Thursday, October 5, 2006

الاخوان ينخرطون في الحياة الجامعية..من بابها العريض

التيارات الاسلامية المصرية حددت قواعدها

عبدالرحمن مصطفى من القاهرة : بعيدا عن قاعات الدراسة والمحاضرات، وصخب العام الجامعي الجديد، كان اللقاء مع ظاهرة "التيار الإسلامي" داخل الجامعات، حيث اكتست هذا العام حلة جديدة عقب الصعود السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، فكانت الأجواء كلها تشير إلى أننا أمام لحظة فاصلة في تاريخ العمل الطلابي "الإسلامي"، فشعارات الجماعة على جدران الجامعة، وتعبير "طلاب الإخوان المسلمين" أصبح البديل الحقيقي عن تعبير "التيار الإسلامي" – التقليدي - الذي ندر استخدامه في اللافتات الدعائية.. حتى أصبح التحول في سياسة التيار الإسلامي في الجامعة، هو أهم ملامح العام الجامعي الجديد .

شهد الأسبوع الأول من الدراسة نشاطا مكثفا للأسر الطلابية لاجتذاب الطلاب الجدد، ففي جامعة القاهرة كانت كليات التجارة والآداب ودار العلوم هي الأكثر ترويجا للأنشطة الطلابية في ساحات الجامعة، على عكس كليات أخرى تركز نشاطها داخل المباني فقط، في تلك الأجواء كان "طلاب الإخوان المسلمين" هم الأكثر بروزا بين العديد من الأسر.
دعاية التيار الإسلامي –طلاب الإخوان المسلمين- تمثلت في العديد من الوسائل، فقامت الطالبات في الأسبوع الأول باستقبال زميلاتهن وتقديم الإرشادات والدعم الطلابي لهن، إلى جانب إقامة معارض للكتيبات الدينية، ولم يجد بعض الشباب حرجا في أن يضع بطاقة على صدره مكتوب عليها "طلاب الإخوان المسلمين" ليمارس دوره في الترويج للتيار الإسلامي بحرية في الوقت الذي كانت فيه اللافتات الدعائية تقوم بدورها في ساحات الجامعة وعلى أبنيتها.
مع الأسبوع الثاني من الدراسة اختفت تلك المظاهر تدريجيا عدا الملصقات الدعائية التي ملأت جنبات الجامعة، وكان أشهرها ملصقات حملة "بنات محمد". وتقول إحدى طالبات التيار الإسلامي عن الحملة أن وراءها أسرة طلابية تدعى "زهرة الغد" تمثل طالبات التيار الإسلامي وشابات الإخوان المسلمين، وتستهدف الفتيات المسلمات لأغراض دعوية، أما الكلية الوحيدة التي لم تكتف بالملصقات الدعائية وتمسكت ببقاء اللافتات خلال الأسبوع الثاني من الدراسة فهي كلية دار العلوم، حيث أقام "طلاب الإخوان المسلمين" معرضا طلابيا في مدخل الكلية، وتعد دار العلوم أحد معاقل التيار الإسلامي حيث يدرس طلبتها العلوم اللغوية والشرعية.

إحدى اللافتات التي انفردت بها كلية الآداب، كتب عليها "مقر طلاب الإخوان المسلمين"، هناك أخبرنا محمود أن تعبير "طلاب الإخوان المسلمين" هو الممثل الحقيقي الآن للتيار الإسلامي في الجامعة، التقينا بعدها محمد سعيد ممثل طلاب الإخوان المسلمين في كلية الآداب، يقول محمد : " في البداية أريد أن أوضح ان هذا المقر ليس أسرة طلابية، ففي كل كلية يوجد مقر يجتمع فيه طلاب الإخوان المسلمين، ويجرى انتخاب ممثلين عنهم كل عام، وتضع كل مجموعة أنشطتها حسب رؤيتها الخاصة، إلا أننا نجتمع سويا في بعض الأحداث التي تستلزم اتخاذ موقف موحد بخصوص حدث أو مناسبة".. وعن أهم أنشطة طلاب الإخوان المسلمين يتابع محمد : " لعل أهم ما يميز أنشطتنا هو الجانب الخدماتي، فنحن نعد لمشروع إعداد حقائب رمضانية ومساعدات يتم توزيعها على آلاف الفقراء والعمال، إلى جانب الأنشطة التقليدية في خدمة الطلاب، و ترتيب المسيرات والاحتفاليات " .
على جانب آخر أكد أن إدارة الجامعة تقف موقف الحياد من أنشطتهم، ولاتوجد مواجهات حادة بين "طلاب الإخوان المسلمين"، وإدارة الجامعة أو الأمن حتى الآن .
وعلى عكس جامعة القاهرة الأكثر اتساعا لم يشهد الحرم الجامعي لجامعة عين شمس منافسة دعائية قوية بين الأسر المختلفة، حيث لم ينافس الأسر الطلابية الإسلامية في جذب انتباه الطلاب إلا نشاط الجوالة، حيث أقامت أسر الجوالة في الكليات المختلفة مقارا مميزة، حيث أكد الطالب أحمد رضا رائد عشيرة الجوالة في كلية الحقوق أن مقر أسرة الجوالة -المسمى "سفينة الجوالة" - هو أكثر ما يميز أسر الجوالة عن بقية الأسر حيث يصنعه الطلاب مستخدمين الحبال والأعمدة الخشبية فقط..!، ولم ينافس جوالة كلية الحقوق في جذب انتباه المارة إلا إحدى الأسر الطلابية التي وضعت لافتتها في واجهة الكلية تحت توقيع "طلاب الإخوان المسلمين".
أسرة أخرى كانت تقدم نفسها في الأعوام السابقة على أنها تمثل "التيار الإسلامي" أصبحت تذيل لافتاتها اليوم بتوقيع "طلاب الإخوان المسلمين"، وفي مدخل كلية الآداب في جامعة عين شمس كانت تقيم احتفالية بمناسبة شهر رمضان، هناك استقبلنا الطالب إسماعيل خطاب الذي أكد أن تحول شعار "طلاب التيار الإسلامي" إلى "طلاب الإخوان المسلمين" يعبر عن واقع حقيقي لأن "طلاب الإخوان المسلمين" هم ممثلي التيار الإسلامي في الجامعة، ويقول إسماعيل : "تعمل أسرتنا في نطاق العمل الطلابي الإسلامي العام الذي يعتمد على الخدمة الطلابية، والدعوة الإسلامية، وهذا الشق الأخير هو ما جعل كافة الأسر الطلابية الإسلامية غير مسجلة لدى الجامعة، وتعمل على مسئوليتها الخاصة، حيث تمنع لائحة الجامعة أن تقام أسرة طلابية على أساس طائفي أو عرقي.. وما زلنا نحاول تسجيل أسرتنا التي يتجاوز عمرها السبعة عشر عاما".
على صعيد آخر فلطلاب الإخوان المسلمين مواقع تمثلهم على شبكة الانترنت، أشهرها موقع "كل الطلبة" الذي يقدم نفسه على أنه موقع "طلاب جامعة القاهرة" بينما هو في حقيقة الأمر يعبر عن "طلاب الإخوان المسلمين" مثلما تشير الملصقات المنتشرة داخل الجامعة، أما موقع "جامعة أونلاين" فيعلن صراحة أنه يمثل طلاب الإخوان المسلمين في جامعة الإسكندرية، وموقع "شمساوي" ممثلا عن جامعة عين شمس الذي حرص مؤسسيه ألا يشيروا إلى هويته الأصلية.
الجدير بالذكر أنه خلال فترة المد الديني التي شهدتها سبعينيات القرن الماضي، عرف التيار الإسلامي داخل الجامعات بالجماعة الإسلامية، وكان يضم وقتها عدة أنماط، ما بين سلفيين وجهاديين ومتدينين تقليديين، إلى جانب شباب جماعة الإخوان المسلمين، وفي عقد الثمانينيات اتخذ طلاب الإخوان المسلمين تعبير "التيار الإسلامي" لأنفسهم ابتعادا منهم عن تعبير "الجماعة الإسلامية" الذي ارتبط بالعنف لدى الجماهير .. إلا أن مصطلح "التيار الإسلامي" ظل لفترة طويلة مصطلحا فضفاضا، ينجذب إليه الكثير من المتدينين، ومع النقلة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين العام الماضي تم إعلان شعار الجماعة وهويتها داخل الجامعات.
وتمتاز أنشطة التيار الإسلامي الطلابية بالجانب الدعوي، وهو ما دفعهم إلى استخدام شعار "دعوة إسلامية ..خدمة طلابية"، وقد أوجد النشاط المكثف لطلاب الإخوان المسلمين صدامات مع إدارة الجامعة في عدد من الجامعات، فقد شهد العام الماضي أجواء ساخنة عندما احتج طلاب الإخوان المسلمين على قيام إدارة الجامعة بشطب مرشحيهم من قوائم انتخابات اتحاد الطلاب، وهو ما دفعهم إلى القيام بانتخابات موازية أعلنوا فيها قيام "الاتحاد الحر" كبديل عن اتحاد الطلبة الرسمي، وامتدت التجربة لتقام في عدد من الجامعات الأخرى.
وبعيدا عن أنشطة التيار الإسلامي، فقد أقام الحزب الوطني – الحاكم – بدعم من الصندوق الاجتماعي للتنمية في بداية هذا العام الجامعي معرضا لمستلزمات الطلبة يستهدف طلاب جامعتي القاهرة وعين شمس، وحملت إعلانات المعرض شعار "الشباب الوطني.. دايما معاك"، وهو ما يدفع إلى التساؤل حول منافسة غير معلنة بين جماعة الإخوان المسلمين والحزب الوطني الديمقراطي للفوز بالكعكة الطلابية داخل الجامعات .
وتظل ظاهرة التيار الإسلامي داخل الجامعات المصرية تثير الجدل، فالبعض يدافع عنها ويؤيدها، والبعض يعارض وجودها بشدة، إلا أنها في النهاية تمثل ظاهرة حقيقية داخل الجامعات المصرية، وهي تعبر عن مأزق فرضه تقدم جماعة الإخوان المسلمين على الساحة السياسية وما تبعه من انعكاسات اجتماعية وتنظيمية في المجتمع المصري.
ــــــــــــــــ

No comments:

Post a Comment