Wednesday, July 22, 2009

تعديلات مفتكسة على قاموس روش طحن


الاربعاء 22 يوليو 2009
عبدالرحمن مصطفى

لم يبتعد النجم الراحل علاء ولى الدين عن الواقع حين طرح فى أحد أعماله سؤالا شهيرا «هو فيه كلام جديد نزل يا جماعة؟»، حيث يكاد يجمع اللغويون على أن اللغة كائن متطور يقبل التعبيرات والألفاظ الجديدة التى تعبر عن هوية منتجيها، وحسبما ذكر عالم الاجتماع الأمريكى إيرفنج جوفمان فإن كل إنسان مرتبط إلى حد كبير بما يتوقع منه الآخرون، وهو ما ينعكس على أدائه وسلوكه بين الآخرين ويتسبب فى ظهور ألفاظ جديدة تتماشى مع صورة صاحبها. وقد لا يهتم معظم الشباب داخل أندية الإنترنت وصالات الجيم بهذا التنظير حول أسباب ظهور كثير من الكلمات الجديدة أو تطور معانيها.. إلا أن صورة الشاب هى فى الواقع ما ينتج هذه المفردات الجديدة، وطوال الوقت هناك محاولات مستمرة لفهم هذه الألفاظ وتجميعها، أهم هذه المحاولات كانت فى العام 2005 على يد الصحفى الشاب ــ ياسر حماية ــ حين جمع أهم الألفاظ والتعبيرات التى يستخدمها الشباب فى قاموس أطلق عليه وقتها «قاموس روش طحن». ومنذ ذلك الوقت ظهرت ألفاظ أخرى جديدة استقر معظمها داخل مواقع الإنترنت ومجموعات شبكة الفيس بوك الاجتماعية عبَّر بعضها عن هوية أو موقف لأصحابها.

ففى مجموعة «الحملة القومية لمحاربة السرسجية» على موقع الفيس بوك التى تضم أكثر من 13 ألف مشترك، عبر المشتركون عن موقفهم من «السرسجية» أو «الولاد البيئة» حسب تعبير المجموعة، وذكر أصحاب المجموعة تسعة عشر وصفا للسرسجى، منها الإفراط فى وضع الجيل ومثبتات الشعر وارتداء الملابس الرديئة والمبالغ فيها وممارسة التطفل والفضول على الآخرين، فهو باختصار إنسان مبتذل وعديم الذوق، ولم يكتف أصحاب المجموعة بذلك فقط، بل أرفقوا روابط فيديوهات على الإنترنت لشباب يرقصون فى أفراح شعبية بهدف التوضيح بأمثال عملية. كما استخدمت المجموعة الإلكترونية كلمة «سيس» بنفس معنى «سرسجى». وهو ما استفز أحد الأعضاء ليتخذ موقفا واضحا تجاه هذا الوصم وكتب عنوانا قويا: «لايسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرًا منهم» معلنا اعتراضه على الجميع.

مثل هذه الكلمات: «سرسجى» و«سيس» لم تكن متاحة فى قاموس شباب روش طحن فى طبعته الأولى، كذلك كان الحال مع كلمات أخرى ظهرت وانتشرت بعد أن راجت على ألسن بعض الإعلاميين، مثل كلمة «موز» التى يستخدمها الإعلامى عمرو أديب بصورة متكررة للتأكيد على جودة الفقرة التى يقدمها، أما الإعلامى معتز الدمرداش فكانت كلمته الأشهر فى أثناء تقديم فقراته كلمة «كول» التى تطل أيضا فى عناوين مجموعات الفيس بوك وأسماء المنتديات التقليدية حين يمتد حرف الواو لتتحول إلى «كوووول». فى محاولة لإخفاء أصلها الأمريكى حيث تعبر عن الأناقة والذوق والهدوء والثقة. ومن الكلمات التى انتشرت أخيرا على الإنترنت بشكل مفاجئ كلمة «تنين» التى تعبر عن شدة الإعجاب وتستخدم أحيانا بديلا عن كلمة «جدا»، فيصبح وصف الفيلم هو «جامد التنين»، والأغنية «جامدة التنين». ولا يوجد ما يوضح أصل هذا التعبير الأسطورى سوى كلمة Dragon الإنجليزية التى تعبر فى أحد معانيها عن الخطورة والروعة.

ومن الواضح أن بعض الكلمات بإمكانها أن تتحور وتتبدل من المعنى إلى نقيضه، مثل كلمة «افتكاسة» و«مفتكسة» التى كانت فى وقت من الأوقات تعبر عن الإبداع والابتكار، حتى أن إحدى فرق موسيقى الجاز المصرية لم تجد عنوانا لها سوى كلمة «افتكاسات» كى تعبر عن ابتكاراتها فى مزج الروح الشرقية بموسيقى الجاز الغربية.. لكن أخيرا تحورت كلمة افتكاسة إلى لفظ ذى معنى آخر، وأصبحت كلمة «فاكسة»، أو «فكسانة» معبرة عن الإخفاق والفشل والتكرار الممل، وأصبحت الفكسنة هى ابتكار ما يثير الشفقة، وبين مجموعات الفيس بوك ظهرت عناوين مجموعات مثل «ضد الفكسنا»، ومجموعة أخرى كتبت بالإنجليزية «AgaiNst FaKsaNa» حول نفس المعنى، بل حاول مؤسسو هذه المجموعة الأخيرة ربط الفكسنة بكلمة Fakes الإنجليزية التى تعبر عن الزيف.

ولم تكن السينما بعيدة عن هذه اللغة بل اتخذتها وسيلة للسخرية فى بعض الأحيان من بعض شرائح الشباب، مثل استخدام تعبير «آخر حاجة» الذى استخدمه فيلم «رامى الاعتصامى» الموسم الماضى للاستهزاء من صورة شباب الفيس بوك،على الرغم من أن نفس التعبير استخدم أيضا فى عناوين بعض الأغانى منها أغنية حمادة هلال «بحبك آخر حاجة».

ومن داخل الإنترنت إلى خارجها تنتقل الكلمات بسهولة ويسر، تماما مثلما تنتقل الكلمات من الشارع إلى الإنترنت، والمفارقة أن بإمكان الشخص أن ينال عددا من الصفات فى مواقف مختلفة، فبإمكانه نهارا أن يصبح باشا، وفى الميكروباص يتحول إلى كابتن، وبين أصدقائه يتحول إلى «بوب» وكأنه نجم له جمهور.. وكلما مر الوقت كلما كانت
هناك مساحة لألفاظ جديدة وكلمات أغرب تعبر عن صورة الشاب وهويته.

No comments:

Post a Comment