Sunday, August 14, 2005

الاحتجاج العاري

اختارت هالة فيصل (47 سنة) أسلوبا جديدا على العرب كي تعبر به عن احتجاجها على الحرب في العراق و استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية، فقامت يوم 9 أغسطس الماضي بالتجرد تماما من ملابسها في حديقة ميدان واشنطن بمدينة نيويورك الأمريكية، لتعرض عبارات الاحتجاج المكتوبة على جسدها بالعربية والإنجليزية أمام زوار الحديقة لمدة عشر دقائق تقريبا، ليكون ختام العرض على يد شرطة نيويورك التي طلبت منها ارتداء ملابسها، وتم القبض عليها ليفرج عنها فيما بعد. ربما قد يتهم البعض هالة بأنها مجنونة أو مريضة نفسية أقدمت على تصرف لا تعيه، لكن الواقع غير ذلك.. فهالة فيصل سورية المولد تحمل الجنسية الأمريكية، اتخذت الولايات المتحدة موطنا لها منذ 1998، درست الفن والموسيقى في معاهد وجامعات دمشق وروسيا وألمانيا والولايات المتحدة، ومارست الغناء والتمثيل، و تجيد ست لغات، وطافت بلوحاتها الفنية العديد من المدن عبر معارضها الفنية. و حاضرت عن تاريخ الفن في دمشق ونيويورك.. وتعرض سيرتها الذاتية شخصية مركبة، لها خلفية سياسية، فعمها كان معتقلا سياسيا في سجون سوريا، ووالدها كان وزيرا قبل فترة حكم حافظ الأسد، و تركت ابنها الوحيد خوفا عليه مما قد يطوله من أذى بسبب تاريخ عائلتها السياسي، لكن.. أيدفع كل هذا بسيدة عربية مسلمة جاوزت الأربعين أن تتجرد من ملابسها وسط أحد الميادين الأمريكية من أجل لفت الأنظار إلى قضايا إنسانية..؟! ربما يكون أمر التعري هذا لا يمثل لها أزمة كبيرة في حياتها، فنحن نراها تتبنى عقلية تحررية في بعض لوحاتها الفنية التي تحوي رسومات لأجزاء من الجسد الأنثوي ليس من اللائق كشفها. لكن دافعها الأساسي فيما قامت به كان واضحا واعترفت به، فقد كانت تسعى للفت الأنظار و صنع صدمة لدى الناس حول ما يحدث في العراق وفلسطين، وربما قد تفيدها تلك الصدمة في تحقيق نوع من شهرة قد تساعدها على تحقيق أحلامها المستقبلية. فقد كان مخططا لها أن تقيم معرضا فنيا للوحاتها، وفيلما عن حياتها الشخصية، بالإضافة إلى طموحها في كبح جماح الظلم في العالم كما ذكرت بنفسها.
ربما تكون كل تلك الأسباب حقيقية.. لكن السبب الأهم الذي ربما لم تدركه هالة فيصل نفسها أنها قد تكون قد توحدت - دون أن تشعر- مع تجربة الرجال العرب الذين تعروا قسرا في سجن أبو غريب، ربما شعرت بأنه لن يحدث أسوأ مما حدث للعرب، فخلعت ملابسها احتجاجا على هذا العالم، قبل أن تضطر إلى خلعها في أحد المعتقلات. ربما لن يترك ما قامت به هالة فيصل تأثيرا قويا على المواطن العربي الذي اعتاد منذ مدة على مشاهدة الأجساد العارية، لكننا نأمل ألا تتكرر ظاهرة التعري العربية مرة أخرى، سواء لرجل أو لامرأة.
ــــــــــــــــ

No comments:

Post a Comment