Thursday, October 27, 2005

أوكار التعصب الالكترونية

انحصرت أخطار الانترنت لدى البعض في أبعاد أخلاقية تتعلق بتصفح المواقع الإباحية أو تكوين علاقات غير مشروعة عبر الانترنت.. غير أن خطورة الانترنت قد جاوزت تلك الأمور بمراحل فأصبحت متهمة بأنها أحد أسباب تنمية روح الكراهية والتعصب بين مرتادي الانترنت . قد يُصدم البعض ويصاب بالكآبة عندما يَتجول بين مواقع الانترنت المختلفة فيجد بعض المواقع التي تسمح بالتفاعل بين روادها كالمنتديات الالكترونية وغرف الدردشة وغيرها.. قد توافرت فيها مساحات لا بأس بها لممارسة العنف اللفظي والتعصب والكراهية، مما قد ينتج عنه أحيانا حروبا قبلية (الكترونية) يحاول فيها أحد الأطراف تعطيل أحد المواقع المعادية أو على الأقل إفساد الأجواء بها، وقد يكون سبب تلك المعارك عرقي شعوبي أو حتى بسبب التعصب الرياضي، غير أن أعنف المعارك مازالت تلك المتعلقة بأسباب دينية أو مذهبية، فقد أصبح من اليسير على بعض أهل تلك الساحات الالكترونية من المتعصبين أن يكفـِّر مذهبا بأكمله يضم ملايين المسلمين، أو أن يعلن جهارا عن احتقاره أهل أحدي الديانات الأخرى ناعتا إياها بأبشع الألفاظ.. فالأمر عندما يتعلق بالدين نجد العنف قد تم تبريره تحت أي دعوى مثالية كالدفاع عن دين الله أو الجهاد الالكتروني..الخ، ويزيد نشاط العنف اللفظي داخل تلك الساحات كلما ظهر حدث يؤجج مشاعر الحقد والكراهية. وللأسف.. فاليوم لم يعد الأمر منحصر في داخل تلك الساحات الإلكترونية فقط، بل أخذ رواد تلك الساحات في نقل المادة التي تحض على الكراهية والتعصب من داخل مجتمع الانترنت الافتراضي إلى المجتمع الواقعي، سواء كانت فتاوى غريبة، أو أخبار ملفقة.. فينتقل كل هذا من المجتمع الافتراضي إلى المجتمع الواقعي، و تتحول المعارك الالكترونية إلى معارك حقيقية تسفر عن خسائر بشرية من لحم ودم، وليست خسائر في جهاز كمبيوتر أو موقع الكتروني .
لعلنا قد لا نشعر بهذا الدور الخفي لساحات التعصب الالكترونية وما تقوم به من تأجيج نار الحقد في النفوس.. خصوصا بين الشباب الذي يمثل أكثر زبائن الإنترنت التي حوَّلها البعض - للأسف - من أداة للتواصل مع الآخر إلى أحد عوامل رفض الآخر وكراهيته بما انتشر فيها من مواد تحض على الكراهية والتعصب... فولـَّد ذلك تحفزا لدى أبناء الوطن الواحد ممن اختلفوا عرقيا أو مذهبيا ضد بعضهم البعض، فأصبح كل طرف ينتظر موعد الفتنة القادمة كي يشفي غليله من الآخر.

على ما يبدو أن الحل هنا ليس بحجب تلك الأوكار على طريقة بعض الأجهزة الأمنية في بعض الدول العربية عندما تحجب المواقع الإلكترونية المخالفة لسياساتها، فمثل تلك المشاكل لا تحل بأسلوب الضبطيات الأمنية بقدر ما يكون الحل الأمثل لدى وسائل الإعلام.. التي عليها أن تسلط مزيدا من الأضواء على تلك الساحات التي تعج بالتعصب، لا بغرض رصد ظاهرة غريبة أو طريفة، بل لمواجهة مرتادي تلك الساحات بأخطائهم بعد أن أصبحت بعض تلك الساحات مكانا لنشر بيانات الجماعات التفجيرية وغيرها.. إن الحل الحقيقي يكون بتوعية المجتمع بأخطار ما تقوم به تلك الساحات الالكترونية من تعبئة للنفوس بالكراهية .
ومن هنا.. نقدم دعوة لكل من يتعامل مع الانترنت ألا يسهم في تقوية تلك الساحات الالكترونية الكريهة بمشاركاته.. وألا ينساق وراء حملات الكراهية غير المنظمة التي تنتشر عبر الانترنت، فليس هناك من عذر يبرر ممارسة التعصب أو الكراهية تجاه الآخرين، إلى جانب هذا... فقد يكون هناك من ينشر روح التعصب بين شباب العرب عن عمد لأهدافه الخاصة التي قد يستند في تحقيقها يوما ما إلى تواجد تلك الروح البغيضة في مجتمعاتنا.
في النهاية.. ورغم كل هذا مازلنا على أمل أن تكون الإنترنت إحدى وسائل تنمية مجتمعاتنا وليست إحدى وسائل تخريبها.
ـــــــــــــــــــــــــــ

Thursday, October 13, 2005

نحن وإرادة الله

في حديثه مع قناة العربية اعتبر الدكتور زغلول النجار عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر أن الكوارث الطبيعية "عقابا للعاصين وابتلاء للصالحين وعبرة للناجين"، و أضاف أن الزلازل والبراكين "جند من جند الله" يسخرها على من يشاء، وهذا الرأي على ما يبدو ليس رأيا خاصا بالدكتور زغلول وحده، فقد سادت حالة من الرضا بين بعض الأوساط في عالمنا العربي والإسلامي عند حدوث إعصار "كاترينا" بالولايات المتحدة الأمريكية الذي خلَّف وراءه آلافا من القتلى والمشردين، وخسارة تقدر بمليارات الدولارات... وقتها قال البعض أن هذا عقاب إلهي لأمريكا على أفعالها، وعندما وقع الزلزال الأخير بباكستان الذي راح ضحيته آلافا من المسلمين، اضطرب هذا الفريق فراحوا يبحثون عن الذرائع التي تقدم هذا الزلزال على أنه غضب إلهي.. مثلما جرى من قبل مع كارثة تسونامي. للأسف أننا نجد من هم في علم الدكتور زغلول النجار ممن ينظِّرون لهذا الفريق الذي يبحث عن كوارث الآخرين كي يشمت في مصائبهم، وكأن الله قد انتصر لهم شخصيا، إن هذا الاتجاه يمثل نوعا من التدخل في فهم الإرادة الإلهية، فأن نقوم نحن البشر بتفسير الكوارث المحيطة بنا على أن الله يريد بها كذا وكذا.. فهذا تجاوز للحدود..! قال تعالى : " وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوب (116) المائدة.
هكذا كان نبي الله عيسى ابن مريم، أعلن أنه لا يعلم ما في نفس الله. ولا يحيط بإرادته أو حتى يستطيع توقعها، سنقول ما قاله عيسى بن مريم عليه السلام ونعلن أننا لا نعلم ما في نفس الله، ولا نحيط بما أراده الله من مثل تلك الكوارث. لنتذكر معا الآيات (65 : 82) من سورة الكهف التي تحدثت عن قصة سيدنا موسى مع العبد الصالح، فقد عرضت تلك الآيات العديد من التصرفات التي أقدم عليها العبد الصالح والتي كان بعضها بمثابة الكوارث لسيدنا موسى.. كانت النهاية أن اتضح لموسى عليه السلام أن كل تلك التصرفات من العبد الصالح كانت لحكمة عند الله أوضحها العبد الصالح في ختام الآيات.. إذن فعلينا ألا نأوِّل الأحداث من حولنا وكأننا قد أحطنا بإرادة الله وفسرناها.. لنعد إلى بشريتنا ولا تصيبنا نشوة الإيمان فنظن أن الله كأحد الرفاق الذين نستطيع فهم إرادتهم والإحاطة بها. في النهاية... أعتقد أننا لو كنا مشغولون بعمل ما، ما لجأنا إلى الاستصراخ بكارثة طبيعية نظن أن فيها نجدتنا أو خلاصنا.
http://www.scribd.com/doc/20005878/
ـــــــــــــــــــــــــــ

Wednesday, October 12, 2005

في تقليد الشعراء

اليوم أعلن أسراري
أمام عدوي وصديقي
وأكشف كل أوراقي
وأفرغ كل صناديقي
في بحار الألم والحسرة
مع موج الحزن والضيق
يسحبني الموج إلى أسفل
فيطفيء ناري وحريقي
أضعت بهائي الفرعوني
وفقدت لوني وبريقي
في الماضي كنت الإسكندر
ملكا على كل الإغريق
واليوم أبكي على مُلكٍ
قد ضاع بكثرة تلفيقي
يوميا أسرد أحزاني
وأغني دوما يا رفيقي
أغني الماضي لأحفادي
مقابل صوت التصفيق
هذا إفطاري وغدائي
هذا ما يجري له ريقي
ألديك النية لعلاجي
بعلاج شاف وحقيقي..؟

Tuesday, October 11, 2005

لا تكفروا بالعروبة

بين الحين والحين يخرج علينا من يزعم أن هوية مصر الفرعونية هي الهوية الوحيدة الواجب على كل مصري أن يعتنقها بعيدا عن هويته العربية, و هذا الرأي لا يعتنقه إلا شريحة قد لا تمثل نقطة في بحر إذا ما قورنت بعدد سكان مصر الذي تجاوز السبعين مليونا.. وعموما فدعاوى إنكار العروبة قديمة ومتجددة وأصابت الكثير من دولنا العربية أيضا.
في البداية..علينا أن نعترف أن صدمة قوية قد أصابت المجتمع المصري عقب هزيمة يونيو 1967, فتحولت معها مصر من دولة داعمة إلى دولة مدعومة, ليكتشف الكثير من أبناء مصر أن ما كان يُتلى عليهم ليل نهار من حديث عن العروبة ودعم حركات التحرر في العالم, لم يفدهم في شيء وقت سقوط بلادهم مهزومة ذليلة. فكانت الهزيمة وما تبعها من سياسات ساداتية سببا في جعل علاقات مصر العربية في حالة من الترهل بعد أن سقطت مصر في بحر الوحدة والإذلال, وكأنها تورطت في الأمر وحدها, فأوجد ذلك مرارة لدى العرب والمصريين معا, فجاءت العودة إلى العرب بعد ذلك في شكل علاقات لا بد منها.. ولعل الكثير من الدول العربية قد مرت بمثل هذا الموقف وأخذت تعيد حساباتها مع العروبة. كل تلك العوامل كانت دافعا لظهور تيار ساخط في مصر يذهب إلى التفكير في البعد عن العرب وقضاياهم, على أساس أن الأذى لن يأتي إلا من القريب, وأن مصر قد تحملت الكثير, ويكفيها ما قد حدث لها. ولما كانت مصر مرتبطة ثقافيا مع العرب, فكان منطقيا أن تعود الدعوة الفرعونية إلى الظهور مرة أخرى كي تطالب بفك هذا الارتباط الثقافي وإنكار البعد العرقي فيه, امتدادا لمجموعة من الآراء التي حاولت من قبل إظهار التاريخ المصري على أنه فترة إذلال وقهر, سواء كان رومانيا أو عربيا آو مملوكيا أو عثمانيا... وكأننا بانسلاخنا عن ارتباطاتنا الثقافية السابقة, سنسقط ما حدث وجرى في تاريخنا القديم أو الحديث.
وهنا.. لابد أن ندون بعض الأسئلة أولا. هل عروبتنا مساوية لرومانيتنا أو عثمانيتنا؟ هل انتهت صلاحية العروبة وثبت فشلها..؟ هل كان العصر المصري القديم, وعهد حكم الفراعنة هو الحقبة المثالية في تاريخنا ..؟
قد لا يعلم البعض أن علاقات مصر مع الدول المجاورة لها الممثلة للوطن العربي الحالي أقدم من الإسلام والمسيحية.. فعلاقات مصر القديمة مع الشام أو العراق أو السودان أو الجزيرة العربية قد تضمنت اختلاطا عرقيا وثقافيا قديما, فعلى سبيل المثال نجد قبل أكثر من 3000 عام و تحديدا في عهد الأسرة 19, أن نحو 10في المئة - في بعض التقديرات- من سكان مصر كانوا من الأجانب.. خصوصا من الآسيويين الساميين.
ونجد استرابون المؤرخ الإغريقي الذي ولد قبل ميلاد المسيح بعشرات السنين, يصف لنا مدينة قفط في صعيد مصر بأنها مدينة "نصف عربية"... هذا قبل الإسلام و نزوح القبائل العربية إلى مصر, تلك القبائل التي ذكر عنها المقريزي فيما بعد أن من قبائلها اليمنية الكبيرة ما قد انصهر تماما في مصر وأضحى من نسيج شعبها. وكذلك كان الأمر مع بعض القبائل البربرية المغربية التي وفدت على مصر في العصر الفاطمي, و التي ما زالت شوارع حي الدرب الأحمر بالقاهرة تحمل بعض أسمائها, كقبيلة زويلة التي سكنت بجوار البوابة الشهيرة التي مازالت تحمل اسمها حتى الآن, و قبيلة كتامة التي مازالت هناك حارة باسمها حتى الآن قرب باب الوزير بجوار قلعة الجبل بالقاهرة.
تلك هي مصر... وإذا كنا سنستنكر ما قد حدث للمصريين من ظلم في عهود الرومان أو العرب أو الترك و غيرهم, فعلينا أن ندرس الشخصية المصرية التي لم تتفاعل جيدا مع الأحداث و لم تسهم في تحريكها.
ففي عهد ملوك الفراعنة الوطنيين أيضا قد حدثت تجاوزات في حق الشعب المصري مثلما قد يحدث الآن, إذا فعلينا التعرض للشخصية المصرية بدراسة سلوكياتها للنهوض بها, لا لنفيها عن انتماءاتها الثقافية والعرقية التي أصبحت جزءا منها. فبُعدنا عن العروبة تحت دعوى أن مصر كانت (مصرية) وقت حكم الفراعنة قد يأخذنا إلى طريق مسدود, فقد جاءت العروبة بمفهومها الحديث لترسخ ما قد كان موجودا بالفعل.. ولعل البعض من إخواننا العرب قد يفهم مثل تلك الدعاوى المنكرة للعروبة على أنها تعال على العرب, وذلك في الوقت الذي نجد فيه للأسف تواجدا لمثل تلك الدعوات داخل بعض أقطارنا العربية الأخرى.. وكأن كل فريق له فرعونيته الخاصة به..!
ليكن المصريون أكثر فهما لمن حولهم من الشعوب العربية, وليعلموا أن هنالك هيبة ما تجاه مصر.. تلك الهيبة التي قد يشعر بها المواطن المصري نفسه تجاه بلده فيسعد بمصريته فيفهمها البعض على أنها فخر, وهي الهيبة التي قد تدفع بالمواطن العربي إلى الهجوم أو التفاخر بهويته الوطنية فقط لإثبات وجوده وكيانه, وكأنه يريد إثبات أنه ليس مضطرا لمجاملة تلك الدولة المهابة, لذا فعلى دعاة هذا الفكر المتجني على العروبة ألا يزيدوا الأمور سوءا.
في النهاية نتمنى أن يصل للعرب أن مصر لنا ولهم, بل سنزعم أن اهتمام العرب بمصر قد يكون أكثر من اهتمامهم بالمصريين, لذا فلا مبرر لدعوات لاحتكار مصر وإسقاط عروبتها وكأننا في عصر الكفر بالعروبة, فمصر كانت وما زالت وستظل عربية إلى الأبد.
ــــــــــــــــــــــــ