Friday, February 27, 2015

«النقل الثقيل».. يغامر بين مصر وليبيا

- رئيس الجمعية العامة للنقل البرى: اتخذنا قرارًا مبكرًا بالامتناع عن الذهاب إلى ليبيا
- سائق: نواجه بلطجة داخل ليبيا.. ونضطر إلى دفع "إتاوات" للمرور
- مدير شركة نقل: نعتمد على العلاقات مع القبائل العربية لتأمين سياراتنا

قضى حسين المصرى 23 سنة عمل فى مجال النقل البرى، أدار فيها الكثير من عمليات الشحن والنقل إلى دول، مثل الإمارات والسعودية والكويت وغيرها، بينما ظلت ليبيا على رأس أولوياته لسهولة الانتقال بين الجانبين، وهو ما تغير فى السنوات الماضية بعد تدهور الأوضاع الأمنية فى الجانب الليبى.
"كانت عمليات النقل إلى ليبيا تمثل أحيانا 70% من مجموع أعمالنا، وهذا لسهولة إجراءات الانتقال بين البلدين، وفى العام 2011 انعكس سوء الأحوال الأمنية على مجال النقل الذى توجه إلى دول أخرى، كما أصبح هناك تركيز أكثر على النقل الداخلى، لكن تلك الظروف لم تمنعنى من العمل مع ليبيا". يتحدث حسين المصرى من مكتبه فى حى المعادى، على مسافة غير بعيدة من كورنيش النيل، حيث يتابع أحوال السائقين المتعاونين معه عبر الهاتف، ليتأكد من سهولة ذهابهم وعودتهم من ليبيا.
ويقول المصرى: "كى تدير مثل هذا العمل، عليك أن تستخدم علاقاتك داخل ليبيا، حتى تتأكد من سلامة الطريق". ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يتجاوزه إلى ترسيخ العلاقات مع أبناء القبائل العربية الموجودة بين البلدين، الذين يسهلون عملية التجارة وسط أوضاع أمنية سيئة.
تشير أرقام الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء إلى أن إجمالى عدد المقطورات المرخصة، قد بلغ 70.0 ألف مقطورة بنسبة 0.09% من إجمالى المركبات المرخصة فى مصر فى العام 2014.
"يحتاج قطاع النقل الثقيل إلى مزيد من الاهتمام، بسبب المشكلات المتعددة التى يواجهها السائقون وأصحاب شركات النقل الثقيل، فهناك الكثير من القطاعات التى تستمد قوتها من قوة قطاع النقل". هنا يتجاوز حسين المصرى الحديث عن ليبيا إلى مشاكل متكررة فى تأخر حصول السائقين على التأشيرات اللازمة للسفر عبر الحدود، قد تصل إلى 20 يوماً.
هذا إلى جانب ما يتعرض له السائقين من تعطيل فى نقاط التبادل التجارى لأسباب روتينية، ضاربا المثل بتعطل سائقيه عدة أيام فى ميناء قسطل البرى، الذى افتتح فى العام الماضى لتسهيل حركة التجارة بين مصر والسودان.
احتجاز وإهانة
تستغرق رحلة الذهاب والعودة بين مصر وليبيا نحو 7 أيام، يقضيها السائق بين القيادة لأكثر من 14 ساعة يوميا، والتوقف عند إحدى النقاط الأمنية للاستراحة والنوم، دون اتخاذ مغامرة القيادة ليلا، خشية التعرض لأذى الطريق.
تلك الرحلة مر بها إبراهيم مشعل السائق الذى يعمل لحساب شركة حسين المصرى، وهو من إحدى قرى مدينة كفر الزيات فى محافظة الغربية، ويعمل على الطريق بين مصر وليبيا منذ العام 2006.
"قبل 6 أشهر تم احتجازى مع عدد من السائقين، ولم أعرف السبب، حتى تم الإفراج عنى فيما بعد".. يتحدث السائق عن صعوبات الطريق وتجربة الاحتجاز.
ويؤكد أنها أمور من السهل أن يتعرض لها السائق فى الطريق، إذ يذكر أنه كثيرا ما يتعرض لفرض "إتاوات" من ميليشيات وأهالى قد تصل إلى 100 دولار أمريكى، ويتعرض لمضايقات وإهانات يتجاوز عنها حتى يتم تسليم "الشحنة" المطلوبة.
ويوضح إبراهيم مشعل سائق النقل الثقيل، أن تلك المضايقات لا تتم عمدا مع المصريين دون غيرهم، بل يتعرض لها الأجانب بشكل عام.
أما الأسوأ من ذلك، فهو ما قد تتعرض له الشاحنات من توقف عند المعبر الحدودى، نتيجة الاضطرابات الأمنية فى الجانب الليبى، ويستكمل قائلاً: "فى آخر مرة انتقلت فيها إلى ميناء السلوم، لم أستطع العبور، وانتظرنا وصول شاحنات ليبية من الداخل، كى تستلم منا الشحنة، وتنقلها إلى الداخل.
فى جانب آخر اختارت شريحة أخرى من أصحاب الشاحنات، الابتعاد عن الطريق بين مصر وليبيا تماماً، هذا ما يوضحه ممدوح السيد، رئيس الجمعية العامة للنقل البرى، بقوله: "تضم الجمعية أعضاء من 24 جمعية لأصحاب الشاحنات على مستوى الجمهورية، واتجه بعضنا إلى الاكتفاء بالنقل الداخلى بين المحافظات، أو إلى دول مثل السعودية والإمارات وغيرها.. وابتعدنا عن ليبيا تماما".
اختارت هذه الفئة الالتزام بقرار الجمعية، التى تعقد الاتفاقات التجارية عنهم مع الزبائن، وينص قرار الجمعية على الابتعاد عن الطريق بين مصر وليبيا، بسبب صعوبة تأمين السائقين، والشاحنات.
"كان العصر الذهبى للنقل البرى بين مصر وليبيا فى فترة التسعينيات، لكن الواقع الحالى يفرض علينا أن نحمى أنفسنا، وتحمل خسارة النقل بين مصر وليبيا". هكذا يختم رئيس الجمعية العامة للنقل البرى حديثه.