Monday, May 2, 2005

مشروع وطني

عبدالرحمن مصطفى ـ مصر

لعل أسمى ما يطمح إليه المشتغل في حقل السياسة أن يصل إلى أعلى منصب في الدولة (منصب الرئاسة، و يشمل هذا الطموح كل جماعة في المجتمع تصبو إلى أن يصل أحد أبناءها إلى الحكم. لكن تظل جرأة التقدم لهذا الأمر من نصيب المنتسبين إلى التيارات السياسية الموجودة على الساحة. وطوال الفترة الماضية لم يكن الأمر أبعد من محاولات البعض انتقاد النظام الحاكم بالتصريحات والحملات الدعائية، أو قيام البعض الآخر بالدخول إلى الساحة السياسية من أبواب خلفية، كالتواجد في النقابات المهنية على سبيل المثال. ربما يكون الاقتراح الأخير المقدم من الرئيس حسني مبارك قد فتح مجالا خصبا أمام أحلام التيارات السياسية الموجودة حاليا على الساحة في أن تقوم بتجربة جديدة، فترشح أحد رجالها إلى منصب الرئاسة. في الوقت الذي يتزامن هذا القرار مع دعاوى تبشر بعصر جديد يحمل مقومات التحديث داخله، فينتشل البلاد من أزماتها.

ولكن هل هذا هو الحل لأزمات البلاد..؟ هل وصول شخص إلى منصب الرئاسة من خارج وجوه النظام الحالي سيعبر عن نشوء عصر جديد، أو دولة حديثة..؟! لا أعتقد..!
لتسمحوا لي في المزايدة (المشروعة) على كل من القرار الرئاسي الأخير و أحلام التيارات السياسية في الوصول للحكم، و لأقدم طرحا جديدا أكثر صعوبة من التقدم إلى منصب الرئاسة، ومحاولات الحصول على أكبر نصيب من الكعكة السياسية. كأن تتركز جهود الأمة في انتاج مشروع سياسي يسد الفراغ الكبير في الفكر السياسي لأمتنا. فلماذا لا أدعو إلى اجتماع أبناء الوطن على تقديم اقتراحاتهم من خلال مشروع قومي يسعى إلى رسم صورة تداول السلطة في البلاد.. والوسيلة التي يتم بها الوصول إلى منصب الرئاسة..؟!
لا بد أننا لسنا جميعا راضون عن الممارسة السياسية في وطننا.. فلما لا يحدث ائتلاف بين الأحزاب والتيارات السياسية الوطنية، من أجل السعى إلى تقديم مشروع إلى الدولة يتم من خلاله الإتفاق على العديد من الأمور السياسية في الدولة.. كتداول السلطة، و تنظيم العمل في قطاع المحليات،إلخ..؟ أعتقد أنه إذا كنا نبحث عن عصر جديد يحمل مقومات التحديث داخله فليس من واجبنا انتظار أصحاب الفكر كي يتقدموا أو أن ( يُدفعوا) إلى المناصب العليا بقدر ما ننتظر منهم أن يقدموا أفكارا تنظر وتنظم هذا العصر الجديد الذي نسعى إليه، على أن يكون طرح الأفكار والرؤى ليس حكرا على الجماعات والتيارات والأحزاب، بل أن يكون متاحا للأفراد الذين يريدون تقديم أفكارهم من أجل خدمة الوطن، إلى جانب إتاحة المجال للأفكار القديمة التي حوتها كتب العديد من الكتاب الذين قدموا اقتراحاتهم من أجل النهوض بالأمة .
أجد أن اجتماع أبناء الوطن حول أمر (فكري) كهذا أجدى بكثير من محاولات القفز على منصب الرئاسة دون خطة حقيقية لممارسة الحكم، و اللجوء إلى شعارات من نوع (الحكم بكتاب الله) أو (حماية القومية العربية) دون وجود تصور حقيقي لممارسة السلطة وتوزيعها بين فئات الشعب.