زال متمسكا بانتمائه للحزب محاولا تجاوز تلك المرحلة معلقا: «مشكلتنا أننا أسرع من أبناء الجيل السابق الذى احترف العمل الحزبى والسياسى لسنوات، ورؤيتنا أوضح». يضرب سيد مثلا بجمعة كشف الحساب فى أكتوبر من العام الماضى، حين بدأت اشتباكات بين أبناء التيار الإسلامى والتيارات المدنية، إذ يوضح سيد إبراهيم: «كانت تأتينا مكالمات من الحزب أن ننسحب خشية تصاعد الموقف، وكانت القيادات حساباتها سياسية، بينما كانت حساباتنا نحن وشباب القوى الأخرى المتضامنة معنا ثورية تماما».
هذه المساحة التى تتحرك فيها هذه الشريحة من الشباب تجعلهم أحيانا على خلاف مع شباب من أحزاب أخرى إذا لم يعبروا عن مواقفهم الثورية بوضوح، على سبيل المثال فإن سيد إبراهيم نفسه كان عضوا فى حملة دعم الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح لرئاسة الجمهورية، ورغم ذلك لم ينضم بعدها إلى حزب مصر القوية، ويقول: «حتى الآن يدعوننى بعض الأصدقاء فى حزب مصر القوية للانضمام إليهم، وربما يكون هذا الحزب أفضل من ناحية الهيكلة وتمثيل الشباب فى مراكز القيادة، لكن هناك تذبذبا فى مواقفه الثورية والجذرية».
أهل الثورة وأهل الخبرة
نال حزب «مصر القوية» عددا من الانتقادات التى يمكن ملاحظتها بسهولة على حسابات النشطاء فى فيس بوك وتويتر، إذ تكفى جولة بسيطة على الإنترنت حتى نرى تلك الألقاب الساخرة التى نالها الحزب، وأشهرها تلقيبه بـ«مصر الطرية» كبديل عن «مصر القوية»، أو أن تظهر بعض «القفشات» كتلك التى ذكرت أن الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح سيعلن عن تدشين حملة «تردد»، كبديل عن حملتى «تمرد» و«تجرد»، فى إشارة إلى الموقف الوسطى الدائم الذى يتبناه الحزب.
«فيه حالة استقطاب سياسى حادة فى مصر، على طريقة إما معى أو ضدى، والناس مش بتقدر قرارات الحزب إلا بعد وقت». التعليق للمهندس محمد هيكل ــ الأمين العام المساعد فى حزب مصر القوية، الذى يرى أن الحزب يعبر عن قناعاته وليس عن تحالفات وقتية قصيرة المدى، مضيفا أن النقطة الأهم فهى أن ملامح السيرة الذاتية للكثير من قيادات الحزب تكشف عن خلفية مشتركة، إذ مارس كثيرون منهم العمل التطوعى أو الخيرى قبل سنوات وهناك من لهم خلفية تنظيمية سابقة فى جماعة الإخوان المسلمين، فهل أعطى ذلك طابعا جعلهم أكثر اندماجا مع روح العمل المؤسسى داخل الحزب، بما يتبع ذلك من انصياع لنتائج التصويتات أو القرارات الجماعية؟ المهندس محمد هيكل نفسه كان عضوا سابقا فى جماعة الإخوان المسلمين، كما عمل لعامين مع «صناع الحياة»، وانضم إلى الحملة الشعبية لدعم البرادعى، ما يجعله يقول معلقا: «هناك ملامح مشتركة لأعضاء الأمانة العامة فى الحزب، فهناك بالفعل من كانت لهم خبرات فى عمل مؤسسى ذى طابع تنموى أو خدمى، ما أكسبهم أداء أكثر احترافا.
تبدو تلك الحالة من التجانس بين أعضاء حزب «مصر القوية» قريبة من نموذج آخر هو حزب «التحالف الشعبى الاشتراكى»، الذى لا يخلو من صراعات داخلية دون أن تصل إلى حد الاشتباك بين الشباب الثورى والجيل التقليدى الأكبر سنا، لكن ذلك لم يمنع وجود بعض المنغصات التى يواجهها الشباب داخل الحزب، هذا ما ظهر بشكل مستتر بعد انتخابات المكتب السياسى لحزب التحالف الشعبى الاشتراكى، حين لم يجد بعض شباب الحزب متنفسا للتعبير عن قلقهم سوى موقعى فيس بوك وتويتر، حيث اختصر البعض مرارته من نتائج الانتخابات فى أن «التجمعيين المنشقين عن حزب التجمع قد ربحوا فى انتخابات المكتب السياسى لحزب التحالف الشعبى الاشتراكى»، بينما كتب شباب آخر دعوة للتفاؤل مستدلين بالفارق البسيط (5 أصوات) الذى كسب به طلعت فهمى ــ صاحب الخبرة السياسية فى حزب التجمع سابقا ــ منصب الأمين العام، أمام الناشطة الشابة إلهام عيداروس.
«ما من شك أن هناك ضيقا يعيشه بعض الشباب من استمرار تعبيرات من نوعية: القيادة التاريخية، والحنكة السياسية، وهو ما يمثل أمرا محبطا لشباب قضوا أوقات كثيرة فى العمل الجماهيرى، وكلهم رغبة فى جنى حصاد تعبهم، وفرض قواعد جديدة للعمل الحزبى». العبارة للمهندس محمد سند، عضو المؤتمر العام لحزب التحالف الشعبى الاشتراكى الذى انتقل قبل عامين فقط إلى العمل الحزبى، دون خلفية تنظيمية أو سياسية قبل عام 2011، مثله فى ذلك كمثل شريحة واسعة من شباب الحزب الذين اجتذبهم الفكر الاشتراكى.
«ما يحدث حاليا أن الأجيال الأكبر أكثر احترافا فى عالم الانتخابات داخل الأحزاب، لأنهم يجيدون فن التعامل مع الصناديق الانتخابية والتربيطات السياسية طوال الوقت، على عكس الأداء العفوى لأغلب الشباب، وهذا ليس خطأ الشباب، فسيأتى وقت ويفرض الجيل الشاب قواعده فى العمل السياسى والحزبى».
لماذا لا ينفجر الموقف بين الشريحة الأكبر سنا القادمة من حزب التجمع (الأكثر تقليدية) فى مواجهة الجيل الشاب الأكثر ثورية؟ يجيب محمد سند، قائلا: «ببساطة لأننا كلنا اشتراكيون، وهذا ما يوحدنا داخل الحزب ويقلل من روح العداء، إذ إن المرجعية السياسية الواحدة تنظم علاقاتنا داخل الحزب». وتحت ضغوط العمل الحزبى الجديد على شباب أدمنوا الثورة، يظل الخيار مطروحا بين استكمال المسيرة حتى يفرض الشباب أسلوبهم على العمل الحزبى، أو الاكتفاء بنوع آخر من العمل الحركى والجماهيرى فى الشارع.
حركة «تمرد».. طوق النجاة للحركات الثورية
عبدالرحمن مصطفى
لا يخفى سامح حسن زهده فى الانضمام لأحزاب سياسية قائلا: «تهدف الأحزاب إلى الوصول إلى السلطة ودخول البرلمان، أما أنا فليس لدىّ طموح سياسى، لذا اخترت البقاء فى العمل الحركى، بحيث أدير أى فعالية أو أشارك فى أى حملة وأنا حر من أى قيود». هذا الاختيار الذى ذكره سامح، عضو «جبهة ثوار حدائق القبة»، له ضريبة يدفعها من لا يملك شرعية الأحزاب أو توافر المقر الدائم، فحسبما يصف سامح حسن (34 سنة)، فإن ضعف الإمكانات وغياب المقر، دفعا أعضاء جبهة ثوار حدائق القبة فى بداية عملهم إلى الاجتماع فى الحديقة العامة أمام القصر الجمهورى بالقبة.
وعلى مدى أكثر من عامين ماضيين، كانت المهمة تتنوع، بدءا من المشاركة فى حملة توعية «امسك فلول» التى تكشف عن أعضاء الحزب الوطنى السابقين لمنعهم من المشاركة السياسية، وحملات «عسكر كاذبون»، والتنسيق بين المسيرات وتأمينها، ورسم الجرافيتى داخل نطاق الحى، حتى تطور الأمر مع أبناء الحركة أن شاركوا فى التنسيق لجمعة «كش ملك» التى أقيمت فى فبراير الماضى أمام القصر الجمهورى بكوبرى القبة، وسط عشرات الحركات الثورية. يوضح سامح حسن: «اندماجك فى العمل الحركى على فترات متباعدة، يعرضك لمشاكل وإحساس بالعجز أحيانا، حين يتكرر معك نفس السيناريو دون جدوى، فتجد أحدهم يبدأ بإلقاء المولوتوف، ثم تبدأ الاشتباكات العنيفة مع الأمن، لذا فقد كانت حملة تمرد بطابعها السلمى طوق نجاة لكثير من الحركات الثورية التى عاشت ركودا فى الأسابيع الماضية».
هناك بين زملاء سامح حسن فى جبهة ثوار حدائق القبة، أعضاء فى أحزاب، منهم شريف حفنى أحد المؤسسين وعضو حزب الدستور، ورغم أن فكرة جمع توقيعات رافضة لوجود الرئيس محمد مرسى تعود إلى أحد القيادات الشابة بحزب الدستور، والتى تحولت إلى حملة «تمرد» فى وقت لاحق، فإن تنفيذها كان بالدرجة الأولى معتمدا على الحركات الثورية والمستقلين الذين عملوا فى مناطقهم الجغرافية. ويعلق شريف حفنى، العضو المؤسس فى جبهة ثوار حدائق القبة، قائلا: «حين نتحرك كحركة ثورية، فبإمكاننا أن نمر بين الحارات لجمع التوقيعات، بل وطرق أبواب المنازل إذا أردنا.
ولأن مثل تلك المجموعات تواجه ضعفا فى تمويلها وانتظام اجتماعاتها، إلى جانب غياب التفرغ، فلا سبيل لها سوى فى التحالف مع حركات شبيهة، على سبيل المثال فإن أقرب الحركات جغرافيا لجبهة ثوار الحدائق هى حركة «العباسية مش تكية»، ومؤخرا كوّن عدد من الشباب مجموعة «درع الزاوية» فى منطقة الزاوية الحمراء المجاورة. وتكفى زيارة إلى صفحتهم على فيس بوك للكشف عن تفاصيل وصراعات داخل نطاق جغرافى ضيق يواجهونها فى مواجهة أنصار جماعة الإخوان المسلمين، وذلك بسبب توزيع استمارات «تمرد» فى الحى. هذه البساطة والعفوية نفسها هى ما يميز حملة «تمرد بصفة عامة، فهى لا تهتم بالكيانات الكبرى، كما يقول إسلام همام، عضو اللجنة المركزية لحملة «تمرد»: «نتعامل منذ بداية الحملة مع المتعاونين معنا على أنهم كيانات، أيا كان الاسم، لأننا نستهدف جميع المصريين كمتعاونين سواء كانوا أفرادا أو حركات ثورية أو أحزابا سياسية». تلك الروح تظهر فى استمارة «تمرد» نفسها، إذ يتعهد الموقع بالتمسك بأهداف الثورة والعمل على تحقيقها.
PDF
لا يخفى سامح حسن زهده فى الانضمام لأحزاب سياسية قائلا: «تهدف الأحزاب إلى الوصول إلى السلطة ودخول البرلمان، أما أنا فليس لدىّ طموح سياسى، لذا اخترت البقاء فى العمل الحركى، بحيث أدير أى فعالية أو أشارك فى أى حملة وأنا حر من أى قيود». هذا الاختيار الذى ذكره سامح، عضو «جبهة ثوار حدائق القبة»، له ضريبة يدفعها من لا يملك شرعية الأحزاب أو توافر المقر الدائم، فحسبما يصف سامح حسن (34 سنة)، فإن ضعف الإمكانات وغياب المقر، دفعا أعضاء جبهة ثوار حدائق القبة فى بداية عملهم إلى الاجتماع فى الحديقة العامة أمام القصر الجمهورى بالقبة.
وعلى مدى أكثر من عامين ماضيين، كانت المهمة تتنوع، بدءا من المشاركة فى حملة توعية «امسك فلول» التى تكشف عن أعضاء الحزب الوطنى السابقين لمنعهم من المشاركة السياسية، وحملات «عسكر كاذبون»، والتنسيق بين المسيرات وتأمينها، ورسم الجرافيتى داخل نطاق الحى، حتى تطور الأمر مع أبناء الحركة أن شاركوا فى التنسيق لجمعة «كش ملك» التى أقيمت فى فبراير الماضى أمام القصر الجمهورى بكوبرى القبة، وسط عشرات الحركات الثورية. يوضح سامح حسن: «اندماجك فى العمل الحركى على فترات متباعدة، يعرضك لمشاكل وإحساس بالعجز أحيانا، حين يتكرر معك نفس السيناريو دون جدوى، فتجد أحدهم يبدأ بإلقاء المولوتوف، ثم تبدأ الاشتباكات العنيفة مع الأمن، لذا فقد كانت حملة تمرد بطابعها السلمى طوق نجاة لكثير من الحركات الثورية التى عاشت ركودا فى الأسابيع الماضية».
هناك بين زملاء سامح حسن فى جبهة ثوار حدائق القبة، أعضاء فى أحزاب، منهم شريف حفنى أحد المؤسسين وعضو حزب الدستور، ورغم أن فكرة جمع توقيعات رافضة لوجود الرئيس محمد مرسى تعود إلى أحد القيادات الشابة بحزب الدستور، والتى تحولت إلى حملة «تمرد» فى وقت لاحق، فإن تنفيذها كان بالدرجة الأولى معتمدا على الحركات الثورية والمستقلين الذين عملوا فى مناطقهم الجغرافية. ويعلق شريف حفنى، العضو المؤسس فى جبهة ثوار حدائق القبة، قائلا: «حين نتحرك كحركة ثورية، فبإمكاننا أن نمر بين الحارات لجمع التوقيعات، بل وطرق أبواب المنازل إذا أردنا.
ولأن مثل تلك المجموعات تواجه ضعفا فى تمويلها وانتظام اجتماعاتها، إلى جانب غياب التفرغ، فلا سبيل لها سوى فى التحالف مع حركات شبيهة، على سبيل المثال فإن أقرب الحركات جغرافيا لجبهة ثوار الحدائق هى حركة «العباسية مش تكية»، ومؤخرا كوّن عدد من الشباب مجموعة «درع الزاوية» فى منطقة الزاوية الحمراء المجاورة. وتكفى زيارة إلى صفحتهم على فيس بوك للكشف عن تفاصيل وصراعات داخل نطاق جغرافى ضيق يواجهونها فى مواجهة أنصار جماعة الإخوان المسلمين، وذلك بسبب توزيع استمارات «تمرد» فى الحى. هذه البساطة والعفوية نفسها هى ما يميز حملة «تمرد بصفة عامة، فهى لا تهتم بالكيانات الكبرى، كما يقول إسلام همام، عضو اللجنة المركزية لحملة «تمرد»: «نتعامل منذ بداية الحملة مع المتعاونين معنا على أنهم كيانات، أيا كان الاسم، لأننا نستهدف جميع المصريين كمتعاونين سواء كانوا أفرادا أو حركات ثورية أو أحزابا سياسية». تلك الروح تظهر فى استمارة «تمرد» نفسها، إذ يتعهد الموقع بالتمسك بأهداف الثورة والعمل على تحقيقها.
No comments:
Post a Comment